فتاوى وأحكام

هل الاحتفال بالسنة الميلادية بتعليق الزينة حرام شرعًا؟.. دار الإفتاء ترد
ماذا نفعل حتى نصل إلى همة رسول الله ﷺ؟.. علي جمعة يجيب
حكم صلاة الجنازة والدفن في أوقات الكراهة.. دار الإفتاء ترد
هل تشغيل القرآن دون الاستماع إليه يجلب الجن للمنزل؟ احذروا من الشياطين
أمين الفتوى: الأكل ناسيا لا يبطل صيام النافلة
كيف تتصدق من دون مال؟.

. وفاء عبد السلام تجيب
هل يجوز وضع حاجز خشبي أمام المصلى؟.. أمين الفتوى يجيب
 

نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم المسلم في حياته اليومية، نرصد أبرزها في التقرير التالي..

فى البداية .. ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول: (هل الاحتفال ببداية السنة الميلادية، بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال كتعليق الزينة يُعدُّ حرامًا شرعًا؟. 

وقالت دار الإفتاء، إن الاحتفال برأس السنة الميلادية مناسبة تتناولها مقاصد: اجتماعية، ودينية، ووطنية؛ فإنَّ الناس يودِّعون عامًا ماضيًا ويستقبلون عامًا آتيًا حسب التقويم الميلادي الـمُؤَرَّخ بميلاد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، والاختلاف في تحديد مولده عليه السلام لا يُنَافي صحَّة الاحتفال به؛ فإنَّ المقصودَ إظهار الفرح بمضي عام وحلول عام، وإحياء ذكرى المولد المعجز لسيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، مع ما في ذلك من إظهار التعايش والمواطنة وحسن المعاملة بين المسلمين وغيرهم من أبناء الوطن الواحد، ومن هنا كان للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة عدة مقاصد، وكلُّها غيرُ بعيد عن قوانين الشريعة وأحكامها.

فأما المقصد الاجتماعي: فهو استشعار نعمة الله في تداول الأيام والسنين؛ ذلك أنَّ تجدُّد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التي تستلزم الشكر عليها؛ فإن الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، وذلك مما يشترك فيه المجتمع الإنساني ككلّ، فكان ذلك داعيًا لإبراز معاني التهنئة والسرور بين الناس، ولا يخفى أن التهنئة إنما تكون بما هو محلّ للسرور؛ وقد نص الفقهاء على استحباب التهنئة بقدوم الأعوام والشهور؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 283، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قال القمولي: لم أر لأحد من أصحابنا كلامًا في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه أجاب عن ذلك: بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه، والذي أراه: أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة. انتهى] اهـ.

وأما المقصد الديني: فهو يوافق مولد نبي من أنبياء الله تعالى وهو سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، ولمولده منزلة وقدسية خاصة في الإسلام؛ فإنه المولد المعجز الذي لا مثيل له في البشر؛ حيث خُلِقَ من أم بلا أب، قال تعالى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، وقد صاحب مولدَه من الآيات الكونية والمعجزات الإلهية ما لم يتكرر في غيره؛ حتى ذكروا أن الله تعالى أجرى النهر في المحراب للسيدة البتول مريم عليها السلام، وأوجد لها التمر في الحال من جذعٍ يابس في الشتاء في غير وقت بدوِّ ثمره؛ كي يطمئن قلبها وتطيب نفسها وتَقَرَّ عينها، بعد ما ألجأها ألم الولادة والطلق إلى جذع النخلة تستند إليه وتستتر به، وبهذا يُرَدُّ على منكري الاحتفال بمولد سيدنا عيسى عليه السلام متعلِّلين بأنه في غير وقته؛ لأن بدوَّ التمر إنما يكون في الصيف وهو وقت تأبير النخل، لا في الشتاء، متناسين أن الإعجاز الإلهي قد احتف بهذا المولد المبارك المجيد في زمانه وأوانه، كما حف به في ملابساته وأحواله.

وأوضحت دار الإفتاء، أن الفرح بيوم مولده المعجز هو أمر مندوب إليه؛ فإن القرآن الكريم قد خلّد ذِكْرَه بتفاصيله في سورة مريم، وأمر حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم بتذكُّرِه فقال: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 16-33]، والمسلمون يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، وهم كما يفرحون بمولد النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يفرحون بأيام ولادة الأنبياء والرسل أجمعين، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنهم أكبر نِعم الله تعالى على البشر، والأيام التي وُلِدَ فيها الأنبياء والرسل أيامُ سلام وبركة على العالمين، وقد نص الله تعالى على ذلك؛ فقال عن سيدنا يحيى عليه السلام: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 15]، وقال على لسان سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 33].

