عاصف الرفاعي.. أسير سرقت منه الاعتقالات تعليمه وصحته
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
أسير فلسطيني في "عيادة سجن الرملة" ويعد مرضه من أخطر الحالات المرضية في سجون الاحتلال الإسرائيلي. اعتقل في المرة الأولى عندما كان يبلغ من العمر 16 عاما، وتلت هذا الاعتقال 3 اعتقالات أخرى. وتعمدت السلطات الإسرائيلية إهمال حالته من الناحية الطبية، متبعة إستراتيجية "القتل البطيء"، فانتشر المرض بأجزاء مختلفة من جسده، ولم يفرج عنه على الرغم من أن التقارير الطبية أكدت خطورة وضعه.
ولد عاصف الرفاعي يوم 24 سبتمبر/أيلول 2002، في قرية كفر عين شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، لعائلة مكونة من أب وأم و3 إخوة و4 أخوات.
لكن لم يعرف الأسير عاصف الرفاعي معنى الحياة الطبيعية، ولم تتح له الفرصة ليعيش حياة هادئة في كنف أسرته، فقد اعتقل عدة مرات منذ أن كان طفلا كما تعرض لإصابات جسدية نتيجة استهدافه برصاص الاحتلال.
عندما كان عاصف يبلغ من العمر 6 أشهر فقط، اعتقلت قوات الاحتلال والده في أبريل/نيسان 2002، وأمضى السنوات العشر الأولى من حياته محروما من وجود والده إلى جانبه، إذ لم يكن يراه سوى في زيارات السجن المحدودة المتاحة للعائلة.
الاعتقال في سن صغيرةلم يتح للأسير عاصف الرفاعي متابعة تعليمه بسبب الإصابات والاعتقالات المتكررة التي تعرض لها. فعندما بلغ الـ15 من عمره أصيب برصاص قوات الاحتلال في أطرافه السفلية، وبعد عام فقط من هذه الحادثة، اعتقل للمرة الأولى.
بعد خروجه من السجن، أصيب ثانية في مواجهات مع قوات الاحتلال أسفرت عن اعتقاله للمرة الثانية، حيث أمضى عدة أيام في المعتقل هذه المرة، وفي اعتقاله الثالث مكث في السجون الإسرائيلية قرابة 10 أشهر.
إصابته بمرض السرطانخرج عاصف من السجن بعد اعتقاله الثالث، لكنه لم يخرج سليما، فقد انهار جسده بعد عدة أشهر وأصيب بسرطان القولون والغدد، وسط دهشة الأطباء من حالته، لا سيما أنه من المستبعد إصابة شاب عشريني بسرطان القولون.
وتدهورت حالة عاصف سريعا لينتشر السرطان بأجزاء أخرى من جسده بما في ذلك الكبد والأمعاء وجدار البطن. وزاد من معاناته صعوبة تلقيه العلاج، فقد رفضت سلطات الاحتلال منحه تصريحا لدخول القدس المحتلة للخضوع للعلاج.
وعلى الرغم من مرضه ومن التقارير الطبية التي أكدت سوء وضعه الصحي، اعتقلت قوات الاحتلال عاصف الرفاعي للمرة الرابعة يوم 24 سبتمبر/أيلول 2022، أي في يوم ميلاده الـ20.
لم تقتصر معاناة الأسير عاصف الرفاعي على الاعتقالات المتكررة التي سرقت منه مراحل طفولته وشبابه، بل عانى كذلك من تدهور حالته الصحية أكثر بسبب الإهمال الطبي المتعمد في مستشفى سجن الرملة، وهي إستراتيجية ممنهجة يتبعها الاحتلال مع المرضى المعتقلين من أجل قتلهم ببطء.
كانت آخر جلسة علاج كيميائي خضع لها الرفاعي قبل اعتقاله بشهرين فقط، وبحسب ما أفادت أسرته كان يفترض أن يخضع كذلك لـ4 جلسات إضافية.
