الارتقاء بالأخلاق والسلوك فى ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية «12»
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
إن للإنسان عادات يقوم بها المسلم كالأكل، وهى طبيعة بشرية، وما زلنا نتناول آداب الطعام، والوَليمَة: هى طعام العرس، وهى مستحبة لما فيها من إظهار السرور وحمد الله على نعمه ومنها نعمة الزواج، وللوليمة آداب إجابة، فالإجابة عليه واجبة إذا دعاه المسلم فى اليوم الأول، وإن كانت لغيره فهى جائزة، ثم ينبغى على الداعى أن لا يخص الغنى بافجابة دون الفقير، ولا يمتنع من الدعوة لكونه صائمًا، بل يحضر، فإن كان تطوّعًا وعلم أن فطره يسر
أخاه المسلم فليفطر.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:(شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (أخرجه الإمام مسلم).
ولكن إذا كان الطعام والشراب محرمًا فليمتنع عن الإجابة، وكذلك إذا كانت ثَمَّة فرش محرمة أو إناء محرم أو مزمار، وكذلك إذا كان الداعى ظالمًا أو فاسقًا أو مبتدعًا أو مفاخرًا بدعوته.
ومن تصحيح النية تحصيلًا للثواب ألا يقصد بالإجابة إلى الدعوة نفس الأكل، بل ينوى به
الاقتداء بالسنة، وإكرام أخيه المؤمن، وينوي صيانة نفسه عمن يسيئ به الظن، فربما قيل عنه إذا امتنع أنه متكبر.
وينبغي أن يتواضع فى مجلسه إذا حضر، ولا يتصدر، وإذا عين له صاحب الدار مكانًا لم يتعده، وينبغي ألا يكثر النظر إلى المكان الذي يخرج منه الطعام، فهذا دليل على الشره ولحضور الولائم آداب عامة منها غض البصر ورد التحية وتقليل الكلام وإذا تكلم اقتصر كلامه على الخير وصالح المسلمين والاهتمام بشئونهم وقضاياهم ومشكلاتهم فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
وعليه إذا حضر الوليمة أن يحفظ لسانه عن الغيبة والنميمة والفحش والخوض فى الأعراض، فإن اللسان يؤدى إلى النار إذا لم يحفظ عن الخوض فى المحارم وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَمَرَهُ بِأَعْمَالٍ تُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ لَهُ:(أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ:َ بلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ
قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ، إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ) (أخرجه الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح) فلنحافظ على ألسنتنا، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
AHMEDTHALAT468@GMAIL.COM
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
أستاذ بـ«الأزهر»: الأمانة من المقاصد الأساسية للدين الإسلامي
أكد الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن الأمانة من أعظم القيم في الدين الإسلامي وأساسًا من أسس بناء المجتمع المسلم، موضحًا أن الهدف الأساسي من الدين الحنيف هو تحسين الأخلاق وتقويم سلوك الأفراد، استنادًا إلى قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
الأمانة ليست مجرد قيمة أخلاقيةوأضاف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج «مع الناس» المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، أن الأمانة ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي من المقاصد الأساسية للدين الإسلامي، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك»، مشيرًا إلى أنّ المسلم يجب أن يتحلى بأعلى درجات الأمانة في التعامل مع الآخرين، حتى وإن كان الشخص الآخر قد خان المسلم.
وأكد «تمام» أنّ الخيانة لها آثار سلبية كبيرة على الفرد والمجتمع والأمة ككل، مشيرًا إلى أنّ التحلي بالأمانة من أعظم الأخلاق التي يجب أن يتصف بها المسلم ليبتعد عن الخيانة التي تضر بالمجتمع.
وأضاف أن الخيانة تترك آثارًا خطيرة على الجميع، ويجب على المسلمين تجنب الانخراط في هذه الممارسات بأي شكل من الأشكال.
خيانة الأمانةوتطرق «تمام» إلى ظاهرة خطيرة تنتشر في المجتمعات الحديثة، وهي خيانة الأمانة أو حتى «تخوين» الأشخاص الأمناء، مؤكدًا أن بعض الأفراد قد يستخفون بثقة الناس ويخونون الأمانة التي وُضعت فيهم: «نحن الآن نشهد للأسف انتقالًا من خيانة الأمانة إلى تخوين الأمناء».
كما ذكر حديثًا مهمًا للنبي صلى الله عليه وسلم يحذر من هذه الظاهرة، إذ قال: «تأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدق فيها الكاذب، ويُكذب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخون فيها الأمين»، مشيرًا إلى الفساد الذي ينتج عن غياب الأمانة في المجتمع.
وناشد تمام جميع المشاهدين بضرورة تحري الدقة والبحث عن أهل الثقة والأمانة في كل المجالات، محذرًا من الانسياق وراء الشائعات أو التشكيك في الثوابت دون دليل أو تبيين.