جريدة الوطن:
2025-07-29@08:34:44 GMT

حقوق الإنسان بين الإهمال والاقتناص

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

حقوق الإنسان بين الإهمال والاقتناص

لَمْ يُستَغلْ نَصٌّ دولي لغير أهدافهِ المرسومةِ مِثلما تمَّ استغلال الإعلان العالَمي لحقوق الإنسان بنسخته الصادرة يوم العاشر من كانون الأوَّل ١٩٤٨.
لقَدْ تضمَّن هذا الإعلان ثلاثين مادَّة توزَّعت على حقِّ الإنسان في الحياة والصحَّة والتعليم والعمل والتنقل والتعبير عن حقوقه الشخصيَّة، وتأكيد هُوِيَّته وضمان علاقة أمينة مع الآخرين وصيانة حقوق أخرى.


لقَدْ تمَّ دعم هذا الإعلان بنصَّيْنِ دوليَّيْنِ آخرَيْنِ هما، العهد الدولي الخاصُّ بالحقوق المدنيَّة والسِّياسيَّة، والعهد الدولي الخاصُّ بالحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة…
والمؤسف في التعاطي مع الإعلان العالَمي لحقوق الإنسان استخدامه من دوَل النفوذ الأقوى لصالح أجندة سياسيَّة حين تسعى لتمريرها، إذ تقيم الدُّنيا ولا تقعدها في التباكي على الحقوق المهدورة وتَعدُّ ما حصل خرقًا فاضحًا لحقوق الإنسان، بَيْنَما تغضُّ النظر عن المساس بحقوق تتعارض مع مصالحها، أو عِندما يتطلب مِنْها التنازل عن أهداف معيَّنة كانت قَدْ اعتمدتها بغير وجْه حقٍّ لتعزيزِ سطوتها.
هو الكَيْل بمكيالَيْنِ ليس إلَّا مع هامش من ازدواجيَّة المعايير، الأمْرُ الَّذي أخرج الإعلان إلى حد بعيد من فرصته الاعتباريَّة في التطبيق بمعايير متساوية.
إنَّ هناك عيِّنات عديدة على منهج الانتقائيَّة الَّتي يتمُّ التعاطي بها على حساب شموليَّة العدالة، وإذا كان من عيِّنةٍ مدَوَّرةٍ يتكرر مشهدها منذ أربعينيَّات القرن الماضي فتكفي الإشارة إلى مظلوميَّة الشَّعب الفلسطيني وهو يناضل من أجْل حقِّه في أرضه ومستقبله، بَيْنَما تواصل دوَل معيَّنة استخدام الإعلان للتنديد بالموقف الروسي إزاء أوكرانيا.
إنَّ التستُّر وإيجاد مسوِّغات واهية للانحراف عن حقوق الإنسان الَّذي يمارسه الإسرائيليون انتهاكٌ صارخ لحقوق الإنسان. لماذا لا يكُونُ هناك ما يُدين هذه الانتهاكات؟ ولماذا يقتصر استخدام هوامش تمنِّي أن يتوخَّى الإسرائيليون الحذر من المسِّ بحقوق المَدنيِّين الفلسطينيِّين، هل يكفي ذلك؟!
يقتضي الإنصاف التعامل مع هذا الملف بمنطق وجود احتلال ينبغي أن يزاح، وأن تكُونَ هناك عدالة في الاستجابة لهذا المنطق على الأقل مع صدور أكثر من (300) قرار وتوصية من مجلس الأمن الدولي والأُمم المُتَّحدة تحثُّ على الاعتراف بالحقوق الفلسطينيَّة في تقرير المصير، وإقامة الدَّولة الفلسطينيَّة.
إنَّ المفاضلة بَيْنَ حقوق الأشخاص، أو المُجتمعات، أو الدوَل تتناقض وبنود هذا الإعلان. وإذا كان لا بُدَّ من إضافة هنا، فلَنَا أن نشيرَ إلى ثمَّة انتهاكات تتمثل بقطع الطريق على أيِّ منهج تشاركي يُتيح للشعوب الحصول على فرصها التقنيَّة والمعلوماتيَّة أُسوة بدوَل أخرى. كما ليس من المنطق أن تكُونَ هناك مواقف وإجراءات تعتمد التنكيل والتشفِّي على حساب مصير البَشَريَّة المشترك، وكيف يجوز مثلًا احتكار التقنيَّة الَّتي تُحقِّق التنمية البَشَريَّة المستدامة بذريعة حقوق الملكيَّة الفكريَّة؟ وكيف يجوز احتكار أسرار صناعة بعض الأدوية وطرحها ضِمْن أسبقيَّات الرِّبح التجاري؟ وأيُّ منطق حقوقي عادل يُجيز أن تكُونَ العهدة الدوليَّة بِيَدِ مجموعة معيَّنة من الدوَل لها الحقُّ في التلاعب بمصائر دوَل أخرى؟ وكيف يجوز لها تلويث مناطق عديدة من العالَم دُونَ أن يحتِّمَ عَلَيْها أن تدفعَ ضرائب معيَّنة بسبب الأذى.
إنَّ انتشار المعايير المزدوجة الَّتي تُلحق الضَّرر بحقوق دوَل هو في النتيجة النهائيَّة انتهاك بالنسخة الفرديَّة لحقوق الإنسان، كما أنَّ انتهاك الحقوق التراثيَّة والهُوِيَّات السكَّانيَّة واستحالة استدامة فرص الحياة الكريمة للشعوب يُمثِّل هو الآخر ذات الانتهاك.
بخلاصة معلوماتيَّة تحليليَّة، لا أمْرَ يُعطِّل الإعلان العالَمي لحقوق الإنسان بنسخته العادلة أكثر من الانتقائيَّة وركَنِه على رفِّ الإهمال واستجلابه حسب المصالح.

