العقوبات الأمريكية رسالة موجهة للأمارات
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ثلاث شخصيات صلاح محمد عبد الله " غوش" و محمد عطا و اللذان كانا على رئاسة جهاز الأمن و المخابرات في السودان، و طه عثمان الحسن الذي كان أيضا لواء في جهاز الأمن و مدير مكتب رئيس النظام السابق، و طه تنازل عن جنسيته السودانية و منح التابعية السعودية، باعتبار أن الدستور السعودي لا يقبل إزدواجية الجنسية.
أن الولايات المتحدة على علم أن الدعم الذي يقدم إلي الميليشيا ليس دعما بسيطا، انما هي ميليارات الدولارات الأمريكية و ليست مدفوعة من جيب طه عثمان، أنما هناك دول تقف وراء هذا الدعم، و المخابرات الأمريكية تعلم عنه بالتفصيل الكامل. و السؤال لماذا لم تعاقب الجهة التي توظف طه و تجعله فاعلا في هذه المؤامرة ضد السودان؟ هل أن الولايات المتحدة التي علقت منبر جدة لأجل غير مسمى تعتقد أن عودة المنبر يجب أن تصحبه متغيرات في الساحة العسكرية و السياسية مستقبلا، خاصة أن الولايات المتحدة و بريطانيا العضوان الدائمان في مجلس الأمن كانا قد وافقا على عدم التمديد لبعثة الأمم المتحدة في السودان، و هذا أيضا متغير جديد، جاء بموافقة واشنطن، الأمر الذي يضعف النفوذ الأجنبي مستقبلا في أي حوارات بين القوى السياسية السودانية. و جاءت عقوبات طه عثمان تؤكد على سياسة المتغيرات المطلوبة. و أن دولة الأمارات تعلم أن أغلبية الشعب السوداني تتهمها بأنها وراء دعم ميليشيا الدعم التي هجرتهم من منازلهم، و سرقت أموالهم و ممتلكاتهم. فهل الأمارات سوف تفهم الرسالة أم إنها سوف تجد بديلا لطه عثمان الحسين؟. خاصة أن طه الحسين أصبح كرتا محروقا بعد إعلان العقوبات عليه.
أن طه الذي كان يشغل وظيفة كبيرة في جهاز الأمن و المخابرات، و عمل مديرا لمكتب رئيس الجمهورية، بالضرورة تكون له علاقات واسعة مع كبار القيادات في الدولة السودانية، و خاصة في جهاز الأمن و المخابرات السابق، و أيضا علاقات مع كبار ضباط القوات المسلحة، و بالفعل يكون قد استغل هذه العلاقة في بناء الميليشيا و تسليحها و شراء كل المركبات التي تحتاجها من أجل انجاز المهام الموكولة لها. لذلك طلبت منه الأمارات الإقامة في أراضيها لكي ينفذ أجندتها اعتمادا على علاقاته القديمة في السودان و معرفته بالبلد. و كان طه قد طاف على عدد من الدول المجاورة للسودان لكي تساعده على انجاز مهمته. فإذا كان طه عثمان الحسين يحمل التابعية السعودية و ذهب ينفذ مهام دولة أخرى عبر جهاز مخابراتها، هل كان ذلك بعلم السعودية أم دون علمها، أم هي بعيدة عن الذي يحصل في السودان، و لكنها لم تطالب طه عثمان الحسين أن يكف عن هذا الناشط التأمري؟ أن السعودية على علم بنشاط طه..! لآن هناك تبادل للمعلومات بين المخابرات السعودية و المخابرات الأمريكية " CIA" و جاء الخلط في العناصر التي وجهت إليهم العقوبات كأن طه سوداني، رغم أنه تنازل عن الجنسية السودانية و يحمل تابعية السعودية. و يجب أن تكون المملكة السعودية مسؤولة عن تصرفاته، أو أنها موافقة على التصرفات.