طالبت أسرة الرفاعي بتقديم العلاج لابنهم أثناء تواجده في المعتقل، لكن إدارة سجون الاحتلال استمرت في المماطلة لمدة 6 أشهر، ورفضت عرضه على طبيب أورام مختص على الرغم من أن التقارير الطبية تشرح مدى خطورة حالته ومدى أهمية خضوعه للعلاج.
وبعد أن وافقت إدارة السجن على منح الأسير العلاج لم يتلقه سوى مرة واحدة فقط وكان خلالها مقيدا، وبسبب عدم استكمال الخطة اللازمة للعلاج زاد انتشار المرض في جسده.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، تدهورت الحالة الصحية للأسير عاصف الرفاعي بشكل ملحوظ، ونقل بعدها من مستشفى سجن الرملة إلى مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي لإجراء عملية جراحية بعد أن اكتشف الأطباء وجود ورم جديد في المسالك البولية، إذ تسبب الورم الجديد بضرر شديد في وظائف الكلية اليسرى.
ووفقا للتقارير الطبية الإسرائيلية فإن حالة عاصف الرفاعي هي الحالة الصحية الأكثر خطورة ضمن 24 حالة أخرى لمرضى مصابين بالسرطان في سجون الاحتلال لعام 2023.
وقد قدرت تلك التقارير أنه ربما يفصل الرفاعي عن الموت شهور قليلة فقط، وعلى الرغم من وضعه الحرج، لم يتم نقله إلى مستشفى مدني يتيح له تلقي الرعاية اللازمة، ويتيح له تواجد أفراد عائلته حوله.
مطالبات بالإفراجمع تدهور حالة الرفاعي بذلت العديد من الجهود للمطالبة بالإفراج عنه إلا أن سلطات الاحتلال لم تلق لها بالا. وقد حمّل نادي الأسير إدارة سجون الاحتلال المسؤولية عن مصير الأسير الرفاعي، وكافة الأسرى المرضى الذين يواجهون جريمة الإهمال الطبي، كما طالبت المنظمات الحقوقية بالتدخل للإفراج الفوري عن الرفاعي.
كذلك طالبت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، كافة المؤسسات الإنسانية والدولية والصليب الأحمر، بالوقوف إلى جانب الأسرى ليتمكنوا من الحصول على أبسط حقوقهم بالعلاج، في ظل الإهمال الطبي المتعمد والممنهج الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدف قتل المرضى بشكل بطيء وتعذيب ذويهم وعائلاتهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: سجون الاحتلال قوات الاحتلال عاصف الرفاعی على الرغم من
إقرأ أيضاً:
رايتس ووتش تدعو واشنطن لوقف الاعتقالات ضد الطلاب المناصرين لفلسطين
قالت "هيومن رايتس ووتش": إن على الحكومة الأمريكية التوقف عن استخدام قوانين الهجرة كوسيلة للاعتقال والترحيل التعسفي للطلاب والباحثين الدوليين بسبب آرائهم السياسية، لا سيما تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية. تأتي هذه التصريحات في وقت تعيش فيه الجامعات الأمريكية موجة من الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين، على خلفية تصاعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة وارتفاع أعداد الضحايا في صفوف الفلسطينيين.
ووفقاً للمنظمة، في تقريرها الأخير، فإن إدارة ترامب قامت بإلغاء تأشيرات مئات الطلاب، بل وشرعت في اعتقال بعضهم وترحيلهم، تحت مبررات غير قانونية وغير موثوقة. كانت أبرز تلك الحالات هي اعتقال الطالبة التركية رُمَيسا أوزتورك في مارس 2025، والتي كانت تدرس في "جامعة تافتس" الأمريكية، وحملها "منحة فولبرايت". أوزتورك تم اعتقالها بسبب مشاركتها في كتابة مقال رأي يؤيد الاعتراف بالإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين ويدعو إلى سحب الاستثمارات المرتبطة بإسرائيل. وبحسب السلطات الأمريكية، فإن أوزتورك كانت "ضالعة في نشاطات تدعم حماس"، وهو ما يعتبره البعض تبريراً واهياً لملاحقتها.
