عربي21:
2024-09-29@10:21:58 GMT

غزة أكبر من صورة انتخابية

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

غزة 2023 تربك العالم، كل العالم.. غزة تضع العالم بين موقف إنساني حقيقي وصادق وفعال، وموقف تجاري تقليدي مبني على حسابات قصيرة وغبية. الأغبياء وخاصة من حكام الأقطار العربية ما زالوا يعتبرون فلسطين وقضيتها ومنها غزة الآن وهنا؛ ورقة سياسية يمكن استعمالها في الداخل بعقل انتخابي فيظهرون مع شحنات المساعدات في مطار أو مع جريح في مشفى ويقولون تضامنّا أخويا، وتتولى أجهزة إعلام يديرها المرتزقة الاشتغال على مشهدية دعائية بالدم الفلسطيني لربح شيء في القُطر مثل انتخابات موسمية، أما الموقف الصادق فيبني على غزة حديث المستقبل ويرى تحولات استراتيجية مربكة في قوتها وفي استدعائها لمجهول كبير مثير، ولكنه يحتفظ بغموضه؛ ماذا بعد غزة إذا لم نتعامل معها كمشهد مفيد انتخابيا أي كمشهد عابر ومحدود؟

الموقفان: ماض وحاضر

الموقف التجاري أو السياسي الانتخابي هو موقف من الماضي، بينما الموقف الإنساني هو موقف من المستقبل وبينهما برزخ لا يبغيان.

الموقف التجاري (الانتهازي بالقوة وبالفعل) هو موقف الأنظمة العربية وموقف الكثير من النخب العربية، وفي مقدمتها اليسار العربي الانتهازي الذي لم يجد في معركة تحرير فلسطين كل مواصفات المعركة الطبقية التي خططها المانفستو فلم ينخرطوا فيها إلا كمزايدين مرتبكين إزاء العمق الثقافي غير الطبقي للمعركة، وهذا منذ البدايات. وهذه النخب تلتقي مع الأنظمة في ساحة المزايدة بحب فلسطين، لكنها عمليا تمنع المرور إلى غزة و/أو مرور غزة إلى العرب الصادقين الذين لا يتوانون في المساعدة والدعم بالدم والمال، وأقله بالدموع والعطف الصادق. هذه النخب وهذه الأنظمة تغلق معبر رفح وهي واقفة بقوتها مع من يغلق المعبر بصفته زعيما قوميا.

هؤلاء (أنظمة حاكمة ونخبا فكرية وسياسية) لم يفهموا ما حدث في غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ولا أراهم يفهمون كيف ينتقل العربي المسلم الفلسطيني من الدفاع العاجز إلى الهجوم القاهر ويغير المعادلات فيجعل قوة قاهرة تحتار في الدفاع عن نفسها وتنكشف مثل دجاجة فقدت ريشها في عاصفة. هؤلاء منغلقون على صورة المهزوم الشقي (التي شحنها العدو في أرواحهم)، لذلك لم ينفتح فكرهم على صورة القادر المنتصر، أما إذا انكشف لهم أن هذه القدرة المنتصرة تستند إلى عقيدة دينية فإن كل مقاييس التحليل عندهم تنهار ويجدون أنفسهم أقرب إلى العدو يشفقون عليه، فيكتبون عن حماس الإرهابية ولا يرون إرهاب العدو. فغياب هذا العدو القاهر يفقدهم قدرتهم على التحليل ويفتح عليهم طوفان المراجعات العسيرة، وهو شقاء لا قِبل لهم.

الحاضر الذاهب إلى المستقبل موقف قلة من النخب وجمهور واسع من أهل الفطرة السليمة مما لم يجد غضاضة في التكبير ذات معارك التحرير من الاحتلال المباشر في كل قُطر، ولم يجد أبدا فصلا بين أن يكون المرء مسلما وأن يكون طالب حرية، بل يجد أن دينه وتعبده يتجليان في حريته فيطلبها بالاعتماد على ربه ونبيه ويكبر ولا يشعر بالحرج أو بالنقص أمام الغرب الجميل الملحد الناكر لكن دين.

لقد قدمت غزة برهانا عظيما على أن مرجعيات الغرب كاذبة ومنحطة ومنافقة للإنسان، ولذلك فإن من يقف مع غزة الآن ينظر بعين الإنسان الحر إلى الفكر الغربي وإلى قوانينه الزائفة وإلى حياته الكاذبة كحام للحريات الإنسانية. لم يعد مستوى التعليم هنا مهمّا، فأهل الفطرة حتى الأميون منهم فهموا بفضل غزة اللعبة. لقد كان الغرب كذبة كبيرة فضحتها غزة (وقد فُضحت قبل ذلك في العراق ولكن غزة أكملت الصورة الناقصة)، وقد تحرر الناس وسيذهبون إلى مستقبلهم دون مرجعية غربية، وخاصة سيذهبون إلى المستقبل ضد هذا الغرب السفيه. لقد حررت غزة العالم وسيكون لحربها أثر لا يُمحى بل يُبنى عليه حتى قيامة عالم ليس فيه أثر النفاق الغربي، ولا نستغرب (بل سننتظر) أن يبدأ هذه العالم الجديد من شعوب الغرب نفسه، وقد فهمت الخديعة التي عاشت بها دهرا طويلا.