كما أن في الاحتفال به امتثالًا للأمر القرآني بالتذكير بأيام الله تعالى وما فيها من نعم وعبر وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5].

وقالت إنّ مِن أيام الله التي تستلزم الشكر عليها ويُشرَع التذكير بها: أيامَ ميلاد الأنبياء عليهم السلام، وفي هذا ردٌّ واضح وبرهان لائح على من يمنع الاحتفال بذكرى يوم المولد تحت دعوى أنه يوم لا يتكرّر، وهذا باطل؛ لأنه يستلزم تعطيل الأمر الإلهي بالتذكير بأيام الله؛ إذ الأمر بالتذكير بها هو في حقيقته أمرٌ بتجديد تذكرها، ومن بداهة العقول أن تجدد الذكرى التي مضت لن يكون في ذات يومها، بل في يوم لاحق عليها؛ ضرورة أن المعنى الشخصي لا يبقى زمانين ولا يقوم بمحلين، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده صلى الله عليه وآله وسلم واحتفالًا بيوم ميلاده الشريف؛ فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» رواه مسلم.

وأما المقصد الوطني: فهو عيدٌ لشركاء الوطن من غير المسلمين، وقد أقرّ الإسلام أصحاب الديانات السماوية على أعيادهم؛ كما جاء في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا اليَوْمُ».

وذكرت أن الشركة في الوطن تستلزم التلاحم والتشارك بين أفراده حتى لو اختلفت أديانهم ومعتقداتهم، وقد جاء الشرع بعوامل استقرار الأوطان؛ فإن الوطنية معنًى كليٌّ جامع يحوي العديد من حلقات الترابط الإنساني؛ كالجوار، والصحبة، والأخوة، والمعاملة، ولكل رابطة حقٌّ تصب مراعاتُه في صالح استقرار الأوطان والتلاحم بين أهل الأديان، وقد حثت الشريعة على كل حق منفردًا، وكلما زادت الروابط والعلاقات كلما تأكدت الحقوق والواجبات، فإذا اجتمعت هذه الروابط كلها في المواطنة كانت حقوقها أأكد وتبعاتها أوجب.

وبناءً على ذلك: فالاحتفال برأس السنة الميلادية الـمُؤَرَّخ بيوم ميلاد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال جائز شرعًا، ولا حرمة فيه ما دام أنّ ذلك لا يُلزِم المسلمين بطقوسٍ دينيةٍ أو ممارسات عبادية تخالف عقائد الإسلام.

ماذا نفعل حتى نصل إلى الهمة التي كان عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟، وقد جاء فى قوله تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } كيف نصل إلى الهمة حتى نكون شهداء على الناس، ويكون الرسول علينا شهيدا ؟ كيف نصل إلى اتباع الأسوة الحسنة؟، سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك،. 

ليرد “جمعة”، موضحًا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا ذلك في فرائض الإسلام، بيسر من غير تكلف "أتقن الوضوء" وهو يرتب الثواب الجليل على إتقان الوضوء وإسباغه، حتى لو كان في الشتاء، وحتى لو كان الوضوء يكرهه الإنسان لأنه يصاب بشيء من المعاناة في أن يقوم في الفجر فيجافي مضجعه ليتوضأ، ثم ليصلي، لكن صمم أنت على هذا حتى لو كنت مكرهًا، أقم الصلاة في جماعة فإن يومك ينتظم، والاستمرار في جماعة يولد عندك الالتزام وتعلق قلبك بالمساجد.. بمواطن السجود.. بالجماعات- يولد عندك الهمة، تتولد الهمة من المحافظة على هذه الأشياء، عندما تتذكر دائمًا جانب العبادة فيها، ولا تتحول في حياتك إلى العادة؛ لأن العبادة إذا تحولت إلى عادة فقدت معناها وحرمت عظيم ثمرتها وبركتها.