عادل سعد
كاتب عراقي
[email protected]

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: لحقوق الإنسان حقوق الإنسان العال م

إقرأ أيضاً:

مفوض حقوق الإنسان الأممي يحث العالم الضغط على إسرائيل


حث فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الدول المشاركة في المؤتمر المقبل بشأن الدولة الفلسطينية في نيويورك على زيادة الضغوط على إسرائيل لإنهاء "المذبحة" في غزة.

وقال في بيان مصور "إننا نشاهد يوميا المأساة التي لا توصف في غزة والضفة الغربية بالرعب والإحباط".

سيجتمع عشرات الوزراء في الأمم المتحدة اليوم الاثنين لحضور مؤتمرٍ مُؤجَّلٍ للعمل على تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين. 
وترأس المؤتمرَ كلٌّ من فرنسا والمملكة العربية السعودية.


يهدف المؤتمر إلى وضع مخطط لخارطة طريق تؤدي إلى دولة فلسطينية، مع ضمان أمن إسرائيل. 
وتقاطع الولايات المتحدة وإسرائيل المؤتمر.

ودعا تورك إلى توفير إمكانية الوصول الإنساني "الفوري" وتسليم المساعدات للفلسطينيين في غزة الذين يواجهون المجاعة.

وقال تورك "أحث الحكومات على استغلال فرصة هذا المؤتمر لاتخاذ إجراءات ملموسة من شأنها أن تضع كل الضغوط الممكنة على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء المذبحة في غزة بشكل دائم".

طباعة شارك مفوض حقوق الإنسان العالم إسرائيل فولكر تورك الدول الفلسطينية المذبحة والضفة الغربية إسرائيل والفلسطينيين فرنسا والمملكة العربية السعودية

مقالات مشابهة

  • لأول مرة.. منظمتان في إسرائيل تتهمانها بارتكاب إبادة جماعية في غزة
  • قيادي بمستقبل وطن: مصر ستظل الداعم الأول والحاضن للقضية الفلسطينية
  • الحكومة السودانية تفاجئ الأمم المتحدة
  • القومي لحقوق الإنسان يؤهل منظمات المجتمع المدني لتغطية انتخابات الشيوخ
  • مفوض حقوق الإنسان الأممي يحث العالم الضغط على إسرائيل
  • حقوق الإنسان محذرة: أزمة مياه تخنق ذي قار وتهدد بكارثة إنسانية
  • الائتلاف المصري لحقوق الإنسان يختتم تدريبات متابعيه لانتخابات الشيوخ
  • الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: 1200 مسن ماتوا جوعا في قطاع غزة
  • عصام شيحة: مشاركة المصريين في انتخابات مجلس الشيوخ خطوة في صناعة القرار
  • المجلس القومي لحقوق الإنسان ينظم لقاء تنشيطيا لمنظمات المجتمع المدني