الخليج الجديد:
2024-11-20@09:16:57 GMT

غبار القنابل في غزة حين يخفي الكثير

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

غبار القنابل في غزة حين يخفي الكثير

غبار القنابل في غزة حين يخفي الكثير

لقد سترت حرب غزة الكثير من عورات ما يجري عندنا، لكنها كشفت في المقابل عورات أخرى لا حصر لها.

من منا ما زال يتحدث عن السودان غير أهله؟! بلد يستمر فيه الاقتتال بين الجيش والفصيل الذي خرج من رحمه متمرّدا فدمّر البلاد.

انهماك الرأي العام العربي والدولي في متابعة أحداث غزة أدى لشعور الفاعلين في عدة دول بانصراف الإعلام عن رصدها فانشرحوا لذلك لتستمر الأوضاع كما هي.

التدخل العسكري في اليمن، بدأ خليجيا لينتهي سعوديا إماراتيا بالأساس، جاء مؤازرا لقضية عادلة فانتهى به المطاف في وضع غير عادل حين انتهى بأن صار محتلا.

ما تزال ليبيا تئن تحت انقسام بين غربها وشرقها ولا يستقر وضعا نهائيا لا فكاك منه، في ظل تعثر التسوية السياسية وارتهان كل طرف لمعسكر أجنبي كل منهما يقارع الآخر.

قضايا كانت تتصدر عناوين الأخبار تختفي بالكامل تقريبا، إن لم يكن من الإعلام الدولي فالأكيد من العربي، وإن لم يكن في الصحف والمجلات فالأكيد على شاشات التلفزة.

في تونس اختنقت الحياة السياسية بالكامل وآلت فيه كل الأمور إلى رغبة رجل واحد يقود البلاد كما يريد بلا ضوابط ولا كوابح، وكله تحت شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد!

* * *

تحت ركام غزة توارت هذه الأسابيع قضايا عربية عدة، غطّاها غبار المباني المتهاوية تحت القصف الإسرائيلي المجنون، قضايا اختفت من ساحة التداول الإعلامي لتفسح المجال واسعا لمتابعة مآسي أهل غزة وما أقساها.

قضايا كانت تتصدر عناوين الأخبار فإذا بها تختفي بالكامل تقريبا، إن لم يكن من الإعلام الدولي فالأكيد من العربي، وإن لم يكن في الصحف والمجلات فالأكيد على شاشات التلفزيون.

من منا ما زال يتحدث عن السودان غير أهله؟! بلد يستمر فيه الاقتتال بين الجيش والفصيل الذي خرج من رحمه متمرّدا فدمّر بلدا كان أصلا مدمّرا بعد ثلاثين عاما من حكم الرئيس عمر البشير و«المشروع الحضاري» الذي جاءت به جماعته «للإنقاذ».

لم يؤد العناد بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «الدعم السريع» محمد حمدان حميدتي سوى إلى مزيد الخراب مع عجز كليهما عن الحسم ورفض الاعتراف بذلك.

نزح عشرات الآلاف، ولجأ عشرات الآلاف غيرهم إلى دول الجوار دون بصيص أمل في سلام قريب، خاصة وأن لكل طرف من يدعمه إقليميا ودوليا مع أن «الكبار» لن يهتموا بمثل هذه الحرائق عندما لا تشتعل في ثوبها.

من منا ما زال يتحدث عن اليمن غير أهله؟! بلد يرزح تحت حكم ديني متخلف نجح في الاستيلاء على السلطة في غفلة يتحمل مسؤوليتها أكثر من طرف يمني وعربي.

استطاع «الحوثيون» السيطرة على العاصمة وفرض حكمهم تحت عنوان مقاومة تدخل خارجي، قال إنه جاء للنجدة لكنه لم ينجد أحدا، ثم لم ينجح حتى في نجدة نفسه لاحقا حين عجز عن أن يجد لنفسه مخرجا من هذه الورطة.

التدخل العسكري في اليمن، الذي بدأ خليجيا لينتهي سعوديا إماراتيا بالأساس، جاء مؤازرا لقضية عادلة فانتهى به المطاف في وضع غير عادل حين انتهى متهما بأنه صار محتلا، لاسيما حين اتضحت وكشفت الحسابات الخاصة لأحد أطرافه والتي لا علاقة لها لا باليمن ولا باستقراره ناهيك طبعا عن ازدهاره.

ولكل ذلك انتهى الأمر بالجميع إلى أمر واقع لا أحد يعرف كيف يمكن تجاوزه، فيما تسعى طهران، طبعا، إلى توظيف كل ذلك لحساباتها الخاصة.

من منا ما زال يذكر ما يجري في ليبيا غير أهلها؟! بلد ما زال يئن تحت انقسام بين غربه وشرقه يكاد يستقر وضعا نهائيا لا فكاك منه، في ظل تعثر التسوية السياسية وارتهان كل طرف لمعسكر أجنبي كل منهما يقارع الآخر.

حتى إعصار درنة وفيضاناتها الرهيبة وما حمله من بصيص أمل بالتفاف الجميع بروح الوطن الواحد والشعب الواحد سرعان ما تبخّر حين عادت سلطات الشرق بقيادة خليفة حفتر إلى إعادة بسط هيمنتها هناك وطرد الإعلام من المدينة غير عابئة بأي شيء آخر غير مصالح إعادة الإعمار ومساعي تقاسم كعكته حتى مع أعداء الأمس.

فيما ظلت الحكومة المعترف بها دوليا عاجزة عن بسط سلطتها على كامل البلاد رغم نجاحها في إفشال حصار العاصمة طرابلس قبل أكثر من عامين.

