يتصدر مسلسل زينهم الترند ونسب المشاهدة خلال الفترة الأخيرة، وتدور أحداثه داخل المشرحة وثلاجات الموتى عن الطبيب الشرعي زينهم "أحمد داود" ومساعدة الدكتور جيمي "كريم قاسم" لحل القضايا الجنائية، وهنا نواجه تساؤل ضروري، بينما كرم الإسلام الإنسان حيًا وميتًا، فقال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، وقال رسوله الكريم: (كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا)، فما حكم وضوابط تشريح الموتى في الفقه الإسلامي؟  
 

أحمد داود طبيب شرعى فى مشرحة "زينهم"

 


ما المقصود بالتشريح 
 

التشريح لغة هو قطع اللحم عن العظم، وتعريفه اصطلاحًا -أي ما أتفق عليه العلماء- هو علم يبحث في أعضاء الإنسان للمعرفة ورؤية كمال صنع الله والوقوف على أسباب الأمراض والوصول لسبل التداوي، يستخدم التشريح في حل القضايا الجنائية والوصول للجاني في العصر الحديث.


حكم تشريح  جسد الإنسان 
 

أجابت دار الإفتاء في فتوى برقم 4732 عن حكم التشريح بعد الوفاة لأجل الطب الشرعي أو ضرورة التعلم في كليات الطب بأنه جائز شرعًا إذا تم في نطاق الشروط الشرعية وهي: 

الضرورة القصوى: 
يجيز الشرع في نطاق الضورة القصوى بعض الأشياء التي تصب في مصلحة الإنسان وحمايته، فقالت دار الإفتاء أن جواز التشريح بشرط ما يحدده الأطباء الثقات للضرورة على سبيل المثال إذا كانت جثه واحدة تكفي لتحقيق غرض التعلم يحرم التعدي إلى جثة أخرى، ويتأتى هذا للقاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات"

موتًا شرعيًّا:


وأكدت دار الإفتاء أن يكون المتوفي قد مات موتًا شرعية-المفارقة التامة للحياة-، إذ لا يعتبر الموت الإكلينيكي موتًا شرعًا.

التلاعب بالأعضاء:


وحذرت دار الإفتاء من التلاعب ببدن الإنسان المكرم وهذا عن طريق  مراعاة الإجراءات المنظِّمة للتشريح طبيًّا، فلا يتحول جسد المسلم إلى قطع غيار تباع وتشترى، وإنما لضرورة التعاون على البر والتقوى وتخفيف آلام البشر، وبصورة تليق بكرانة الإنسان ، وأن يكونَ ذلك في ظروف تليق بالكرامة الإنسانية

 

ضرورة اللجوء للتشريح: 

 

 

يقول الله في محكم كتابه{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، واثبت الواقع أن تحقيق العدل تتطلب في بعض القضايا تدخل طبي لكشف ملابسات الجريمة، فيكون للطب الشرعي الدور الرئيسي في الكشف عن أسباب الوفاة، ومعرفة الفاعل.

وتؤكد  دار الإفتاء على هذا حيث أفادت في فتوى أخرى برقم 4732 على موقعها الرسمي أن الشريعة تجيز التشريح لضرورة  المحافظة على الصحة العامة، أو على الأمن العام في حوادث الجنايات، بتشريح جثة لبحثها علميًّا وللاستفادة بذلك في الصحة العامة.

وتابعت الإفتاء أنه يمكن أخذ عضو من الجثة كذلك، وقد يكون واجبًا بناءً على الشروط والضوابط، ولموافقته لأغراض الشريعة؛ من ارتكاب الضرر الخاص بدفع الضرر العام، وارتكاب الضرر الأخف لاتقاء الضرر الأشد، ولموافقته لما ذكر الفقهاء من الفروع، ولا يمنع من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لِحَفَّارٍ وَجَدَ عَظْمَ مَيِّتٍ فَكَسَرَهُ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» رواه أبو داود في "سننه"؛ لأن ذلك لم يكن لمصلحة.

 

حكم غسل الشق الأيمن قبل الشق الأيسر في الغسل حكم الشرع فى زواج الرجل من بنت ابن زوجته المتوفاة مسلسل زينهم الحلقة الأولى.. أحمد داود طبيب شرعي يتحدث مع الموتى

 

 


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مسلسل زينهم تشريح دار الافتاء أحمد داود كريم قاسم الطب الشرعى القضايا الجنائية دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

هل الدعاء على المخالفين يعكس روح الإسلام؟

 

 

 

بدر بن خميس الظفري

 

في خضم الأحداث السياسية العالمية الراهنة، وفي عالمٍ يعجُّ بالصراعات الفكرية والاختلافات العقائدية، يقفُ الخطابُ الدينيُّ أمام تحدٍ كبير، وهو تقديمُ صورةِ الإسلام الحقيقية التي تتسمُ بالرحمة والرفق.

لقد جاء الإسلام ليكون رسالة عالمية تهدف إلى بناء جسور التفاهم بين الشعوب، لا لهدمها. وقد وجه الله رسالة لنبيه محمد مفادها "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

ولكننا نجد في بعض مظاهر واقعنا اليوم ما يخالف هذا المقصد النبيل؛ إذ باتت أدعية التعميم والدعاء بالهلاك على غير المسلمين جزءًا من خطب ودروس بعض الدعاة، مثل قولهم: "اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تُبقِ منهم أحدا". لكن السؤال المطروح: هل هذه الأدعية تعكس روح الإسلام؟ وهل هذا ما يريده الله تعالى في دعوته إلى عباده؟

حين نتأمل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، نجد أن الدعوة لم تكن مجرد كلمات تُقال أو مواقف تُعلن، بل كانت فنًا يتقن مخاطبة القلوب والعقول بلطفٍ وحكمة. وقد أمر الله تعالى نبيه الكريم أن يتبع أسلوب الحنان والحوار البناء في دعوته: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وجادلهم بالتي هي أحسن"؛ وهي دعوة صريحة لتقديم الدين بأسلوب يفتح القلوب بدلاً من أن يغلقها.

يخبرنا التاريخ أن التغيير الفكري والعقديّ لم يكن يومًا أمرًا يسيرًا، فقد أمضى الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة يدعو قريش إلى الإسلام، ومع ذلك ظل أغلبهم على كفرهم، متمسكين بموروثاتهم وأعرافهم، منطقهم الوحيد التعصب لما ورثوه: "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون". لقد كانت هذه الفترة دليلًا على صعوبة كسر القيود الفكرية التي تأسر العقول، ومع ذلك، لم يفقد النبي صلى الله عليه وسلم صبره ولا رحمة قلبه. وعندما آذاه أهل الطائف ورموه بالحجارة، عرض عليه ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين، أي يسقط الجبلين الكبيرين على أهلها، لكنه رفض قائلاً: "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا". تلك الكلمات تحمل دروسًا عميقة في التسامح والرحمة، وهي تشهد على أن الدعوة إلى الله لا تقوم على الانتقام، بل على الأمل في الهداية.

الأمر لم يكن مقتصرًا على موقف الطائف؛ ففي غزوة أحد، عندما اشتد الأذى بالمسلمين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"، وهذا الموقف النبوي العظيم يُظهر لنا أن الداعي إلى الله يرى في مخالفيه بشرًا يحتاجون إلى الهداية، لا أعداءً يجب أن يُزالوا. هذه القيم النبوية لم تكن استثناءً؛ بل كانت قاعدة ثابتة في تعامله عليه الصلاة والسلام مع الجميع، حتى مع من عارضوا دعوته أشد المعارضة.

وبناءً على ما تقدم، نحتاج أن نتساءل: كيف يمكن أن تتفق هذه القيم مع ما نراه اليوم من انتشار دعاء بعض الخطباء على عموم غير المسلمين بالذل والهوان والهلاك؟ هل أصبحت هذه الأدعية جزءًا من الدين؟ أم هي مجرد تعبير عن انفعالات اللحظة؟ الله سبحانه وتعالى نهانا عن التعميم في الحكم على الآخرين، وأمرنا بالعدل حتى مع من نختلف معهم. يقول تعالى: "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ"، فالعدل في الخطاب الدعوي ليس خيارًا؛ بل هو واجب ديني وأخلاقي.

النظر في قصص القرآن الكريم يبين لنا أيضا وبوضوح أن الله سبحانه وتعالى أراد للدعوة أن تكون سبيلًا للهداية، لا وسيلة للإقصاء والانتقام. حين أرسل الله موسى وهارون إلى فرعون، أمرهما أن يخاطباه بلين قائلاً: "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى"، فإذا كان هذا هو النهج الإلهي مع أشد الطغاة عنادًا وظلمًا وهو فرعون، فكيف نتجاوز نحن هذا التوجيه في تعاملنا مع شعوب قد لا تعرف عن الإسلام إلّا القليل أو قد لا تكون قد سمعت به أبدًا.

إن واقعنا اليوم يحتم علينا أن نعيد النظر في خطابنا الدعوي، ذلك أن وسائل الاتصال الحديثة أصبحت نافذة سهلة للوصول إلى شعوب الأرض، وتُظهر ممارساتنا وألفاظنا أمام العالم أجمع بكل يسر.

إن الكلمة القاسية قد تُبعد أمة عن الإسلام، بينما الكلمة الطيبة قد تُفتح بها قلوب الملايين. يقول تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"؛ فهذه الآية ليست فقط توجيهًا للدعاة؛ بل هي مبدأ يجب أن يسري في كل تعاملاتنا مع الآخرين.

إننا بحاجة إلى خطاب يعكس روح الإسلام الحقيقية، خطاب يجعل من الدعوة وسيلة للبناء، لا للهدم. لقد كان أبو طالب، عم النبي صلى الله عليه وسلم، نموذجًا لشخص غير مسلم وقف بجانب الدعوة وحماها، وفي عالمنا اليوم، هناك كثيرون ممن يشبهون أبا طالب في دعمهم لقضايا المسلمين أو في احترامهم للإسلام. هل نصنفهم كأعداء لمجرد اختلافهم في العقيدة؟ أم نحاول أن نبني معهم جسور التفاهم؟

الدعوة إلى الله مسؤولية عظيمة، وهي ليست مجرد كلمات تلقى على المنابر، بل أمانة تتطلب حكمة ورفقًا. علينا أن نتذكر دائمًا أن الإسلام لم ينتشر بالقوة؛ بل انتشر بالكلمة الطيبة والقدوة الحسنة. الدعوة هي رسالة حب، وأي خطاب يخلو من الحب لا يمكن أن يصل إلى القلوب. فهل نعيد النظر في أدعيتنا وخطابنا، ونستلهم من القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ما يفتح القلوب بدلاً من أن يغلقها؟

مقالات مشابهة

  • ضمن استراتيجية الأوقاف لبناء الإنسان.. انطلاق 17 قافلة دعوية بالفيوم 
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: الإسلام منح المرأة حق التصرف في مالها دون إذن زوجها
  • مفاجأة.. تامر حبيب يكشف عن التحضير لجزء ثاني من فيلم سهر الليالي
  • أمين الفتوى بـ«الإفتاء»: الابتلاءات تطهير من الذنوب ورفع للدرجات
  • رمضان 2025.. مريم الخشت تنضم مع أحمد داود لأسرة مسلسل «الشرنقة»
  • مسلسلات رمضان 2025.. مريم الخشت تشارك في «الشرنقة»
  • شيري عادل تتألق بإطلالة ساحرة في حفل توزيع جوائز joy awards |شاهد
  • الجار
  • هل الدعاء على المخالفين يعكس روح الإسلام؟
  • أكثر عبادة يجب على الإنسان فعلها دائما حتى ينجيه الله.. الإفتاء توضح