مع اكتمال شهرين من حرب الاحتلال على غزة، تواصل حركة "حماس" الصمود وتكبيد الاحتلال خسائر بشرية واقتصادية، فيما يزداد الجيش الإسرائيلي وحشية في حرب "الإبادة الجماعية" للمدنيين، مع فشله في القضاء على المقاومة، بحسب معطيات رصدها "الخليج الجديد".

مع فجر 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط قطاع غزة، الذي تحاصره إسرائيل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

وتمكن مقاتلو كتائب القسام، الذراع العسكرية لـ"حماس"، من اختراق سلسلة الجدران والأسيجة الإسرائيلية، البالغ طولها 40 ميلا على حدود إسرائيل مع غزة، رغم ما تعج به من أجهزة استشعار وأسلحة آلية، مدعومة بشبكة استخبارات إلكترونية تراقب كل مكالمة هاتفية ورسالة نصية وبريد إلكتروني في القطاع.

هذا الهجوم المباغت والفائق التخطيط والكتمان والتنفيذ، بحسب مسؤولين ووسائل إعلام في إسرائيل، أثار ذهولا وصدمة في دولة الاحتلال؛ جراء فشل أجهزة الاستخبارات والجيش في الحصول على معلومات مسبقة بشأنه أو التصدي له عند تنفيذه.

وقتلت "حماس" في ذلك اليوم نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239، بينهم عسكريون برتب عسكرية رفيعة، بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

ومن المرجح على نطاق واسع في إسرائيل، أن تقود تحقيقات مرتقبة بشأن الفشل الاستخباراتي والعسكري في مواجهة هجوم "حماس" إلى نهاية الحياة السياسية لرئيس الوزراء  بنيامين نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة، إلى جانب استقالة و/ أو إقالة قادة في الجيش وأجهزة المخابرات.

اقرأ أيضاً

القسام تعلن قتل 10 جنود وقائد إسرائيلي يقول إنهم يواجهون أشرس يوم في غزة

حرب إبادة جماعية

الصدمة والذهول والشعور بالهزيمة دفعت جيش الاحتلال إلى شن حرب على غزة، يقول نتنياهو إنها لن تتوقف حتى إعادى بقية الأسرى من غزة، وإنهاء حكم "حماس" المتواصل للقطاع منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.

ومنذ انتهاء الهدنة، مطلع الشهر الجاري، "ارتكب جيش الاحتلال 77 مجزرة قتل خلالها ألفا و248 فلسطينيا، ما رفع عدد الضحايا منذ 7 أكتوبر إلى 16 ألفا و248 شهيدا، بينهم  7 آلاف و112 طفلا و4 آلاف و885 امرأة، إضافة إلى 43 ألفا و616 جريحا"، بحسب المكتب الإعلامي الحكومة في غزة مساء الثلاثاء.

ومشددا على أنه "لم يعد أي مكان آمن في قطاع غزة"، قال المكتب في بيان إن "جيش الاحتلال يشن حرب إبادة جماعية، عبر القتل الوحشي للمدنيين والأطفال والنساء، من خلال قصف المنازل الآمنة وهدمها فوق رؤوس ساكنيها بدون سابق إنذار".

وأفاد بأن "عدد الشهداء بلغ 286 من الأطباء والطواقم الطبية، ومن طواقم الدفاع المدني 32 شهيدا، ومن الصحفيين 81 صحفيا، فيما بلغ عدد المفقودين 7 آلاف و600 مفقود، إما تحت الأنقاض أو مصيرهم مجهول".

المكتب تابع أن "الاحتلال دمر 100 مسجد بشكل كلي و192 تدميرا جزئيا، كما تضررت 3 كنائس، وتم تدمير 121 مقرا حكوميا، وخرجت 69 مدرسة عن الخدمة، بينما تضررت 275 مدرسة بشكل  جزئي".

كما "ألقت طائرات الاحتلال أكثر من 50 ألف طن من المتفجرات على منازل المدنيين والمستشفيات والمدارس والمؤسسات المدنية؛ ما أدى إلى تدمير أكثر من 61% من المنازل والوحدات السَكنية غزة، وهي 305 آلاف وحدة سكنية بين تدمير كلي وجزئي"، بحسب المكتب.

