هل يجوز للأرملة الخروج لأداء فريضة الحج؟ رأي الشرع
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (قامت والدتي بتقديم أوراق الحج قبل وفاة والدي، وبعد الوفاة حصلت على التأشيرة الخاصة بالحج، وقامت بدفع الرسوم، ولن تستطيع استردادها حال عدم ذهابها، مع العلم أنَّ والدي لم يمانع من سفرها إلى الحج؛ فما حكم خروجها لأداء الحج أثناء العدة؟
. دار الإفتاء تجيب
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إن مِن المقرر شرعًا أنَّه يجب على المرأة المتوفَّى عنها زوجُها أنْ تتربص وتعتد أربعة أشهرٍ وعشرة أيامٍ؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَٱللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: 234].
وذكرت أن جماهير الفقهاء على أنَّ السُّكنَى مِن لوازم الاعتداد؛ فتمكث المعتدة مدة عدتها في بيتها؛ فلا تخرج لحجٍّ ولا لغيره؛ واستدلوا على ذلك بحديث الفُرَيعةِ بنتِ مالِكِ بنِ سِنانٍ -وهي أُختُ أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رضي الله عنهما-: "أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَها أَن تَمكُثَ في بيتها حتى تَنتَهِيَ عِدّتُها" رواه الإمام مالِكٌ في المُوَطَّأِ، والشّافعيُّ عنه، وأَحمَدُ وأَبُو داوُدَ والتِّرمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وابنُ ماجه وصححه ابنُ حِبّانَ والحاكِمُ.
ونُقِل عن بعض السلف مِن الصحابة والتابعين: أنَّ السُّكنى ليست مِن العدة؛ فيجوز للمعتدة أن تعتدَّ حيث شاءت، ولا يحرُم عليها أن تحجّ أو تعتمر في عدتها؛ رُوِيَ ذلك عن سيدنا علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأم المؤمنين عائشة، وجابر بن عبد الله، رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وإليه ذهب الظاهرية.
وحجتهم: أنَّ الآية دلَّت على وجوب العدة لا على وجوب السُّكنى للمعتدة، وأجابوا عن الحديث بأنَّه ضعيف، وأنَّه على فرض صحته فإنَّه واقعة عين.
ونصَّ العلماء على أنَّ مِنْ شرط الحج للمرأة ألا تكون في عدّة وفاة أو طلاق؛ فإن خالف وحجَّت صحَّ حجُّها وكانت آثمة، واستثنى الفقهاء مِن ذلك: ما إذا كانت المرأة قد أحرمَت بالحجّ، أو كانت قد سافرت.
فنصّ فقهاء الحنفية: على أنَّها إن كانت حين مات زوجها مسافرةً وكان بينها وبين مصرها مدةُ سفر –أي: ثلاثة أيامٍ فأكثر-، فإنَّها ترجع إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها.
وعند المالكية: أنَّها إن مات زوجها وقد خرجت لحجة الإسلام، وكان بعدُها عن منزلها أربعة أيام فأقل رجعت وجوبًا؛ لتعتدَّ بمنزلها إن بقي شيء من العد، فإن زاد على هذا لمْ ترجع بل تستمر.
وعند الشافعية: أنَّها إن كانت مسافرة فمات زوجها؛ فلها الخيار في أن تمضي لسفرها ذاهبة وجائية، وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضي سفرها.
وعند الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة الحنبلي [ت 620هـ] في "المغني" (8/ 168، ط. مكتبة القاهرة): [ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج؛ لأنَّ العدة في المنزل تفوت، ولا بدل لها، والحجّ يمكن الإتيان به في غير هذا العام.
وإن مات زوجها بعد إحرامها بحجّ الفرض، أو بحجٍّ أذن لها زوجها فيه، نظرت؛ فإن كان وقت الحجّ متسعًا، لا تخاف فوته ولا فوت الرفقة لزمها الاعتداد في منزلها؛ لأنَّه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فوات الحج لزمها المُضِيّ فيه، وبهذا قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يلزمها المقام وإن فاتها الحجّ؛ لأنها معتدة، فلم يجز لها أن تنشئ سفرًا؛ كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها.
