أوصى المشاركون في المؤتمر السنوي الثالث الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالشراكة مع المجلس الأطلسي تحت عنوان: “الأمن المستدام.. الآثار الناعمة والصلبة للعمل المناخي”، واستمر يومين على هامش انعقاد مؤتمر الأطراف «COP28» في مدينة إكسبو دبي، بإنشاء أدوات مالية جديدة لحشد وتوجيه التمويل الخاص نحو دعم الابتكارات والأبحاث المناخية الأكثر إلحاحاً، ودعم التنفيذ الشامل لتحول الطاقة.

كما طالبوا بتنفيذ الجهود المتعددة الأطراف لتسهيل التجارة في سلاسل إمداد الطاقة النظيفة واتخاذ تدابير مشتركة لتشجيع البحث والتطوير وإعادة التدوير في نهاية العمر الافتراضي، إضافة إلى تسهيل الارتباطات لدعم البلدان الغنية بالموارد لتلعب أدواراً أكبر في وسط ونهاية سلاسل توريد الطاقة النظيفة.

وأكد المشاركون في المؤتمر، الذين زاد عددهم على 20 خبيراً سياسياً وأكاديمياً وباحثاً ومتخصصاً في قضايا البيئة والمناخ والأمن من مختلف دول العالم، أن إنشاء آليات لتمويل المناخ على المستوى الوطني يسمح للحكومات بمواءمة أهداف التمويل العام مع تمويل المناخ، مشددين على أهمية الحفاظ على زخم الإنجازات التي تحققت في مؤتمر «COP28» من خلال دمج الأهداف المناخية ضمن السياسة الوطنية وتخصيص الموارد المالية.

وطالبوا بتسريع الجهود الدبلوماسية لمعالجة تحديات المناخ الإقليمية بشكل تعاوني، وتعزيز الحوار والمبادرات المشتركة، إلى جانب ضرورة سد فجوة تمويل المناخ مع التركيز على أهمية حشد وتوجيه التمويل الخاص نحو دعم التنفيذ الشامل للتحول في مجال الطاقة، متوقعين أن يكون الاستثمار الأخضر وسلاسل الإمداد الدولية المرنة عاملاً حاسماً في تطوير اقتصاد مناخي جديد، مؤكدين أن مؤتمر «COP28» فرصة فريدة لتسريع مشاركة مراكز الفكر بشأن أهمية تعزيز العلاقة بين المناخ والأمن.

وتضمنت توصيات المؤتمر، التي استعرضها كل من جوناثان بانيكوف، مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، وعوض البريكي، رئيس قطاع تريندز غلوبال في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تطوير أنظمة تنبؤية ذات مصداقية لتحديد المناطق الجغرافية الأكثر تعرضاً للخطر، من حيث تأثير المناخ، وتحديد أولويات البلدان التي تحتاج إلى المساعدة وفقاً لملف المخاطر الخاص بها، فضلاً عن إدراج تغير المناخ رسمياً في اتفاقيات المياه العابرة للحدود، مع إعطاء الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية القادرة على تحمل تأثيرات ارتفاع منسوب مياه البحر والمخاطر الأخرى المرتبطة بالمناخ في المناطق الساحلية.

كما طالب المشاركون بتعزيز الابتكار في مجالات أنظمة المراقبة المتقدمة وتقنيات الإنذار المبكر والممارسات العسكرية المستدامة لتعزيز القدرات الأمنية، إضافة إلى بناء القدرات لتعزيز القدرة على الصمود والجاهزية على المستويين الوطني والدولي في مجالات علوم المناخ والتخطيط الأمني والقدرة على الصمود على مستوى المجتمع المحلي.

وشملت التوصيات أيضاً ضرورة تحديث وترقية المهام الخاصة بكل فرع من فروع الخدمة لصالح الابتكار الأخضر وخفض الانبعاثات وزيادة الاهتمام بالاستجابة للكوارث المرتبطة بتغير المناخ، مطالبين بزيادة وتشجيع الشراكات بين المؤسسات العسكرية والجهات الأخرى بما فيها الحكومات الأخرى والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، لتعزيز التحول في مجال الطاقة والاستفادة منه، لا سيما فيما يتعلق بكفاءة الطاقة والتقنيات منخفضة الكربون.

وقد شهد اليوم الثاني والختامي من مؤتمر “تريندز والمجلس الأطلسي” جلستين نقاشيتين، تطرقت الأولى إلى “الاقتصاد الأخضر ومستقبل تمويل المناخ”، وتناولت الثانية موضوع “تحول الطاقة وصافي الانبعاثات الصفرية”.

وبدأت أعمال اليوم الثاني من المؤتمر بكلمة افتتاحية، ألقاها آن ويتكوفسكي، مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الصراعات وعمليات إرساء الاستقرار ، قال فيها إن أزمة المناخ الواسعة النطاق تتطلب اعتماد تحول نوعي، وهناك ضرورة حتمية لتوسيع نطاق الشراكات لمواجهة المشاكل الناشئة عن تغير المناخ، ولا بد من إدراك التحدي، واعتماد نهج يشمل المجتمع ككل، وليس نهجاً قائماً على الحكومات وحدها، كما يجب أن يتسم هذا النهج بكونه متعدد الأوجه ومتدرجاً من القمة إلى القاعدة والعكس.

وناقشت الجلسة الأولى من اليوم الثاني، والتي حملت عنوان “الاقتصاد الأخضر ومستقبل تمويل المناخ”، وأدارتها موزة المرزوقي، رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في “تريندز”، الوقود الأحفوري وضرورة التدخل لسد فجوة تمويل المناخ وتحقيق اقتصادات الحجم “الوفرة”.

وتحدث أريئيل إزراهي، زميل أول غير مقيم في برامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي؛ ومدير استراتيجية المناخ في مؤسسة نيوفيست (NewVest)، حول “سياسات تشجيع التمويل الأخضر”، قائلاً إن التمويل الخاص هو المفتاح الناجع لنجاح التحول في مجال الطاقة، مؤكداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة بوابة مهمة وفعالة لحشد التمويل المناخي.

بينما تطرق ستيفن سكاليت، الخبير الاقتصادي في “تريندز” إلى “سلاسل الإمداد في الاقتصاد المناخي الجديد وإزالة الكربون وتحدي المرونة”، موضحاً أن الأمر لا يقتصر على إزالة الكربون، إذ يشمل أيضاً كهربة الاقتصاد والبنى التحتية الرقمية، كما أن سلسلة الإمداد عامل مهم من عوامل اقتصاد المناخ الجديد، خصوصاً المعادن والفلزات الحرجة، مضيفاً أن إقامة شراكات استراتيجية أمر حتمي، وقد انخرطت مجموعة السبع في شراكات معدنية، لكن إعادة الاستخدام والابتكار التكنولوجي هما أيضاً أمران مهمان في هذا الصدد.

أما مي الهاجري، مسؤولة الشراكات الاستراتيجية في مكتب أبوظبي للاستثمار، ومندوبة الشباب السابقة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، فتناولت في مداخلتها «الاستثمار الأخضر والاقتصاد المناخي المستقبلي»، مؤكدة أن نهج دولة الإمارات تجاه تغير المناخ طموح ومتنوع واستشرافي، موضحة أن العامل المميز هو قيام دولة الإمارات بإنشاء صندوق قوامه 30 مليار دولار، وهو يتسم بالشفافية والطموح، وسيساعد أيضاً على توفير فرص العمل وتحسين نوعية الحياة، مؤكدة أن الانتقال إلى الاستثمار الأخضر ليس بالأمر الهين، وسيتطلب تغيير العقلية المترسخة.

واستعرض المتحدثون في الجلسة الثانية “تحول الطاقة وصافي الانبعاثات الصفرية” آليات تحقيق أهداف المناخ العالمية، وأدار الجلسة الدكتور وضاح غانم الهاشمي، الرئيس الفخري لمعهد الطاقة بالشرق الأوسط، الذي أكد أن كثيرين يتحدثون عن الانتقال في مجال الطاقة، لكن في الواقع يُفترض أن نطلق عليه «ثورة الطاقة»، وهناك تفاؤل كبير بشأن التغيرات الحاصلة في دولة الإمارات، مرجعاً ذلك إلى إخلاص وجدية قيادة الدولة التي تتمتع برؤية مثيرة للإعجاب بشأن الانتقال في مجال الطاقة.

وفيما يتعلق بالتحول إلى الطاقة النظيفة في القطاع الخاص والجهات الحكومية والطريق إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، أوضح فيصل علي راشد، مدير إدارة الطلب على الطاقة بالمجلس الأعلى للطاقة في حكومة دبي، رئيس الفريق التطوعي لدفع التحول نحو صافي الانبعاثات الصفرية، أن الرحلة إلى الحياد المناخي ليست بالسهولة التي تبدو عليها من الوهلة الأولى، ومن منظور هندسي، حتى إذا بلغنا كهربة المركبات بنسبة 100%، فإن ذلك سيظل غير كافٍ لبلوغ الحياد المناخي.

وبين فيصل راشد أن دولة الإمارات تعتمد بشكل كبير على تحلية مياه البحر لدعم الاقتصاد، ولا بد لنا من تحقيق المزيد من الكفاءة في استخدام المياه، والانتقال من النهج المجزَّأ إلى النهج المتكامل، وبالمثل، لا بد من استغلال الفرص للاستفادة من المياه المعاد استخدامها والمياه الجوفية أيضاً.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی مجال الطاقة دولة الإمارات تمویل المناخ

إقرأ أيضاً:

5.5 مليار درهم محفظة أبوظبي الإسلامي في مجال التمويل المستدام


أبوظبي (الاتحاد)
وصلت قيمة محفظة أعمال مصرف أبوظبي الإسلامي في مجال التمويل المستدام إلى 5.567 مليار درهم.
وأصدر مصرف أبوظبي الإسلامي، تقريره السنوي للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والذي يسلّط الضوء على التقدم المحرز على مستوى مجموعة مصرف أبوظبي الإسلامي نحو بناء مجتمعات أكثر استدامة وتنوعاً وإنصافاً.
ويفصّل التقرير الجهود المستمرة التي يبذلها المصرف في مجال الحوكمة والاستدامة، وغيرها من المعطيات المهمة حول أداء المصرف وإدارة التزاماته للتعامل مع الأولويات البيئية والاجتماعية، بجانب دعم استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050 والرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي.
وأعلن المصرف أيضاً عن تحديد أهدافه لانبعاثات النطاق 1 والنطاق 2 للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2030، وكمية الانبعاثات الناتجة عن أنشطته التمويلية، ما أكد التزامه الراسخ بخفض بصمته الكربونية. يمكن الاطلاع على تقرير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لعام 2023 عبر الموقع الإلكتروني للمصرف.
وقال محمد عبدالباري، الرئيس التنفيذي لمجموعة مصرف أبوظبي الإسلامي بالإنابة: نحرص في مصرف أبوظبي الإسلامي على تأكيد التزامنا الراسخ بالابتكار والاستدامة مع الالتزام التام بمعايير الشريعة الإسلامية، ومن خلال دمج أطر العمل الصارمة ومبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ضمن أنشطتنا وعملياتنا، فإننا لا نعزز خدماتنا وعروضنا فحسب، بل نسهم أيضاً في المجهود العالمي لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للقطاع المصرفي. ونحن فخورون بما حققناه من إنجازات، بدء من اصدار أول صكوك خضراء مقومة بالدولار الأميركي تصدرها إحدى المؤسسات المصرفية على مستوى العالم، وصولاً إلى تحقيق أهدافنا للوصول إلى الحياد المناخي.

أخبار ذات صلة بني ياس والنصر يتصدران «السلوك المنضبط» في «المحترفين» عجمان يعتمد 3 مراحل لبرنامج الإعداد الصيفي

مقالات مشابهة

  • الدورة الـ10من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر تنطلق 2 أكتوبر
  • تنظيم الدورة العاشرة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2-3 أكتوبر 2024
  • “تريندز” يناقش جولته البحثية المقبلة في جنوب أفريقيا
  • 5.5 مليار درهم محفظة أبوظبي الإسلامي في مجال التمويل المستدام
  • جامعة الإمارات و”تريندز” يطلقان كتاب “الأمن المائي في دولة الإمارات”
  • رئيس الوزراء الأسبق: التغيرات المناخية أثرت على التنمية المستدامة في العالم
  • وزيرة البيئة: مصر بدأت فكر الاقتصاد الأخضر بتشريعات واضحة وحوافز للقطاع الخاص
  • 500 مليون دولار وفورات “أدنوك”من تطبيق 30 أداة للذكاء الاصطناعي
  • وزيرة البيئة: مصر لاعب قوى ورئيسي بالاتفاقيات البيئية الإقليمية والدولية
  • وزيرة البيئة تلقي كلمة في الملتقى السادس لاستراتيجات التحول نحو الاقتصاد الأخضر