باريس تحتفي بالذكرى الخمسين لإعلان الأمم المتحدة العربية لغة رسمية
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
يتزامن الاحتفال هذا العام باليوم العالمي للغة العربية مع الذكرى الخمسين لإعلانها إحدى اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.
وتتنوّع الفعاليات في العاصمة الفرنسية بشكل ملحوظ، وتتصدّرها أنشطة منظمة اليونسكو ومعهد العالم العربي بدعم من مركز أبوظبي للغة العربية، وجامعة السوربون في باريس التي تُسلّط الضوء على برامجها الجامعية باللغة العربية، بالإضافة إلى مراكز ثقافية عربية عدّة، يُشارك فيها باحثون وأكاديميون ومسؤولو مؤسسات دولية وشعراء وأدباء وطلبة فرنسيون وعرب.
وتأتي احتفالية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة لعام 2023 تحت شعار "العربية: لغة الشعر والفنون"، حيث أكدت المنظمة الدولية أنّ اليوم العالمي للغة العربية منبر ثابت للتعمّق في المناقشات بشأن لغة الضّاد في تشكيل المعارف والتحوّلات المُجتمعية من خلال الشعر، فضلاً عن تأثيرها في الفنون مع تعزيز التنوّع الثقافي والحوار بين الثقافات.
وتتمحور جلسات اليونسكو بهذه المناسبة حول الفلسفة والشعر العربي، اللغة العربية والفنون وتوسيع آفاق التنوّع الثقافي، واللاتينيون العرب: البصمة العربية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. كما تُنظّم منظمة اليونسكو ندوة للوقوف على النتائج الأولية التي خلص إليها التقرير المُرتقب عن دور اللغة العربية في الإدماج الاجتماعي وصونه في كنف المجتمعات المحلية الناطقة باللغة العربية في أوروبا مع تعزيز انخراطهم في المجتمعات المُضيفة.
ودأبت اليونسكو منذ عام 2012 على إحياء اليوم العالمي للغة العربية بتاريخ 18 ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، وتتمثّل الغاية من ذلك في إبراز أهمية اللغة في لمّ الشمل لإجراء حوار بَنّاء بين الثقافات، وتشكيل التصوّرات، وتعزيز التفاهم في المشهد العالمي الحالي الذي يتّسم بالاضطرابات. ويُذكر أنّه في نفس ذلك اليوم من العام 1973، تمّ اعتماد اللغة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 3190 في دورتها الـ 28، لتكون بذلك إحدى اللغات الرسمية الست في كافة المنظمات الدولية التابعة لها.
من جهته يحتفي معهد العالم العربي في باريس باليوم العالمي للغة العربية بفعاليات مكثفة تمتد من 13 – 18 ديسمبر (كانون الأول)، والتي تتفاعل بشكل خاص مع معرض "عطور الشرق" الذي يُقدّم برنامجاً يتمحور حول الرويات القصيرة في الأدب العربي التي تدور رحاها حول العطور، حيث شهد مجال الرواية القصيرة في السنوات الأخيرة نهضة جديدة وفقاً للمعهد.
ويتخلّل أسبوع اللغة العربية الذي يُقيمه معهد العالم العربي بدعم من مركز أبوظبي للغة العربية، قراءات أدبية وشعرية، وعروض فنية، وجلسات نقاش، وجولات سياحية، ودورات تعليمية، بالإضافة إلى أمسيات وحوارات موسيقية عربية- يونانية. ويُختتم أسبوع المعهد بسلسلة من المقابلات حول أنشطته تُجريها إذاعة مونت كارلو الدولية، وتُنشر عبر الموقع الإلكتروني للإذاعة ومنصّات التواصل الاجتماعي التابعة لها بهدف الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من عُشّاق لغة الضّاد.
من جهته يحتفي المركز الثقافي الجزائري في باريس باللغة العربية في يومها العالمي، حيث يُسلّط الضوء بشكل خاص على شخصيتين بارزتين في اللغة والثقافة العربية، هما المفكر والناقد الجزائري الراحل عبد الملك مرتاض أحد أعلام الأدب العربي وعضو لجنة تحكيم أمير الشعراء الذي تُنظّمه أبوظبي. كما يحتفي المركز بالمؤرخ والمُستعرب الفرنسي المتخصص في اللغة والأدب العربي أندريه ميكل الذي كرّس حياته لخدمة اللغة العربية وآدابها حتى رحيله في نهاية العام 2022. ويُشارك في احتفالية اليوم العالمي باللغة العربية الروائي الجزائري والأستاذ الجامعي واسيني الأعرج، والشاعرة والأديبة الفرنسية الجزائرية لويزا ناظور.
يُشار إلى أنّه حسب تصنيف المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية ووسائل إعلام فرنسية، فإنّ العربية هي اللغة الأجنبية الأكثر انتشاراً في فرنسا. ويحظى التوسّع في تعليم لغة الضّاد بدعم حكومي فرنسي على أعلى المستويات عبر تسهيل تعلّمها في المدارس الرسمية. كما وشهد مركز اللغة والحضارة في معهد العالم العربي بالعاصمة الفرنسية إقبالاً مُتزايداً للتسجيل في دورات تعلّم لغة الضّاد، وذلك بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية.
وتُعزّز لغة الضّاد حضورها في المشهد التعليمي والثقافي في فرنسا، بالتزامن مع تخافت الضجيج الذي سبق وأن أثارته بعض الأوساط النيابية والإعلامية التي أبدت مُعارضتها لأسباب سياسية ودينية يحكمها الخوف من التطرّف، كما كان يُعتقد من قبل أنّ تعليم العربية قد يُشكّل عقبة أمام الاندماج في المُجتمع ويمنع أن يُصبح المُهاجر فرنسياً، وهو ما ثبت عدم صحّته.
