في رسالة مفتوحة للمجتمع الدولي نُشرت في المجلة الأدبية الإلكترونية (إن+1) ووقّع عليها آلاف الفنانين حول العالم، عبّر كُتّاب يهود عن رفضهم لـ"الخطاب السائد الذي يعِدّ أي انتقاد لإسرائيل معاداة للسامية".

وأشار الكتّاب اليهود في رسالتهم إلى أن مفهوم معاداة السامية استُخدم حتى الآن "لحماية إسرائيل من المساءلة، ولإخفاء حقيقة الاحتلال، وإنكار السيادة الفلسطينية"، وأن المفهوم نفسه يستخدم اليوم "لتسويغ قصف إسرائيل لغزة، وإسكات الانتقادات داخل المجتمع الدولي".

وذكر الكتّاب اليهود أنهم شعروا بحزن عميق بسبب استخدام إسرائيل لـ"الحرب ضد معاداة السامية ذريعة لارتكاب جرائم حرب بقصد الإبادة الجماعية".

إسرائيل قتلت أكثر 16 ألف فلسطيني جُلهم أطفال ونساء خلال عدوانها المتواصل على غزة (الأناضول)

ووصفوا "الأيديولوجيا" الصهيونية بأنها "استغلال لمعاناة اليهود من أجل هضم حقوق الشعب الفلسطيني"، مشددين على أن "معاداة إسرائيل لا تعني معاداة السامية".

وفي الرسالة المفتوحة، قال الكتّاب اليهود "إننا ندافع عن كرامة وسيادة الشعب الفلسطيني، من خلال العِبر التي استخلصناها من تاريخنا المرير في مواجهة معاداة السامية". كما أكد الكتّاب رفضهم المفاضلة بين "حرية الفلسطينيين وأمن اليهود".

وأشار الكتّاب اليهود إلى أن الحكومة الإسرائيلية تروّج بين الداخل والخارج لدعاية مفادها أن "كفاح الفلسطينيين غير موجّه من أجل الحصول على حقوق في الأرض والسيادة، بل هو موجّه ضد اليهود".

وشدد الكتاب اليهود على أن الولايات المتحدة تصف دعمها لإسرائيل بـ "حماية الهُوية اليهودية"، وقالوا "هويتنا ليست سلاحا يمكن للدول استخدامه لفرض سلطتها. نحن ضد استغلال آلامنا".

ويقول مقررو الأمم المتحدة ألكسندرا زانثاكي وفريدة شهيد وكليمنت نياليتسوسي فول وإيرين خان، إن المجتمع الدولي يساوي بين انتقاد إسرائيل ودعم معاداة السامية.

كما رفضوا التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون ومسؤولون آخرون، وصفوا فيها انتقاد إسرائيل بأنه شكل من أشكال معاداة السامية.

وفي بيان مكتوب، ذكر المقررون أن "الدعوات إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، أو انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية وتصرفاتها يُربط بشكل مضلل بدعم الإرهاب أو معاداة السامية".

وأشار البيان إلى أن "موجة عالمية من الهجمات والانتقام والتجريم والعقوبات استهدفت أولئك الذين يعبّرون علنا عن تضامنهم مع ضحايا الصراع بين إسرائيل وفلسطين"، مؤكدا أن "هذا الوضع يشكّل "قمعا لحرية التعبير ويخلق أجواء الخوف التي تمنع العديد من الأفراد من المشاركة في الحياة العامة".

وذكر مقررو الأمم المتحدة أن الفنانين والأكاديميين والصحفيين والناشطين والرياضيين الذين يرفعون أصواتهم لدعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، باتوا يتعرضون اليوم لانتقادات قاسية.

وتعارض العديد من المنظمات اليهودية حول العالم، الصهيونية وممارساتها التي أدّت لطرد أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم في حرب 1948، ويدافع اليهود المناهضون لإسرائيل عن حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم، وينتقدون الصهيونية التي تعدّ نفسها "ضامنا لأمن الأمة اليهودية".

منتقدو إسرائيل يفقدون وظائفهم

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فُصل العديد من الأسماء المعروفة في العالم من وظائفهم بتهمة "معاداة السامية"؛ بسبب انتقادهم الحرب الإسرائيلية على غزة.

وفي هذا السياق، أُوقفت الممثلة الأميركية سوزان ساراندون، التي عبّرت عن دعمها لفلسطين في الولايات المتحدة، عن العمل في وكالة المواهب، بينما استبعدت الممثلة المكسيكية ميليسا باريرا من طاقم أحد الأفلام التي يجري تصويرها.

وبينما اضطرت الكاتبة في مجلة "نيويورك تايمز"، جازمين هيوز، إلى الاستقالة بدعوى "انتهاكها السياسات التحريرية" بعد توقيعها على بيان داعم لفلسطين، وفُصل المصور الصحفي الفلسطيني حسام سلام من صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، بسبب منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي التي عبّر من خلالها عن دعمه لفلسطين.

كما فُصلت الصحفية الكندية من أصول فلسطينية زهراء الأخرس من عملها في وكالة الأنباء الكندية (غلوبال نيوز)، على خلفية منشوراتها الداعمة لفلسطين.

العديد من الدول اتهمت إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" خلال الحرب في غزة (الأناضول)

وطُرد ديفيد فيلاسكو، رئيس تحرير مجلة "آرت فورم" ومقرها الولايات المتحدة، بعد أن نشرت المجلة رسالة مفتوحة رافضة للحرب على غزة.

كذلك جرى فصل مايكل آيسن، وهو يهودي، من منصبه رئيسا لتحرير مجلة العلوم الأكاديمية؛ بسبب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي انتقد فيه الحرب الإسرائيلية على غزة.

وفي هذا الإطار، فُصل جاكسون فرانك، المراسل الرياضي لموقع "فيلي فويس" الإخباري، ومقره فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأميركية، من وظيفته بعد أن شارك منشورا على موقع "إكس" يُظهر التضامن مع فلسطين.

كما جرى فتح تحقيق ضد 6 مراسلين يعملون في الخدمة الإخبارية العربية التابعة للشبكة البريطانية "بي بي سي"، بذريعة "انتهاك قواعد الحياد الصارمة للمؤسسة"، بزعم "دعم حماس" على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثم فُصل المراسلون من المؤسسة.

ومنذ أكثر من 60 يوما، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة، أودى بحياة 16 ألف فلسطيني وأكثر من 42 ألف جريح، جُلّهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، حسب مصادر رسمية فلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: معاداة السامیة العدید من على غزة

إقرأ أيضاً:

