تشهد الحرب في غزة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة، الأربعاء، يوماً جديداً من التصعيد والاقتتال، فيما يعيش سكان القطاع مأساة إنسانية كبيرة. وتُتم الحرب الطاحنة شهرها الثاني اليوم، مع استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع بشماله وجنوبه، وسط اشتعال الاشتباكات وحرب الشوارع بين القوات الإسرائيلية والعناصر المسلحة داخل القطاع.


وفي آخر التطورات، يحاصر الجيش الإسرائيلي مدينة خان يونس الكبيرة في جنوب قطاع غزة، حيث تجري اشتباكات هي الأعنف على الأرض منذ بدء الحرب قبل شهرين بينه وبين حركة حماس. ويشاهد آلاف المدنيين يفرون من المنطقة مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محملة بأمتعتهم. وهم باتوا محاصرين في منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد يوم قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.
وقال قائد أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، في بيان: «قواتنا تحاصر خان يونس في جنوب قطاع غزة. لقد سيطرنا على الأمن في معاقل عدة لحماس في شمال قطاع غزة ونجري عمليات الآن ضد معاقلها في الجنوب». وأضاف «قواتنا تعثر على أسلحة في كل الأبنية والمنازل تقريبا وعلى إرهابيين في منازل كثيرة وتواجههم».
وقالت مصادر في حركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين لوكالة «فرانس برس» إن مقاتليهما يتواجهون في اشتباكات عنيفة مع القوات الإسرائيلية لمنعها من الدخول إلى خان يونس والمناطق الواقعة شرق المدينة، فضلا عن مخيمات اللاجئين القريبة.
وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، اليوم، بمقتل وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي على قطاع غزة فجرا. وقالت الوكالة إن القوات الإسرائيلية واصلت فجر اليوم قصفها المكثف على شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، جلهم من الأطفال والنساء.
وأشارت الوكالة إلى أن القصف الإسرائيلي طال منزلين بمخيم النصيرات وسط القطاع، وكذلك استهدفت غارة إسرائيلية منزلا في المخيم الغربي بخان يونس. وسائل الإعلام الفلسطينية أشارت إلى تواصل القصف المدفعي على أحياء التفاح والدرج والشجاعية في مدينة غزة، وعلى شرق خان يونس والفخاري وخزاعة وعبسان، بينما قالت إن القوات الإسرائيلية أطلقت وابلا من القنابل الفسفورية والدخانية باتجاه وسط مخيم جباليا شمال القطاع.
وأفادت إعلام فلسطيني بأن إسرائيل قصفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا بشمال غزة، ما أسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى. وذكر المتحدث باسم وكالة الأونروا كاظم أبو خلف، أن اتصالات الوكالة مع خان يونس جنوب قطاع غزة انقطعت بسبب القصف الإسرائيلي. وأضاف أبو خلف، الجيش الإسرائيلي أصدر أوامر تطالب المواطنين الذين نزحوا من الشمال وغزة إلى مناطق الجنوب والمحافظات الوسطى بأن ينزحوا مرة أخرى لرفح.
ونقلت الوكالة عن مصادر في الدفاع المدني أن عددا كبيرا من القتلى والجرحى سقطوا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع «ودفنوا تحت الأنقاض وسط صعوبات انتشالهم». كما أشارت إلى اعتقال القوات الإسرائيلية 35 من العاملين في المجال الطبي. يذكر أن حصيلة القتلى في القطاع منذ انتهاء الهدنة الإنسانية المؤقتة يوم الجمعة الماضي وصلت أكثر من 1240 قتيلا.
هذا وكشف الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، عن مقتل 4 جنود آخرين في صفوفه خلال المعارك في قطاع غزة، مشيراً إلى ارتفاع عدد القتلى بين الجنود الإسرائيليين منذ بداية الصراع في 7 أكتوبر إلى 410 جنود. وأشار المكتب الصحافي للجيش في بيان عبر موقعه الإلكتروني، إلى مقتل ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي إلى 84 منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة.
وهاجم الجيش الإسرائيلي المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة خلال ما وصفه بأنه أشرس قتال منذ أن بدأ غزوه البري للقضاء على حركة حماس قبل خمسة أسابيع. وأعلنت إسرائيل أن قواتها، مدعومة بطائرات حربية، وصلت أمس الثلاثاء إلى وسط مدينة خان يونس بجنوب غزة وتحاصر المدينة أيضا. وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن مقاتليها خاضوا اشتباكات عنيفة مع الإسرائيليين.
وقال قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي الجنرال يارون فينكلمان في بيان «إننا اليوم في أشرس أيام المعارك منذ بداية العملية البرية». وهذه أيضا أكثر المعارك ضراوة منذ انهيار الهدنة بين إسرائيل وحماس الأسبوع الماضي. وقال فينكلمان إن القوات الإسرائيلية قاتلت أيضا في جباليا، المخيم الكبير للاجئين ومعقل حماس في شمال غزة المجاور لمدينة غزة، وفي حي الشجاعية شرق المدينة.
وقال الجناح العسكري لحركة حماس إنه قتل أو أصاب ثمانية جنود إسرائيليين ودمر 24 مركبة عسكرية أمس الثلاثاء. وأطلقت إسرائيل حملتها على قطاع غزة المكتظ بالسكان ردا على هجوم شنه مقاتلو حماس في السابع من أكتوبر على بلدات إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة، وفقا للإحصاء الإسرائيلي. وقال السلطات الصحية في غزة إن عدد القتلى الفلسطينيين جراء الهجمات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر تجاوز 16250، منهم 7112 قاصرا و4885 امرأة، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا مدفونين تحت الأنقاض.
ومنذ انهيار الهدنة، تنشر إسرائيل خريطة على الإنترنت لإعلام سكان غزة بالأجزاء التي يجب إخلاؤها من القطاع. وتم وضع علامة على الحي الشرقي لمدينة خان يونس يوم الاثنين، وهو موطن لمئات الآلاف من الأشخاص، الذين هرب كثيرون منهم سيرا على الأقدام.
ويقول سكان غزة إنه لم يعد هناك مكان آمن يذهبون إليه، حيث إن البلدات والملاجئ المتبقية مكتظة بالفعل بينما تواصل إسرائيل قصف المناطق التي تطلب من الناس الذهاب إليها. ووسط الانتقادات الدولية المستمرة لمحنة غزة، أكدت الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، أمس الثلاثاء، أن على إسرائيل بذل المزيد من الجهد للسماح بدخول الوقود وغيره من المساعدات إلى القطاع والحد من الأذى الذي يلحق بالمدنيين.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا القوات الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی القصف الإسرائیلی جنوب قطاع غزة خان یونس

