نتنياهو وبايدن.. هكذا يختلف شركاء الحرب بشأن السلام (خبراء)
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
بدأ ينفد صبر وثقة حلفاء إسرائيل الإقليميين والدوليين في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الحرب التي يشنها على غزة، وبينما يسعى إلى إعادة احتلال القطاع وتعزيز احتلال الضفة الغربية، يتحدث حليفه في الحرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن حل الدولتين، وهو ما يظهر اختلافا استراتيجيا بينهما.
تلك القراءة طرحها خبراء، في تحليل بـ"معهد الشرق الأوسط بواشنطن" (MEI) ترجمه "الخليج الجديد"، بالتزامن مع اكتمال شهرين من الحرب المدمرة التي يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وهذه الحرب خلّفت حتى مساء الثلاثاء 16 ألفا و248 شهديا فلسطينيا، بينهم 7112 طفلا و4885 امرأة، بالإضافة إلى 43 ألفا و616 جريحا، فضلا عن دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، شنت حركة "حماس" في ذلك اليوم هجوما على مستوطنات وقواعد عسكرية بمحيط غزة، فقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239، بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونها 7800 فلسطيني.
اقرأ أيضاً
ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 15899.. وانقطاع كامل للاتصالات بالمدينة والشمال
احتلام أم استقلال؟
وبحسب بول سالم، الرئيس والمدير التنفيذي للمعهد، "تريد الولايات المتحدة وإسرائيل تدمير حماس؛ ولكن بينما تشن حكومة نتنياهو هذه الحرب لإعادة إخضاع غزة وتعزيز الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، يقول بايدن إن هدفه السياسي النهائي هو المضي قدما في حل الدولتين (فلسطينية بجوار إسرائيلية)".
وأضاف أنه "ينبغي على واشنطن أن تدرك هذا الاختلاف الاستراتيجي العميق، وأن تستخدم نفوذها الآن لمخاطبة الرأي العام الإسرائيلي بطريقة تبدأ بتشكيل الأحداث وتوجيهها نحو الاتجاه الأخير وليس الأول".
"وقد بدأ شركاء وحلفاء إسرائيل الإقليميين والدوليين، وفي المقام الأول الولايات المتحدة، ينفد صبرهم وثقتهم في قدرة حكومة نتنياهو على التوصل إلى خطة ذات مصداقية "لليوم التالي (لانتهاء الحرب)"، بحسب عيران عتصيون، وهم باحث غير مقيم.
وتابع: "وباستثناء أي أحداث منخفضة الاحتمال وعالية التأثير، فمن المرجح أن يتوقف القتال في المستقبل القريب مع بقاء أهداف الحرب الإسرائيلية بعيدة المنال، وهو الأمر الذي سيلقي نتنياهو باللوم فيه على الإدارة الأمريكية والأوروبيين واليسار الإسرائيلي وسائل الإعلام الدولية والإسرائيلية".
وحتى الآن، يُصر نتنياهو على استمرار الحرب حتى إعادة بقية الأسرى من غزة، وإنهاء حكم "حماس" المتواصل للقطاع منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.
اقرأ أيضاً
5 دول تطالب بتحقيق الجنائية الدولية في جرائم حرب بالأراضي الفلسطينية
تفاقم الكارثة الإنسانية
ناصر المصري، وهو زميل دراسات عليا في برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية بالمعهد، قال إن "الهدنة المؤقتة لم تفعل سوى القليل نسبيا لتقديم المساعدة للفلسطينيين؛ إذ لا يزال الوصول إلى الخدمات الصحية والوقود والغذاء محدودا للغاية والوضع متدهور بشكل متزايد".
ورأى أن "إسرائيل تظل بلا استراتيجية عسكرية واضحة في غزة، ولن تؤدي حملة القصف المكثفة التي تشنها إلا إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، في حين تضغط الولايات المتحدة عليها لحملها على إحراز تقدم بسرعة أكبر".
وبالأساس وحتى قبل الحرب، يعاني سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون نسمة، من تداعيات كارثية جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعة في عام 2006.
اقرأ أيضاً
بايدن لإسرائيل: إعادة احتلال غزة خطأ كبير.. وحل الدولتين هو السبيل الوحيد
المحكمة الجنائية
و"تسلط الزيارة غير الرسمية التي قام بها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية الضوء على الجهود المبذولة للتواصل مع السلطات، على الرغم من عدم اعتراف إسرائيل بالمحكمة والوصول المحدود للهيئة القضائية الدولية إلى غزة"، كما قال كارول كسباري، وهو باحث غير مقيم.
واستدرك كسباري: "لكن زيارة خان المقيدة والتفاعل المحدود مع جماعات حقوق الإنسان الفلسطينية أثارت مخاوف بشأن حياد المحكمة، كما أثارت انتقادات لفشله في معالجة جرائم الحرب التي حددها المدعون السابقون للمحكمة".
ووفقا لبريان كاتوليس، نائب رئيس المعهد لشؤون السياسة، "يسلط تجدد الصراع بعد انهيار وقف إطلاق النار الضوء على التناقضات داخل استراتيجية إدارة بايدن، ومع تجاهل دعوات الولايات المتحدة لضبط النفس (من جانب إسرائيل)، تقترب المنطقة من حافة تصعيد أوسع".
وتتخوف إسرائيل والولايات المتحدة من تداعيات احتمال تحول الحرب على غزة إلى حرب إقليمية، لاسيما مع إيران والجماعات المتحالفة معها في دول بينها لبنان واليمن والعراق وسوريا.
وتدعم إيران وحلفاؤها المقاومة الفلسطينية، وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل إسرائيل منذ عقود احتلال أراضٍ في كل من فلسطين وسوريا ولبنان.
اقرأ أيضاً
تحذير أممي من كارثة إنسانية تحدث أمام عدسات الكاميرات في غزة
المصدر | معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: بايدن نتنياهو شركاء حرب السلام غزة فلسطين الولایات المتحدة اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
إلى الحرابلة في مأزق لا للحرب: المستقبل يُبنى في الحاضر
وسط النزاع الدامي الذي يعيشه السودان، اختارت مجموعة من القوى السياسية والمجتمعية تبني موقف "لا للحرب"، وعرفت باسم "الحرابلة". ورغم أن هذا الموقف يبدو مبدئياً وشجاعاً، إلا أنه يواجه تحديات حقيقية، لا سيما في ظل التعقيد العسكري والسياسي الحالي. فرفض الحرب وحده لا يكفي، بل يتطلب تقديم بدائل عملية مقنعة تمهد لمستقبل أكثر استقراراً وعدالة.
الغضب الشعبي وانتهاكات الدعم السريع
يواجه الحرابلة معضلة كبرى تتعلق بالغضب الشعبي المتصاعد بسبب الانتهاكات الوحشية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مختلف المناطق، وكذلك قام الجيش والمليشيات المتحالفة معه بجرائم وهي أيضاً مدانة، إلا أن جرائم مليشيا الدعم السريع كانت ممنهجة ومتكررة وكبيرة العدد بحيث أصبح من الاستحالة حصرها، وبعضها في مناطق ليس فيها تواجد حتى لنقطة شرطة، هذه الجرائم دفعت الآلاف من المدنيين للاستنفار وحمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم واستعادة منازلهم وأراضيهم، ما يجعل دعوات وقف الحرب تبدو منفصلة عن واقع الضحايا ومعاناتهم. فكيف يمكن للحرابلة إقناع المتضررين بموقفهم دون أن يظهروا بمظهر الحياد البارد؟
معضلة السلطة الصفرية
الحرب الدائرة في السودان قائمة على معادلة صفرية، حيث يسعى كل طرف لإلغاء الآخر عسكرياً أو سياسياً تحت ذرائع مختلفة كاذبة، سواء كانت هدم دولة ٥٦ والقضاء على الكيزان وجلب الديمقراطية او حرب كرامة. في ظل هذه المعضلة، يصبح الحديث عن السلام دون تفكيك هذه المعادلة مجرد ترف سياسي. فكيف يخطط الحرابلة للتعامل مع هذا الواقع؟ وهل لديهم رؤية واضحة تضمن عدم تكرار تجارب الفشل السابقة التي بنيت على تقاسم السلطة مع العسكريين دون مساءلة ومحاسبة على الإنتهاكات؟. وفي خطاب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب دعا للقاء يجمع البرهان وحميدتي وهو ما يوحي بتفصيل دور سياسي لهم بعد الحرب ويقول المثل "من جرب المجرب حاقت به الندامة"
التدخلات الخارجية والموقف الانتقائي
لا يمكن فهم الحرب في السودان دون النظر إلى التدخلات الخارجية التي تغذيها. وبينما يركز البعض على الدعم الذي يتلقاه الجيش، يتم تجاهل الدعم الإماراتي الواسع لمليشيا الدعم السريع. هذا الانتقائية في الطرح تضعف مصداقية تيار "لا للحرب"، فهل يملكون الجرأة على رفض جميع أشكال التدخل الخارجي بوضوح؟. كذلك دعا حمدوك في خطابه بتاريخ ٤ مارس حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب لتشكيل قوة أفريقية و/أو دولية لحفظ السلام، وهذا أمر يبدو بعيد المنال في ظل تقليص الولايات المتحدة دورها الخارجي في أفريقيا وبالتالي دعم قوات حفظ السلام وهي الممول الأكبر لها. كما أن اعتقال ياسر عرمان في كينيا وإطلاق سراحه في تحليلي يبدو بايعاز من كفيل الدعم السريع لكينيا لتوجيه رسالة ل"صمود" لرفضهم مساندة حكومة مليشيا الدعم السريع، أكثر من تنفيذ مذكرة إعتقال حمراء للانتربول والشواهد كثيرة.
الانقسامات الداخلية وخطر التفكك
مع تصاعد الخلافات داخل تيار "لا للحرب"، بدأت بعض مكوناته تدعم مشاريع سياسية مرتبطة بمليشيا الدعم السريع، بل وظهرت كيانات موالية له في مناطق سيطرته. هذا التوجه يثير تساؤلات حول ما إذا كان التيار لا يزال معارضاً للحرب، أم أصبح غطاءاً سياسياً لمشاريع إعادة تشكيل السودان وفق أمر واقع جديد؟. وهل كان هذا الإنحياز للمليشيا يؤثر على مواقف تقدم قبل إنقسامها وتسبب في تضارب رسائلها الإعلامية للسودانيين؟
الضعف الإعلامي وغياب الرسالة الموحدة
تعاني قوى "لا للحرب" من ضعف إعلامي واضح، إذ تفتقر إلى خطاب موحد ومؤثر يصل إلى الشارع السوداني. عليهم تقديم رؤية تخاطب مخاوف المواطن البسيط. فهل يدركون أن مجرد رفع شعار "السلام" دون ربطه بحلول واقعية ويعالج تفكير المواطن البسيط لن يكسبهم تأييد الشارع؟.
غياب الشفافية وإرث المرحلة الانتقالية
كثير من قادة هذا التيار كانوا جزءاً من المشهد السياسي بعد سقوط البشير، ولم يلبوا تطلعات الشارع حينها. هذا الإرث السياسي يضعف الثقة في خطابهم الحالي، لا سيما في ظل غياب بيانات واضحة منهم في كثير من المواقف أثناء الحرب، بل وتضاربها أحياناً. كذلك لم يوضحوا جهودهم وخططهم لوقف الحرب للشارع السوداني.
"لا للحرب" وحدها لا تكفي
في ظل هذه التحديات، يظل السؤال مفتوحاً كيف يمكن تحقيق السلام دون معالجة الغضب الشعبي الناجم عن الانتهاكات؟ وهل لديهم تصور عملي لنزع سلاح المليشيات مع الطرفين التي باتت أمراً واقعاً؟ إذا كانوا يرفضون التدخلات الخارجية، فلماذا يتجاهلون دعم الإمارات للدعم السريع وهي خطر عليهم أيضاً حيث ترفض وتعيق أي تحول ديمقراطي؟ وأخيراً، إذا انتهت الحرب بسيطرة الطرفين كل على جزء من البلاد، فما هو موقفهم من المستقبل، أم أن "لا للحرب" مجرد شعار لا يتجاوز هذه المرحلة؟
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد