أميركا.. لماذا تُنكِر قتل الاحتلال الصهيوني للمدنيين في غزة؟
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
تواصل الولايات المتحدة الأميركية سقوطَها الأخلاقي المدوي؛ دعمًا كليًا وشاملًا، وشراكة للكيان الصهيوني في عدوانه البربري على قطاع غزة.
"الإمبراطورية الأميركية" تمزق بنفسها قناع زعامة وقيادة ما يُسمى بـ "العالم الحر"؛ كاشفة عن تجرّدها من "قيم الإنسانية، والتحضر، والمدنية"، التي تأبى قتل المدنيين، وحصارهم، وتجويعهم، والإبادة الجماعية لهم وتهجيرهم.
لذا، لم يكن غريبًا، أن تزعم "وزارة الخارجية الأميركية" في بيان لها (الاثنين)، أنها "لم ترَ أي دليل على قتل إسرائيل المدنيين عمدًا، خلال حربها على قطاع غزة".
سبق بيانَ الخارجية الأميركية ، تصريحٌ لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي قال: "إن بلاده لن تسمح لحركة حماس، بالانتصار على إسرائيل". الوزير أوستن، وبيان الخارجية الأميركية، ومن قبلهما، الإدارة الأميركية بكل مكوناتها، سائرين على درب واحد؛ تأييدًا أعمى للكيان الصهيوني، وتبريرًا لجرائمه الوحشية، وحمايته من المُساءلة.
زرع الكراهيةوكأنّ "الإدارة الأميركية"، لا ترى هذا "الكّم الهائل من القذائف، والقنابل الحارقة، والخارقة للتحصينات"، أميركيّة الصنع، وربما المُحرّمة دوليًا، المُلقاة- من طائرات جيش الاحتلال، طوال 60 يومًا (عدا أيام الهُدنة السبعة)- فوق رؤوس "سُكان" القطاع، لتحصد أرواحهم، وتحيل أجسادهم أشلاءً، دون إغاثة أو دواء أو علاج للجرحى الناجين من الموت، ليلحقوا بمن سبقوهم شهداء عند ربهم.
"الولايات المتحدة"، بهذا "التعامي"- عن الكوارث الناجمة من العدوان البربري، على المدنيين العُزّل من سكان القطاع، إضافة إلى دعمها العسكري، والاستخباراتي، والسياسي والمادي، والمعنوي، غير المحدود، للكيان الصهيوني- تثير السخط والغضب والنفور، وتجلب لنفسها البُغض والكراهية.
تتذاكى أميركا على العالم، عندما يتساءل كُتّابها ومُنظروها في براءة مفتعلة: لماذا يكرهوننا؟، وذلك عقب قيام تنظيم القاعدة بضرب رمز الحضارة الأميركية: برجَي التجارة بمركز التجارة العالمي (11 سبتمبر/ أيلول 2001)، الكائن بمدينة نيويورك.
دروس 11 سبتمبرلكل تجربة "درسان متناقضان"؛ أحدهما إيجابي مُفيد، والثاني سلبي مُهلِك، يختار المرء- وكذلك الدول-، منهما، ما يراه الأصلح، والأنفع له.
لكن الولايات المتحدة، لم تقرأ تجربة ودروس 11 سبتمبر 2001، على الوجه الصحيح، فقد أعمتها غطرسة القوة. فمثلما يفعل الكيان الصهيوني في قطاع غزة، اندفعت "أميركا" بشهوة انتقامية جامحة، كما الثور الهائج، تصبّ القنابل والحُمَم على الشعب الأفغاني، وقامت بغزو أفغانستان الذي استمرّ 20 عامًا (2001- 2021)، لتجني في النهاية هزيمة ساحقة ومُهينة، ومزيدًا من الكراهية، وبقيت "حركة طالبان" التي توعّدوها بالاجتثاث والمحو.
تجاهلت الإدارة الأميركية دلالات استدعاء وتداول الشباب الأميركي، قبل عدة أسابيع، رسالةَ زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن المنشورة في صحيفة الغارديان البريطانية (عام 2002)، التي شرح فيها تفصيلًا "أسباب الكراهية" للولايات المتحدة بموضوعية شديدة.
تمركزت هذه الأسباب حول الانحياز والدعم الأميركي للكيان الصهيوني في جرائمه اليومية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني؛ قتلًا، وتشريدًا، وتهجيرًا، واعتقالًا، وإذلالًا وإهانة، وسرقةً لـ "حقوقه المشروعة"، المُعتَرف بها أمميًا.
رؤية بن لادنكان بوسع الأميركان التوقّف، والمراجعة لدعمهم الكيان الصهيوني، مثلما كان يمكنهم المصارحة مع النفس، عقب غزو أفغانستان، لتقصّي إجابة السؤال الشاغل لهم: (لماذا يكرهوننا؟)، حتى لو استرشدوا برسالة عدوّهم "بن لادن"، وهي رسالة تنطوي على رؤية عميقة للصراع، لكنهم، في كل مرّة، لا يتعلّمون من تجاربهم.
عام 2003 اخترعت أميركا أكذوبة امتلاك "العراق" أسلحة الدمار الشامل، وقامت بغزوه واحتلاله (2003- 2011)، بينما الغرض الحقيقي، كان استعماريًا؛ لنهب ثرواته، وتدميره، حتى لا يمثل إزعاجًا لها، أو "للكيان الصهيوني" المتوجِّس خيفةً منه، والذي لا يريد لأي دولة أخرى في المنطقة، امتلاك أي أسباب للقوة أو النهضة.
