رياض سلامة يعطّل مسار الملاحقة القضائية القائمة بحقّه
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
كتب يوسف دياب في" الشرق الاوسط":نجح حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في تعطيل إجراءات الملاحقة القضائية القائمة بحقه في لبنان، وقطع الطريق على تشكيل أي هيئة قضائية تتولى النظر في ملفّه العالق أمام الهيئة الاتهامية وقاضي التحقيق الأول في بيروت، وذلك عبر الدعوى التي أقامها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، لمخاصمة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، عمّا سمّاه «الخطأ الجسيم» الذي ارتكبه الأخير جرّاء تعيين هيئة اتهامية للنظر بالطعن المقدم من هيئة القضايا في وزارة العدل، بقرار قاضي التحقيق السابق في بيروت شربل أبو سمرا، الذي ترك سلامة رهن التحقيق بعد ثلاث جلسات استجواب أخضع لها.
وأفاد مصدر قضائي مطلع بأن «خطوة سلامة بمخاصمة القاضي رزق الله، قطعت الطريق على إمكانية تعيين أي هيئة اتهامية جديدة، لبتّ الطعن المقدم من هيئة القضايا بقرار القاضي أبو سمرا».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الملفّ سيبقى مجمداً لوقت طويل، باعتبار أن رزق الله هو المرجعية التي تعيّن أو تنتدب هيئة قضائية، تقرر ما إذا كان قرار أبو سمرا قانونياً أم لا».
تداعيات دعاوى سلامة لا تتوقف على تكبيل القضاء اللبناني بما خصّ قضيته، بل أعاقت تعاون لبنان مع القضاء الأوروبي في الملفات العائدة له، وأشارت مصادر مواكبة لهذا الملفّ لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النيابة العامة التمييزية تسلمت في الأيام الماضية مستندات إضافية من القضاء السويسري تتعلّق بحسابات رياض سلامة ومقربين منه في المصارف السويسرية، وذلك تلبية لطلب القضاء اللبناني، لكن قاضي التحقيق لن يتمكن من التحقيق فيها بسبب وجود الملفّ لدى الهيئة الاتهامية».
وأوضحت أن «توقف التحقيق اللبناني أعاق مسألة تسليم القضاء الألماني مستندات لبنانية تتعّلق بحسابات سلامة في المصرف المركزي، كانت النيابة التمييزية تسلمتها قبل أسابيع من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان».
كان قاضي التحقيق الأول في بيروت (السابق) القاضي شربل أبو سمرا (أحيل على التقاعد منتصف الشهر الماضي)، عقد ثلاث جلسات تحقيق متلاحقة استجوب فيها سلامة بالدعوى المقامة ضدّه بجرائم «الاحتيال والاختلاس والتزوير وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع»، وقرر تركه رهن التحقيق بانتظار استجواب شقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، إلا أن رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر سارعت إلى استئناف قرار ترك سلامة أمام الهيئة الاتهامية، وعلى الأثر قبلت الهيئة الاتهامية المناوبة هذا الاستئناف وحددت جلسة لاستجواب رياض سلامة، لكنّ الأخير لم يحضر جلسة استجوابه لعدم تبلّغه أصولاً موعدها، فتقرر إرجاؤها إلى موعد لاحق وإعادة تبليغه بواسطة هيئة اتهامية ثانية كانت قيد المناوبة في العطلة القضائية، وفي موعد الاستجواب المحدد انتقل الملف إلى الهيئة الاتهامية الأصيلة بعد انتهاء العطلة القضائية، وقبل موعد الجلسة الثانية بدقائق، تقدّم وكيل سلامة بدعاوى مخاصمة ضدّ الهيئات الاتهامية الثلاث التي تعاقبت على الملفّ، ما أجبر الهيئة الأصيلة أيضاً على رفع يدها عن الملفّ بانتظار بتّ دعاوى المخاصمة.
واستند وكيل سلامة في ادعاءاته على أن «الهيئة الاتهامية، وبمجرّد قبول الاستئناف المقدم من هيئة القضايا، تكون خالفت القانون، لأنه لا يحقّ لها كمرجع استئنافي لقرارات قاضي التحقيق أن تتصدّى للملفّ وتحدد جلسة وتستدعي المدعى عليه (رياض سلامة) للمثول أمامها من أجل استجوابه والتوسع بالتحقيق طالما أن استجوابه ما زال قائماً أمام قاضي التحقيق، كما أن الهيئة لا يمكن أن تضع يدها على الملفّ إلّا بعد أن ينهي قاضي التحقيق استجواباته ويصدر القرار الظني».
وعلى أثر دعاوى المخاصمة للهيئات التي تعاقبت على الملفّ، سارع الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف إلى تعيين غرفة الاستئناف التي ترأسها القاضية رولا الحسيني لتصبح هيئة اتهامية تبتّ بملفّ سلامة، إلّا أن سلامة أقدم عبر وكيله القانوني على تقديم دعوى مخاصمة ضدّها، ما دفع القاضية الحسيني إلى التنحّي عن الملفّ، إلى أن وقعت المفاجأة بدعوى مخاصمة الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف القاضي حبيب رزق الله.
ورأى المصدر القضائي أن «هذه الخطوة تهدف إلى قطع الطريق على محاولة تعيين أي هيئة للنظر بملفّ سلامة وإبقاء قضيته في التجميد لأشهر وربما سنوات طويلة». وقال إن «هذه الدعاوى شكّلت حماية لرياض سلامة من الملاحقة أو أي قرار بتوقيفه، خصوصاً وأن المخاصمة طالت هذه المرّة المرجعية القضائية التي تعيّن الهيئات التي يفترض بها أن تتولى النظر في هذا الملفّ»، عاداً أن «ملفّ الحاكم السابق وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، بات في وضع يشبه وضع ملفّ تفجير مرفأ بيروت، المعطّل منذ أكثر من سنتين بعشرات دعاوى الردّ والمخاصمة المقامة ضدّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الهیئة الاتهامیة قاضی التحقیق هیئة القضایا ریاض سلامة أبو سمرا رزق الله فی بیروت من هیئة
إقرأ أيضاً:
بعد فوزه بولايته الثانية.. كيف سيتعامل «ترامب» مع الملف الليبي؟
مع فوز “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتجه أنظار العالم حول كيفية تعامله في الصراعات التي تجوب العديد من البلدان، لا سيما منطقة الشرق الأوسط، فكيف يتوقّع الخبراء والمحللين أن يكون تعامل “ترامب” مع الملف الليبي؟
وفي هذا السياق، صرح المحلل السياسي، إدريس أحميد، بأن “انتخاب الرئيس ترامب سيترك تأثيرات محتملة على الأزمة الليبية، حيث تمتلك الإدارة الأمريكية عدة ملفات ذات أولوية، أبرزها الاقتصاد، إلى جانب قضايا الصين والاتحاد الأوروبي والناتو وروسيا والملف الإيراني، مما يجعل الملف الليبي جزءًا من أولوياتها بحسب الترتيب والأهمية”.
وأضاف أحميد لوكالة “سبوتنيك”، “أن إدارة “بايدن أبدت اهتمامًا بالملف الليبي على مستوى السفراء والإدارات المختلفة وسعت إلى تعزيز الوجود الأمريكي في ليبيا، بينما يتميز نهج ترامب بالتركيز على الحد من التصعيد وتجنب الحروب”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “ترامب” قد يسعى لبناء تفاهمات مع روسيا حول قضايا ثنائية، أبرزها الملف الأوكراني، مما قد ينعكس إيجابيًا على ليبيا، خاصة في ظل تفضيل ترامب للوصول إلى مرحلة تفاهم مع روسيا”.
وأكد على “ضرورة وعي الليبيين بأن ملفهم يعد أحد الملفات المطروحة أمام الولايات المتحدة، التي تتعامل معه وفقًا لما يتوافق مع مصالحها، فإذا كانت هناك رغبة صادقة لدى الأطراف الليبية للوصول إلى حل، ستعمل الولايات المتحدة على دعم هذا التوجه، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالحها الاقتصادية”.
وأوضح أن إدارة “ترامب” السابقة كانت قد تناولت الملف الليبي بتركيز على الحد من الفوضى، ومن المتوقع أن تتعاون مع الجهات الفاعلة والقوية في ليبيا لتحقيق الاستقرار”.
وأشار إلى أن “إدارة “ترامب” تتعامل مع جميع الأطراف الليبية وفق منظور المصالح المشتركة، ولن تعارض إجراء انتخابات ليبية قادمة، كما قد تسعى لتعزيز العلاقات مع الأطراف الليبية القادرة على تقديم رؤى تتماشى مع سياستها وتخدم مصالحها”.
بدوره، صرح المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، إلياس الباروني، “بأن الملف الليبي لم يكن ضمن أولويات إدارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” في السابق، لكن صدور “قانون دعم الاستقرار في ليبيا” من الكونغرس الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة من فترة حكمه شكل نقلة نوعية في تعامل الإدارة الأمريكية مع ليبيا، وإن كان ذلك برؤية “خجولة” لم ترق لمستوى التحديات الحقيقية على الأرض”.
وأوضح الباروني لـ”سبوتنيك”، “أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه ليبيا كانت ضعيفة وغير متفاعلة، إذ كان الملف الليبي خارج دائرة التركيز مقارنة بتفاعل واشنطن مع قضايا أخرى تحتل أولويات أعلى، ما أتاح المجال لقوى أخرى للتدخل”.
وتوقع الباروني، “أنه بعد فوز ترامب بولاية ثانية، فقد نشهد تحولًا في نهجه إزاء الملف الليبي، نظرًا لأن “ترامب” ينظر إلى ليبيا باعتبارها فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية”.
وأشار إلى أن “الإدارة قد تسعى إلى المساهمة في حل الأزمة الليبية بشكل يخدم مصالح الولايات المتحدة، خاصة وأن ترامب قد أكد مرارًا على أهمية تقوية الجيش الأمريكي لتعزيز السلام وإنهاء الحروب، ما يعكس تغيرًا في خطابه السياسي وربما في تعامله مع الأزمات الدولية”.
واعتبر الباروني، “أن عودة “ترامب” إلى الحكم سيكون لها أثر كبير على الساحة الأمريكية والدولية، خاصة في ظل التراجع الذي شهدته الولايات المتحدة خلال فترة حكم بايدن وضعف أدائه مقارنة بترامب، الذي يتميز بقوة الحضور وقدرته على تحريك الرأي العام”.
وأضاف أن “الإدارة الأمريكية المقبلة، إذا قادها ترامب، ستواجه تحديات ضخمة، من أبرزها ضرورة إعادة النفوذ الأمريكي لاستعادة التوازن الدولي، خصوصًا في القضايا الهامة وعلى رأسها الأزمة الليبية”.
وأشار إلى أن “هناك إمكانية لتحقيق السلام في ليبيا، بالنظر إلى مرونة ترامب في التعامل مع روسيا، مما قد يؤدي إلى تقارب أكبر في مقاربة الأزمة الليبية”.
ورأى “أن هذا التقارب قد يدفع نحو تحقيق الأهداف التي تسعى إليها الأطراف الليبية والمجتمع الدولي، بما في ذلك إنهاء المرحلة الانتقالية وإنجاز الدستور المدعوم من الشارع الليبي”.