نصل إلى ذلك بمتابعة النبي ﷺ بداية من فرائض الإسلام بيسر ومن غير تكلف، فنبدأ بإتقان الوضوء، رغبة في ثواب إسباغه وخاصة في الشتاء وخاصة لصلاة الفجر، وخاصة في الجماعة ففي هذا الأمر من المجاهدة والهمة ما فيه وتتولد الطاقات وتتفجر بإكراه النفس على ذلك.

ويعلمنا ﷺ في الصوم الصبر وحبس النفس والتهيؤ للطاعة الشاملة لله سبحانه وتعالى في كل أوامره ونواهيه.

وهناك إرشاد نبوي لطيف في تربية الإنسان لنفسه، وهو تلبس الظاهر بالخلق الذي لم يتمكن منه الباطن، فمن كان يشكو من قلة الإخلاص فيفعل بظاهره ما فيه الإخلاص فإنه ينعكس على الباطن، وإن لم يتمكن من العفو عن أحد بقلبه، فليعفو بلسانه فذلك يهيئ القلب للعفو، ورسول الله ﷺ يقول في مرتبة الإحسان : «أن تعبد الله كأنك تراه» ثم يعقبها فيقول : «فإن لم تكن تراه فهو يراك»، ويقول : «إذا قرأتم القرآن فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا» لأنك عندما تتباكى وليس هناك بكاء في عينيك يؤثر هذا في نفسك من الداخل ويربيها حتى تصل إلى البكاء، ويقول التبسم في وجه أخيك صدقة، حتى ولو كان قلبك لا يتبسم له، فإن هذا التبسم سوف يستدرجك من هذه الحالة التي تأبى فيها النفس وترفض فيها الخير والثواب. 

والمؤمن أثناء ملاحظته لنفسه وتربيته لها إن لم يقدر على فعل شيء تركه وجاوزه إلى ما استطاع فعله، وعليه ألا يترك الخير، فإن رفض القلب فعلها يفعلها كما بينا ذلك.

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن في أوقات الكراهة؟

وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن المقصودُ بأوقاتِ الكراهة هي الأوقاتُ التي تُكرَه فيها الصلاة، وهي خمسة أوقات -على خلافٍ بين الفقهاء في عَدِّها-: ما بَعْدَ صلاة الصبح حتى تَطْلُع الشمس، وعند طُلُوعِها حتى تَتَكامل وترتفع قَدْر رُمْحٍ، وإذا استوت الشمس حتى تَزول، وبعد صلاة العصر حتى تغْرُب الشمس، وعند الغروب حتى يتكامل غروبها.

وأجمع الفقهاء على صحة ومشروعية أداء صلاة الجنازة في وقت ما بعد صلاة الصبح وحتى تطلع الشمس، أو بعد صلاة العصر وحتى تغرُب الشمس.

قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط" (2/ 397، ط. دار طيبة): [وإجماع المسلمين في الصلاة على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 172، ط. دار الفكر): [وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنائز بعد الصبح والعصر، ونقل العبدري في كتاب (الجنائز) عن الثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق: أن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند استوائها، ولا تكره في الوقتين الآخرين] اهـ.

أما أداؤها عند طلوع الشمس أو إذا استوت حتى تزول أو عند الغروب؛ فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك:

فذهب الشافعية والحنابلة في روايةٍ إلى جوازها في أيٍّ من هذه الأوقات ما دام حصل ذلك اتفاقًا ولم يُتحرى صلاتها في أوقات الكراهة؛ لأنها فرضٌ في الجملة فيصح أداؤها في سائر الأوقات كالفرائض، وقياسًا على قضاء الفوائت، كما أنها من الصلوات ذوات الأسباب التي وردت النصوص بجوازها من غير تحديد وقتٍ، ووافقهم المالكية عند خشية تغيرها.

بينما ذهب الحنفية والمالكية إن لم يخف الفساد -وباستثناء وقت الزوال؛ لعدمه محلًّا عندهم-، والحنابلة في معتمد مذهبهم إلى عدم جواز صلاة الجنازة في هذه الأوقات.

فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَن نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: «حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ»" أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وأكدت أن المختار للفتوى: جواز صلاة الجنازة في كلِّ وقت، بما في ذلك أوقات الكراهة ما دام قد وقع ذلك عَرَضًا واتفاقًا لا عن قصدٍ وتحرٍّ، وهو محمول حديث عقبة رضي الله عنه، لا الكراهة المطلقة.

فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» أخرجه الشيخان.

