الأزمة الإنسانية تتفاقم.. سكان الخرطوم عالقون بسبب إغلاق الجسور
تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT
لا تزال التحديات تواجه المدنيين جراء الصراع الدائر بالسودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث تتقطع بهم السبل جراء إغلاق الجسور بالبلاد.
وكمثال للصعوبات البالغة التي يواجهونها، تروي السيدة السودانية زينب المهدي معاناة عائلتها التي لم تجد خيارا عند مغادرة بيتها في حي الدروشاب بشمال مدينة الخرطوم بحري إلى أم درمان المجاورة سوى المرور عبر مدينة شندي بولاية نهر النيل في شمال السودان.
وتقول زينب المهدي إن الحي الذي تسكنه أصبح في مرمى النيران، وتدور المعارك بالقرب من بيتها، لذا قررت المغادرة إلى منزل الأسرة الكبيرة بأم درمان، لكنها أوضحت أن الجيش السوداني أغلق جسر الحلفايا الرابط بين مدينتي بحري وأم درمان بالكتل الترابية من جهة أم درمان، وهو أقرب جسر لمنطقتها، إذ يستغرق المرور عبره حوالي ربع الساعة.
أما جسر شمبات الذي يربط مدينتها بأم درمان، فيقع في قلب الاشتباكات التي تدور بصورة شبه يومية، وهو دائما هدف للمدفعية الثقيلة والطائرات الحربية نظرا لوقوع معسكر المظلات التابع لقوات الدعم السريع أسفل الجسر من جهة بحري.
وأدى إغلاق معظم جسور العاصمة الخرطوم إلى صعوبات كبيرة في تنقل السكان والمركبات العامة في مدنها الثلاث، كما يواجه البعض صعوبات في السفر إلى الولايات المجاورة للخرطوم بالطرق المعتادة.
"من يعبر ينهب"وقالت زينب المهدي لوكالة أنباء العالم العربي "بات من الصعب المرور بجسر شمبات" حيث يرتكز في المباني أسفل الجسر من الجهتين قناصة يطلقون النار عشوائيا على كل من يشتبهون به، وأضافت أن أحد أقربائها أصيب بطلقة قناصة في كتفه الأيمن قبل نحو شهر خلال عبور الجسر، مؤكدة أن "من يتمكن من العبور يتعرض لنهب كل ما يحمله.. حتى السيارة ينهبونها".
وفضّلت العائلة المرور عبر مدينة شندي بولاية نهر النيل في شمال السودان ثم العودة إلى أم درمان بالطريق الغربي لنهر النيل تفاديا للنهب أو الإصابة.
إما اشتباكات وإما نهبيلجأ كثير من السكان المغادرين إلى ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض بوسط السودان المجاورتين للعاصمة في الجزء الجنوبي والجنوبي الغربي إلى العبور بالطريق الغربي إلى شندي شمالا ثم عطبرة إلى أن يستقر بهم المقام في رحلة تستغرق يومين إلى ثلاثة أيام، بينما لم تكن لتستغرق أكثر من أربع ساعات لو أن الجسور مفتوحة.
ويتخوف أغلب الذين يسلكون طريق جسر شمبات للتنقل أو للخروج من المنطقة إلى ولايات الوسط - وهو خط الإمداد الرئيسي لقوات الدعم السريع من غرب البلاد إلى مدينتي بحري والخرطوم - من وقوع اشتباكات أو نهب السيارات من قبل قوات عسكرية تنتشر على طول الطرق الرئيسية التي تربط ولايات شمال كردفان والنيل الأبيض والجزيرة.
ويقول عبد الرحمن ضو البيت، وهو سائق حافلة في الخطوط الداخلية للمواصلات العامة بولاية الخرطوم، إن التنقل بين مدن العاصمة الثلاث عبر الجسور بات ضربا من ضروب المستحيل بسبب إغلاق معظمها وانتشار عمليات النهب لدى التنقل، خاصة المركبات.
ومع صعوبة المرور عبر الجسور، بدأ ضو البيت في القيام برحلاته من أم درمان إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة في وسط السودان عن طريق شندي تفاديا لعمليات النهب، وهو الطريق الذي يفضله معظم المسافرين كونه أكثر أمانا رغم وعورته وبُعد المسافة.
ويضطر المسافرون إلى المبيت في إحدى المدن التي يمرون عبرها والتحرك في اليوم التالي.
وذكر ضو البيت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي أن الجيش أغلق من جهة واحدة جسري النيل الأبيض والإنقاذ اللذين يربطان الخرطوم بأم درمان ويؤديان إلى مستشفى السلاح الطبي العسكري ومنطقة سلاح المهندسين العسكرية، إلى جانب جسر الحلفايا من جهة أم درمان.
وفي ذات الوقت فإن جميع الجسور التي تربط الخرطوم بمدينة بحري مغلقة تماما ولا يستطيع أحد الاقتراب منها وفقا لضو البيت الذي أكد أن مدن العاصمة الثلاث باتت شبه منفصلة.