الانتخابيون الجهلة

الذين استقبلوا جريحين من غزة والتقطوا مليون صورة معهم؛ نقول لهم ما قالت غزة: أنتم لم تفهموا غزة ولن تفهموها وغزة تجاوزتكم وستقوض الأرض من تحتكم ولو بعد حين، لأنكم أسرى تصور ميت عن النضال وعن الحرية.

عندما قلنا أعلاه إن غزة أربكت العالم وتربكه حتى يستقيم نظام جديد، فلأننا نرى الأثر المباشر لما يجري في المربع الغزاوي ولا نقف عنده، بل نمر إلى ما نرى في العالم من تغييرات يعبر عنها شباب معولم يملك وسائط التعبير الحديثة ويتشابك عبر العالم في اتجاه بناء حريات جديدة؛ ليست ما فرضت عليه الشركات واللوبيات المالية والإعلامية.

قد يبدو الأمر متسرعا حتى اللحظة (أو من الأماني) ولكن ما يتيسر لهذا الشباب لم يتيسر لشباب عارض حرب فيتنام وأمكن قمعه وتفتيت حماسه الإنساني. لقد تكلمت غزة زمن التواصل المفتوح فوصل صوتها إلى أطراف العالم وكشف المستور من أسباب الحروب، ولا نظن أن الأمر موجة عاطفية سريعة ستقف بنهاية الحرب (إن توقفت).

إننا نرى عالما يتغير وتقوده غزة بصبر وأناة ولكن بشجاعة (وتدفع الثمن من لحمها ودمها)، فتعيد للعالم احتمالات الحلم بالحرية وتعيد له صورة الإنسان "البطل" الحر لا البطل السينمائي الذي يكمل شجاعة مزيفة بالمؤثرات الضوئية. الغزاوي هو البطل الرومانسي الجديد لا رامبو الهوليودي المصنوع في استيديو مكيف.

هذه غزة، فمن لم يتلقط معناها وهي تحارب وتوقف عند "شوية" دعاية انتخابية سمجة فلا مكان له فيما بعد غزة وقد فاته قطار التاريخ ولن يدخل المستقبل مثله مثل دولة الكيان الصهيوني التي تقف الآن وبفعل غزة 2023 على حافة قبرها.. ولم يبق لها إلا أن ترفع كلفة حريتنا وهي التي لم تتعلم أبدا أن ثمن الحرية هو المستقبل. لا تكذبوا على غزة فغزة لا تكذب وتعرف الكذابين وتسميهم ولديها مشروع. غزة وحدها من تملك مشروعا للمستقل فمن سار خلفها عرف سواء السبيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين فلسطين غزة المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ماذا تعرف عن الصواريخ الباليستية التي استهدف أحدها مقر الموساد؟

يسلط استهداف حزب الله لمقر جهاز استخبارات الاحتلال الخارجي "الموساد" في قلب تل أبيب، بصاروخ باليستي الأربعاء، الضوء على هذا النوع من الصواريخ، الذي يعتبر من الأسلحة الردعية، بسبب قوتها التدميرية، والمديات التي تصلها وطريقة إطلاقها.

وتعتبر الصواريخ الباليستية، مهمة لأسباب استراتيجية وعسكرية، بسبب القدرة الكبيرة على إيصال الرؤوس الحربية إلى أهداف بعيدة وبطريقة فعالة وسريعة زمنيا من لحظة الإطلاق حتى الإصابة.

إليك أهم ما يجب أن تعرفه عن الصواريخ الباليستية في التقرير التالي:


✅مبدأ عمل الصاروخ الباليستي هو إطلاق المقذوف كبير الحجم والمزود برأس حربي شديد الانفجار بأوزان مختلفة، بواسطة الوقود الصلب أو السائل، عبر عدة مراحل الأولى الدفع الأولي، والثانية بعد إطلاقه ووصوله إلى الغلاف الجوي سقوطه بشكل حر نحو هدفه المرسوم مسبقا، بالاعتماد على الجاذبية ومقاومة الهواء.

✅ تتحكم 3 عوامل بقدرات الصواريخ الباليستية، وهي نوع الرأس المتفجر، والمدى، والسرعة.

1️⃣ الصواريخ الباليستية تعتبر منصات فعالة لحمل الرؤوس النووية، وهي إحدى الأسلحة الاستراتيجية للدول من أجل ردع الأعداء، واستخدام هكذا سلاح يعني القدرة التدميرية الفائقة في حال استخدامه.

2️⃣ المدى البعيد والقدرة على ضرب أهداف حول العالم، فبعض الصواريخ الباليستية عابرة للقارات، وقادرة على ضرب أهداف على بعد آلاف الكيلومترات، ويوفر للدولة صاحبة الصاروخ القدرة في التأثير على النزاعات العالمية في حال استخدمتها.

3️⃣ السرعة الفائقة، تتجاوز بعض الصواريخ الباليستية سرعة الصوت، والتي تتجاوز 20 ماخ، وهو ما يشكل معضلة للأنظمة الدفاعية والرادارات بعدم القدرة على رصده واعتراضه، خاصة قبل إصابته للهدف.

✅ تطورت الصواريخ الباليستية مع الزمن، وباتت أكثر قدرة على إصابة أهدافها بدقة، وتدمير المواقع العسكرية المحصنة، أو إحداث دمار على مساحات واسعة، بفضل التقنيات التي زودت بها للمسار وتتبع الهدف.

تنقسم الصواريخ الباليستية إلى 3 أنواع وفقا للمديات التي يمكنها الوصول إليها، من نقطة الإطلاق وحتى الإصابة كالتالي:


❎ الصواريخ الباليستية قصيرة المدى SRBM، وتستخدم في النزاعات الإقليمية ولضرب الأهداف القريبة بين الدول، ومن أشهر الأمثلة عليها صواريخ سكود بي الروسية الشهيرة، ويتراوح مداها ما بين 30- 1000 كيلومتر.

❎ الصواريخ الباليستية متوسطة المدى MRBM، وتستخدم لضرب أهداف في نطاق أوسع من السابقة، ربما تكون بين قارات متجاورة، للردع على المستوى الإقليمي، من أشهر أمثلتها صاروخ شاهين 2 الباكستاني وبعض الطرازات من الصواريخ الإيرانية، ويتراوح مداها بين 1000- 3500 كيلومتر.

❎ الصواريخ الباليستية طويلة المدى، أو العابرة للقارات، ICBM وتستخدم لضرب أهداف على مستوى قارات متباعدة، ومن أشهر الأمثلة صاروخ أغني الهندي ويتراوح المدى ما بين 3500 كيلومتر وتفوق كذلك مدى 5500 كيلومتر.

وتعتبر هذه الصواريخ في الأغلب من أدوات الردع النووي بين القوى العظمى في العالم، من أبرز الصواريخ الحاملة للرؤوس النووي الصاروخ الأمريكية مينيوتمان 3 والروسي توبول أم.

لا يقتصر إطلاق الصواريخ الباليستية على المنصات الأرضية، فيمكن إطلاقها من خلال الغواصات النووية لدى القوى العظمى في العالم، ويتراوح مدى هذه الصواريخ ما بين 7 آلاف – 12 ألف كيلومتر، ومن أشهر الأمثلة عليها صاروخ ترايدنت 2 دي 5 الأمريكي.

من الصواريخ الصواريخ الباليستية حول العالم التالية:


✅ صاروخ مينيوتمان 3 الأمريكية، بمدى يصل إلى أكثر من 13 ألف كيلومتر وهو من الصواريخ العابرة للقارات، وقادر على حمل رؤوس نووية ويتميز بالاستجابة السريعة للتجهيز والإطلاق، من صوامع تحت الأرض.

✅ صاروخ ساتان آر 36 أم، أو الشيطان، وهو صاروخ روسي عابر للقارات، بمدى ما بين 10200 كيلومتر وحتى 16 ألف كيلومتر، ولديه قدرة شاملة على التدمير ومجهز ليحمل 10 رؤوس نووية مستقلة، ويطلق من صوامع مخبأة تحت الأرض.

✅ صاروخ دونغ فينغ 41 الصيني، وهو صاروخ باليستي عابر للقارات، ومن أهم ما تملكه بكين من ترسانة صاروخية، وهو قادرة على حمل رؤوس نووية مستقلة وهو ما أكبر الصواريخ مديات حول العالم، بمدى يصل إلى أكثر من 15 ألف كيلومتر.

✅ صاروخ آغني 6 الهندي، صاروخ باليستي من فئة العابر للقارات، وهم من الأسلحة الاستراتيجية الرئيسية في برنامج الهند النووي، وهو قادر على حمل رؤوس نووية وقادر على الوصول إلى أوروبا، ومداه يتراوح ما بين 5 – 8 آلاف كيلومتر.

مقالات مشابهة

  • قاليباف: الشهيد نصر الله سيكون قدوة لجيل المستقبل من المجاهدين
  • صدى العدوان الإسرائيلي على لبنان: ما الذي قد يخفيه موقف اليمن؟
  • عاجل - رئيس الوزراء اللبناني بثمن موقف مصر الداعم لبلاده
  • هشام الدكيك.. مهندس الطفرة التي تشهدها كرة القدم داخل القاعة في المغرب
  • العالم على حافة الهاوية.. بوتين يلوّح بالسلاح النووي فهل يقود الصراع الأوكراني إلى نقطة اللاعودة؟
  • المغرب الأول إفريقيا في مؤشر الدول المتطلعة إلى المستقبل..
  • خبير عراقي يطرح مبدأ اللا عودة في لبنان: نحن أمام نفاق أكبر دولة في العالم
  • خبير عراقي يطرح مبدأ اللا عودة في لبنان: نحن أمام نفاق أكبر دولة في العالم - عاجل
  • ماذا تعرف عن الصواريخ الباليستية التي استهدف أحدها مقر الموساد؟
  • بزشكيان: إسرائيل وحماتها أكبر الإرهابيين في العالم