إن للإنسان عادات يقوم بها المسلم كالأكل، وهى طبيعة بشرية، وما زلنا نتناول آداب الطعام، والوَليمَة: هى طعام العرس، وهى مستحبة لما فيها من إظهار السرور وحمد الله على نعمه ومنها نعمة الزواج، وللوليمة آداب إجابة، فالإجابة عليه واجبة إذا دعاه المسلم فى اليوم الأول، وإن كانت لغيره فهى جائزة، ثم ينبغى على الداعى أن لا يخص الغنى بافجابة دون الفقير، ولا يمتنع من الدعوة لكونه صائمًا، بل يحضر، فإن كان تطوّعًا وعلم أن فطره يسر
أخاه المسلم فليفطر.


فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:(شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (أخرجه الإمام مسلم).
ولكن إذا كان الطعام والشراب محرمًا فليمتنع عن الإجابة، وكذلك إذا كانت ثَمَّة فرش محرمة أو إناء محرم أو مزمار، وكذلك إذا كان الداعى ظالمًا أو فاسقًا أو مبتدعًا أو مفاخرًا بدعوته.
ومن تصحيح النية تحصيلًا للثواب ألا يقصد بالإجابة إلى الدعوة نفس الأكل، بل ينوى به
الاقتداء بالسنة، وإكرام أخيه المؤمن، وينوي صيانة نفسه عمن يسيئ به الظن، فربما قيل عنه إذا امتنع أنه متكبر.
وينبغي أن يتواضع فى مجلسه إذا حضر، ولا يتصدر، وإذا عين له صاحب الدار مكانًا لم يتعده، وينبغي ألا يكثر النظر إلى المكان الذي يخرج منه الطعام، فهذا دليل على الشره ولحضور الولائم آداب عامة منها غض البصر ورد التحية وتقليل الكلام وإذا تكلم اقتصر كلامه على الخير وصالح المسلمين والاهتمام بشئونهم وقضاياهم ومشكلاتهم فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
وعليه إذا حضر الوليمة أن يحفظ لسانه عن الغيبة والنميمة والفحش والخوض فى الأعراض، فإن اللسان يؤدى إلى النار إذا لم يحفظ عن الخوض فى المحارم وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَمَرَهُ بِأَعْمَالٍ تُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ لَهُ:(أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ:َ بلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ
قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ، إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ) (أخرجه الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح) فلنحافظ على ألسنتنا، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.

د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
AHMEDTHALAT468@GMAIL.COM

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

هيئة كبار العلماء: التوكل على الله أساس نهضة الأمة الإسلامية

قال الدكتور أحمد همام، مدير عام هيئة كبار العلماء، إن التوكل على الله والأخذ بالأسباب مساران وليس مسار واحد، ولا بد أن نأخذ بكليهما، أن نتوكل على الله مع الأخذ بالأسباب المادية والمعنوية، فتوكل فقط دون أخذ بالأسباب يعد تواكلا، وهو مرفوض في الإسلام، والأخذ بالأسباب دون الاعتماد على الله والتوكل عليه شرك بالله تعالى.

في الليلة الخامسة عشر من رمضان.. الجامع الأزهر كامل العدد لأداء صلاتي العشاء والتراويحرئيس جامعة الأزهر: الدنيا دار فناء وما في أيدينا أمانة سنردها

وأضاف أنه لا بد أن يكون هناك يقين قلبي بأن الله تعالى هو القادر على كل شيء، يعطي بالسبب ويمنح بالسبب ويمنع بالسبب، ومن ذلك ما جاء في القرآن الكريم، أن السيدة مريم، ورغم حالتها الصحية، قد أخذت بالأسباب، فرغم ما عانته من مخاض وغير ذلك من مصاعب، إلا أن الله أمرها بالأخذ بالأسباب، فتلك المرأة الضعيفة كيف تهز النخلة، لكن كان عليها أن تطيع الله فيما  أمرها به، وأن تتوكل عليه وتأخذ بالأسباب ليتحقق لها ما تريد.

وبين خلال درس التراويح، اليوم الجمعة، بالجامع الأزهر، والذي جاء تحت عنوان: "التوكل على الله"، أن تاريخنا الإسلامي حافل بالنماذج، ففي معركة العاشر من رمضان على سبيل المثال، تحقق النصر لقواتنا المسلحة بعد التوكل على الله مع الخذ بالأسباب، فقد صاح جنودنا "الله أكبر الله أكبر"، فما كان إلا أن سخرت تلك الصيحة لهم الكون كله، سخرت لهم السماء والأرض والماء وكل شيء ذلل بهذه الصيحة، ثم أخذ الجيش بالأسباب من تدريب شاق، ومن تجنيد فئة من الشباب المتعلمين من أبناء مصر، يأخذون بالأسباب العملية وبأسباب الحرب الحديثة، وما كان نتاج ذلك من أخذ بالأسباب وتوكل على الله إلا أن تحقق النصر لنا، فعلى الأمة الإٍلامية التوكل على الله لتحقق ما تنشده من نهضة وتقدم، مع الأخذ بأسباب هذه النهضة حتى تتحقق لها.

واختتم مدير عام هيئة كبار العلماء، أن الله قد خلق الخلائق، وأودع النواميس الكونية والأسباب التي تسير بقائها، وخلق آدم بيديه وخلق من ضلعه حواء، وجعل للنسل أسبابه، فلا بد من الزواج لمن أراد ذرية، كما جعل تعالى الماء سببا في الحياة ودفعا للعطش، وسببا في الإنبات، وجعل الغذاء والطعام دفعا للجوع، وجعل الدواء سببا في الشفاء، وجعل المذاكرة سببا في النجاح والتفوق، فعلينا أن نتوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، وقد قدم لنا نبينا "صلى الله عليه وسلم" الدليل العملي في قوله: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا"، فهذه الطير تتوكل على الله، ولا تنتظر في عشها الرزق، بل تأخذ بالأسباب.

مقالات مشابهة

  • رمضان.. والتحلي بالأخلاق
  • رسالة إلى المرأة في شهر رمضان
  • الإسراف في الطعام وتنافيه مع مقاصد الصيام
  • قصص الصحابة والتابعين في رمضان
  • التأطير العقدي للعمل.. ضمان التوافق بين الفكر والسلوك في الإسلام
  • كبار العلماء: نهضة الأمة الإسلامية تقوم على التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب
  • هيئة كبار العلماء: التوكل على الله أساس نهضة الأمة الإسلامية
  • في 15 نقطة .. تعرف على أهم أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية
  • رئيس مركز الفكر الإسلامي والدراسات المعاصرة: على المسلم مجاهدة نفسه على طريق الحق
  • الصيام.. مدرسة إيمانية تهذب النفوس وتسمو بالأخلاق