أثير- موسى الفرعي

دائما ما تقف عُمان في مقدمة الواقفين مع الحق، ثابتة المبدأ، واثقة من نفسها بما هي عليه من الحق، لا تخشى في الله لومة لائم، إنها تقرأ الواقع بناء على مبادئ وقيم إنسانية ودينية وذلك ما يرشدها إلى الصواب، أما اصطفافها مع البيت العربي والإسلامي فهو قضية حتمية لا مساومة عليها، وقد أكدت الكثير من الشواهد على تذليلها للصعاب وفتح الأبواب المغلقة في سبيل وحدة الأمة ونبذ العنف والتطرف وإشاعة السلام والمحبة بين بني الإنسان، قديما وحديثا.

وها هو معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية بمواقفه الفارقة في مرحلة خطرة تمر بها الأمة العربية والإسلامية يؤكد كل ذلك، فقد كان أول وزير عربي يعلنها صراحة بأن حماس حركة مقاومة وأبعد ما تكون عن الإرهاب، ذلك لأنه يدرك أن الدفاع عن قدسية الوطن ليس إرهابا أو تطرفا بل دفاعا منطقيا عن الوجود، وأن الإرهاب كما هو معلوم محاولات الإخلال بأمن الدولة وحكم العسف والجور والتهديد.. إلخ من تعريفات، ذلك ما يفرضه المنطق وطبيعة الأشياء، أما على الصعيد العملي فذلك ما يوجبه ميثاق الأمم المتحدة الملزم بمؤازرة الجهود الرامية إلى دعم المساواة وسيادة الدول واحترام سلامتها واستقلالها السياسي، وتناهض جميع أساليب الإرهاب وأشكاله التي تقوض حقوق الإنسان وحرياته.

وعمان محترمة جدا للمواثيق والعهود والقوانين التي أمضتها مع مختلف الدول والمنظمات، ذلك ما أكسبها الثقة الدولية وجعل منها عنصرا فاعلا في تحقيق السلم والأمن الدوليين، ومؤخرا خلال الاجتماع الوزاري الخليجي في العاصمة القطرية الدوحة لم تحد مداخلة معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي بصفته وشخصه عن الحق والمبدأ العماني الراسخ، مؤكدا في مداخلته دعمه للرئاسة القطرية في إدارتها لدفة المسيرة المظفرة لمجلس التعاون خلال العام القادم وذلك هو نهج التكامل وتضافر الجهود الذي يمكن أن يثمر الخير، مؤكدا أيضا على العدوان الإسرائيلي الغاشم والشنيع الذي يتعرض له الأشقاء في فلسطين.

إنها ذات المبادئ والقيم المسكونة بها الدبلوماسية العمانية في مختلف الاجتماعات والتمثيلات السياسية، وهي ذاتها التي كانت العمود الفقري إبان رئاسة عمان للدورة لـ ١٥٥ للمجلس الوزاري لمجلس التعاون، وقد سبق لمعاليه أن ترأس اجتماع الدورة الـ ١٥٦ للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد في ١١ يونيو ٢٠٢٣ بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في الرياض بالمملكة العربية السعودية، وأعرب معاليه خلاله بأن نهج السلام والتعاون هو السبيل الأوحد والنموذج المثالي الأسلم للمنطقة والعالم، كما ترأس أيضا المجلس الوزاري في جلسته الاستثنائية بمسقط لوزراء الخارجية الخليجية للتشاور والتباحث بين دول مجلس التعاون، حول التطورات والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة على قطاع غزة، وما من ظهور لمعاليه خرج فيه عما تقتضيه الإنسانية والعقل والمواثيق والقوانين المبرمة بين الدول والمنظمات.