إقرأ أيضاً:

القمة العربية تتبنّى خطة لإعادة إعمار غزة  

 

 

القاهرة - تبنّى القادة العرب خلال قمة طارئة في القاهرة الثلاثاء 4مارس2025، خطة لإعادة إعمار غزة تلحظ عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع وتُعَدّ طرحا بديلا لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بتهجير سكانه ووضعه تحت سيطرة الولايات المتحدة.

وحذّر القادة العرب في قمتهم من "أيّ محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني، كما دعوا إلى توحيد الصف الفلسطيني تحت مظلة "منظمة التحرير الفلسطينية"، ما من شأنه تهميش حركة حماس غير المنضوية فيها.

وتوافق القادة على إنشاء صندوق ائتماني لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته الحرب، وحضوا المجتمع الدولي على المشاركة فيه لتسريع هذه العملية.

ووفق الخطّة، سيصار إلى تشكيل لجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية من التكنوقراط لإدارة غزة، قبل أن تستعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها على القطاع.

لكنّ هذه الخطة قد تعارضها إسرائيل التي تعهّدت القضاء على حماس وترفض أن تضطلع السلطة الفلسطينية مستقبلا بأيّ دور في إدارة القطاع.

وخلال القمة، عرضت مصر خطة بقيمة 53 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وهو مبلغ يعادل تقديرات الأمم المتحدة، لإعادة بناء قطاع غزة.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الخطة ستضمن بقاء سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة على أراضيهم، وذلك ردا على خطة الرئيس الأميركي لنقلهم إلى مصر والأردن لإعادة بناء القطاع وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".

غير أنّ السيسي لم ينتقد خطة ترامب التي أثارت ردود فعل دولية معارضة مطلع شباط/فبراير الماضي، وأكد أن الرئيس الأميركي "قادر على وضع نهاية للتوترات في منطقتنا".

وأورد البيان الختامي للقمة أنّ "أيّ محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني أو محاولات لضم أي جزء من الارض الفلسطينية المحتلة سيكون من شأنها ادخال المنطقة في مرحلة جديدة من الصراعات وتقويض فرص الاستقرار (...) بما يعد تهديدا واضحا لأسس السلام في الشرق الاوسط".

ولاحقا أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنّه سيطلب من منظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماع وزاري طارئ ستعقده في جدة الجمعة اعتماد خطة إعادة إعمار غزة.

وقال عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي إنّه "في السابع من آذار/مارس إن شاء الله القادم في جدة سيكون هناك اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي وسنسعى إلى أعتماد هذه الخطة أيضا حتى تكون خطة عربية وخطة إسلامية".

- "نزع كامل للسلاح" -

انعقدت القمة في وقت وصلت مفاوضات اتفاق الهدنة في قطاع غزة إلى طريق مسدود على ما يبدو، مع انتهاء المرحلة الأولى منه السبت بدون اتفاق على المرحلة الثانية.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة حماس والدولة العبرية حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، بعد حرب مدمّرة استمرّت 15 شهرا، وأعقبت هجوما غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. 

وللانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، اشترط وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الثلاثاء "نزعا كاملا للسلاح من قطاع غزة وخروج حماس وحلفائها في الجهاد الإسلامي وعودة رهائننا" الذين خطفوا خلال هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 في إسرائيل.