اقرأ أيضاً

المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية: لا مكان آمن بغزة.. وإمدادات الإغاثة غير كافية

حكم بالإعدام

و"في ظل هذه الحالة الإنسانية الاستثنائية البالغة الخطورة"، وفقا للمكتب الإعلامي، فإن "ظروف النازحين تزداد صعوبة وقساوة، حيث تجاوز عددهم 1.5 مليون، وهم يعانون معاناة بالغة الصعوبة في الحصول على الغذاء والماء والدواء، وازدات حياتهم صعوبة بانتشار الأمراض والأوبئة المختلفة، بالتزامن مع دخول فصل الشتاء والبرد القارص".

وأضاف المكتب أنه "ما يزال يرتقي عشرات الجرحى من أصحاب الإصابات المتوسطة؛ بسبب انهيار النظام الصحي في محافظتي غزة والشمال؛ إذ توقف عمل أكثر من 75 مستشفى ومركزا صحيا، ولم تتمكن آليات الدفاع المدني من الوصول إلى مناطق المجازر والقصف مما زاد عدد الشهداء؛ جراء تدمير نحو 80% من هذه الآليات ونفاد الوقود اللازم لتشغليها (بسبب الحصار)".

وشدد على أن "وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة أو اتباع سياسة التنقيط في إدخالها يعد أسلوبا وضيعا في الضغط على الشعب الفلسطيني والأطفال والنساء بحرمانهم من الغذاء والدواء، ويعد حكما بالإعدام على 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة".

المكتب طالب بـ"إدخال ألف شاحنة من المساعدات ومليون لتر من الوقود يوميا إلى غزة"، حتى يمكن "إنقاذ ما يمكن إنقاذه نتيجة حرب الإبادة الجماعية، ولمحاولة ترميم القطاع الصحي"، بحسب البيان.

وجراء الغارات الإسرائيلية، فإن "طفلا واحدا يُقتل ​​كل 10 دقائق في غزة"، بحسب ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال مؤتمر صحفي في جنيف الثلاثاء.

ولفت بيبركورن إلى أن أكثر من 60 بالمئة من القتلى هم منهم نساء وأطفال، مضيفا: "أعتقد أننا قريبون من أحلك لحظة في تاريخ البشرية، ونحن بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة".

وأحدثت صور الضحايا المدنيين، ولاسيما الأطفال، تحولا لافتا وغير مسبوق ضد إسرائيل في الرأي العام العالمي، حتى داخل الولايات المتحدة التي قدم رئيسها جو بايدن أقوى دعم عسكري ودبلوماسي ممكن للاحتلال منذ اندلاع الحرب، ما دفع منتقدين إلى اعتباره شريكا في جرائم حرب وإبادة. 

اقرأ أيضاً

إبادة جماعية ونزوح نحو مصر.. تنديد أممي باستئناف حرب غزة

خسائر الاحتلال

على الجانب الآخر، وبوتيرة يومية، تعلن كتائب القسام، عبر بيانات مدعومة بمقاطع مصورة، عن قتلها عناصر من جيش الاحتلال وتدمير دبابات وآليات أخرى في أنحاء عديدة من قطاع غزة، شمالا وجنوبا.

والأربعاء، أقر جيش الاحتلال بمقتل ضابط خلال مواجهات في غزة، بحسب هيئة البث الحكومية.

وبذلك يرتفع إجمالي قتلاه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر إلى 409، بينهم 282 خلال هجوم "طوفان الأقصى".

وعبر ثلاثة بيانات الثلاثاء، أعلن الاحتلال مقتل 7 ضباط وجنود في معارك بغزة.

ويكتفي الاحتلال بإعلان حصيلة إجمالية لقتلاه منذ هجوم "طوفان الأقصى"، ولا يعلن حصيلة خاصة بعملياته البرية التي بدأها في شمال قطاع غزة في 27 أكتوبر ثم وسعها إلى الجنوب، وتحديدا مدينة خان يونس.

لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أفادت بمقتل 83 ضابطا​​​​​​ وجنديا منذ بدء العمليات البرية.

وأقر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال مؤتمر صحفي مشترك مساء الثلاثاء مع نتنياهو والوزير بمجلس الحرب بيني غانتس، بدفع "أثمان باهظة جدا" منذ بدء الحرب على غزة.

والأربعاء، أعلنت كتائب القسام، عبر بيان في منصة تلجرام، أنها قصفت موقع "كيسوفيم" بمنظومة الصواريخ "رجوم" قصيرة المدى، وذلك غداة إعلانها مساء الثلاثاء أن "مجاهدو القسام خاضوا اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في جميع محاور التوغل في قطاع غزة".

وتابعت الكتائب في بيان: "أحصينا تدمير  24 آلية عسكرية كليا أو جزئيا فقط في محاور القتال بمدينة خان يونس، واستهدف المجاهدون  18 جنديا بالهجوم المباشر، وأوقع قناصة القسام 8 جنود بين قتيل وجريح".

كما "نسفوا منزلا تحصنت به قوة خاصة بالعبوات، وأوقعوا قوة أخرى في حقل ألغام، ودكوا التحشدات العسكرية بمنظومة رجوم قصيرة المدى، ووجهوا رشقات صاروخية مكثفة نحو أهداف متنوعة وبمديات مختلفة إلى أراضينا المحتلة (داخل إسرائيل)".

وخلال الهدنة، أجبرت "حماس" الاحتلال على وقف إطلاق النار والسماح بإدخال مساعدات إلى غزة، فضلا عن إطلاق سراح 240 طفلا وامرأة فلسطينية من سجونه، مقابل إطلاق الحركة سراح 84 طفلا وامرأة إسرائيلية، بالإضافة إلى 24 أجنبيا.

وإلى جانب الخسائر البشرية  والمادية لجيش الاحتلال، تكبد الحرب اقتصاد إسرائيل خسائر فادحة، مع تضرر قطاعات عديدة لاسيما السياحة والأعمال، وسحب مئات الآلاف من جنود الاحتياط من وظائفهم للمشاركة في الحرب.

ووفقا لمحافظ بنك إسرائيل المركزي أمير يارون، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإن الحرب قد تكلف 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وتشكل نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل ما قيمته نحو 50 مليار دولار، بحسب أرقام الناتج المحلي عن عام 2022 والبالغة قرابة 500 مليار دولار.

اقرأ أيضاً

صدمة البنتاجون.. تحقيق مطول عن هزيمة حماس لتكنولوجيا إسرائيل

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: شهران حرب غزة الاحتلال إسرائيل وحشية حماس جیش الاحتلال اقرأ أیضا قطاع غزة أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

نصر إسرائيل الزائف!

ليس بمنطق المكايدة التأكيد على زيف دعاوى إسرائيل بالانتصار فى حربها فى غزة، وإنما هو حكم موضوعى صرف. صحيح أن الحرب لم تنته بعد، ما يعنى أن النتيجة مفتوحة على كل الاحتمالات، ولكن الحرب فى خواتيمها ما يستدعى الإعلان عمن المنتصر ومن المهزوم. واذا كانت حماس لا تستطيع ادعاء النصر فى ظل الوضع المأساوى الذى تعيشه غزة، فإن الحديث عن هزيمتها أيضا نوع من تجاوز الحقيقة.

فبماذا نفسر الحديث الإسرائيلى المتواصل عن قرب انتهاء العمليات العسكرية فى غزة وتحقق اهداف الحرب؟ المسألة ليست سوى حفظ لماء الوجه فقط لا غير، فإسرائيل التى دخلت حربا غير مدروسة باعتراف الكثير من رموزها السياسيين وتأكيد مسئولين أمريكيين شبهوا الحرب هناك بما جرى للولايات المتحدة فى افغانستان والعراق، تريد أن تحافظ على صورتها كقوة عسكرية لا تقهر. صحيح أن حجم الرد على عملية طوفان الاقصى ربما تجاوز مستوى العملية ذاتها، ولكنه كان يهدف إلى الحفاظ على قوة فكرة الردع.