قال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 302-303): [الدفن في الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها إذا لم يتحرَّه: ليس بمكروه عندنا، نص عليه الشافعي في "الأم" في باب: "القيام للجنازة"، واتفق عليه الأصحاب، ونقل الشيخ أبو حامد في أول باب: "الصلاة على الميت" من تعليقه، والماوردي، والشيخ نصر المقدسي، وغيرهم: إجماع العلماء عليه، وثبت في "صحيح مسلم" رحمه الله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة فيها، وأن نقبر فيها موتانا، وذكر وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها" وأجاب الشيخ أبو حامد، والماوردي، ونصر المقدسي، وغيرهم بأن الإجماع دلَّ على ترك ظاهره في الدفن. وأجاب القاضي أبو الطيب، والمتولي، وغيرهما بأن النهي عن تحرِّي هذه الأوقات للدفن وقصد ذلك. قالوا: وهذا مكروه، فأما إذا لم يتحره: فلا كراهة، ولا هو مراد الحديث] اهـ.

وَمَحَلُّ اختلاف الفقهاء إنما هو حال السعة والاختيار لا الضيق والاضطرار كخوف التغير والفساد؛ لأنه إذا مسَّت الحاجة إلى فعل مكروه: انتفت كراهته، فقد تقرر شرعًا أن: "الكَرَاهَةَ تَزُولُ بِأَدْنَى حَاجَةٍ"؛ كما في "غذاء الألباب" للعلَّامة شمس الدين السفاريني (2/ 22، ط. مؤسسة قرطبة)، وأنه: "يُفْعَلُ فِي الاضطِرَارِ مَا لَا يُفْعَلُ فِي الاخْتِيَارِ"؛ كما في "الحاوي الكبير" للإمام الماوردي (14/ 359، ط. دار الكتب العلمية).

وبناء على ذلك: فصلاة الجنازة والقيام بدفن الميت في أوقات الكراهة صحيح شرعًا، بَعْدَ صلاة الصبح حتى تَطْلُع الشمس، وبَعْدَ صلاة العصر حتى تغْرُب الشمس بإجماع الفقهاء، وكذا عند طُلُوعِ الشمس حتى تَتَكامل وترتفع قَدْر رُمْحٍ، وإذا استوت الشمس حتى تَزول، وعند الغروب حتى يتكامل غروب الشمس، والحال حال اختيارٍ لا اضطرارٍ، كما سبق بيانه.

أجاب الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على سؤال متصلة تدعى فوزية، مفاده إنها كانت صائمة يوم فائت وفطرت قبل الأذان بربع ساعة، فهل صيامها صحيح أو تقضى اليوم؟.

قال أمين الفتوى بدار الإفتاء، في فتوى له: "الأكل ناسيا لا يبطل الصيام، وهذا الحكم يشمل جميع أنواع الصوم، سواء فريضة أو نافلة، لقول سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم: من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه".

وتابع: "جمهور العلماء اتفقوا على أن الأكل أو الشرب ناسيا لا يفسد جميع أنواهع الصوم، باستثناء السادة المالكية الذين كان لهم رأيا مخالفا وهو أن هذا الحديث فيما يتعلق بصيام رمضان فقط، وليس النوافل كالاثنين والخميس أو الست من شوال، وخلافه".

قالت الدكتورة وفاء عبد السلام، الواعظة بوزارة الأوقاف، إن هناك 4 صدقات لا تحتاج إلى مال، يجب المرء الدوام عليها كل يوم تطلع فيه الشمس، حتى يفوز بالثواب الكبير من الله سبحانه وتعالى.  

وتابعت وفاء عبد السلام، في فتوى لها، "الصلح بين الناس والتوفيق بينهم، مساعدة الناس فى رفع أحمال أو عبور الطريق أو السلالم، كل خطوة إلى المسجد فيها صدقة، إبعاد الأذى عن الطريق صدقة".

واستكملت: "سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على فعل هذه الصدقات التى تزيد ميزان حسناتنا كل يوم، وذلك فى حديثه الشريف، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يُطِيقُ هَذَا ؟ قَالَ: "إِنَّ تَسْلِيمَكَ عَلَى الرَّجُلِ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَعِيادَتُكَ الْمَرِيضَ صَدَقَةٌ، وَإِغَاثَتُكَ الْمَلْهُوفَ صَدَقَةٌ، وَهِدَايَتُكَ الطَّرِيقَ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". 

وقالت الدكتورة وفاء عبد السلام، الواعظة بوزارة الأوقاف، إن العمل التطوعي له فوائد كثيرة، منها الإحساس بالإنتماء للوطن والمسئولية والتكاتف لمساعدة الغير، لافتة إلى أن العمل التطوعى، هو عمل يقوم به المرء طاعة لله ولا يبتغى منه مقابل.

وتابعت الواعظة بوزارة الأوقاف: "من آداب العمل التطوعى ألا يكون مخالفا لله ورسوله، فالعمل التطوعى يشعر المرء بمن هو أدنى ويربى في المتطوع معرفة قيمة نعم الله".

واستكملت: "لابد أن كل أب وأم إنهم يربوا أولادهم على العطاء والتطوع لخدمة الغير، فهذا تجارة كبيرة مع الله وربنا يبارك فى الأولاد والمال، فلازم وأنت نازل تتبرع أو تخرج حاجة لله خد ابنك أو بنتك معاك وخليه يعمل هذا العمل حتى يتربى عليه".

أجاب الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على سؤال متصل يدعى "حسن"، مفاداه، إنه من كبار السن ويقوم بوضع حاجز خشبي أمامه، لأنه يصلى فى أخر المسجد، لكن البعض اعترضوا على هذا وقالوا له إن هذا الفعل حرام، ويريد أن يعرف رأى الشرع فى وضع حاجز خشبي أمام المصلى؟.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في فتوى له: "لا تسمع لرأى الشخص الذى يتحدث دون علم، فما تفعله هو ما وافق الشرع، الذى جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وتابع: "فى ناس ممكن تمر أمام المصلى، وبالتالى هذا الحاجز يمنع وقوع الأثم على من يمر أمامه، وأيضا هناك مسافة كبيرة بين الإمام والمصلى، فأكيد فى ناس هتمر من أمامه، فهذه السترة".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أمین الفتوى بدار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وسلم وفاء عبد السلام لله تعالى على صلاة الجنازة رضی الله عنه علیه السلام دار الإفتاء الله تعالى فی الشتاء رسول الله ى الله ع ی الله ع ع الشمس ول الله نصل إلى ب الشمس على ذلک حتى لو من غیر التی ت

إقرأ أيضاً:

فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان

ـ ما اللمسات البيانية من ذكر السجود قبل الركوع في قوله تعالى: «يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ»، علما بأن الصلاة تبدأ بالقيام ثم الركوع ثم السجود؟ وما الحكمة من اختصاص الركوع لتكون ضمن الراكعين وليس الساجدين أو القانتين؟

هذا الترتيب الوارد في هذه الآية الكريمة أي في قوله تعالى: «يا مريم اقنتي لربك وسجدي واركعي» مع الراكعين يشتمل هذا الترتيب على معاني عظيمة ودلالات عميقة، والسائل بارك الله فيه لم يذهب بعيدا حينما توقع أن يكون لهذا الترتيب بهذه الأوامر من ربنا جل وعلا لمريم عليها السلام بالقنوت أولا ثم بالركوع ثم بالسجود مع دلالات فيها لمسات قرآنية لطيفة.

يظهر لي أن هناك معنيين يؤخذان من هذا الترتيب في هذه الآية الكريمة، المعنى الأول يتعلق بالانتقال من الكثرة إلى القلة أي من المطلوب من مريم عليه السلام أن تأتي به على جهة الإكثار إلى ما هو دون ذلك، وأما المعنى الثاني فإنه أيضا انتقال من الخفاء إلى العلن، فجاء الأمر بالقنوت أولا، والقنوت هو مداومة الطاعة مع خشوع واستكانة وتذلل، هذا هو جماع ما يدور حوله معنى القنوت الوارد في كتاب الله عز وجل، وإن تنوعت عبارات المفسرين وعبارات علماء اللغة إلا أنها لا تخرج عن هذا المعنى، فالقنوت ليس مجرد طاعة ولا هو مجرد خشوع كما يظن البعض، وإنما هو مداومة على الطاعة بخشوع واستكانة وتذلل فهو انصراف يبدأ من القلب إلى طاعة الله عز وجل بحيث يكون هذا القلب خاشعا متذللا مستكينا لله تبارك وتعالى متجها إلى ملازمة الطاعة والمداومة عليها.

