يبدو أن الهجمات المدعومة من إيران على السفن في البحر الأحمر، قد وضعت القيادة الأمريكية المركزية في الشرق الأوسط في مأزق، إلى حد كبير.

واضطرت إلى استخدام منصة "إكس" لتوضيح ماهية الهجمات التي وقعت على ثلاث سفن تجارية مختلفة مرتبطة بـ 14 دولة كانت تُبحر في المياه الدولية جنوب البحر الأحمر، ( دون تحديد هوية مالك السفينة، أو الطاقم العامل بها، أو الجهة التي يتم الشحن إليها).

وأوضحت منشورات الإدارة الأمريكية أن المدمّرة "يو إس إس كارني" من فئة "آرلي بيرك" قد استجابت لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها السفن وأسدت إليها يد العَون.

و رصدت المدمرة كارني هجومًا صاروخيًا مضادًا للسفن شُنّ من منطقة الحوثيين في اليمن واستهدف السفينة التجارية "يونيتي إكسبلورر".

 وبعد أقل من ثلاث ساعات، أسقطت المدمرة "كارني" طائرة بدون طيار أُطلقت باتجاهها من اليمن، وبعد 35 دقيقة أخرى أبلغت سفينة "يونيتي إكسبلورر" عن قصفها بصاروخ. وفي إطار مساندة السفينة التجارية، أسقطت "كارني" طائرة بدون طيار أخرى.

اقرأ أيضاً

تزامنا مع حرب غزة.. شعبية بايدن تقترب من أدنى مستوياتها خلال رئاسته

لم تمضِ ثلاث ساعات على هذا الهجوم حتى أصيبت سفينة تجارية أخرى - تحمل الإسم "رقم 9" - بصاروخ، وبعد مرور ساعة، أرسلت السفينة "صوفي 2" نداء استغاثة بعد إصابتها. وفي معرض التعامل مع كل هذا، أسقطت مدمرة "كارني" طائرة بدون طيار أخرى.

وجاء كل ذلك في أعقاب هجوم شُنّ في المنطقة نفسها الشهر الماضي، عندما تم الاستيلاء على سفينة بعد أن هبطت مروحية يمنية على متنها وخرج منها جنود مسلحون. وتم في الواقع إيقاف الهجوم على سفينة أخرى عندما احتمى الطاقم في غرفة آمنة، وأُلقي القبض على المهاجمين الذين يُفترض أنهم قراصنة صوماليون.

إيران.. تحدي واشنطن المباشر

وحسب "سايمون هندرسون" مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومتخصص شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج الفارسي.. فإن التفسير البسيط للأحداث هو أن نظام الحوثيين في اليمن يهاجم السفن التي ترتبط بشكل ما بالإسرائيليين -حتى لو كانت مُلكيتها جزئية- احتجاجًا على العمليات التي تقوم بها إسرائيل في غزة في محاولة لضمان إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم حركة "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. 

وأصبح من الواضح أن التي تتحكم في أعمال الحوثيين، وحزب الله في لبنان والهجمات على القوات الأمريكية في سوريا والعراق أيضًا هي إيران، بصرف النظر عن الضغط الذي تمارسه أعمال الحوثيين على إسرائيل، فإن إيران تعدّ تحديا مباشرا للولايات المتحدة.

و قال هندرسون: يشكّل الحوثيون مجموعة عرقية تعيش في شمال اليمن، وهم من أتباع أحد المذاهب الشيعية، ووصلوا إلى السلطة بسبب الانقسامات في الحكومات السابقة في العاصمة صنعاء، وهم لا يسيطرون على البلاد بأكملها بل المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان.

اقرأ أيضاً

واشنطن تفرض قيودا على دخول مستوطنين لأراضيها بسبب ممارساتهم بالضفة الغربية

 وقد فشلت الجهود التي بذلتها كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لهزيمتهم، مما أدى إلى إحراج هاتين الدولتين الأكثر ثراءً وجيشيهما المجهزين جيداً.

 وتابع: تساعد واشنطن في التوسط في اتفاق سلام، ولكنه يصطدم بالتفاصيل، ويعقّد الحوثيون الأمور إما بتشجيع من إيران أو دون تشجيعها.

وبالنسبة لواشنطن، تعدّ هذه المهمة مثيرة للغضب، إذ تمكنت مجموعة من رجال القبائل المسلحين بالبنادق، والمزودين ببعض الصواريخ التي قدمتها إيران، من التغلب على قوة الجيش الأمريكي وتعريض طريق عبور بحري رئيسي للخطر.

ويقع باب المندب مباشرة إلى الجهة الجنوبية من عرض البحر الذي وقعت فيه الهجمات الأخيرة، وهو الممر الذي يبلغ عرضه 29 كيلومترًا بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا ويمر عبره الكثير من سفن الشحن الدولية، من بينها تلك التي تنقل كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي.

ومما سبق تبين أن القوة العسكرية الأمريكية أضعف مما يعتقده دافعو الضرائب؛ خاصة أنه تم نشر ما لا يقل عن مجموعتين من حاملات الطائرات الضاربة في المنطقة، إحداهما في شرق البحر الأبيض المتوسط، والأخرى في الخليج العربي.

ومن التطورات الدبلوماسية المثيرة للاهتمام أن واشنطن لا تقدم الدعم الكامل لاستراتيجية إسرائيل الحالية بسبب القلق بشأن التكاليف الإنسانية الناجمة عن تجدد القتال بعد انهيار وقف إطلاق النار في الأسبوع الماضي.، فتوقع إسرائيل بأن الأمر سيستغرق شهورا لهزيمة "حماس" يؤدي إلى ارتعاد أوصال المسؤولين الأمريكيين.

اقرأ أيضاً

واشنطن بوست: قضاء إسرائيل على حماس لا يزال هدفا بعيد المنال 

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران واشنطن البحر الأحمر الحوثيون حزب الله الإدارة الأمريكية

إقرأ أيضاً:

هآرتس: الحرب مع إسرائيل تعزز قبضة الحوثيين على الداخل وتثير قلق دول الخليج (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة عبرية إن الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وجماعة الحوثي يعزز قبضة الأخيرة على الداخل اليمني ويثير في الوقت نفسه قلق دول الخليج العربي.

 

وذكرت صحيفة "هارتس" في تحليل للباحث تسفي برئيل وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن الحرب المستمرة تحافظ على النظام الصارم للحوثيين في اليمن، وليس هناك يقين من أنه إذا انتهت الحرب في غزة، أو إذا طلبت إيران منهم وقف هجماتها، فإن المتمردين سيتوقفون عن إرهاب إسرائيل والبحر الأحمر.

 

وقال التحليل إن اتفاق الرواتب، وهو نتاج لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 2022 بين الحكومة اليمنية والحوثيين، يشكل انتصارا مهما للحوثيين لأنه قد يزيل على الأقل عنصرا واحدا من القائمة الطويلة من العوامل التي تشكل تهديدا مستمرا لاستقرار نظام الحوثيين الذي سيطر على صنعاء في عام 2014.

 

وأضاف "في مواجهة هذه الترتيبات والاتفاقيات التي تدعم نظام الحوثيين، قد يتساءل المرء عن مدى تأثير هجمات إسرائيل على ميناء الحديدة وأهداف أخرى على قدرة النظام على مواصلة الحرب أو ردعه عن إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

نطاق العمليات الإسرائيلية محدود

 

وحسب التحليل فإن الأمر الأكثر أهمية هو أنه على الرغم من الصور المثيرة للإعجاب القادمة من المواقع المتضررة وانقطاع التيار الكهربائي المرتبط بها، فإن نطاق العمليات الإسرائيلية في اليمن محدود. ومع ذلك، لا يرجع هذا إلى نقص القدرات العسكرية. فعندما يتم ضرب ميناء الحديدة، لا يتوقف الضرر في مناطق الحوثيين، بل يؤثر على البلاد بأكملها.

 

وطبقا للصحيفة فإن الحديدة هي ميناء الدخول ليس فقط للأسلحة الإيرانية والمساعدات العسكرية، ولكن أيضًا للمساعدات الإنسانية المخصصة لنحو 70 في المائة من سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر. وكان هذا أيضًا السبب وراء تجنب الولايات المتحدة وشركائها في التحالف العسكري الذي أنشأته في البحر الأحمر لمكافحة التهديد الحوثي مهاجمة الميناء باستمرار.

 

ووفقا للصحيفة العبرية فإن استراتيجية الاستجابة الأمريكية تقوم على مبدأ "الردع والتدهور" في مواجهة الحوثيين في اليمن، وهو ما يعني عمليًا ضرب القواعد العسكرية ومواقع إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، ولكن ليس البنية التحتية المدنية.

 

قلق دول الخليج

 

وترى أن إدارة بايدن، التي لا تخلو إدارتها لحملة البحر الأحمر من التناقضات، سعت دون جدوى إلى اتباع سياسة ثنائية، تعزيز المفاوضات بين شطري اليمن بيد واحدة والعمل بقوة ضد الإرهاب الحوثي الذي شل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد العالمي بشكل عام ودول المنطقة بشكل خاص.

 

وقالت "للوهلة الأولى، لا تواجه إسرائيل مثل هذه المعضلة، ولا يشكل تدمير البنية التحتية المدنية عقبة في اعتباراتها الاستراتيجية. ولكن أكثر من غزة ولبنان، والآن في سوريا، يجب على اسرائيل أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط المصالح والسياسات الأمريكية، ولكن أيضًا مصالح وسياسات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.

 

وأردفت "لم تنضم هذه الدول إلى التحالف العسكري المناهض للحوثيين الذي أنشأته واشنطن، على الرغم من الأضرار الاقتصادية التي تعاني منها. ويتمثل خوفها الرئيسي في أن يضعها الحوثيون على قائمة أهدافهم ويجددون هجماتهم على الأصول الاقتصادية الحيوية - وخاصة على المنشآت النفطية، كما فعلوا في عام 2019، عندما تضررت منشآت أرامكو".

 

وأوضحت أن هجمات من هذا النوع دفعت أبو ظبي إلى الانسحاب من التحالف العسكري الذي أنشأته المملكة العربية السعودية في عام 2017 وتوثيق علاقاتها مع إيران مقابل الهدوء من جانب الحوثيين. ولا تزال السعودية ترى نفسها وسيطًا في عملية السلام الداخلية في اليمن، والتي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى إنشاء حكومة يمنية يكون الحوثيون شركاء فيها.

 

وأفادت أن مصر حاولت التفاوض مع الحوثيين من أجل السماح لحركة المرور في قناة السويس بالتعافي، ولكن حتى الآن دون جدوى.

 

حرب البحر الأحمر تخدم سياسة الحوثي

 

وزادت هارتس "النتيجة هي أنه في حين أن إسرائيل شريكة في التحالف العسكري في البحر الأحمر، والذي يعتمد بشكل أساسي على القوات الأمريكية والبريطانية في اختيار أهداف هجماته، إلا أنها مقيدة بـ "الخطوط الحمراء" التي تمليها دول المنطقة، وعلى الرغم من توسيع نطاق الهجمات، إلا أنها لا تزال تبدو ملتزمة بنهج إدارة بايدن "الردع والتدهور".

 

"ولا يُتوقع أن يضمن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل توسيع القيود المفروضة على الاستجابات العسكرية. لقد دعم ترامب حرب المملكة العربية السعودية في اليمن، وفي عام 2019 استخدم حق النقض ضد مشروع قانون لخفض مبيعات الأسلحة إلى الرياض بسبب الكارثة الإنسانية الشديدة التي تسببت فيها الحرب في اليمن"، حد قول الصحيفة.

 

"لكن ترامب كان أيضًا الرئيس الذي أجبر السعوديين على بدء مفاوضات مع الحوثيين وحتى صرح بأن الحرب في اليمن لن تنتهي بقوة السلاح بل على طاولة المفاوضات"، وفق التحليل.

 

في غضون ذلك، لا يزال طموح انهيار النظام الحوثي من خلال استهداف البنية التحتية المدنية ومصادر الدخل -حسب التحليل- بعيدًا عن التحقق. مشيرا إلى إن ميناء الحديدة هو في الواقع مصدر دخل مهم للنظام، لكنه ليس المصدر الوحيد.

 

وتطرقت الصحيفة الإسرائيلية إلى إعلان الحوثي أن "الأميركيين يدفعون النظام السعودي نحو تصرفات حمقاء وعدوانية لن نقبلها. وحقيقة أننا منخرطون في "نظام الدعم" لغزة (مصطلح يرمز إلى وحدة الجبهات) لا تعني أننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء ضد تصرفاتهم الجنونية. سنرد بالمثل. الموانئ ضد الموانئ، والمطارات ضد المطارات، والبنوك ضد البنوك". وقد نجح التهديد، وتراجعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن قرارها.

 

وحسب هارتس فإن الحرب في البحر الأحمر تخدم السياسة التي يفرضها الحوثي على مواطنيه، فضلا عن فرض التجنيد العسكري والنضال الدؤوب ضد المنافسين السياسيين.

 

وخلصت صحيفة هارتس في تحليلها إلى القول "رغم أن صنعاء جزء من "حلقة النار" التي أنشأتها إيران، فإن بقاء النظام يشكل أولوية قصوى بالنسبة للمتمردين، والحرب المستمرة تخدم هذا الهدف. وبالتالي، ليس هناك يقين من أن الحرب في غزة ستنتهي، وحتى لو طلبت إيران من الحوثي وقف إطلاق النار في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، فقد لا يمتثل".


مقالات مشابهة

  • هكذا أصبحت عمليات اليمن ترند مِنصات الإعلام
  • وزير الخارجية: واشنطن تسعى لربط ملف السلام في اليمن بوقف التصعيد في البحر الأحمر
  • البحرية الأمريكية كادت أن تسقط مقاتلة أخرى فوق البحر الأحمر
  • معارضون في تل أبيب: يجب على إسرائيل أن تضرب إيران بشكل مباشر إذا كانت تريد وقف الحوثيين
  • النفوذ الإيراني في اليمن على المحك.. إلى أين تتجه المواجهة بين إسرائيل والحوثيين؟
  • هآرتس: الحرب مع إسرائيل تعزز قبضة الحوثيين على الداخل وتثير قلق دول الخليج (ترجمة خاصة)
  • انفجاز يهز السفينة الروسية في البحر وفقدان فردين من طاقمها
  • زعيم إسرائيلي معارض: يجب على إسرائيل أن تضرب إيران بشكل مباشر إذا كانت تريد وقف الحوثيين
  • تقرير أمريكي: الحوثيون عدو إسرائيل في اليمن من الصعب على واشنطن ردعهم (ترجمة خاصة)
  • الحوثيون يؤكدون إسقاط مقاتلة أميركية أعلنت واشنطن سقوطها بالخطأ