في نفس السياق، تم اعتقال محمود خليل، وهو خريج حديث من "جامعة كولومبيا"، في مارس 2025 أيضاً، وذلك بسبب مشاركته في احتجاجات طلابية تندد بالهجوم الإسرائيلي على غزة. ورغم أن خليل لم يُدان بأي جريمة من قبل الجامعة أو القضاء الأمريكي، فإن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية سعت إلى ترحيله بناءً على مشاركته في تلك الاحتجاجات.
تظهر هذه الإجراءات الجارية تزايد القمع ضد النشاط السياسي المرتبط بفلسطين، خصوصاً في الجامعات الأمريكية التي طالما كانت منابر للحرية الأكاديمية. في أبريل 2024، قوبلت احتجاجات الطلاب في الجامعات الأمريكية ضد الحروب في غزة بحملة اعتقالات واسعة، حيث تم احتجاز أكثر من 3,000 طالب في ربيع العام نفسه.
على الحكومة الأمريكية وقف عمليات الاعتقال والترحيل غير القانونية بحق الأكاديميين الداعمين لـ #فلسطين
تفاصيل ⬅️ https://t.co/ZjRmJd7ccR pic.twitter.com/D2x9dJ5hJM — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) April 3, 2025
ولا تقتصر هذه القمعية على الطلاب فقط، بل تشمل الأكاديميين أيضاً، حيث أثارت تصريحات إدارة ترامب موجة من القلق بشأن حرية التعبير في الأوساط الأكاديمية. فقد أشار مسؤولون في الحكومة الأمريكية إلى أن النشاطات المؤيدة لفلسطين تمثل تهديداً لمصالح السياسة الخارجية الأمريكية، وهو ما يعد تبريراً للتنصل من مسؤولياتها تجاه حرية التعبير.
الخلفية القانونية والحقوقية:
تستند الإدارة الأمريكية إلى "قانون الهجرة والتجنيس" لعام 1952 الذي يتيح لوزير الخارجية الأمريكي تحديد ما إذا كان وجود شخص في البلاد "يضر بمصلحة أساسية للسياسة الخارجية الأمريكية". وعلى الرغم من أن هذا النص يعطي سلطات واسعة للحكومة الأمريكية، إلا أن استخدامه ضد النشاطات السياسية المشروعة يعد انتهاكاً للحقوق الأساسية، ويشكل تهديداً لحرية التعبير داخل المجتمع الأكاديمي.
المنظمات الحقوقية، مثل "هيومن رايتس ووتش"، أكدت أن هذه الإجراءات تشكل تهديداً أوسع للحق في حرية التعبير، مشيرة إلى أن حرمان الأفراد من حقهم في التعبير عن آرائهم السياسية قد يساهم في خلق مناخ من الخوف داخل الجامعات، حيث يصبح الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية مجبرين على السكوت خشية من العقوبات والملاحقات.
التهديدات المستقبلية للحقوق السياسية: هذا التصعيد في إجراءات إدارة ترامب ضد الطلاب المناصرين لفلسطين يمثل سابقة خطيرة في التضييق على الحريات الأكاديمية والسياسية. ويخشى كثيرون أن يؤدي هذا النهج إلى مزيد من القمع ضد الأنشطة السياسية المشروعة في الجامعات الأمريكية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على القيم الديمقراطية التي لطالما تبجحت بها الولايات المتحدة.
ووفق "هيومن رايتس ووتش"، فإنه لا يمكن لأية حكومة أن تستمر في استخدام قوانين الهجرة كأداة للتسلط على حرية التعبير والنشاط السياسي في الجامعات.
وقالت: "يجب على الولايات المتحدة أن تراجع سياساتها المتعلقة بالاحتجاجات السياسية، وأن تضمن حماية حقوق الأفراد في التعبير عن آرائهم، بما في ذلك دعم حقوق الفلسطينيين، دون خوف من الاعتقال أو الترحيل التعسفي".