جريدة الوطن:
2024-11-20@04:42:28 GMT

كي لا نصدم

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

واضح أنَّنا لا نتعلم من مآسينا، ونُكرِّر أخطاءنا مرارًا ثمَّ نتحسَّر على ما يؤول إليه حالنا، بل نُلدغ من نفس الجحر مرَّات ثمَّ نعود إليه غير عابئين. ما يفعله الاحتلال الصهيوني بالفلسطينيِّين في غزَّة والضفَّة الغربيَّة من قتل وتدمير هو عمليَّة إبادة جماعيَّة وتطهير عِرقي مكثَّفة أكثر ممَّا حدث قبل منتصف القرن الماضي تحت الانتداب البريطاني على فلسطين.

ولو لَمْ يحدُثِ الهجوم الخاطف للمقاومة الفلسطينيَّة على المستوطنات وقواعد جيش الاحتلال في 7 أكتوبر كانت قيادة الاحتلال ستجد مبررًا آخر. ومهما كان كذب الاحتلال سيصدقه الغرب؛ لأنَّه يَعدُّ الصهاينة جزءًا مِنْه، وهم كذلك. فالصهيونيَّة حركة غربيَّة ورثت دماء العنصريَّة الأوروبيَّة منذ القرون الوسطى حتَّى الفاشيَّة والنازيَّة في القرن الماضي. ليس معنى ذلك اليأس التَّام، أو جلد الذَّات لتبرير العجز والهوان باتِّهام المقاومة بأنَّها السَّبب في المحرقة الحاليَّة؛ لأنَّها هاجمت الاحتلال الصهيوني. فتلك تبريرات خذلان ووضاعة، وفي النهاية تساند العدوان البربري على الفلسطينيِّين أصحاب الأرض الَّذين يقاومون احتلالًا عنصريًّا لَمْ نرَ لوحشيَّته مثيلًا.
إنَّما الدرس الَّذي لَمْ نتعلمه هو المبالغة في قوَّة المقاومة، والتهليل لكُلِّ ردِّ فعلٍ بقدر إمكانيَّتها على دمويَّة الصهاينة غير المسبوقة. نعم، الاحتلال بجيشه العنصري ومستوطنيه الإرهابيِّين ليس بالقوَّة الَّتي يصوِّرونها، مهما امتلك من أسلحة نوويَّة وعتاد عسكري متطوِّر مدعوم من أميركا والغرب. لكن في النِّهاية ليست المقاومة جيشًا، وقدراتها محدودة مهما بلغت من تصنيع السِّلاح محليًّا. إنَّما هي تستمدُّ قوَّتها بالأساس من شباب فدائيِّين يؤمنون بحقِّهم في وطنهم على عكس جنود الاحتلال ومستوطنيه الَّذين يعرفون في خلفيَّة أذهانهم أنَّهم سارقون للأرض ويتصرفون كالمرتزقة. وبالتَّالي، لا يصحُّ التقليل من إجرام الاحتلال الصهيوني بالتهليل لإطلاق بضعة صواريخ بدائيَّة عَلَيْه أو مهاجمة آليَّة له وقتل وإصابة بضعة جنود. فالفلسطينيون تحت الاحتلال يعرفون وحشيَّة وهمجيَّة عدوهم، وهُمْ ليسوا بحاجة لحملات «توجيه معنوي» تبالغ في قدرات مقاومتهم.
مفهوم طبعًا أنَّه أمام حرق الأرض بما عَلَيْها وقتل عشرات الآلاف من النِّساء والأطفال يتعلَّق كُلُّ ذي ضمير وروح إنسانيَّة بقشَّة مقاومة من يقوم بكُلِّ ذلك الإرهاب. لكنَّ المبالغة في تصوير قدرات المقاومة إنَّما تخدم العدوَّ، الَّذي منذ بداية المجازر والمحارق يبيع للعالَم أنَّه يحارب «حركة حماس» الَّتي يُصنِّفها الغرب ـ وبعض العرب ـ إرهابيَّة. وذلك يُخفِّف بعض الضغط (الخفيف أصلًا) لارتكابه مجازر تفوق الفاشيَّة والنازيَّة. مع أنَّ المقاومة ليست فقط كتائب القسَّام وحماس، بل سرايا القدس وسرايا أبو علي وغيرها من شباب كافَّة الجماعات الفلسطينيَّة. نسينا درس أنَّه بعد حرب العقد بَيْنَ العراق وإيران بالغنا في قوَّة الجيش العراقي، وساعد إعلام الغرب المغرض في ذلك حتَّى كان ذلك تبريرًا (ولو مزيفًا) لتدمير العراق وغزوه واحتلاله وقتل وتشويه الملايين من أبنائه على يد الأميركيِّين والبريطانيِّين. كذلك الأمْرُ مع ليبيا، حين هلَّل البعض للتصريحات الناريَّة من قائدها الراحل حتَّى تكاتفَ الغرب كُلُّه ممثلًا في حلف النَّاتو على تدميرها وإشعال نيران الفتنة الَّتي ما زالت سارية فيها. نعم، من حقِّ المقاومة ومن حقِّ الفلسطينيِّين كُلِّهم الردُّ على مجازر الاحتلال الصهيوني المستمرَّة منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن. لكن في الوقت نَفْسِه ليس صحيحًا أن نقعَ في فخِّ المبالغة في الإنجاز كَيْ لا نصدمَ فيما بعد وننكشفَ على دمار كامل كما حدث للعراق وليبيا وغيرها.
ومن الملاحظات سريعة على خِطابنا الإعلامي، حتَّى لأنْفُسنا، وما ننشره على الإنترنت، أتصوَّر أنَّه من المُهمِّ الانتباه إلى الوقوع في فخِّ بعض المصطلحات والتعبيرات الَّتي أطلقها الصهاينة منذ بداية موجة المجازر الحاليَّة. أوَّلًا، هي ليست حربًا، فلا جيوش في فلسطين المحتلَّة، إنَّما عصابات إرهابيَّة صهيونيَّة ومقاومة للمحتلِّ من شباب يعتمدون على القدرة الذَّاتية وسلاحهم فدائيَّتهم لوطنهم أوَّلًا وأخيرًا. ثانيًا أنَّ مَنْ يقاوم ليست حماس وحْدَها، بل فصائل المقاومة الفلسطينيَّة كُلُّها. ومن الخطأ تحميل فصيل واحد، كما يريد الاحتلال وداعموه في الغرب والشَّرق، مسؤوليَّة ما يجري كأنَّ الإرهاب الصهيوني يحتاج تبريرًا. ألَّا نصدقَ ما يأتي من العدوِّ، حتَّى لو أيَّده العالَم كُلُّه وإعلامه بكُلِّ اللغات بما فيها العربيَّة. فالاحتلال أكثر كذبًا وتلفيقًا ممَّا فعله توني بلير لتبرير غزو العراق واحتلاله من كذب صريح اكتشف البريطانيون والعالَم فيما بعد أنَّه خدعهم بحقارة. وكُلُّنا نعرف أنَّ السِّياسيين عادةً يكذبون، لكن في ظروف الإرهاب والمجازر لا يتوانون عن الصفاقة والفُجر في الكذب والتلفيق. ولْنتذكَّر أنَّ الصهاينة، وداعميهم، لا يَعدُّوننا بشرا، بل حيوانات كما قال أحد إرهابيِّيهم الكبار (وزير دفاع الاحتلال الصهيوني الحالي). وإن كان وصف الفلسطينيِّين في تصريحه، إلَّا أنَّ هذا هو موقفهم الحقيقي من كُلِّ العرب.
من المبالغات المضادَّة الَّتي نقبل بها، بل ونروِّجها أحيانًا قوَّة الاحتلال الصهيوني وتأثيره المبالغ فيه. ولْنتذكَّر أنَّ الصهاينة لا يحكمون العالَم وليسوا أكثر ذكاءً وتقدُّمًا، إنَّما هي «إشاعة مُحقِّقة لذاتها» تفيدهم وداعميهم وتفتُّ من عضد من يَعدُّونه عدوًّا يبلع تلك الفرية. عدوان الاحتلال ومجازره بحقِّ الفلسطينيِّين مستمرَّة من قَبل 7 أكتوبر، ومتواصلة وتزيد وستستمرُّ حتَّى مع الهُدن. فمن المُهمِّ ألَّا نبالغَ كَيْ لا نصدمَ كما حدَث مع العراق وليبيا وغيرها.

د.أحمد مصطفى أحمد
كاتب صحفي مصري
mustafahmed@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الاحتلال الصهیونی

إقرأ أيضاً:

المقاومة الفلسطينية تدمر 5 آليات للعدو الصهيوني في محاور التوغل بغزة (فيديو)

يمانيون../
تواصل المقاومة الفلسطينية عمليات التصدي لقوات العدو الصهيوني في محاور التوغل شمال ووسط قطاع غزة.

وأعلنت كتائب عز الدين القسام، وسرايا القدس اليوم الأحد، عن تنفيذ عدة عمليات في مناطق قطاع غزة، شملت قنص جندي إسرائيلي، وتدمير 5 آليات عسكرية، وقصف بصواريخ 107.