وإذا كانت جبهة الحرب الإسرائيلية على غزة تحمل الكثير من الغرائب خاصة على الجانب الفلسطينى إلى الحد الذى يرقى بموقف الغزيين لمستوى الملاحم، فإن من مظاهر ذلك أنه بعد نحو تسعة شهور من الحرب ما زال فى إمكانية حماس اطلاق صواريخ وقذائف على مدن ومناطق تابعة للكيان الصهيونى. بهذا المنطق فإن أى حديث عن القضاء على حماس من قبل نتانياهو أو غيره لا يعدو سوى أن يكون حديث خرافة!

واذا كانت غزة بأكملها صمدت فى وجه العدو، فلعل مسار العمليات العسكرية فى رفح والتى يفترض أنها تأتى والمقاومة تلفظ أنفاسها الأخيرة، يؤكد العكس، حيث تعتبر رفح من أكثر المناطق التى تعرضت فيها القوات الإسرائيلية لخسائر على مدار فترة الحرب بأكملها.

وربما تكتمل الرؤية بالاستعانة بما يمكن وصفه بشهادة شاهد من أهلها وهو فى حالتنا الكاتب الإسرائيلى المعروف جدعون ليفى الذى قدم تحليلا متميزا لهذا الجانب فى مقال له بصحيفة هآرتس، بإشارته إلى أن الإعلان عن القضاء على «جيش» حماس خطة تهدف إلى إتاحة المجال لانسحاب معظم القوات الإسرائيلية من غزة ونقلها إلى الحدود الشمالية لشن حملة أخرى «مظفرة ومجيدة» فى لبنان، مثل تلك التى جرت بالقطاع الفلسطينى المحاصر. بمعنى أن الموقف فى النهاية فرض على الدولة العبرية أن تتظاهر بالنزول من الشجرة الملطخة بالدماء التى تسلقتها، مضيفا أنه على هذه الخلفية كان من الأفضل لإسرائيل أن تتصنع النصر، رغم أن حماس كما يرى انتصرت دبلوماسيا واجتماعيا وأخلاقيا واقتصاديا رغم تلقيها ضربة عسكرية.

فى النهاية انتهت الحرب ولم تنتهِ حماس والتى من المحتمل أن يكون لها دور فى حكم غزة فيما بعد الحرب، لأن حماس كما قال دانيال هاجارى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى فكرة لا يمكن القضاء عليها، وهو طرح يبدو يصل لمرتبة اليقين لدى آخرين فى الجيش الإسرائيلى على نحو ما عبر بينى جانتس الوزير السابق فى مجلس الحرب وزعيم حزب معسكر الدولة فى إسرائيل بالإشارة إلى إن «حماس فكرة لا يمكن تدميرها، ولكن القضاء على قدراتها.

ورغم ذلك فإن الجانب الذى ربما لم يدركه هاجارى أو جانتس هو ان الأمر ليس حماس أو غيرها، وإنما يتعلق بهوس الفلسطينى بوطنه والرغبة فى التضحية بالغالى والنفيس لبقائه أو استرجاعه، وذلك هو سر صمود غزة فى مواجهة آلة نتانياهو العسكرية ما دعاه لمحاولة الادعاء بتحقيق ذلك النصر «الزائف»!

[email protected]

مقالات مشابهة

  • مسؤول إسرائيلي سابق يكشف خسائر الاحتلال بعد حرب غزة
  • نصر إسرائيل الزائف!
  • الأعلام الفلسطينية حاضرة خلال استقبال الحجاج المغاربة (شاهد)
  • استطلاع رأي عالمي: عقوبات الغرب على روسيا غير كافية لوقف الحرب مع أوكرانيا
  • تقرير رسمي إسرائيلي يكشف خسائر الاحتلال: 62 ألف مصاب في الحرب
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: الوضع في قطاع غزة يزداد مأساوية ولا حلول حتى الآن
  • عميل سابق بالاستخبارات الإسرائيلية: نتنياهو يدمر بلده وحماس أذكى منا
  • إرجاء محادثات فتح وحماس في الصين
  • خلال زيارة أمير قطر لهولندا: إشادة بوساطة الدوحة بين إسرائيل وحماس
  • فتح وحماس تتبادلان تحميل مسؤولية "فشل" محادثات المصالحة