قتلت القوات الأميركية والتحالف الغربي، خلال سنوات الاحتلال، نحو 150 ألف مدني عراقي – إن لم يكن أكثر في بعض التقديرات- وتسبَّبا في هجرة 1.6 مليون شخص وَفقًا لتقارير أممية، ثم تركته أسيرًا للعنف الذي زرعت بذوره.
عار قتل المدنيينلا يختلف الحال كثيرًا في حرب "الولايات المتحدة" على فيتنام الشمالية (1964- 1975)، الشيوعية الموالية للاتحاد السوفياتي- (تفكّك عام 1991، لترثه روسيا الاتحادية) – المنافس لأميركا وقتها. فقدت فيتنام نحو مليون شخص قتلوا في الحرب غالبيتهم من المدنيين، وارتكب الجيش الأميركي مجازر أيضًا هناك، قبل أن ينسحب مهزومًا، مدحورًا، مُهانًا.
إن "قتل المدنيين" هو سلوك استعماري أصلًا، ويُعد "عارًا"، والولايات المتحدة الأميركية، لم تنجُ من هذا العار، فلها باعٌ طويل في هذا المسلك المشين أخلاقيًا، وإنسانيًا، على نحو ما فعلت في أفغانستان، والعراق، وفيتنام.
كما أنّ عار قتل المدنيين، يلاحق "جيش الاحتلال الصهيوني"، الذي هو امتدادٌ للعصابات الصهيونية التي ارتكبت مجازر بشعة ضد الفلسطينيين عام 1947، أسفرت عن نكبة 1948، بتهجير مئات الآلاف منهم، مثلما يسعى هذا الجيش النازي، لتَكرار النكبة في قطاع غزة، بتمويل ودعم أميركي، ومشاركة فعليّة.
سيف حقوق الإنسانالساسة الأميركيون والغربيون، يعتنقون "الفلسفة البراغماتية" في نسختها السياسية، التي تعني- باختصار- أن "الأفكار، والقيم والمُثل، والمبادئ"، ليست معيارًا، فالنفع العائد من تطبيقها، هو المعيار، فإن لم يكن لها نفع، أو عائد، فلا لزوم لها، ولا قيمة.
هكذا، فالولايات المتحدة- وتفسيرًا لموقفها المشارك بالعدوان على غزة- ترى في "الكيان الصهيوني" حليفًا إستراتيجيًا، وأداة لها، وعصا غليظة، بالمنطقة، ومن ثَمّ تسانده بكل قوة.
بقي أنَّ ما تزعمه أميركا عن رعايتها "حقوق الإنسان"، هو مجرد سيف تتسلّط به على رقاب الحُكام المستبدّين، لإرغامهم على السير فيما ترسمه لهم من مسارات.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة للکیان الصهیونی قتل المدنیین قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة توثق تقارير مروعة عن الانتهاكات بولاية الجزيرة السودانية
وثّق صندوق الأمم المتحدة للسكان "تقارير مروعة" عن الانتهاكات التي تعرضت لها النساء بولاية الجزيرة وسط السودان منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالتزامن مع "مجازر" وهجمات "غير مسبوقة" تشنها قوات الدعم السريع على مناطق بالولاية.
وتشهد الولاية هجمات غير مسبوقة من قوات الدعم السريع منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقب انشقاق قائدها بالولاية أبو عاقلة كيكل وانضمامه إلى الجيش السوداني.
وتشمل الانتهاكات التي وثقها صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقرير -نشر أمس الأول الثلاثاء- روايات "صادمة" عن العنف الجنسي، ورحلات نزوح طويلة بلغت أياما مشيا على الأقدام.
خريطة ولاية الجزيرة (الجزيرة)وأفاد بعض النازحين إلى ولاية القضارف شرق السودان بأنهم رأوا "نساء يلقين بأنفسهن في النهر لتجنب تعرضهن للإساءة من رجال مسلحين"، بينما أوضحت مستشارة تابعة للصندوق بالقضارف أن الناجيات من العنف الجنسي يهربن ويختبئن، لأن أسرهن يدعوهن للانتحار "لغسل العار"، على حد تعبيرها.
وقالت المستشارة إن "عددا من الفتيات زودهن إخوتهن وآباؤهن وأعمامهن بالسكاكين، وأمروهن بقتل أنفسهن إذا تعرضن للتهديد بالاغتصاب"، مضيفة أنهن "ينكرن ما حدث لهن أو يخشين أن يتم اتهامهن أو استهدافهن، خشية أن يفقدن حياتهن إذا كشفن عن تجاربهن".
وفي مخيم النازحين بولاية كسلا شرقي البلاد، شاركت ناجيات تحذيرات مؤلمة من عائلاتهن قبل مغادرتهن، إذ قال لهن ذويهن: "إذا رأينا مقاتلين مسلحين يأتون إلى القرية ويحاولون اغتصابك، فسوف نقتلك لحمايتك قبل أن يحدث هذا".
وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان إنه سمع "تقارير مثيرة للقلق عن أعمال نهب وتهديدات وهجمات واسعة النطاق على المنازل، أدت إلى نزوح جماعي، وتعرضت للهجوم عائلة نازحة أطلق عليها الصندوق اسم (علياء)، مما أجبرها على الفرار سيرًا على الأقدام".
وأشار التقرير إلى أن تصاعد الصراع في ولاية الجزيرة أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص، ومن بينهم العاملون في مجال الصحة، وتعرضت 6 مرافق صحية على الأقل للهجوم، وتم نقل المرضى إلى مراكز صحية بديلة، رغم أن "واحدًا فقط من كل 4 مراكز صحية يعمل حاليًا في الجزيرة".
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالسودان إنه أحصى خلال أقل من شهر نزوح أكثر من 343 ألف شخص في أنحاء ولاية الجزيرة، بسبب تصاعد الاشتباكات العنيفة.