وفي بلاغ لها، قالت القسام إن مقاوميها تمكنوا من قنص جندي في منطقة الخزندار شمال غرب مدينة غزة، وأصابوه إصابة مباشرة.

كما استهدفت كتائب القسام، دبابتي ميركافا وجرافة صهيونية بقذائف “الياسين 105” شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة، بالإضافة لاستهداف جرافتين عسكريتين من نوع “D9” بقذيفتي “تاندوم”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/video_2024-11-17_15-12-25.mp4
فيما أعلنت سرايا القدس تدمير آلية عسكرية، بالقرب من الدوار الغربي، غرب بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، بتفجير عبوة من نوع (ثاقب) شديدة الانفجار ومجهزة مسبقا.

كما أعلنت قصف مرابض المدفعية الإسرائيلية في موقع “فجة” العسكري بصواريخ 107.

وبثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، مساء السبت، مشاهد من استهداف آليات الاحتلال الإسرائيلي في محاور التوغل شرق وغرب مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

وظهر أحد مقاتلي “القسام” في بداية الفيديو قائلا: “رغم إصابتي كتائب القسام: استهدفنا جرافتين عسكريتين من نوع “D9” بقذيفتي “تاندوم” شرق مخيم البريج وسط قطاع غزةإلا أنني أحمل عبوتي وأتجه نحو العدو بإذن الله”.

وتضمنت المشاهد استهداف دبابة “ميركافا” بعبوة العمل الفدائي من مسافة الصفر بشارع العجارمة، ثم استهداف جرافة D9 بقذيفة الياسين 105.

كما وثقت المشاهد استهداف جرافة D9 بقذيفة الياسين 105 بشارع السكة، واستهداف ناقلة جند بقذيفة الياسين 105 بشارع العجارمة، واستهداف دبابة “ميركافا” بقذيفة “تاندوم” شرق مفترق الصفطاوي غرب مخيم جباليا.

وشملت المشاهد استهداف جرافة D9 بقذيفة الياسين 105 قرب مدرسة شادية ابو غزالة غرب مخيم جباليا، واستهداف دبابة “ميركافا” بقذيفة الياسين 105 قرب مدرسة الفاخورة غربا.

وعرضت كتائب القسام رشاش Mag اغتنمه مقاتلوها بعد استهداف الدبابة قرب مدرسة الفاخورة، واعتلائها والإجهاز على طاقمها.

وتستمر المقاومة الفلسطينية في غزة، على اختلاف أطرها، بالتصدي للعدوان الإسرائيلي المستمر، وتنفيذ الكمائن للجنود والآليات، وتكبيدها خسائر فادحة، يضطر الاحتلال للإعلان عن بعضها، ويتكتم عن الأخرى.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/Sequence%2001.mp4
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، لليوم الـ 408 على التوالي، في ظل استمرار ارتكاب المجازر بحق المدنيين والعائلات الفلسطينية في مختلف أنحاء القطاع.

ويستمر العدوان الإسرائيلي الواسع على شمالي القطاع، مخلفًا أكثر من 2000 شهيد و6 آلاف جريح، لليوم الـ 44 على التوالي، تزامنًا مع منع الدفاع المدني من العمل هناك لليوم الـ 26 تواليًا.

مقالات مشابهة

  • الصهاينة يستبيحون سقطرى
  • حزب الله يواصل استهداف مواقع العدو الصهيوني بعمليات نوعية داخل الأراضي المحتلة
  • المقاومة الفلسطينية تدمر آلية عسكرية للعدو الصهيوني في بيت لاهيا
  • جبهاتُ المقاومة تهشِّمُ عظمَ “إسرائيل”.. العدوّ الصهيوني يعاني من تزايد الهجرة العكسية
  • حزب الله يكشف حصيلة “60 يوماً” من المعارك ضد كيان العدو الصهيوني
  • المقاومة الفلسطينية تدمر 5 آليات للعدو الصهيوني في محاور التوغل بغزة (فيديو)
  • العدو الصهيوني يعترف بمقتل ثلاثة جنود في معارك مع المقاومة بغزة
  • حزب الله ينفذ سلسلة عمليات نوعية ضد تجمعات العدو الصهيوني في جنوب لبنان
  • ندوة للجنة العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني بمناسبة الذكرى الـ54 للحركة التصحيحية
  • خلال الساعات الماضية.. حزب الله يعلن تنفيذ 26 عملية هجومية ضد قوات الاحتلال الصهيوني