إلى الثبات وكلمة الحق يعود أي انتصار وإن تأخرت نتائجه، وإلى عكسه يعود السقوط وإن تسارع في ثمره ونتاجه، أما عمان ووزير خارجيتها العاكس للرؤى العمانية فقد آمن بأن الحق حق وإن طال الوقت، وأن الثبات على الحق والانتصار للقيم والمبادئ هو أشرف ما يمارسه الإنسان حاكما كان أو محكوما. كما أن يقين الدبلوماسية العمانية بضرورة انسجام الحراك في مواجهة التطورات والتأثير عليها جوهر أساسي في عملية تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة، ولا شيء يمكنه أن يصلح ما أُفسد كضبط النفس وعدم الانفعال اللحظي والاندفاع دون روية أو قراءة حقيقية للراهن، بذلك يمكن القبض على مفاصل القضية وبه يمكن إنهاء الحرب الإسرائيلية الغاشمة والإبادة الجماعية التي تمارسها على أهلنا في غزة، فالحكمة والقيادة الرشيدة المبنية على السلام هي صفة مجلس التعاون لدى العالم الغربي، وسلام وأمن المنطقة ضرورة إنسانية ومطلب الشعوب، ذلك هو معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي بصفته السياسية الممثلة للرؤية العمانية البالغة الحكمة وشخصه الممتلئ إنسانية واتزانا.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: لمجلس التعاون ذلک ما

إقرأ أيضاً:

باسل العكور يكتب .. لا خلاص ذاتيا للأقطار العربية كل على حدة.. مستقبل الأمة على المحك

#سواليف

كتب باسل العكور – الإبادة الجماعية أو المحرقة الفلسطينية التي تُبثّ على الهواء مباشرة لم تكن كافية ليتدخل العالم العربي والإسلامي أو على الأقل ليدرك خطورة القادم، العدوان البربري على الشقيقة لبنان وما ارتكب بها من مجازر لم يقرع ناقوس الخطر لدى دول الإقليم النائمة بالعسل، الدعم الغربي غير المشروط للكيان المارق في عدوانه وجرائمه، لم يُثر حفيظة أنظمتنا العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الدافئ، سقوط النظام السوري دون مقاومة لم يُحرّك مخاوف هذه الانظمة، مع أن ما عايشه النظام السوري من حصار وعبث وإضعاف واختراق وشيطنة وتفكيك بنيوي، يطابق او يتساوق مع ما يطبخ على نار هادئة، ويُنفّذ بنسق اقل وضوحا في العديد من دول الاقليم..

في الأثناء، يباشر العدو الصهيوني باحتلال مساحات شاسعة من أراضي الشقيقة سوريا بذرائع أمنية، وهي ذات الذرائع التي كان يفترض أن تدفع جيوش دول الإقليم للتحرك العاجل، حماية لسوريا وأهلها ودفاعا عن مصالحها الحيوية، ورسالة للعالم أجمع بأن هناك ثمة إرادات في المنطقة، ومصالح يجب أن تراعى وتؤخذ بعين الاعتبار..

العدوّ الصهيوني يتحرك مدفوعا بأطماع التوسع والهيمنة الكاملة على الإقليم، والأنظمة العربية تكتفي بعقد الاجتماعات واللقاءات التي يعقبها بيانات تنديد واستنكار ومطالبة بتدخل المجتمع الدولي المتورط -من قمة رأسه حتى أخمص قدميه- بدعم المشروع الصهيوني وتوسع الاحتلال وهيمنته على المنطقة!!!

مقالات ذات صلة الاعلان عن النقاط المحتسبة للطلبة المتقدمين بطلبات المنح والقروض 2024/12/26

لم تكن أمتنا العربية بهذا الضعف قط، لم تكن مسلوبة الإرادة كما هي اليوم، أظن أن دول الإقليم باتت متصالحة مع ما سيفرض عليها من استحقاقات ومستسلمة لما سيأتي، وتنتظر ساعة الصفر، وإلا كيف نفهم أن يفرط العرب بهذه الفرصة التاريخية لتوحيد كلمتهم وقرارهم وتحركهم للتصدي لهذا الورم الخبيث المستحكم في قلب الأمة، وها هو يلتهم بقية الأعضاء، ينفرد بالأجهزة والأطراف الواحد تلو الآخر، في وقت قرر به جهاز المناعة المركزي -ولأسباب غير مفهومة- أن لا يستخدم كل امكاناته لمواجهة هذه الخلايا السرطانية الشرسة..

الثابت في نمط العلاقات الإقليمية في المنطقة بعد السابع من اكتوبر 2023، أن كل دولة عليها ان “تقلّعَ شوكها بيدها “، فما عاد موضوع المصير العربي المشترك يعني شيئا، فكل يبحث عن خلاصه الذاتي، وما لذات في المنطقة من خلاص بعد اليوم..

الأردن على مفترق طرق ..