ولنا: أنَّهما عبادتان استويا في الوجوب وضيق الوقت؛ فوجب تقديم الأسبق منهما؛ كما لو كانت العدة أسبق؛ ولأنَّ الحج آكد؛ لأنَّه أحد أركان الإسلام، والمشقّة بتفويته تَعْظُم؛ فوجب تقديمه كما لو مات زوجها بعد أن بَعُدَ سفرها إليه] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دامت والدة السائل قد سدَّدت رسوم الحجّ ونفقاته ومصروفاته، ولم يَعُدْ بإمكانها استردادُها، فإنَّه يجوز لها أنْ تسافر للحجّ في العدة؛ لأنَّ اختيارها والإذن لها بالسفر، ودفعها لنفقات الحج الباهظة التي لا تُسْتَرَدُّ هو بمثابة دخولها في السفر ومُضِيِّها فيه، والرخصة في ذلك كالرخصة عند خوف فوت الرفقة، ودرء المشقة الحاصلة مِنْ تفويت الحج أعظم مِنْ جلب مصلحة الاعتداد في المنزل؛ فكان تقديم الحج أَوْلَى لا سيما وقد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه، ولا يخفى أنَّ مِنْ مقاصد الشريعة الغرَّاء رفع الضرر عن المكلفين ودفع المشاقِّ عنهم؛ وقد تقرر في قواعد الفقه أنَّ "المشقة تجلب التيسير"، وأنَّه "إذا ضاق الأمر اتسع".
هذا بالإضافة إلى أنَّ ضياع هذا المبلغ المالي الباهظ عليها هو ضررٌ يجب رفعه، ومشقة تستوجب تيسيرًا؛ وقد تقرر في قواعد الفقه أنَّ "الضرورات تبيح المحظورات"، وأنَّ "الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة"، وسفر المعتدة للحجّ وإن كان محظورًا في الأصل إلا أنَّ الحفاظ على المال الذي دفعته في نفقات الحج هو ضرورة تبيح هذا المحظور؛ لأنّ المال مِن الكليات الخمس العليا التي يجب الحفاظ عليها في الشريعة الإسلامية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الحج العدة المراة دار الإفتاء وجوب ا
إقرأ أيضاً:
4 أمور لو فعلها المسلم يوميا كان من أهل الجنة.. تعرف عليها
كشفت دار الإفتاء المصرية، عن أربعة أمور لو اجتمعت في عمل الإنسان اليومي كان من أهل الجنة إن شاء الله، وهي: الصيام، واتباع الجنازة، والصدقة، وعيادة المريض.
واستشهدت دار الإفتاء، بقوله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات يوم لأصحابه: «مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ».
أسباب دخول الجنةحث النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحلي بخلق الرحمة، وبين لنا أنه سبب من أسباب دخول الجنة، فقال: "أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ"، وذكر منهم: "رَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ".
وقالت دار الإفتاء، إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حث على إفشاء السلام؛ ففيه نشر للمحبة وجعلها شعارًا للحياة، ودليل على السلام الداخلي وطمأنة للآخرين.
واستشهدت الإفتاء عبر صفحتها بـ«فيسبوك»، بقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم.
الوضوء يرفع درجات المسلم، ويكفر سيئاته، فعن أَبي هريرةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلى مَا يمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلى يَا رسولَ اللَّهِ. قَالَ: إِسْباغُ الْوُضُوءِ عَلى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخطى إِلى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْد الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرِّباطُ، فَذلكُمُ الرِّباطُ» رواه مسلم.
وقالت دار الإفتاء المصرية إن الله سبحانه مدح الرحماء الذين يُطعمون الجوعى من عِباده؛ فقال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].
إطعام الطعاموأضافت الدار في فيديو موشن جرافيك أنتجته وحدة الرسوم المتحركة أنه نظرًا لأهمية إطعام الطعام فقد جعله الله سبحانه سببًا من أسباب دخول الجنة، مستشهدة بما ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أطعموا الطعام، وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام».
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن بّر الأم من أسباب دخول الجنة، مؤكدًا أن الولد يحصل على أجر كبير من الله تعالى مقابل بره لأمه، مطالبًا الأبناء باستثمار ذلك الفرصة وتحصيل أكبر من الحسنات.
وقال «جمعة» في تصريح له، إن مقولة «الجنة تحت أقدام الأمهات» معناها صحيح، وتتفق مع الحديث الذي أخرجه النسائي رواه النسائي (3104) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ، «أَنَّ جَاهِمَةَ رضي الله عنه جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: «فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا».