توقف مساعدات برنامج الغذاء بسبب عراقيل الحوثيين ومحدودية التمويل
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
بسبب العراقيل التي وضعتها مليشيا الحوثي أمام عمل المنظمات الدولية ووكالات الإغاثة قرر برنامج الغذاء العالمي (WFP) وقف توزيع المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات.
وقال البرنامج، في بيان صحفي، إنه قرر "إيقاف برنامج المساعدات الغذائية العامة في المناطق الخاضعة للحوثيين، بسبب محدودية التمويل وعدم التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين من أجل إعطاء الأولوية للفئات السكانية الأكثر ضعفاً التي تواجه خطر الجوع، بما هو متاح من تمويل".
وأضاف البيان، إن البرنامج اضطر لاتخاذ هذا القرار "الصعب" بالتشاور مع الجهات المانحة، وبعد نحو عام من المفاوضات مع مليشيا الحوثي "لم يتم خلالها التوصل إلى اتفاق لخفض عدد الأشخاص المستفيدين من المساعدات الغذائية المباشرة من 9.5 مليون إلى 6.5 مليون شخص".
وبسبب محدودية التمويل تفاوض البرنامج مع الحوثيين على تقليص أنشطته وتخصيص البرامج لتنحصر في المستفيدين الأكثر احتياجاً، وهي كانت تتضمن تقليص عدد المستفيدين بنحو ثلاثة ملايين مستفيد.
غير أن مليشيا الحوثي عبرت عن رفضها للتقليص واشترطت تسليمها قيمة المساعدات نقداً، لتقوم هي بتوزيعها، وهي الحيلة التي كانت تهدف من ورائها المليشيات إلى الاستئثار الكامل بقيمة المساعدات وإعادة توظيفها وتوزيعها بمعايير سياسية تخدم عملية الكسب السياسي، والحشد والتعبئة.
واستبعد البرنامج، في بيانه، إمكانية عودة المساعدات في القريب العاجل، وقال: "مع بدء نفاد مخزون الغذاء في المناطق الخاضعة للجماعة، حتى وإن تم التوصل إلى اتفاق فوري مع السلطات، فإن استئناف المساعدات الغذائية قد يستغرق نحو أربعة أشهر بسبب انقطاع سلسلة الإمداد للمساعدات الغذائية الإنسانية".
ويأتي تعليق المساعدات في الوقت الذي تواصل المليشيات الحوثية عملية نهب المعونات الإغاثية وتوظيفها لأهداف شخصية، والعمل من أجل زيادة نسبة الفقر والجوع في أوساط اليمنيين عبر سياسات تجويعية ممنهجة منها مدخرات المدنيين وفرض إتاوات مالية عليهم.
وأوضح البرنامج التابع للأمم المتحدة، في تقرير صادر عنه، أنه اضطر إلى إجراء تخفيض برنامج الوقاية من سوء التغذية وتقليص الأنشطة المتعلقة بالقدرة على الصمود وسبل العيش بسبب أزمة التمويل الخانقة التي يمر بها البرنامج.
وأشار إلى أن التخفيض في المساعدات سيؤثر على حوالى 3 ملايين شخص في شمال البلاد و1.4 مليون مستفيد في الجنوب.
وبحسب برنامج الغذاء، فإن خطته القائمة على الاحتياجات الإنسانية المتزايدة لم يتم تمويلها سوى بنسبة 20% فقط من إجمالي التمويل المطلوب خلال الفترة من سبتمبر 2023 إلى فبراير 2024.
وكان برنامج الغذاء العالمي أوضح، في بيانات سابقة، أن انعدام الأمن الغذائي في اليمن لا يزال عند مستويات عالية، وأن نسبة الأسر غير القادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية تصل إلى نحو 50%، ناهيك عن ارتفاع نسبة الأسر التي تعاني من عدم كفاية استهلاك الغذاء إلى أكثر من 55%.
وستتأثر البرامج الرئيسية التي ينفذها البرنامج على مستوى البلاد، وهي برنامج المساعدات الغذائية العامة، وبرنامج التغذية، وبرنامج التغذية المدرسية، وأنشطة تعزيز القدرة على الصمود، والتي في مجملها تقدر بنحو 17.7 مليون تدخل على مدى النصف الأول من عام 2023م.
ويتلقى حالياً نحو 13.1 مليون شخص في جميع أنحاء اليمن حصصاً غذائية عبر برنامج المساعدات الغذائية العامة وتُعادل هذه الحصة حوالي 40 بالمائة من مكونات السلة الغذائية القياسية، وكان من المفترض أن يتقلص عدد المستفيدين إلى ثمانية ملايين مستفيد بسبب عدم الحصول على تمويل جديد، غير أن عدم الاتفاق مع الحوثيين على خطة جديدة للتوزيع على المستفيدين الأكثر احتياجا دفع البرنامج إلى تعليق كافة برامجه.
وخلال الفترات السابقة من العام 2023م اُضْطُرَّ برنامج الأغذية العالمي لتقليص أنشطة الوقاية من سوء التغذية في اليمن، والتي كانت تستهدف سابقاً نحو 1.4 مليون شخص، ونظراً لمحدودية التمويل والموارد، لم يَعد بمقدورِ البرنامج سوى مساعدة (128,000) شخص فقط (منهم 96 ألفا في المناطق شمال البلاد و32 ألفا في المناطق جنوب البلاد) وذلك من إجمالي (2.4) مليون شخص كان مخططاً لاستهدافهم من الأطفال والفتيات والنساء الحوامل والمرضعات.
كما اضطر برنامج الأغذية إلى تقلص أنشطته في برنامج معالجة سوء التغذية الحاد المتوسط بنحو 60 بالمائة، حيث يحصل حالياً (526,000) شخص في المناطق شمال البلاد و(145,300) شخص في المناطق جنوب البلاد على المساعدات في إطار هذا البرنامج من أصل العدد الإجمالي المخطط له البالغ 1.9 مليون شخص خلال العام.
ويتزامن هذا النقص في التمويل مع تزايد عدد الحالات المصابة بسوء التغذية الحاد.
كما قلص حجم المساعدات عبر برنامج التغذية المدرسية إلى 1.8 مليون طالب وطالبة فقط من أصل العدد الإجمالي المخطط له البالغ 3.2 مليون طالب وطالبة خلال العام الدراسي الحالي.
كما اُضْطُرَّ البرنامج لخفض وتقليص نطاق وحجم أنشطة برنامج تعزيز القدرة على الصمود وسُبل المعيشة إلى حدٍ كبير بسبب محدودية التمويل، إلى (319,000) شخص فقط عبر هذا البرنامج من إجمالي مليوني شخص مخطط لاستهدافهم خلال 2023م، فضلاً عن التأخر الكبير في توزيع الحوالات النقدية في المناطق الواقعة جنوب البلاد ونقل بعض مستفيدي الحوالات النقدية إلى برنامج المساعدات الغذائية العينية.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: برنامج المساعدات الغذائیة برنامج الغذاء فی المناطق ملیون شخص شخص فی
إقرأ أيضاً:
ما تداعيات توقف المساعدات الأميركية على الأردن اقتصاديا وسياسيا؟
عمّان- في تطور لافت لمستقبل وشكل العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأميركية والأردن، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية أمرا بوقف المساعدات الخارجية القائمة والجديدة لجميع الدول لمدة 90 يوما.
لكنها استثنت مصر وإسرائيل، مما يعني ضمنا أن الأردن الذي يعد حليفا إستراتيجيا لأميركا لم يشمله قرار الاستثناء، وطاله قرار تجميد ما يتلقاه من مساعدات أميركية سنوية.
ويعتبر الأردن من الدول التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، بما في ذلك المساعدات الأميركية التي تلعب دورا حيويا في دعم الاقتصاد الأردني، وتمويل البرامج التنموية، وتعزيز استقرار البلاد.
ووفق مراقبين، فقد شهدت السنوات الأخيرة نقاشات واسعة حول توقيف أو تقليص المساعدات الأميركية للأردن، مما أثار تساؤلات حول التأثيرات المحتملة لهذا التوقف على مختلف القطاعات في الأردن، لا سيما الاقتصادية منها، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المملكة.
الشوبكي: كان يتوجب على الأردن الإعلان مبكرا عن موازنة طوارئ تقشفية (الجزيرة) قرارات مثيرةيأتي قرار الإدارة الأميركية الجديدة بتجميد المساعدات المالية عن الأردن، بالرغم من توقيع عمّان وواشنطن في سبتمبر/أيلول 2022، مذكرة تفاهم متطورة ومتعددة السنوات (2023-2029)، والتي بموجبها تقدم الولايات المتحدة الأميركية مساعدات اقتصادية وعسكرية أساسية بما لا يقل عن 1.45 مليار دولار سنويا، أي بزيادة قدرها 13.7% مقارنة بالمذكرة السابقة.
إعلانكما كان من المتوقع أن تصل المساعدات السنوية التي أقرها الكونغرس للأردن بحلول العام الجاري 2025 إلى 2.1 مليار دولار.
وسبق القرار الأخير قرار آخر للرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب فوري للسفيرة الأميركية في العاصمة الأردنية عمّان، ولم تعرف بعد الأسباب المباشرة التي دعت لوقف اعتماد وتعيين السفيرة الشابة يائيل لامبرت في الأردن، مع أنها موجودة في منصبها منذ فترة قصيرة.
وأثارت تصريحات ترامب الأخيرة حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن ردود فعل واسعة ومنددة؛ ما بين اعتراضات شعبية ورسمية حادة، حيث تضمنت تصريحاته الصحفية مقترحات تطالب البلدين باستقبال مزيد من الفلسطينيين جراء الأوضاع الإنسانية المتدهورة في القطاع نتيجة العدوان الإسرائيلي.
ويشير الخبير الاقتصادي الدكتور عامر الشوبكي إلى أن على الأردن رفض أي مشاريع تمس بحقوق الفلسطينيين أو تهدد استقرار الأردن، وعدم الرضوخ لأي ضغوط أميركية في هذا الشأن، ودعا الشوبكي في حديثه للجزيرة نت إلى تعزيز الوحدة الوطنية، وتوحيد الصف الداخلي لمواجهة المخاطر المشتركة، وحماية النسيج الاجتماعي.
ووفق الشوبكي فإنه كان يتوجب على الدولة الأردنية الإعلان مبكرا عن "موازنة طوارئ تقشفية"، بحكم معرفتها المسبقة بقرب وصول ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، وبالتالي الوصول إلى نقطة التهديد والتنفيذ بوقف المساعدات الأميركية عن الأردن.
وطالب الخبير الاقتصادي الحكومة بالقيام الفوري بمعالجة المشاكل الاقتصادية الملحة، من خلال وقف أي نفقات غير ضرورية، ودمج الهيئات المستقلة لتقليل الإنفاق، وتقليص العجز، وتجنب الحاجة لمزيد من الديون، لتقوية الاقتصاد الوطني، وتقليل الضغوط الخارجية الناتجة عن الأزمات الاقتصادية أو وقف المساعدات الأميركية بصورة كاملة.
لا قلقفي مقابل ذلك، تحدث مصدر رفيع المستوى في الأردن للجزيرة نت، وقلل من خطورة القرار الأميركي بتجميد المساعدات عن الأردن، مشيرا إلى أن "المساعدات المالية الأميركية للأردن تخضع حاليا لتقييم الإدارة الجديدة، ولمدة 3 أشهر، وأن هذا الأمر يشمل دولا عديدة، ولا يخص المساعدات المقدمة للأردن فحسب".
إعلانولفت المصدر -الذي طلب عدم نشر اسمه- إلى أن "موضوع مراجعة المساعدات لا يشكل قلقا للمسؤولين الأردنيين، ولا ينطوي على أي أزمة بين عمّان وواشنطن".
وتوقع المصدر الرسمي أن تعود المساعدات الأميركية كسابق عهدها في شهر أبريل/نيسان المقبل بعد انقضاء فترة المراجعة، وبالسؤال عن استثناء مصر من القرار الأميركي، كشف المصدر الأردني أن غالبية المساعدات إلى مصر عسكرية وليست اقتصادية، بينما المساعدات إلى الأردن على العكس من ذلك.
الحوارات: من يستمع للرئيس الأميركي الجديد يصل إلى قناعة أن هذا الرجل يمكن أن يفعل ما يحلو له (الجزيرة) عقيدة الجنونوردا على قرار ترامب بتجميد المساعدات، وحديثه عن استقبال اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، رأى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات أن "من يستمع للرئيس الأميركي الجديد وهو يطلق الوعود ويهدد، يصل إلى قناعة أن هذا الرجل يمكن أن يفعل ما يحلو له".
ولفت الحوارات، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن ما يفعله ترامب يعد جزءا من إستراتيجية يطلق عليها عقيدة الجنون، وهذه واحدة من أكثر أدوات السياسة تعقيدا، واستخدمها أول الأمر الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، وبعده الرئيس رونالد ريغان، ومع عودة ترامب يتم إحياؤها بأسلوب جريء وغير تقليدي.
ويوضح المحلل أن هذه الإستراتيجية تقوم على إثارة الشك لدى الخصوم والشركاء على حد سواء، وتجعلهم يعتقدون أن تصرفات الرئيس غير متوقعة، وأنه مستعد لاتخاذ خطوات مدمرة إذا لزم الأمر، مما يدفعهم لتقديم التنازلات، بالتالي فهي تجبر خصومه على التعامل معه بحذر وتمنحه موقفا تفاوضيا أقوى.
الأردن شهد العديد من الفعاليات الشعبية المنددة بموقف واشنطن تجاه الحرب على غزة (الجزيرة)وعلمت الجزيرة نت، أن منظمات المجتمع المدني العاملة في الأردن، قد أبلغت مؤخرا كوادرها العاملة بإيقاف كل أنشطة المشاريع الممولة من "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، وذلك بعد وقتٍ قصير من قرار واشنطن بوقف المساعدات الأميركية لمدة 90 يوما، حيث تقدم الوكالة الأميركية العاملة في الأردن مساعدات غذائية، ومياها، ومأوى، ورعاية صحية وبيئية وغيرها.
إعلانكما أعادت التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي حول ضرورة توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن الحديث مجددا عن الموقف الأردني في مجابهة "صفقة القرن" خلال فترة حكم ترامب السابقة عام 2019، حينها طلب من العاهل الأردني أيضا استقبال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين، لتصدر العديد من القوى السياسية والبرلمانية والحزبية بيانات رافضة لأي مشاريع تهدف لتهجير وتصفية القضية الفلسطينية.