أن زج أسم طه مع كل من صلاح غوش و محمد عطا هي عملية لتغبيش المعلومة، و لكنها في ذات الوقت رسالة، ربما تكون حالة طمأنة حتى لقيادة الجيش أن الولايات المتحدة تريد أن تكشف أصابع العبث و المؤامرة، و العناصر التي تعمل من أجل دعم الميليشيا، و ربما تكون أيضا محاولة تبدأ بها الأمارات فتح حوار حول اتهام الفريق أول ياسر العطا لها بأنها وراء دعم الميليشيا، و تريد أن تستغل الإتهام بأن الذين يقومون بذلك عناصر سودانية حتى و أن كانوا قد تنازلوا عن جنسيتهم السابقة، خاصة أن الميليشيا لها أموال ضخمة في البنوك الأماراتية. أن العقوبات التي قدمت على صلاح غوش و محمد عطا تختلف عن طه باعتبار الإثنين مايزالان يحملان الجنسية السودانية و تقع محاسبتهم على السلطة السودانية. لكن موقف طه الحسين يختلف لأنه يحمل تابعية غير سودانية و يعيش في دولة متهمة بتمويل و دعم ميليشيا هي طرف في حرب السودان.
المعلوم؛ أن إنهاء أعمال بعثة الأمم المتحدة سوف يترتب عليها واقعا جديدا، إذا كان يسنده أو يقف معه الاتحاد الأفريقي أو الإيغاد في الدعوة لحوار تشارك فيه كل القوى السياسية دون إقصاء، لكن بالضرورة سوف تتغير الأجندة تماما عن ما كانت عليه من قبل، و أيضا سوف يحصل تغيير أيضا في الملعب السياسي و المشاركين فيه. هذا التغيير من الذي سوف يتحكم فيه؟ إذا كانت القوى السياسية مختلفة و متباينة في رؤى تجعل اتفاقها مستحيلا؟ هنا تكون العقوبات الأمريكية تحمل إشارة للكل أن الواقع الجديد يجب أن تتغير فيه أجندة الكل، لكي تصبح البيئة مهيأ لاتفاق ينهي الأزمة السودانية. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أن الولایات المتحدة جهاز الأمن فی السودان طه عثمان
إقرأ أيضاً:
هل ترامب هو (غورباتشوف) الولايات المتحدة ؟؟
في أقل من شهرين و في (٥٣) يوم بالضبط منذ دخوله البيت الأبيض فعل ترامب بالولايات المتحدة الأفاعيل !!
فخلال هذه المدة القصيرة إتخذ قرارات و إجراءات داخلية و خارجية و أدلى بتصريحات ربما تكلف بلاده الكثير :
ـ بدأ الحرب التجارية و حرب تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي مع الصين !!
ـ أثار معارك مع جيرانه الجنوبيين المكسيك ، و بنما التي طالبها بتسليم (قناة بنما) التي تعتبر أهم ممر مائي في العالم و تربط بين المحيطين الهادي و الأطلسي و مولت بلاده شقها و إنشاءها بعد شرائها الإمتياز من فرنسا في العام 1902 و اكتمل العمل فيها في العام 1914 !!
ـ دعا جارته الشمالية كندا لأن تصبح الولاية رقم (٥١) ضمن ولايات بلاده !!
ـ طلب من الدنمارك أن تبيعه جزيرة غرينلاند حماية للأمن القومي لبلاده (و بالمناسبة هذا طلب امريكي قديم) !!
ـ أهان الرئيس الأوكراني زلينسكي الذي دعاه إلى البيت الأبيض على الهواء مباشرة بحضور وزير خارجيته الذي تبادل معه الأدوار ، و طالبه بإعطاء الولايات المتحدة نصف المعادن في بلاده مقابل ما قدمته لها من سلاح و تمويل في حربها ضد روسيا المستعمرة منذ فبراير 2022 !!
ـ أهان القادة الأفارقة و لم يدعهم لحفل تنصيبه و وصفهم بالكلاب !!
ـ دعا إلى تهجير سكان غزة إلى مصر و الأردن الأمر وجد رفضاً حاسماً من الدولتين و من الدول العربية و غالبية بلدان العالم بما فيها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن !!
ـ فرض رسوم جمركية عالية على الواردات من الصين ، دول الإتحاد الأوروبي ، كندا ، المكسيك الأمر الذي دفع هذه الدول للتعامل بالمثل فخسر الإقتصاد في أقل من شهر ترليونات الدولارات !!
أما داخلياً فقد بدأ ترامب خوض المعارك في جبهات عديدة أبرزها :
ـ معركته ضد سلفه بايدن و أنصاره حيث لا يفوت أي فرصه لمهاجمته بأقذع العبارات و انتقاد فترة حكمه التي دائماً ما يصفها بأنها دمرت الولايات المتحدة !!
ـ معركته ضد المثلية حيث أمر بطرد المثليين من الخدمة و منع أنشطتهم في المدارس و هدد بوقف الدعم الفيدرالي عن أي ولاية تخالف توجهاته و قراراته للحد من نفوذ المثليين !!
ـ معركته ضد صناديق الضمان التي وصفها بالفساد و قال في أحد تصريحاته أنهم إكتشفوا أن هذه الصناديق تصرف مرتبات و معاشات لأكثر من 120 ألف موظف و معاشي غير موجودين أصلاً !!
ـ معركته ضد وكالة العون الامريكي التي وصف من يديرونها بأنهم متطرفون ، و أنها تقوم بتمويل أنشطة مشبوهة و ذكر تحديداً أنها مولت أبحاث وباء الكورونا الذي فتك بعشرات الملايين على إمتداد العالم ، فأوقف تمويلها و أعطى العاملين فيها إجازات مفتوحة !!
ـ معركة مساعده إيلون ماسك المكلف بملف وزارة الكفاءة الحكومية مع الجهاز البيروقراطي للدولة حيث فصل حتى الآن عشرات الآلاف من الموظفين و في الأيام الماضية أرسل إيميلات لحوالي (2 مليون) موظف فيدرالي طالبهم بإرسال تقارير عن إنجازاتهم و من لا يرد خلال فترة زمنية محددة سيعتبر مستقيلاً من وظيفته !!
(ما يقوم به إيلون من فصل و تشريد للموظفين هو مماثل تماماً لما كانت تقوم به لجنة التمكين سيئة الذكر في بلادنا خلال الحقبة القحتاوية الحمدوكية) !!
بالأمس و في خطوة مناقضة تماماً لما ظل يردده منذ حملته الإنتخابية بأن الولايات المتحدة في عهده الجديدة لن تدخل في اي حرب خارجية قام ترامب بالإشراف بنفسه على ضرب عشرات المواقع في اليمن بدعوى محاربة الحوثيين الذين أصبحوا يمثلون أكبر مهدد للتجارة العالمية عبر مضيق باب المندب و البحر الأحمر !!
محللون وصفوا هذه الخطوة بأنها محاولة للهروب من المشاكل الكبيرة التي تسببت فيها سياساته الداخلية و الخارجية الأمر الذي أدى تململ واسع في أوساط الشعب الأمريكي و بصفة خاصة رجال الأعمال الذين بدأوا في البحث عن ملاذات آمنة خارج بلادهم لإستثماراتهم و أموالهم !!
بهذه السياسات التي يتبعها هل يسعى ترامب و ساعده الأيمن إيلون ماسك إلى تفكيك الولايات المتحدة ؟؟
و إذا صح هذا الإفتراض الذي تبدو نتائجه واضحة هل يمكن وصف ترامب بغورباتشوف الولايات المتحدة !!
ننتظر لنرى !!
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
16 مارس 2025