وهذا مطلوب منها في كل الأحوال أن تداوم على طاعة ربها، وأن يخشع قلبها له جل وعلا، وأن تجعل صلتها به سبحانه قائمة على تذلل والاستكانة والخشوع والإخبات، فإذن هذا هو المطلوب منها أن تأتي به على جهة التكثير والملازمة والمداومة في القنوت ثم تنتقل بعد ذلك إلى السجود، فالسجود يعني أن تكثر من الصلاة فإن السجود هو أشرف الهيئات في إظهار تذلل العبد إلى ربه جل وعلا، فإنه قد خص بالذكر هنا، وهذا يرد كثيرا في كتاب الله عز وجل، ويرد في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واللغة تؤيده بحيث يطلق على الكل بالبعض، لأنه أدل على الكل بالبعض، وهنا أمرت بالسجود لأنه يشمل سجود الخفاء في صلواتها بنفسها في تبتلها إلى ربها تبارك وتعالى آناء الليل وآناء النهار، تصلي لله عز وجل تقوم وتسجد في صلوات السر في الصلوات التي تكون في خفاء عندما تخلو إلى ربها جل وعلا فتأتي ما تستطيع من صلوات، وعبر عن هذا المأمور به بالسجود جميل، لكنه أقل من القنوت، فالقنوت يشمل صنوفا من الطاعات، وهو ينصرف إلى الباطن والظاهر، وهو يحتاج إلى استكانة وتذلل في كل الأحوال، في الأفعال والأقوال لا يقتصر على حالة من العبادات واحدة، أما السجود هنا فينصرف إلى سجود الصلاة، و لكنه لا يقتصر على الصلوات في جماعات، أو الصلوات في المساجد، أو الصلوات في بيوت الله تعالى، و إنما يشمل صلوات السر، يشمل الصلوات في محراب عبوديتها لله تبارك وتعالى في بيتها وحينما تخلو إلى نفسها، وفي أي مكان تنقطع فيه إلى ربها جل وعلا.

ثم تنتقل الآية الكريمة بعد ذلك إلى أداء الصلوات في جماعة أو في بيوت الله عز وجل، حيث يؤدي معها غيرها، وهذا أقل من الثاني، وهما أقل من المأمور به أولا، ولذلك اقترنت هنا بالمعية مع الراكعين، أي هؤلاء الذين يصلون ويركعون لله تبارك وتعالى في بيوت الله عز وجل في جماعات أو منفردين، لكن المقصود هنا ليس صلوات السر وليس الصلوات التي تكون عند الانقطاع والخلوات، وإنما يقصد بها ما يكون في بيوت الله عز وجل وفي الأوقات التي أمروا أن يؤدوا فيها الصلاة، وبملاحظة هذا المعنى يتبين أيضا ما يتعلق بالجهة الثانية وهي جهة الإخفاء والإظهار، فهو انتقال مما هو أخفى إلى ما هو دونه في الخفاء أي أنه أقرب إلى الظهور إلى ما هو أظهر، وهذا يتناسب مع الحالة التي ستبتلى بها مريم عليه السلام، فإن أمر حملها بعيسى عليه السلام سيكون خفيا ثم بعد ذلك سيظهر شيئا فشيئا، وتحتاج إلى هذا الإعداد الرباني لتتمكن من مواجهة ما سيلقاه بها قومها حينما تأتي بعيسى عليه السلام وهو أيضا يتناسب مع هذا المقام العالي الرفيع لمريم عليه السلام وهي في مصاف الصديقين، فيحتاج المكلف إلى أن يكثر من العبادات التي لا يطلع عليها أحد وأن يصلح سريرة نفسه، وأن يزكي قلبه لينعكس ذلك في أعماله وأقواله، كما يحتاج إلى أن ينقطع إلى الصلوات التي يخلو بها مع ربه جل وعلا في جوف الليل، وفي الأوقات التي يغفل فيها غيره عن القيام بهذه العبادات، مع لزوم أيضا شهود الجماعات والمواضع التي يؤمر فيها المؤمنون بالشهود والحضور.

وأما لماذا قال الراكعين ولم يقل الراكعات فلأن هذا إنما يأتي على سبيل التغليب ليدخل فيه الرجال والنساء فلو قال الراكعات فإن الرجال لا يدخلون فيه وإنما أريد هو إدخال الجميع هذا الذي يظهر لي والله تعالى أعلم.