ماذا تعني الإرادة السعودية؟

كتب رئيس التحرير : عبدالله الحارثي

يسأل المرء في كثير من الأحيان.. كيف حدثت كل هذه التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية في أقل من عقد من الزمان.. كيف أصبحت المملكة وجهة سياسية واقتصادية ومصدر ثقل إقليميًا ودوليًا!؟
مهما تعددت الإجابات، تبقى الوصفة السحرية في السعودية واحدة؛ وهي الإرادة. هذه الإرادة التي جسدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، التي أخذت السعودية إلى مصاف دول العالم الأول بكل ثقة واقتدار.
ونحن اليوم في الذكرى الثامنة لبيعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يمكن أن ترى حجم الإنجازات العميقة للمملكة العربية السعودية، وهي تسير بخطى متوازنة سياسية واقتصادية واجتماعية؛ إذ تحولت المملكة خلال الأعوام الماضية إلى نقطة جذب للعالم الخارجي ومحط الأنظار؛ نظرًا للتحولات والإنجازات المذهلة، التي باتت حديث دوائر القرار الغربي، وكذلك آسيا التي أصبحت الجناح الثابت في السياسة السعودية الخارجية.
على المستوى السياسي، أصبحت المملكة ماركة سياسية- ليس على المستوى الإقليمي- بل ذهبت إلى أبعد من ذلك؛ نتيجة القراءات السياسية العميقة الحكيمة لكل ما يدور في هذا العالم، ويعود ذلك إلى المبادئ الناظمة للسياسة الخارجية السعودية، وهذا ما حرص سمو ولي العهد على ترسيخه وتعزيزه مع قادة العالم؛ إذ يحظى باحترام وتقدير جميع الأوساط السياسية والشعبية في العالم.
فما زالت المملكة العربية السعودية على الثوابت والمبدأ، التي بذل قادتها منذ تأسيس هذه البلاد، واستمرت الجهود؛ من أجل أن تقوم وتصل إلى هذا المستوى، نجد أن الحصاد السعودي ضخمًا وعميقًا للغاية؛ إذ تتبوأ المملكة مواقع متقدمة على المستوى السياسي والاقتصادي، وحضورًا لافتًا على المستويات الأخرى.
هذه المبادئ السياسة، لم تمنع السعودية من خطوات التغيير والتحديث بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإشراف مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن السؤال، كيف أحسنت هذه الدولة قيادة دفة التغيير بكل ثقة واقتدار، وكيف باتت حاضرة على المسرح الدولي بشكل منقطع النظير.. كيف يجري كل ذلك في ظل الحفاظ على الجوهر السعودي، وبهذه السرعة!؟
الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالإرادة السياسية، والرؤية الثاقبة للمستقبل، التي وضعها سمو ولي العهد، وكيف يمكن اتخاذ خطوات قوية وواثقة، هذا ما عمل عليه، وحرص على جعل المستحيل ممكنًا، فخلال العامين المنصرمين، مرت السعودية بمحطات حاسمة؛ وفق رؤية 2030، التي حولت السعوديين -عمومًا- إلى عقليات من نوع جديد؛ تؤمن بالتغيير الإيجابي والبناء لهذا الوطن- أحد ركائز الشرق الأوسط وثوابت استقراره. وأصبح طموح السعوديين عنان السماء. وعد ولي العهد؛ فأوفى وتحولت الأقوال إلى أفعال.
تدرك السعودية أن النجاح السياسي يكمن في التوازن بالعلاقات الدولية والتنوع، وهذا يتطلب علاقات وطيدة مع كل الدول الفاعلة في العالم؛ لذا لم تعتمد السعودية على العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة الأمريكية فحسب؛ بل رسخت مبدأ تنوع العلاقات السياسة في الشرق والغرب، ويرى المتابع الآن أن العلاقات السعودية الصينية في قمة التنسيق والتفاهم على المستوى السياسي والاقتصادي، زد على ذلك العلاقة مع جمهورية روسيا الاتحادية، التي تقف في المسرح الدولي على الضفة الأخرى من السياسة الأمريكية، ومع ذلك تمتلك المملكة العربية السعودية علاقات متوازنة مع كل الأطراف الدولية، على مبدأ احترام الخيارات السياسية والمصالح المشتركة.
ويمكن القول: إن أكثر المبادرات السياسية قبولًا في المرحلة الراهنة هي المبادرات السعودية السياسية، التي بدت وكأنها الدولة المتفق عليها عالميًا، خصوصًا في النزاعات الكبرى؛ مثل النزاع الروسي الأوكراني، حيث بدأت السعودية الدخول في هذا الميدان منذ العام 2023، حين دعت الرئيس الأوكراني فولديمير زيلنسكي إلى القمة العربية في جدة، إضافة إلى عقد السعودية قمة خاصة بالحرب الروسية الأوكرانية في العام ذاته، ومن هنا بدأ عملاق الدبلوماسية السعودي يدخل من أجل إرساء عالم متوازن، يسوده السلام من أوروبا إلى آسيا، وما هذا إلا دليل على أن سمو ولي العهد، هو الشريك الموثوق به، ويحظى بتقدير الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية روسيا الاتحادية؛ كونه صانع سلام واستقرار للمنطقة والعالم، ومقدرة المملكة على نزع فتيل الأزمات؛ بما تملكه من ثقل سياسي ودبلوماسي واقتصادي.
وعلى الرغم من الامتداد السياسي للمملكة على مدى السنوات الماضية، ودورها الحالي في تقريب وجهات النظر بين روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، ونجاحها في عقد قمم في هذا الإطار، إلا أن العمق العربي للسعودية ما يزال حاضرًا من سورية إلى العراق، مرورًا باليمن، اختتامًا بالقضية الفلسطينية، التي ما زالت القضية الأساسية والمركزية للسعودية.
نعم القضية الفلسطينية؛ هي الملف الأكثر حضورًا في الدبلوماسية السعودية في المحافل الدولية؛ إذ تعتبر المملكة هذا الملف أولويتها من منطلق إسلامي وعروبي، وكذلك من واجبها حيال قضايا الحق، ولعل الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وبيان الخارجية السعودية العميق، الذي أكد على حق الفلسطينيين والإسرائيليين معًا في العيش ضمن دولتيهما، وضرورة خفض التصعيد؛ منعًا لأي انزلاقات عنيفة على مستوى المنطقة، يثبت مصداقية، وبُعد النظرة السياسية السعودية لشرق أوسط آمن خالٍ من العنف، وقادر على العيش بأمان.
وقد قدمت المملكة العديد من المبادرات السياسية حول القضية الفلسطينية؛ منها مبادرة السلام في العام 2000، التي أصبحت نقطة توافق لدى كل القوى العالمية، فضلًا عن أدوار سياسية إيجابية لعبتها السعودية في أكثر من دولة عربية.
لقد رسمت السياسة السعودية في السنوات الثماني الماضية خطوطًا سياسية كدولة عظمى لها امتداد إقليمي ودولي؛ لذا من يراقب المشهد الشرق أوسطي، يرى دور السعودية الواضح في دعم القيادة السورية الجديدة؛ من أجل مصلحة الشعب السوري، واستضافت المملكة في فبراير الماضي اجتماعًا دوليًا من أجل إنقاذ الشعب السوري، وهي مستمرة حتى الآن في دعم القضايا العربية وشعوبها، من منطلق أن السعودية هي عمق العالم العربي والإسلامي والعكس صحيح.
ومرة أخرى، يسأل المرء.. كيف للسعودية أن تتعامل مع كل هذه القضايا، وكيف لها أن تنجح في القيادة على المستوى الإقليمي والدولي، وحتى الداخلي؟ لا جواب سوى الإرادة السياسية والمصداقية، التي تتمتع بها السعودية على مدى عقود، إلى أن جاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان؛ ليجعلا المملكة في المكان الصحيح، وعلى الطريق الصحيح.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: تل أبيب تنفذ حربها بدعم أمريكي لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى
  • أكسيوس: سلطنة عمان أطلعت واشنطن على الرسالة التي تلقتها من إيران وستسلمها للبيت الأبيض خلال أيام
  • عاجل | نتنياهو: نعمل على تغيير وجه الشرق الأوسط ومنحه مستقبلا جديدا
  • هدى الإتربي: دوري في العتاولة 2 رسالة للفتيات التي تبحث عن الشهرة
  • هل يواجه يهود أمريكا صعوبة بفهم ما يحدث في فلسطين؟.. استطلاع رأي يجيب
  • يديعوت أحرونوت: إسرائيل ستمنع إعادة بناء المنازل والطرق التي هدمتها بجنين
  • واشنطن: هجمات الفصائل العراقية تجر المنطقة إلى مواجهة مفتوحة
  • من يدير الأقصى الآن؟ المسلمون أم الكهنة اليهود؟
  • ماذا تعني الإرادة السعودية؟
  • مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تحذر من أن نقص التمويل يهدد حياة السودانيين في مصر الفارين من العنف