الأردن هذه الدولة الحصينة نسبيا، باتت في مهب التجويع والتعطيش، بعد سيطرة جيش الاحتلال على مياه حوض اليرموك على مصادره وعلى السدود المقامة على امتداد هذا الحوض، وبذلك تُمسك دولتنا من عنقها، فلا ضمانات لحصولنا على حصتنا من مياه نهر اليرموك، وهذا بلا شك يهدد أمننا الغذائي والمائي على حد سواء.. ففي اللحظة التي يقررون فيها استخدام هذا السلاح -سلاح التجويع والتعطيش- كما يحدث في غزة والضفة الغربية، فليس عليهم إلا أن يقطعوا وصولها لقناة الملك عبدالله لضرب الزراعة، ويمنعون انسيابها في مصبات نهر الأردن في بلادنا، وبذلك يحولون دون تغطية حاجتنا من مياه الشرب، ناهيك عن سيطرتهم على مفاتيح الطاقة من خلال اتفاقية الغاز التي وقعت برعاية وضغط أمريكي. ألم نقل في وقت سابق إن توقيع اتفاقية الغاز يشكل خطرا على أمننا القومي!!

ماذا نحن فاعلون ؟!!

الأخبار التي تتسرب من الدوار الرابع تتحدث عن إمكانية توقيع اتفاقية الناقل الوطني مع شركة فرنسية الأسبوع القادم، وهذه خطوة في اتجاه تأمين بدائل، ولكن المشكلة الحقيقية في الوقت الذي يتطلبه التنفيذ، إلى جانب كلفة المياه واصلة للمستهلك الأردني،،، ومع ذلك نتمنى على الحكومة ان تذلل هذه العقبات وتباشر في تنفيذ هذا المشروع اليوم قبل الغد..

أما بالنسبة للغاز، فلا بدّ أن تشرع باستخراج كميات الغاز التي أعلنت عن وجودها لإلغاء اعتماديتنا على الغاز الاسرائيلي في أسرع وقت ممكن، وهذا مشروع غاية في الأهمية.

بقاؤنا مرتبط بهذين المشروعين، على الحكومة أن تدرك ذلك جيدا، قبل أن تقع الفأس في الرأس ..

الدولة العميقة وبعد أزمة غزة وانكشاف الانحياز الغربي للمشروع التوسعي الصهيوني في الإقليم عليها ان تستوعب ان مصدر القوة “داخلي” ،ولذلك عليها ان تشتغل بكل امكاناتها لتمتين الجبهة الداخلية ، وتفكيك البؤر الساخنة ،وطي صفحة التأزيم والاعتقالات والإفراج عن جميع السجناء السياسيين .

يجب أن لا تسمح مراكز القرار باتساع الفجوة بين الناس ونظامهم السياسي، عليها أن تتحرر من برامج صندوق النقد الدولي الذي يهندس بمنتهى الخسة والدناءة عملية قطع الحبل السري بين الشعب الأردني والنظام السياسي عن طريق تجويع الناس وإفقارهم ..

نهج الجباية بات خطرا يتهدد الدولة؛ أمنها واستقرارها، وهو أشدّ وطأة من الأخطار الأخرى المحدقة به من كل حدب وصوب .

خطر التهجير بات أقرب مما نعتقد، وتغيير الخريطة الديمغرافية بات وشيكا، وهذا ليس بمعزل عن سعي محموم لضرب البنى المؤسسية التي يراد تفكيكها وإعادة تركيبها على نحو يستوعب هذه المجاميع التي يراد لها أن تصبح جزء أصيلا من مكونات الدولة الجديدة، وهذا خطر آخر قد يضرب عميقا بنية وشكل النظام السياسي إذا ما لم يتم مقاومته ومواجهته .

أما فزاعة خطر الاتجاه الإسلامي الذي قد يكون ذريعة لتدخل أمريكي في بلادنا، فعلى الدولة أن تتعاطى بمنتهى الحذر مع هذا الملف، وعلى الاتجاه الإسلامي بالدرجة الأولى أن يراجع نهجه، ويُغلِّب المصلحة الوطنية على مصلحة التنظيم ، فلا يأتين الوهن من قبلهم ..

دول الإقليم ستأكل أصابعها ندما وحسرة

أما دول الإقليم الأخرى، فهي جزء اساسي من مشروع التصفية الكبير، الذي طبخ على نار هادئة، وها هي الأخرى تعاني من ذات الإشكالات ماء وطاقة ومديونية، وفجوة بين الجماهير والطبقة الحاكمة..

اما فلسطين فهي بيضة القبان ، فلطالما كان صمود أهلها جدارا حاجزا وسببا مباشرا لكبح جموح الكيان الصهيوني المتربص بدول الإقليم جميعا .. تضحيات الفلسطينيين ودمائهم الطاهرة مكنت دول الجوار من العيش في بحبوحة وأمن وسلام لعقود خلت .. الفلسطينيون اخذوا نصيبا كافيا من الموت والتشريد والحرمان والمرض والجوع والعطش، ورغم ذلك ما زال أبطالهم يسطرون ملاحم بطولة لم يعرف التاريخ لها مثيلا من قبل .. الفلسطينيون وحدهم يعيشون الأمل ،ويدافعون عن حقهم في الحرية والكرامة والحياة الكريمة ،في حين يرزح سكان المعمورة ،شمالها قبل جنوبها ،وشرقها قبل غربها ، تحت حكم الصهيونية والشركات العالمية ورأس المال والعسكر ..

وهنا نبدأ بالشقيقة الكبرى مصر، وهي تعاني رغم وجود نهر النيل العظيم من اشكالية لها علاقة بسيطرة الاحتلال على منابع النهر في ارتيريا ، كما أنها تعاني من أزمة طاقة حقيقية وحالة اقتصادية معقدة للغاية ومديونية خانقة التهمت مقدرات الدولة وقيمة عملتها، تخيلوا ان الحكومة المصرية قد رضخت لإملاءات المانحين فيما يتعلق بالمناهج المدرسية، وهذا مؤشر غاية في الخطورة، فمن يساوم على مناهجه يخسر هوية أجياله وبالمحصلة يقامر بمستقبله ..الى هنا وصل ارتهاننا بالغرب ومشروعه، واليوم يبدأ تنفيذ عمليات سحق الناس وتغريبهم واضعاف بنيتهم القيمية وتفكيك مؤسساتهم وصولا إلى إرهاق جيشهم وتقهقره وهذ غاية المنى ..

العراق على موعد مع التقسيم او البلقنة ، فلن تقوم لها قائمة ، وسيظل شبح الطائفية والإثنية يلاحق هذا القطر المفكك إلى الأبد ، وسيظل يفرخ النزاعات والحروب ما دام للأمريكان وجود على ارضه ..

أما سوريا، فلقد خرجت تماما من معادلات القوى الإقليمية وها هي تدخل في مرحلة الفوضى المنظمة برعاية أمريكية اسرائيلية تركية ..

أما لبنان، فسيتجرع العلقم ولن ترفع القوى الغربية يدها عنه ،حتى ينتهي وجود المقاومة ويخرج حزب الله من المشهد ، وهذا ليس ممكنا على المدى المنظور.

دول الخليج العربي سيخسرون كل شيء ، وذلك بعد استكمال تصفية قوى الممانعة العربية ،والقدرات العسكرية الرادعة لكل من مصر والعراق وسوريا والأردن ، وعنها سيتفرغون تماما لسرقة مقدرات الخليج وتجويع شعوبه وسحقهم .

السودان بوشر باستنزافه مبكرا و بات غارقا تماما في مستنقع الاحتراب الداخلي الذي سيأتي على الأخضر واليابس وسيترك السودان الشقيق قاعا صفصفا ..

مقالات مشابهة

  • باسل العكور يكتب .. لا خلاص ذاتيا للأقطار العربية كل على حدة.. مستقبل الأمة على المحك
  • وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الاستثنائي الـ (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج
  • وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الاستثنائي الـ46 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية
  • وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي الـ (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون
  • وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي الـ(46) للمجلس الوزاري الخليجي
  • أحمد موسى: الشعب المصري ساهم في بناء الدولة دون مقابل
  • أحمد موسى: الرئيس السيسي أعاد بناء مصر.. وحوّل العشوائيات لمجتمعات حضارية
  • أحمد موسى: مصر سددت 38.7 مليار دولار ديونًا مستحقة
  • عاجل.. وزير الخارجية يستقبل عمرو موسى لمناقشة التطورات الإقليمية والدولية
  • وزير الخارجية والهجرة يستقبل عمرو موسى الأمين السابق لجامعة الدول العربية