-هل يجوز قطع الأشجار الحية الخضراء للاستفادة من خشبها كالسمر مثلا إذا كانت الشجرة أيضا لا فائدة منها كالاستظلال بظلها وجني الثمار؟

إن كان محتاجا إلى حطب فله أن يقطع من الأشجار الميتة أو اليابسة، أما الأشجار الخضراء المورقة فلا تخلو من فائدة للإنسان أو لطير أو لبهيمة أو للبيئة بمنع التصحر والمحافظة على المراعي وتثبيت التربة وتنقية الغلاف الجوي حيث تبين اليوم أن المحافظة على الغطاء الأخضر وعلى هذه الأشجار لا يمكن أن تخلو من فائدة وهذه كلها معتبرة شرعا، فلا ينبغي للمسلم أن يعمد إلى الأشجار الخضراء بقطعها أو اقتلاعها، لأن ذلك مما يتنافى مع مقاصد هذه الشريعة، فإن كان محتاجا لشيء من الحطب فليكن ذلك من الأشجار الميتة، الصالحة للحطب أو من الأغصان اليابسة أو الأشجار اليابسة أو الفروع اليابسة فلا حرج عليه.

لكن يحسن التنبيه هنا إلى ما يتداوله كثير من الناس من روايات وأحاديث تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوعيد من قطع السدر، وأكثر علماء الحديث على أن هذه الأحاديث لا تخلو من مقال، حاول بعض المتأخرين قبول بعض الروايات بالتحسين أو حتى بالتصحيح، لكن ذلك بعيد، فليس شيء من هذه الروايات خاليا من مقال ومع ذلك فحتى لو قيل بقبول بعض الروايات فإن المقصود هو ما كان على جهة العبث، أما ما كان لمنفعة أو مصلحة راجحة فهذا لا يشمله الوعيد، ومن شراح الحديث من رأى بأن هذا الوعيد إنما هو مقتصر على أشجار الحرم للنهي عن قطعها، ولكن مع ذلك فإن القاعدة المطردة هو أن ما كان من شجر نافع فإنه لا ينبغي للمسلم أن يقطعه لأنه لا يخلو من فائدة.

وهناك تنبيه آخر يتعلق ببعض الأشجار الضارة التي يمكن أن تسمى أشجارا غازية، وهي أن تكون وافدة غريبة على البيئات، لا يمنعها من النمو ملوحة ولا جفاف ولا شيء، وهذه لا ينتفع منها إنسان ولا طير ولا بهيمة، ولعلها تقضي على الأشجار المحلية النافعة المفيدة كالسدر والسمر والغاف وغيرها من الأشجار البرية، هذه الأشجار الغازية الطفيلية أو التي تقضي على ما سواها من الأشجار ولا ينتفع منها فهذه، لا منع من إزالتها، وينبغي التعاون على ذلك. والله تعالى أعلم.

-هل يلزم إعادة ما صليت قصرا وجمعا بنية السفر في البيت وقبل الشروع في السفر؟

لا يسوغ له أن يقصر وهو في بيته، فالقصر إنما يكون للمسافر، وأما الجمع فيمكن أن يكون لغير المسافر، يمكن أن يكون لعذر كمرض أو مطر شديد أو ريح شديدة أو تغير في أحوال الجو يشق معها الذهاب إلى المساجد، ويمكن أن يكون بدون ذلك كله، لا على سبيل الاعتياد، كما في رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعل لكن لا على سبيل الاعتياد، لعله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعله إلا مرة أو مرتين، لأجل رفع الحرج عن أمته، وبيان الجواز لكن دون أن يتوسع الناس فيه، لكن في هذه الصور كلها فإن هذا الذي يجمع ليس له أن يقصر الصلاة، لأنه ليس بمسافر حتى يقال بأنه يقصر الصلاة، وعلى هذا فإن عليه أن يعيد هذه الصلوات التي صلاها في بيته قصرا والله تعالى أعلم.

ـ السائل يقول: ما حكم سترة الإمام؟

هذه المسألة فيها أقوال عند فقهاء الإسلام، فمنهم من قال بوجوبها عند خوف المرور بين يدي المصلي، والأكثر على استحبابها لا سيما مع أمن المرور بين يدي المصلي، ويقصدون مرور إنسان أو دابة، فحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا صلى أحدكم فليتخذ سترة وليدن منها ويمنع المار بين يديه».