من منا ما زال يذكر ما يجري في تونس غير أهلها؟! بلد اختنقت فيه الحياة السياسية بالكامل وآلت فيه كل الأمور، كبيرها وصغيرها، إلى رغبة رجل واحد يقود البلاد كما يريد بلا ضوابط ولا كوابح، وكله تحت شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد.

ما عاد هناك من صوت مختلف أو معارض فالكل سكت، خوفا أو طمعا، أو زج به في السجون ينتظر البت في قضية تآمر على أمن الدولة، يٌمنع الحديث فيها إعلاميا رغم أنها لم تحترم أبسط الضوابط القانونية شكلا ومضمونا، كما يقول المحامون.

يجري ذلك وسط أزمة اقتصادية ومالية خانقة وعزلة دولية واضحة يعانيها بلد كم كان واعدا حين خرج شعبه مطالبا بالحرية والكرامة، فخسرهما معا.

من لطف الأقدار أن كل هذه الدول العربية، باستثناء السودان، تعاني ما تعانيه دون سفك للدماء، وهذا مكسب كبير جدا، فلا الحسم العسكري هو المخرج في السودان، حيث يستنزف كل طرف الآخر ويستنزف كلاهما البلاد والعباد، ولا العودة إلى الاقتتال في ليبيا هو من سينتشلها من حالة الانقسام، ولا عودة المعارك والقصف إلى اليمن هو من سيعيد الشرعية المنهكة إلى صنعاء، ولا تونس في وارد أن يصل فيها موت السياسة إلى أي لجوء إلى السلاح ولله الحمد.

لقد أدى انهماك الرأي العام العربي والدولي في متابعة ما يجري في غزة إلى شعور الفاعلين في كل هذه الدول بانصراف الإعلام عن رصد شؤونها فانشرحوا لذلك بالتأكيد حتى تستمر الأوضاع كما هي.

لا حاجة هنا لاستحضار سوريا فقد توارت عن الأحداث حتى قبل غزة ما أنسى الجميع ما تعيشه من مآس رغم توقف مسلسل التقتيل الكبير هناك.

لقد سترت حرب غزة الكثير من عورات ما يجري عندنا، لكنها كشفت في المقابل عورات أخرى لا حصر لها، وهذا حديث آخر طويل.

*محمد كريشان كاتب وإعلامي تونسي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان حميدتي ليبيا اليمن تونس سوريا حرب غزة التدخل العسكري عبد الفتاح البرهان ما یجری لم یکن کل طرف

إقرأ أيضاً:

صفرة: 9500 مدني ضحايا مخلفات القنابل العنقودية والألغام منذ بدء العدوان على اليمن

يمانيون../
كشف المدير التنفيذي للبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام، العميد علي صفرة، عن أن عدد ضحايا مخلفات القنابل العنقودية والألغام في اليمن بلغ أكثر من 9500 مدني، وذلك منذ بداية العدوان على اليمن وحتى نهاية أكتوبر الماضي، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا هم من النساء والأطفال.

وفي تصريحات له خلال مشاركته في افتتاح ورشة عمل لتطوير وتحديث المعيار الوطني للإجراءات المتعلقة بالألغام ومساعدة الضحايا، التي نظمها المركز الوطني بالتعاون مع منظمة الهنديكاب الدولية، أكد العميد صفرة أن اليمن يعد ثالث دولة في العالم من حيث عدد ضحايا الألغام وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

وأوضح صفرة أن الهدف من الورشة هو تطوير المعايير الوطنية لتلبية احتياجات ضحايا الألغام، والقذائف والمواد المتفجرة، بالإضافة إلى معالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي يسببها العدوان. وأضاف أن الضحايا في اليمن لا يقتصرون على الألغام والقنابل العنقودية فقط، بل يشملون أيضًا ضحايا الغارات الجوية، حيث تلقى المركز طلبات ومناشدات عديدة من هؤلاء الضحايا.

وأشار صفرة إلى أن المركز لديه إحصائيات تفيد بأن حوالي 50 ألف شخص أصيبوا جراء الغارات الجوية لطيران التحالف، من بينهم 31 ألف جريح. ولفت إلى أن المخلفات المتفجرة تشكل تحديًا كبيرًا للمركز وشركائه من الجهات الحكومية والوطنية والدولية.

كما أضاف أن الورشة، التي تستمر لمدة ثلاثة أيام، تهدف إلى تحديد احتياجات الضحايا الفعلية وتشكيل قاعدة بيانات وطنية لتوحيد آلية العمل بين المنظمات والجهات المعنية، وتعزيز التعاون بين الجهات الوطنية والدولية في تقديم الدعم للضحايا.

مقالات مشابهة

  • دمار مرعب في بعلبك.. سكان الوادي اللبناني القديم يشكون من القنابل الإسرائيلية
  • وزير التعليم: المرحلة القادمة تحتاج بذل الكثير من الجهد لمواجهة التحديات
  • شياخة: “تعلمت الكثير في تربص الخضر”
  • سنموت جميعاً.. سكان الوادي اللبناني القديم يشكون من القنابل الإسرائيلية
  • القنابل العنقودية الإسرائيلية كارثة متجددة في الجنوب
  • صفرة: 9500 مدني ضحايا مخلفات القنابل العنقودية والألغام منذ بدء العدوان على اليمن
  • أحمد وفيق: تعلمت الكثير من أساتذتي محمد صبحي وجلال الشرقاوي ويوسف شاهين
  • الداعية جاد الرب: ظلمني الكثير ولم أدع يومًا على أحد في الكعبة
  • سخرية وتشكيك واحتفاء.. هكذا تفاعل مغردون مع استهداف منزل نتنياهو
  • أبو بكر: الحوار الحضاري ضرورة ملحة في عالم أحوج ما يكون أن يسكت صوت القنابل