وسيطرت حركة حماس على السلطة في غزة عام 2007، بعدما أطاحت إثر معارك طاحنة بحركة فتح والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عبّاس الذي يمارس مذاك سلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلة.

وقال عبّاس (89 عاما) في القمة إنّ "دولة فلسطين تتولى مهامها في قطاع غزة من خلال مؤسساتها الحكومية، وقد تم تشكيل لجنة عمل لهذا الغرض".

كما أعلن الرئيس الفلسطيني الاستعداد "لإجراء انتخابات عامة وتشريعية خلال العام المقبل، في حال توفرت الظروف في غزة والضفة والقدس الشرقية".

ورحّبت حركة حماس باعتماد القمة خطة إعادة إعمار غزة، مؤيدة "تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لمتابعة ملف الإغاثة وإعادة الإعمار وإدارة غزة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية".

وبموجب الخطة، فإنّ هذه اللجنة ستعمل "تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، وذلك تمهيدا لتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من العودة بشكل كامل لقطاع غزة".

وتركّز المرحلة الانتقالية في هذه الخطة على رفع الأنقاض وإزالة الألغام وتركيب مساكن مؤقتة لأكثر من 1,5 مليون شخص في القطاع.

وستتبع ذلك مرحلتان من إعادة الإعمار، تشمل الأولى بنى تحتية أساسية ومساكن دائمة، بينما تشمل المرحلة الثانية ميناء تجاريا ومطارا.

وأعلن الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش تأييده القوي للخطة، وقال "أرحّب وأؤيد بشدّة مبادرة الجامعة العربية لتعبئة الدعم لإعادة إعمار غزة، والتي تم التعبير عنها بوضوح في هذه القمة. إنّ الامم المتحدة مستعدة للتعاون التام في هذا المسعى".

- "خط أحمر" -

وانقضت في الأول من آذار/مارس المرحلة الأولى من الاتفاق، وقد شهدت إفراج حماس عن 33 رهينة بينهم 8 قتلى، فيما أطلقت إسرائيل سراح نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.

ومع نهاية المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي امتدت ستة أسابيع، لا تزال الخلافات بين الجانبين على التفاصيل تحول دون الانتقال إلى المرحلة الثانية.

ووافقت الدولة العبرية ليل السبت الأحد على تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق حتى نيسان/أبريل بناء على مقترح أميركي.

وأعلنت إسرائيل الإثنين تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يعاني أزمة إنسانية حادة ودمارا هائلا.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي الثلاثاء إن هذه المساعدات "أصبحت المصدر الرئيسي لإيرادات حماس"، في حين تدعو الامم المتحدة وعدد من الدول إلى استئناف ايصال المساعدات بشكل فوري.

في المقابل، تؤكد الحركة وجوب بدء مفاوضات المرحلة الثانية التي تشمل، وفق ما تقوله، وضع حد للحرب و"الانسحاب الشامل" للجيش الإسرائيلي من غزة، تمهيدا للمرحلة الثالثة وأساسها إعادة إعمار القطاع المدمّر.

وقال ساعر في مؤتمر صحافي في القدس "ليس لدينا اتفاق متعلق بالمرحلة الثانية، نطالب بنزع كامل للسلاح من قطاع غزة وخروج حماس وحلفائها في الجهاد الإسلامي وعودة رهائننا".

وتابع "إذا حصلنا على ذلك، يمكننا التوصل إلى اتفاق غدا".

ورفضت حماس العرض، وقال القيادي في الحركة سامي أبو زهري لوكالة فرانس برس إن "سلاح المقاومة خط أحمر لدى حماس وكل فصائل المقاومة، ولا يخضع للمساومة وغير مطروح للنقاش أو التفاوض"، كما أن "أي حديث عن ترحيل المقاومين أو أبناء شعبنا من أرضه فهو مرفوض".

وأسفر هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في جنوب إسرائيل عن مقتل 1218 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية، تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.

وأدّت الحرب في قطاع غزة إلى مقتل 48405 أشخاص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • الجبهة الجنوبية لمأرب تشهد معارك عنيفة بين الجيش اليمني والحوثيين
  • إرتفاع جديد في حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة
  • جنوب السودان.. الجيش يحاصر منزل نائب الرئيس ويعتقل حلفاءه
  • ماذا قال القائد الجديد للجيش الإسرائيلي في أول تصريح له؟
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: حماس تلقت ضربة شديد لكنها لم تُهزم بعد
  • القمة العربية تتبنّى خطة لإعادة إعمار غزة  
  • غزة - شهيد برصاص الجيش الإسرائيلي في بيت حانون
  • الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائد حماس في مخيم جنين
  • تحليل لهآرتس عن تحقيقات 7 أكتوبر: حماس تفوقت على الجيش الإسرائيلي
  • بالتفصيل.. الجيش الإسرائيلي يكشف خبايا معركة 7 أكتوبر