وفي حكم اتخاذ السترة جملة من الأحاديث هذا الحديث أشهرها الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكن الذي صرف الأمر عند الأكثر عن الوجوب إلى الاستحباب هو أيضا ما ورد أنه عليه الصلاة والسلام خرج في سفر فصلى في الصحراء دون سترة، لأنه أمن أن يمر أحد بين يديه أو أن يمر شيء بين يديه ولذلك قالوا بأن هذا الأمر الوارد في الحديث الأول دفعته عن الوجوب هذه القرينة والمسألة فيها كما تقدم خلاف لكن كل الفقهاء يتفقون على أن الأولى للمصلي أن يتخذ سترة أمامه، وأن يقترب منها بحيث يمنع مرور إنسان أو دابة بينه وبين سترته.

وذكروا حكمة أخرى قالوا لأجل أن يكون ذلك أجمع لقلبه، فلا يشتت نظرة فيما وراء السترة أو ما حولها، وذلك أدعى إلى خشوعه في صلاته، إذن كثير من الفقهاء أو أكثر الفقهاء على استحباب اتخاذ سترة وقيل بوجوبها دون أن يكون ذلك مفضيا إلى بطلان الصلاة هذه هي جملة الأقوال، ويبدو أن القول بأن ذلك مما يستحب ويسن بتأكيد للمصلي عند عدم الأمن من مرور مار بين يدي المصلي هو القول الأكثر إقناعا.

يكفي أن تكون عصا، إن لم يجد السترة الكافية لتحقيق هذه المعاني فلا اقل من أن يتخذ عصا، وورد في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ سيفا وقيل بأن ذلك كان في الفلوات، لم يكن في المساجد، وبالمناسبة في حالة صلاة الجماعة فإن الإمام ينبغي له أن يصلي إما إلى المحراب أو إلى جدار المسجد، أو إن كان بعيدا عن المحراب فينبغي أن يتخذ سترة أمامه، والإمام فهو سترة المصلين خلفه فلا يؤمر المأمومون أن يتخذ كل واحد منهم سترة، فسترتهم إمامهم، وإذا صلوا منفردين فقد يكون من المشقة بل قد يكون من المتعذر أن يتخذ كل واحد منهم داخل المسجد سترة، ولم يعهد هذا فيها مرور المار بين يدي المصلي.

ولذلك اتجه الخطاب أيضا إلى المصلين بألا يمروا بين يدي المصلي وأن يقفوا عن المرور وأنهم لو يعلمون ما على المار بين يدي المصلي لوقف إلى أربعين قيل إلى أربعين خريفا، فالخطاب أيضا متجه إلى المصلين بحيث لا يمروا أمام المصلي. والله تعالى أعلم.

السائل يسأل عن أهمية السترة خلف الإمام، هل له أهمية خاصة، وهل له اشتراطات؟

نعم هذا لأنه خليفة الإمام فإذا أصاب الإمام شيء يدعوه إلى الاستخلاف فإن عليه أن يستخلف الذي يكون وراءه، فالذي يقف آخذا بقافية الإمام هو في الحقيقة خليفة للإمام، والأصل أن يكون هو الأقرب إلى تنبيه الإمام وتذكيره إن سهى أو نسي في صلاته بشيء، فتكمن أهميته في هذه الأحكام الشرعية المترتبة على وجوده خلف الإمام، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه أن يليه ذو الأحلام وذو القرآن منهم ثم الذين يلونهم، لأن الذي يقف خلف الإمام كما تقدم هو المؤهل ليكون خليفته في الإمام إن طرأ شيء، ولا يعني هذا أنه لا يستخلف غيره لكن الأولى بالاستخلاف هو، والله تعالى أعلم.

مقالات مشابهة

  • من هو الصحابي الذي جبر الله خاطره من فوق سبع سماوات؟.. تعرف عليه
  • الإفتاء تكشف فضل التبكير لحضور صلاة الجمعة
  • ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة ؟
  • صيغة الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • كيفية إحسان الصلاة على سيدنا النبي عليه السلام
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • احصل على ثواب صلاة الجماعة خلف رسول الله في دقائق.. اعرف هذه العبادة
  • علي جمعة: ما ترك لنا رسول الله طريقا يؤدي الى النار إلا وحذرنا منه
  • معنى قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾ وسبب نزولها