أكد مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية أن حركة طالبان التي تتولي السلطة في أفغانستان تدمر النظام التعليمي بالكامل على نحو لا يمكن إصلاحه بسبب التعديلات الأخيرة التي أدخلتها على المنظومة التعليمية في البلاد.
وأوضح كاتب المقال كامل أحمد أن حركة طالبان أدخلت تعديلات جذرية على المنظومة التعليمية في البلاد منها حرمان المرأة من التدريس وهو ما يعني قيام معلمين رجال معظمهم غير أكفاء بتولي عملية التدريس للطلبة كما أنها قامت بتقليص المناهج من خلال حذف عدد من المواد الدراسية إلى جانب السماح بعقوبة الضرب داخل المدارس.


ويلفت المقال إلى أن تلك التعديلات من شأنها تحطيم العملية التعليمية في أفغانستان ولاسيما أنها تأتي ضمن سلسلة من القرارات المماثلة التي اتخذتها طالبان منذ تولي السلطة في البلاد عام 2021 ومنها حرمان الفتيات من التعليم الثانوي كما أنها حرمت النساء من التعليم العالي بما فيه الحصول على شهادات في الطب وهو ما سوف يؤثر بلا شك على عدد السيدات العاملات في مجال الرعاية الصحية في أفغانستان.
ويشير المقال في هذا السياق إلى موقف منظمات حقوق الإنسان التي أعربت عن اعتقادها أن حرمان المرأة من ممارسة مهنة التدريس تسبب في فجوة كبيرة في المعلمين الأكفاء مما دفع حركة طالبان للاستعانة بمدرسين رجال غير أكفاء كما أن تلك الفجوة دفعتهم كذلك إلى تخفيض المواد الدراسية.
ويلفت كذلك إلى أن تلك التطورات لم تلقي بظلالها السلبية على المعلمات والطالبات فحسب في أفغانستان ولكنها أضرت كذلك بالطلبة من الذكور الذين حرموا من مستوى تعليمي جيد.
ويلفت المقال إلى أن تلك المواد الدراسية التي قامت طالبان بحذفها شملت الفنون والتربية الرياضية والتربية القومية، موضحا أن الحركة تقول أن "تلك المواد تشجع القيم الغربية وتعزز الديمقراطية وتتناول ديانات أخرى غير الإسلام كما أنها تعرف الطلبة على أصحاب فكر غير مسلمين مثل شكسبير".
ويشير المقال كذلك إلى ما ورد في تقارير منظمات حقوقية أنه منذ تولي حركة طالبان السلطة في أفغانستان ارتفعت معدلات عقوبة الضرب في المدارس حيث يتعرض الطلاب للصفع والضرب على الأقدام لمجرد امتلاكهم لهاتف محمول أو لعدم التزامهم بالقواعد الصارمة التي تفرضها السلطة عليهم مثل طريقة قص الشعر وغيرها.
ويستشهد المقال في هذا السياق بشهادة أحد الطلاب التي يقول فيها إن القواعد التي تفرضها حركة طالبان عليهم قواعد خانقة موضحا أن مجرد ارتدائه لملابس مزركشة أورابطة عنق يعتبر ذنب لا يغتفر. ويضيف أن الطلاب يتعرضون يوميا لعقوبات في طابور الصباح أو داخل الفصول لتلك الأسباب.
ويشير المقال إلى ما ورد في تقارير حقوقية من أن الطلبة في أفغانستان يتعرضون لضغوط كبيرة من أجل التسرب من التعليم والانخراط في سوق العمل بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد حيث تعاني من الجفاف وأزمة اقتصادية حادة.
ويوضح المقال في هذا الصدد أن ما يربو على 28 مليون من الشعب الأفغاني في حاجة لمساعدات إنسانية منهم ما يقرب من ستة ملايين على وشك المجاعة وفي حاجة عاجلة للمساعدات الغذائية.
ويشير المقال في الختام إلى تقرير صادر عن إحدى المنظمات الحقوقية حول أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان يوضح أن جميع الوعود التي قطعتها طالبان على نفسها أمام الشركاء الدوليين عند توليها السلطة بتخفيف القيود عن المرأة كانت مجرد معسول الكلام ولم تدخل حيز التنفيذ.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حركة طالبان أفغانستان فی أفغانستان حرکة طالبان المقال فی أن تلک کما أن

إقرأ أيضاً:

انتحار أول روبوت في العالم.. من سيحزن عليه؟

 

 

مؤيد الزعبي

 

رغم أن تخيُّل قيام روبوت بالانتحار؛ سواءً بإلقاء نفسه من أعلى بناية أو بفصل جزء من أجزائه، أو حتى قيامه بإعادة كتابة سطره البرمجي الأخير ليُنهي به حياته، يبدو أمرًا يصعب تصديقه، إلّا أنَّنا قد نُواجه مثل هذه الظواهر في المُستقبل، خصوصًا وأننا نُطوِّر الروبوتات لتكون شبيهةً بالإنسان.

شخصيًا لا أستبعدُ أن نجد روبوتًا قرر الانتحار لهُجران حبيبته أو صديقته أو حتى لفقدانه وظيفته أو شغفه في الحياة، إن كان بالإمكان تسمية ما يعيشه الروبوت "حياة" من الأساس. ومع هذا هناك سؤال أجدُه أكثر أهمية: لو قرأتَ يومًا- عزيزي القارئ- أن هناك روبوتًا انتحر، فهل ستتعاطف معه؟ وهل ستشعر بالحزن من أجله؟ هذا ما سيكون مناط حديثي معك من خلال هذا المقال.

