كتب يوسف دياب في" الشرق الاوسط":نجح حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في تعطيل إجراءات الملاحقة القضائية القائمة بحقه في لبنان، وقطع الطريق على تشكيل أي هيئة قضائية تتولى النظر في ملفّه العالق أمام الهيئة الاتهامية وقاضي التحقيق الأول في بيروت، وذلك عبر الدعوى التي أقامها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، لمخاصمة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، عمّا سمّاه «الخطأ الجسيم» الذي ارتكبه الأخير جرّاء تعيين هيئة اتهامية للنظر بالطعن المقدم من هيئة القضايا في وزارة العدل، بقرار قاضي التحقيق السابق في بيروت شربل أبو سمرا، الذي ترك سلامة رهن التحقيق بعد ثلاث جلسات استجواب أخضع لها.


وأفاد مصدر قضائي مطلع بأن «خطوة سلامة بمخاصمة القاضي رزق الله، قطعت الطريق على إمكانية تعيين أي هيئة اتهامية جديدة، لبتّ الطعن المقدم من هيئة القضايا بقرار القاضي أبو سمرا».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الملفّ سيبقى مجمداً لوقت طويل، باعتبار أن رزق الله هو المرجعية التي تعيّن أو تنتدب هيئة قضائية، تقرر ما إذا كان قرار أبو سمرا قانونياً أم لا».
تداعيات دعاوى سلامة لا تتوقف على تكبيل القضاء اللبناني بما خصّ قضيته، بل أعاقت تعاون لبنان مع القضاء الأوروبي في الملفات العائدة له، وأشارت مصادر مواكبة لهذا الملفّ لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النيابة العامة التمييزية تسلمت في الأيام الماضية مستندات إضافية من القضاء السويسري تتعلّق بحسابات رياض سلامة ومقربين منه في المصارف السويسرية، وذلك تلبية لطلب القضاء اللبناني، لكن قاضي التحقيق لن يتمكن من التحقيق فيها بسبب وجود الملفّ لدى الهيئة الاتهامية».
وأوضحت أن «توقف التحقيق اللبناني أعاق مسألة تسليم القضاء الألماني مستندات لبنانية تتعّلق بحسابات سلامة في المصرف المركزي، كانت النيابة التمييزية تسلمتها قبل أسابيع من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان».
كان قاضي التحقيق الأول في بيروت (السابق) القاضي شربل أبو سمرا (أحيل على التقاعد منتصف الشهر الماضي)، عقد ثلاث جلسات تحقيق متلاحقة استجوب فيها سلامة بالدعوى المقامة ضدّه بجرائم «الاحتيال والاختلاس والتزوير وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع»، وقرر تركه رهن التحقيق بانتظار استجواب شقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، إلا أن رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر سارعت إلى استئناف قرار ترك سلامة أمام الهيئة الاتهامية، وعلى الأثر قبلت الهيئة الاتهامية المناوبة هذا الاستئناف وحددت جلسة لاستجواب رياض سلامة، لكنّ الأخير لم يحضر جلسة استجوابه لعدم تبلّغه أصولاً موعدها، فتقرر إرجاؤها إلى موعد لاحق وإعادة تبليغه بواسطة هيئة اتهامية ثانية كانت قيد المناوبة في العطلة القضائية، وفي موعد الاستجواب المحدد انتقل الملف إلى الهيئة الاتهامية الأصيلة بعد انتهاء العطلة القضائية، وقبل موعد الجلسة الثانية بدقائق، تقدّم وكيل سلامة بدعاوى مخاصمة ضدّ الهيئات الاتهامية الثلاث التي تعاقبت على الملفّ، ما أجبر الهيئة الأصيلة أيضاً على رفع يدها عن الملفّ بانتظار بتّ دعاوى المخاصمة.
واستند وكيل سلامة في ادعاءاته على أن «الهيئة الاتهامية، وبمجرّد قبول الاستئناف المقدم من هيئة القضايا، تكون خالفت القانون، لأنه لا يحقّ لها كمرجع استئنافي لقرارات قاضي التحقيق أن تتصدّى للملفّ وتحدد جلسة وتستدعي المدعى عليه (رياض سلامة) للمثول أمامها من أجل استجوابه والتوسع بالتحقيق طالما أن استجوابه ما زال قائماً أمام قاضي التحقيق، كما أن الهيئة لا يمكن أن تضع يدها على الملفّ إلّا بعد أن ينهي قاضي التحقيق استجواباته ويصدر القرار الظني».
وعلى أثر دعاوى المخاصمة للهيئات التي تعاقبت على الملفّ، سارع الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف إلى تعيين غرفة الاستئناف التي ترأسها القاضية رولا الحسيني لتصبح هيئة اتهامية تبتّ بملفّ سلامة، إلّا أن سلامة أقدم عبر وكيله القانوني على تقديم دعوى مخاصمة ضدّها، ما دفع القاضية الحسيني إلى التنحّي عن الملفّ، إلى أن وقعت المفاجأة بدعوى مخاصمة الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف القاضي حبيب رزق الله.
ورأى المصدر القضائي أن «هذه الخطوة تهدف إلى قطع الطريق على محاولة تعيين أي هيئة للنظر بملفّ سلامة وإبقاء قضيته في التجميد لأشهر وربما سنوات طويلة». وقال إن «هذه الدعاوى شكّلت حماية لرياض سلامة من الملاحقة أو أي قرار بتوقيفه، خصوصاً وأن المخاصمة طالت هذه المرّة المرجعية القضائية التي تعيّن الهيئات التي يفترض بها أن تتولى النظر في هذا الملفّ»، عاداً أن «ملفّ الحاكم السابق وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، بات في وضع يشبه وضع ملفّ تفجير مرفأ بيروت، المعطّل منذ أكثر من سنتين بعشرات دعاوى الردّ والمخاصمة المقامة ضدّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الهیئة الاتهامیة قاضی التحقیق هیئة القضایا ریاض سلامة أبو سمرا رزق الله فی بیروت من هیئة

إقرأ أيضاً:

قرار قضائي يثير انتقادات: قتلة الناشط لقمان سليم مجهولون

عشيّة الذكرى الرابعة لاغتيال الباحث السياسي لقمان سليم، أصدر القضاء قراراً عدّ مرتكبي الجريمة مجهولين، وذلك عبر قرار ظنّي أصدره قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة بلال حلاوي، أكد فيه "عدم توفّر أدلة عن هوية مرتكبي الجريمة لتوقيفهم وسوقهم للعدالة".   وأفاد القاضي حلاوي في قراره الظني، بأن "التحقيقات لم تسفر عن تحديد هوية الفاعلين أو المشتبه بهم، وأن القضاء استعان بكاميرات قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) بالمنطقة، وجاءت نتائج تحليل محتواها أن الكاميرات المثبتة على مراكز البعثة الدولية لا تلتقط محيطها، وبالتالي لا توجد تسجيلات مراقبة خارج المراكز"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن قاضي التحقيق "التقى بالفعل في 23 أيار 2024 بقنصل السفارة الألمانية لدى لبنان وضابط ارتباط في الشرطة الألمانية، اللذين أبرزا مجموعة أسئلة تمهيدية ضمّت إلى الملفّ، وتم إعطاء أجوبة تمهيدية على أن يتمّ عقد اجتماع آخر عند الاقتضاء، إلّا أن الوفد الألماني أعطى لاحقاً جوابه بعدم إمكانية تنفيذ المساعدة التقنية".   وأكد مصدر قضائي لـ"الشرق الأوسط"، أن قاضي التحقيق "استنفد كل الوسائل التي يمكن اللجوء إليها للوصول إلى أدلة عن المتورطين، لكن مع غياب المعطيات كان لا بد من إصدار القرار الظني". وأوضح المصدر أن حلاوي "استند إلى التحقيقات الأولية التي أجرتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي والأدلة الجنائية، ولم يهمل أي واقعة في الملفّ".   وخالف فريق الادعاء رواية المصدر القضائي، مشيراً إلى أن قاضي التحقيق "ضرب بعرض الحائط كل المذكرات التي تقدّم بها والطلبات التي أوردها". وأعلنت المحامية ديالا شحادة، وهي من وكلاء الادعاء، أن "قرار القاضي حلاوي أغفل جوانب مهمّة جداً من التحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وقدّمت قرائن عن تورّط أشخاص تابعين لـ(حزب الله) في الجريمة".     وقالت شحادة لـ"الشرق الأوسط": "قاضي التحقيق لم يمتنع عن البتّ بالطلبات التي قدمناها فحسب؛ بل قطع الطريق على كلّ الجهود الرامية إلى تقديم تعاون دولي أمني لكشف الفاعلين خصوصاً من دولة ألمانيا، التي أبدى وفد من السفارة استعداده لتقديم الخبرات التي يمتلكها في هذا المجال".   وكشفت أن فريق الادعاء "قدّم دعويين؛ الأولى تقضي بنقل الملفّ من يد حلاوي، والثانية بردّه وكفّ يده للارتياب المشروع وعدم حياديته، إلّا أنه عندما حضر المباشر لتبليغه الدعويين، رفض استقباله بحجة انشغاله بجلسة تحقيق مطولة، وفوجئنا بأنه سارع في اليوم التالي إلى إصدار القرار الظني وحفظ الملفّ، وذلك بما يخالف القانون ومناقبية القاضي". وشددت على أن "القرار الذي صدر ليس قراراً قضائياً؛ بل سياسي بامتياز يهدف إلى إقفال الملفّ وحماية المجرمين الذي خططوا لخطف وتصفية لقمان سليم".   وكانت الأجهزة الأمنية عثرت صباح 4 شباط 2021، على لقمان سليم، بعد ساعات على اختفاء أثره، حيث فقد أثره بعد مغادرة منزل صديقه، ووجدته جثّة مضرّجة بالدماء داخل سيارته في أطراف بلدة العدوسية في صيدا وتبيّن أنه قُتِل بـ5 طلقات في الرأس وطلقة في أعلى الظهر، ويظهر وجود كدمات على وجه الضحية وزنده الأيسر.

مقالات مشابهة

  • قرار قضائي يثير انتقادات: قتلة الناشط لقمان سليم مجهولون
  • وزير العدل يرأس اجتماعًا لمناقشة مستوى الإنجاز للأحكام القضائية
  • تزوير ملفات قاعدية للمركبات تجرّ 47 متهما للملاحقة القضائية
  • أوحيدة: لا حل لوقف فساد الإيفاد إلا بإقفال هذا الملف في الفترة الراهنة
  • إسماعيل يوسف يكشف سبب فشل انتقال بن شرقي للزمالك
  • محمد بن سعود يطلع على تقرير الخدمات القضائية برأس الخيمة
  • محمد بن سعود يطلع على تقرير إنجازات الخدمات القضائية
  • محمد بن سعود يطلع على تقرير إنجازات الخدمات القضائية برأس الخيمة
  • وزارة العدل تطلق مشروع الخدمات القضائية الإلكترونية
  • هيئة سلامة النقل الأمريكية: العثور على الصندوق الأسود لطائرة واشنطن المنكوبة