القوارب ملاذوتربط مدن العاصمة الثلاث تسعة جسور رئيسية هي (الحلفايا) و(شمبات) بين بحري وأم درمان، و(النيل الأبيض) و(الإنقاذ) بين الخرطوم وأم درمان، و(المك نمر) و(النيل الأزرق) و(كوبر) بين بحري والخرطوم و(المنشية) و(سوبا) بين الخرطوم وشرق النيل.
ويستقل بعض السكان قوارب خاصة من الخرطوم إلى أم درمان بسبب إغلاق الجسرين اللذين يربطانهما إغلاقا تاما. ويقول ضو البيت "هذه الطريقة ربما تعرضهم لمخاطر، لكنهم مجبرون".
أما مصعب شريف الذي ترك بيته بحي شمبات العريق بمدينة بحري مع بداية الاشتباكات بسبب انقطاع المياه ولجأ إلى شقيقه بأم درمان، فلم يتمكن من الوصول إلى بيته للاطمئنان على مقتنياته.
وقال إنه حاول العبور أكثر من مرة عبر جسر الحلفايا، لكن أفرادا من الجيش أبلغوه بأن الجسر مغلق وعليه الذهاب عن طريق جسر شمبات.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News معاناة الخرطوم السودانالمصدر: العربية
كلمات دلالية: معاناة الخرطوم السودان بأم درمان أم درمان من جهة
إقرأ أيضاً:
صنعاء تحت وطأة الجبايات الحوثية: إغلاق المحلات وسط كساد غير مسبوق
يتجه القطاع التجاري الى المزيد من التدهور في ظل استمرار ممارسات مليشيا الحوثي، التي لا تكتفي بإغلاق المحلات وفرض الأتاوات، بل تواصل تدمير ما تبقى من القدرة الشرائية للمواطنين التي قد تؤدي الى الانهيار الكامل.
تشهد شوارع العاصمة صنعاء أزمة حقيقية تُعبّر عن تدهور الوضع الاقتصادي بشكل ملموس، حيث تظهر مشاهد محزنة لعدد كبير من المحلات التجارية المغلقة على طول الشوارع الرئيسية، في وقت يواجه فيه أصحابها تحديات غير مسبوقة نتيجة للممارسات القمعية التي تنتهجها مليشيا الحوثي، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة بسبب انهيار الرواتب وضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
إغلاق مستمر وبلطجة حوثية
في جولة قصيرة داخل أسواق العاصمة، يلاحظ المارة أن حوالي 40% من المحلات التجارية مغلقة، وتلك التي لا تزال مفتوحة تعاني من قلة الزبائن. الكثير من هذه المحلات تحمل لافتات "مغلق من قبل مكاتب الأشغال - الصناعة والتجارة - الجهات المختصة - نيابة الأموال وغيرها.." في إشارة إلى القرارات التعسفية التي تصدرها مليشيا الحوثي، والتي لا تقتصر على فرض إغلاق المحال، بل تمتد لتشمل الممارسات البلطجية والابتزاز المالي.
ويُستخدم موظفو المليشيا وقياداتها أدوات قمعية تشمل الأقفال الحديدية والشمع الأحمر، بل وصل بهم الأمر إلى استخدام آلات اللحام لتثبيت الأبواب وتغلق المحلات بشكل نهائي.
كما يجبر التجار على دفع أتاوات غير قانونية بشكل مستمر، ما يزيد من معاناتهم ويزيد من تعميق الأزمة الاقتصادية.
المعاناة تتفاقم
وفي تصريح خاص لأحد التجار الذين اضطروا لإغلاق محالهم بسبب الممارسات الحوثية، قال التاجر (محمد ثابت): "لقد أغلقوا محلي قبل أسبوع، وبعدها اضطررت لدفع أتاوات غير قانونية لمجرد أن أتمكن من إعادة فتحه.
نحن نعاني من غياب كامل للأمن الاقتصادي، وفي نفس الوقت، نجد أن مليشيا الحوثي تفرض علينا المزيد من القيود والضرائب التي لا أساس لها من القانون، بينما نحن في أزمة حقيقية بسبب تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بعد نهب رواتبهم للعام التاسع على التوالي."
وأضاف: "حاولنا مراراً التواصل مع الجهات المعنية ولكن دون جدوى، والأمر يتفاقم بشكل يومي. لا أستطيع أن أستمر في هذا الوضع، والعديد من التجار في نفس الوضع يعانون من نفس المشكلات."
الكساد وضعف القدرة الشرائية
تعاني أسواق صنعاء من كساد واضح، حيث تظهر المحلات التجارية المغلقة بشكل متزايد وتبدو المدينة وكأنها فقدت جزءاً من حيويتها الاقتصادية.
ويرجع خبراء اقتصاديون هذا التدهور إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها الاستمرار في نهب رواتب الموظفين والعاملين في الدولة من قبل مليشيا الحوثي، ما أدي إلى تقليص القوة الشرائية للمواطنين وانعدام مصادر الدخل واحتكار الاستيراد عبر تجار وقيادات حوثية.
ويواجه التجار صعوبة بالغة في التكيف مع هذا الوضع الصعب، مع غياب الحلول الجذرية مما دفع الكثير منهم إلى بيع ممتلكاتهم أو إغلاق محلاتهم بسبب تراكم الديون وعدم القدرة على تلبية متطلبات الحياة اليومية.