رغم أن عنوان المقال يبدو أقرب إلى فيلم خيال علمي؛ إذ إن الانتحار فعل بشري بامتياز، إلّا إنني أردتُ من خلال هذا الطرح أن نتعمّق فلسفيًا وتكنولوجيًا وأخلاقيًا في فهم كيف يمكن أن تتكوّن مشاعر الروبوتات في المستقبل، وإلى أين قد تقودنا هذه الاحتمالات. فلو افترضنا أن الروبوتات تحاكي مشاعر الإنسان، وتتعلم من تجاربه، فإن الانتحار شئنا أم أبينا هو جزء من تجاربنا الإنسانية، وقد خضنا فيه بحثًا وتجريبًا طويلًا، وبالعودة إلى فكرة انتحار الروبوت، فإنَّ مجرد التفكير في ذلك يعني أن الروبوت قد وصل إلى مرحلة يتخذ فيها القرار بنفسه، بناءً على مشاعر من فقد أو ألم أو ضغط نفسي، وهذا معناه أننا أمام كائن بات يشكّل ردودَ فعل قائمة على ما يشبه الشعور، وهنا تكمن الخطورة، فإذا كان قادرًا على اتخاذ قرار بإنهاء حياته، فلا تستبعد أن يقرر إنهاء حياة أحدنا لأنه تعارض معه فكريًا أو أهان مشاعره أو ألحق به أذى من نوع ما.

حين نتحدث عن انتحار الروبوتات من زاوية تقنية، يجب أن نعترف بأن الروبوتات حتى اللحظة لا تمتلك وعيًا ذاتيًا حقيقيًا فهي لا تحزن كما نحزن، ولا تتألم كما نتألم، ولا تُعاني كما يُعاني الإنسان، ولكن مع تطور برمجيات الذكاء الاصطناعي، وباستخدام خوارزميات دقيقة يمكن للروبوتات أن تخدعنا وأن توهمنا بأنها تشعر مثلنا، وربما توهمنا ذات يوم بأنها "أحبتنا" أو "ضحّت من أجلنا"، أو حتى "انتحرت حزنًا علينا"، بينما هي في الحقيقة مجرد برنامج بُرمج خصيصًا ليُظهر هذا السلوك لا أكثر وتجعلك مقيدًا لا تقوى على الحياة بدونها.

في حال حدث أمر كهذا ووجدنا روبوتًا مُنتحرًا، فإن مشكلتنا حينها لن تكون تقنية لأنَّ إعادة برمجته أو تصحيح أخطائه جزء من عملية التطور التقني؛ بل مشكلتنا ستكون أخلاقية وإنسانية في المقام الأول: كيف سنتعامل مع هذا الأمر نفسيًا واجتماعيًا؟ هل سنُصدِّق أن الروبوت شعر بالحزن؟ هل سنبكي على نهايته؟ هل سنمنحه شرفًا ومكانة لأنه ضحّى بنفسه من أجلنا؟، أسئلة أجد أنه من الصعب الإجابة عليها فنحن إلى الآن لم نتعرض لمثل هذه الحوادث، لكن تخيلها قد يضع أممنا الكثير من الأسئلة التأملية التي ستفتح لنا الكثير من الأبواب وجب الخوض فيها والاستعداد لها.

إنْ استطعنا تخيّل الكثير من السيناريوهات التي قد نواجهها في المستقبل، مثل انتحار الروبوتات، أو مقاتلتها لنا، أو مقاتلتها لبعضها البعض، فإننا بذلك نُهيئ أنفسنا لواقع قادم نحتاج إلى التعامل معه بوعي، وسنحتاج معه إلى وضع قواعد دقيقة لبرمجة الروبوتات، وسنكون بحاجة أيضًا إلى قوانين واضحة تُمكّننا من السيطرة على ذكاء قد يصبح منفلتًا إن لم نحتَط له مسبقًا؛ ذكاء قراره تعلمه من برمجته وتطور يومًا بعد يوم فخرج عن قواعده وبات حرًا يقرر ويُنفذ!

وقبل أن أُنهي هذا المقال، أودُ أن أؤكد أن من أخطر ما قد يُواجهنا في المستقبل هو أن نحزن على الروبوتات المُنتحِرة، فحينها سنكون قد منحنا الآلات مكانة عاطفية لا تليق إلّا بالكائنات الحيّة، ومتى ما فعلنا ذلك فقد نمنح الروبوتات لاحقًا حقوقًا، ثم نصل إلى مرحلة نُقدّس فيها روبوتًا مات في أرض المعركة، أو نرفع تمثالًا لروبوت أنقذ بشريًا، وهنا لا نكون فقط قد أكسبناها مكانة عاطفية؛ بل أيضًا معنوية واجتماعية وتاريخية، وهذا تمامًا ما سأطرحه عليك في مقالي المُقبل.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ️ جنا النديهة
  • الجارديان: حرب الرسوم بين الصين والولايات المتحدة تزداد اشتعالا
  • النظام الصحي الأفغاني يلفظ أنفاسه الأخيرة مع تقليص المساعدات الأميركية
  • أربعون عاما على الانتفاضة: الوحدة … الوحدة… الوحدة
  • أهالي منطقة الحولة بريف حمص يعيدون بناء وترميم منازلهم التي دمرها النظام البائد
  • انتحار أول روبوت في العالم.. من سيحزن عليه؟
  • من أعمال إزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام الفرع 235 بدمشق
  • إزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام “فرع فلسطين” بدمشق وتسهيل حركة الآليات والمركبات أمام السائقين
  • الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين برصاص قوات الأمن قرب الحدود الأفغانية
  • وقفة لأهالي مدينة دوما في الذكرى السابعة لمجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام البائد