وكان معهد "مونتاني" الفرنسي المتخصص في الدراسات والبحوث قد حذّر في تقرير أعدّه للرئاسة الفرنسية من خطورة التوجّه للمراكز الدينية بهدف تعلّم اللغة العربية، ولذلك فإن إتاحتها في المدارس الحكومية يعمل على خلق فضاء من الاندماج يسوده التنوّع الثقافي واحترام قوانين الجمهورية الفرنسية.
وأكدت اليونسكو عبر منصّاتها الإلكترونية أنّ لغة الضّاد ألهمت الإبداع في الشعر والفنّ لعدّة قرون، مُوجّهة الدعوة لمُحبّيها للمُشاركة في تكريم أثر اللغة العربية وجمالها، وتسليط الضوء على أهميتها كإحدى أكثر اللغات العالمية انتشاراً، وتعزيز الوعي بالمحافظة عليها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة باريس الیوم العالمی للغة العربیة معهد العالم العربی اللغة العربیة فی باللغة العربیة فی الم
إقرأ أيضاً:
اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطناعي
دعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) الحكومات والهيئات العامة والخاصة وجميع المعنيين بخدمة اللغة العربية، من أفراد ومؤسسات ومجامع لغوية، إلى استثمار الإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لدعم اللغة العربية وتعزيز انتشارها وتوسيع نطاق استخدامها.
وأكدت المنظمة، في بيان صدر بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18 ديسمبر/كانون الأول، على أهمية تكييف الذكاء الاصطناعي مع خصائص اللغة العربية، وتطويعه لتجاوز الصعوبات المرتبطة بطبيعة أبنيتها، والنقص في الأدوات التكنولوجية، وضعف المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت.
وشدد البيان على أن أعظم خدمة يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي للغة العربية هي تيسير تعليمها وتعلمها، وتمكين الأفراد والمؤسسات من إنتاج المعارف والعلوم باستخدام تطبيقات ونظم الذكاء الاصطناعي. وأوضحت المنظمة أن تحقيق هذا الهدف يبدأ بوضع سياسات متكاملة لتطوير اللغة العربية، ضمن مشروع تنموي مستدام يدمج الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم والثقافة والاقتصاد، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما دعت المنظمة إلى تنفيذ برامج كبرى يقودها الشباب المبدع، الذين يمتلكون مهارات الابتكار وريادة الأعمال، وقادرون على قيادة الشركات الناشئة التي تسهم في خلق الثروة وبناء اقتصاد مستدام.
إعلانوأشارت "الألكسو" إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة ثمينة لزيادة الوصول إلى محتوى رقمي عربي متنوع يشمل المعارف والإبداعات الفكرية والثقافية والعلمية، إلى جانب رقمنة التراث العربي وتيسير الترجمة الآلية بين اللغة العربية واللغات الأخرى.
ولفت البيان إلى أن المنظمة شرعت في تنفيذ مشاريع وبرامج تعزز هذا التوجه، من أبرزها إطلاق إطار مرجعي مشترك للغة العربية، بهدف دعم مستقبل اللغة العربية وتمكين مستخدميها أينما كانوا.
إمكانات هائلةوفي حوار للجزيرة نت مع الباحث الجزائري المتخصص في الذكاء الاصطناعي نور الدين هواري، اعتبر أن اللغة العربية تمتلك إمكانات هائلة لاستيعاب التطورات التقنية في الذكاء الاصطناعي، مشددا على أهمية العمل الجماعي لتطوير نماذج لغوية عربية قوية وتعزيز مكانة اللغة في العالم الرقمي.
يؤكد الدكتور هواري أن نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة مثل "جيميناي 2″ و"جي بي تي-4" قد أحرزت تقدما كبيرا في معالجة اللغة العربية، مما يفتح آفاقا واسعة لتطبيقات مثل الترجمة الآلية، والتعليم الإلكتروني، وصناعة المحتوى الرقمي الموجه للمتحدثين بالعربية.
نور الدين هواري يرى أن تعريب التخصصات التقنية خطوة ضرورية لربط المتعلمين بتراثهم الثقافي واللغوي (مواقع التواصل الاجتماعي)بينما تشمل أبرز العقبات نقص البيانات المصنفة عالية الجودة، وتعقيد البنية اللغوية، وتنوع اللهجات، مما يزيد من صعوبة بناء نماذج معالجة طبيعية شاملة ودقيقة، كما يرى هواري.
ويرى هواري أن تعريب التخصصات التقنية ليس مستحيلا، بل هو خطوة ضرورية لربط المتعلمين بتراثهم الثقافي واللغوي، مع دمج المصطلحات الإنجليزية لضمان الفهم الدقيق، معتبرا تنوع اللهجات ثروة ثقافية، لكنه يمثل تحديا تقنيا يتطلب بيانات ضخمة لتطوير أنظمة فعالة في الترجمة والتفاعل الصوتي.
إعلانوأشاد بمبادرات مثل "علّام" في السعودية و"فنار" في قطر و"جيس" في الإمارات، مؤكدا أنها خطوات مهمة لتعزيز حضور اللغة العربية في مجال الذكاء الاصطناعي، ودعا إلى التركيز على بناء قواعد بيانات عربية قوية، والانخراط في المجتمعات البحثية، والاستفادة من الأدوات والنماذج مفتوحة المصدر، مع تطوير معايير تقييم خاصة باللغة العربية.
ويؤكد هواري أن مستقبل اللغة العربية واعد في عصر الذكاء الاصطناعي، مع فرص كبيرة لتحسين الترجمة الآلية، وتيسير تعلم اللغة العربية، وتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي.