ردا على دراسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لفرض حظر أوسع على رقائق أشباه الموصلات، أعلنت الصين قيودا على تصدير الغاليوم والجرمانيوم اللذين يُعدان مفتاحا لتصنيع الإلكترونيات وأشباه الموصلات، مع احتدام المعركة التقنية مع أميركا وأوروبا.

ونتج عن هذا الإعلان ارتفاع بنسبة 27% في أسعار الغاليوم العالمية ودفع التجار إلى التدافع على شراء المعدن تحسبا لضوابط التصدير التي ستصبح سارية ابتداء من أغسطس/آب المقبل.

والجرمانيوم والغاليوم من المعادن التي لا توجد بشكل طبيعي، بل يتم تشكيلها عادة بوصفه منتجا ثانويا لمصافي المعادن الأخرى.

والجرمانيوم معدن أبيض فضي يتكون كمنتج ثانوي لإنتاج الزنك، في حين يعد الغاليوم (المعدن الفضي) منتجا ثانويا لمعالجة خامات البوكسيت والزنك.


وللجرمانيوم عدة استخدامات، بما في ذلك منتجات الطاقة الشمسية والألياف الضوئية، ولأنه شفاف للأشعة تحت الحمراء يمكن استخدامه في التطبيقات العسكرية، مثل نظارات الرؤية الليلية، بينما يستخدم الغاليوم لتصنيع المركب الكيميائي لـ"زرنيخيد الغاليوم"، والذي يمكن أن يصنع رقائق تردد الراديو للهواتف المحمولة واتصالات الأقمار الصناعية، كما أنه مادة أساسية في أشباه الموصلات.

وقال موقع "أويل برايس"(Oilprice) الأميركي إن الولايات المتحدة تبحث عن تنويع المصادر وتعزيز التعدين المحلي لهذه المعادن، بينما تشير سيطرة الصين على معادن رئيسية أخرى إلى أن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على العلاقات التجارية بين البلدين.

وبيّن الموقع أن توقيت إعلان بكين عن القيود الجديدة جاء قبل أيام من زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين للصين؛ حيث يبدو أن المسؤولين الصينيين يلعبون لعبة معقدة مع إدارة بايدن لأن هيمنتهم على إنتاج المعادن الأرضية النادرة، وافتقار الغرب لها؛ سيكونان محور المحادثات مع يلين بشأن الحظر الأميركي المستقبلي على الرقائق ومعدات أشباه الموصلات الحاسمة للنمو الاقتصادي في الصين.

ونقل الموقع عن لويس نافيلييه، مؤسس شركة "نافيلييه آند أسوشيتس" قوله إن "الصين لا تُرحب بالأخبار التي تفيد بأن إدارة بايدن تدرس حظرا أوسع لرقائق أشباه الموصلات وقررت حظر تصدير الغاليوم والجرمانيوم، اللذين يستخدمان في أشباه الموصلات ومحطات الجيل الخامس الأساسية والألواح الشمسية. ورغم أن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتمدون على الصين في الحصول على هذه المعادن المهمة، إلا أن الصين بحاجة إلى التكنولوجيا الغربية مثل آلات الطباعة الحجرية لإنتاج رقائق عالية الأداء".

وذكر الموقع أن أسعار الغاليوم العالمية ارتفعت بنسبة 27% في الأسبوع الماضي؛ حيث قال التجار الذين تحدثوا مع موقع "بلومبيرغ" الأميركي إن سوق الغاليوم مزود بإمدادات جيدة، لكن قيود التصدير التي ستصبح قيد التنفيذ خلال الشهر المقبل دفعت المشترين إلى التهافت على شراء هذا المعدن. وأظهرت بيانات موقع "فاست ماركتس" (Fast Markets) أن أسعار الغاليوم قفزت 43 دولارا على مدار الأسبوع الماضي ليصبح سعر الكيلوغرام 326 دولارا.

وبحسب الموقع؛ فإنه اعتبارا من الأول من أغسطس/آب المقبل، ينبغي على المصدرين التقدم للحصول على تراخيص من وزارة التجارة لشحن المعادن إلى الخارج. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تأثير ضوابط التصدير على الشحنات الصينية، فيقول كولين هاميلتون، العضو المنتدب لأبحاث السلع الأساسية في "بنك مونتريال كابيتال ماركتس" (Montreal Capital Markets Bank) "إن القيود ستحفز على الأرجح جهود الدول الغربية للبحث عن إمدادات جديدة لكلا المعدنين في أماكن أخرى".

وكتب هاميلتون في مذكرة خلال الأسبوع الماضي "هذا مثال آخر على كيفية تنامي المكانة الإستراتيجية للمواد الخام الصناعية في الأسواق العالمية وعلى أنها أضحت حاسمة في عملية صنع القرار السياسي".


وأوضح الموقع أن بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تظهر أن الولايات المتحدة استوردت ما يقدر بحوالي 14 ألف كيلوغرام من الجرمانيوم في عام 2022 بينما استهلكت ما يقدر بنحو 30 ألف كيلوغرام؛ وفي العام ذاته بلغت واردات الغاليوم 14 ألف كيلوغرام بينما بلغ الاستهلاك نحو 18 ألف كيلوغراما.

واختتم الموقع التقرير بالقول إن الولايات المتحدة ستخزن هذه المعادن لأنها ستنوع مصادرها بعيدا عن آسيا؛ حيث تسعى إدارة بايدن إلى زيادة التعدين المحلي وتكرير المعادن الأرضية النادرة. وحسب برنارد دحدح، المحلل في شركة  "ناتيكسيس" (Natixis)، فإن الخطوة التي اتخذتها الصين بعيدا عن تأثيرها الهائل، كانت بمثابة الطلقة التحذيرية الأولى"، مشيرا إلى أن "الصين تسيطر على معادن أخرى يمكنها من خلالها إلحاق  أضرار أكثر خطورة على  الكثير من البلدان"، في حين أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستستند إلى قانون الإنتاج الدفاعي لتعزيز قدرة التعدين والمعالجة المحلية للمعدنين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة أشباه الموصلات

إقرأ أيضاً:

تراجع الدولار يعيد تشكيل خريطة الاستثمار العالمية... الذهب والأسهم الأجنبية في صعود

يشهد الدولار الأمريكي تراجعاً ملحوظاً أمام العملات الرئيسية، ما دفع المستثمرين حول العالم إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم الاستثمارية، وسط توقعات بتحولات عميقة في موازين الأسواق العالمية. ومع ضعف العملة الأمريكية أمام كل من اليورو والين والذهب، تتزايد شهية المستثمرين نحو الأصول الأجنبية والسلع الأساسية، بحثاً عن عوائد جديدة في بيئة مليئة بالتقلبات.

وقالت لالي أكونر، محللة الأسواق العالمية فى "إيتورو": "تراجع الدولار يفتح الباب أمام فرص واعدة للمحافظ المتنوعة عالمياً، بينما يفرض تحديات أمام الاستثمارات المرتكزة بشكل كبير على السوق الأمريكي. الأسواق المعتمدة على التصدير، مثل ألمانيا واليابان وكوريا، تستفيد حالياً من تنافسية صادراتها، ما ينعكس إيجاباً على أرباح الشركات." وتشير أكونر إلى أن الأسواق الناشئة بدأت تجني ثمار هذه التحولات، حيث شهدت تدفقات مالية قوية نحو صناديق الأسهم في الصين وكوريا الجنوبية خلال الربع الأول من العام الجاري.

وسط هذا المشهد، يبرز الذهب مجدداً كملاذ آمن، بعدما فقد الدولار نحو 25% من قيمته أمام المعدن النفيس، مما عزز جاذبيته كأداة تحوط ضد التضخم والتقلبات الجيوسياسية. كما يشهد التعرض للسلع الأساسية، مثل الطاقة والمعادن والزراعة، ارتفاعاً ملحوظاً بفضل طبيعة هذه الأصول التي تستفيد عادة من تراجع الدولار.

في الوقت ذاته، يتزايد اهتمام المستثمرين بتنويع تعرضهم للعملات، من خلال الاحتفاظ بأصول مقومة باليورو أو الين أو الفرنك السويسري، أو عبر صناديق دولية تستخدم أدوات التحوط من تقلبات العملات. وتوضح أكونر أن التنسيق في إدارة المخاطر أصبح ضرورياً، مشيرة إلى أن المستثمرين الأمريكيين غير المحوطين يستفيدون من المكاسب الأجنبية، بينما يفضل الأوروبيون والبريطانيون التحوط عند الاستثمار في أصول أمريكية لتقليل التقلبات.

ومع استمرار ضعف الدولار، تتجه الأنظار نحو أدوات الدخل الثابت البديلة. ويعيد المستثمرون النظر في سندات الخزانة الأمريكية، التي قد تفقد بعضاً من جاذبيتها، مقابل السندات قصيرة الأجل أو تلك المحمية من التضخم، إضافة إلى الديون الدولية ذات الجودة الائتمانية العالية، التي تتيح فرصاً لحماية العوائد وتعزيز مرونة المحافظ.

ورغم أن تراجع الدولار لا يفرض إعادة هيكلة جذرية للمحافظ، يرى الخبراء أن الجمود الاستثماري قد يكون مكلفاً. وتختتم أكونر بقولها: "الريادة الاقتصادية تتغير، وينبغي أن تتغير معها المحافظ الاستثمارية. إن التوجه المدروس نحو الأصول الدولية، وأدوات التحوط من التضخم، وتنويع العملات يمكن أن يساعد المستثمرين على التكيف مع ديناميكيات السوق المتغيرة واكتشاف مصادر جديدة للعائد."

مقالات مشابهة

  • ???? الحقيقة التي يعلمها هذا التائه أن معركة الكيزان ليست مع أشباه الرجال !!
  • ترامب يغزو أعالي البحار بحثا عن المعادن المهمة ويغضب الصين.. ما القصة؟
  • ترامب ينبش قاع البحر بحثا عن المعادن المهمة ويغضب الصين.. ما القصة؟
  • الأسواق العالمية تواصل تعافيها وسط تفاؤل تجاري وأرباح إيجابية
  • مع تراجع الدولار.. الذهب والأصول العالمية ترتفع
  • تراجع الدولار يعيد تشكيل خريطة الاستثمار العالمية... الذهب والأسهم الأجنبية في صعود
  • مشيرب: الأسواق التي تنشر مقاطع عن منع بيع منتجات النسيم تمارس «العهر»
  • القاهرة الأخبارية: تصريح ترامب عن اتصالات جيدة مع الصين يُحدث تأثيرًا
  • الخزانة الأمريكية: النمو أعلى من توقعات صندوق النقد إذا طبقنا سياسات ترامب الاقتصادية
  • تراجع واردات ألمانيا من المعادن الأرضية النادرة من الصين في عام 2024