تطورات اليوم الـ61 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
غزة - صفا
دخلت عملية "طوفان الأقصى" التي أعلن القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف انطلاقها، يومها الـ61، ردًا على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأٌقصى، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية "سيوف حديدية" ضد قطاع غزة.
واستأنف جيش الاحتلال يوم الجمعة الأول من ديسمبر/ كانون الأول عدوانه على القطاع بعد هدنة إنسانية استمرت سبعة أيام.
واستشهد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 15000 مواطن، بينهم 6150 طفلا و4000 امرأة، فيما وصل عدد المصابين إلى 36,000، والمفقودين نحو سبعة آلاف، وفق وزارة الصحة.
ومع استمرار العدوان الهمجي، توقفت معظم المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل، إما بسبب القصف أو نفاد الوقود.
في المقابل، أشارت التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أن أكثر من 1200 إسرائيلي قتلوا منذ بدء المعارك، بينهم نحو 400 جندي، بالإضافة إلى نحو 2500 جريح.
وفيما يلي آخر تطورات الأحداث:
12:32 إصابات بقصف منزل في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
12:31 قوات الاحتلال تطلق قنابل فسفورية في محيط منطقة الترنس والسوق بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة
12:13 شهداء وإصابات بقصف طائرات الاحتلال على المناطق الغربية من خانيونس جنوبي قطاع غزة
12:10 جيش بن غفير: وزارة الامن القومي يستعد للحصول على 40 أف قطعة سلاح و6 ملايين طلقة
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى نصرٌ أم هزيمة؟
بعد ما تجاوز خمسة عشر شهرا انتهت معركة طوفان الأقصى، ووضعت الحرب أوزارها، ولو بشكلٍ مؤقت ارتباطا باتفاقات وقف إطلاق النار التي بدأت في التنفيذ وفق مراحلها المعلنة، والسؤال المركزي هنا هو: هل انتصرت المقاومة الفلسطينية؟ وما شواهد هذا النصر؟ وهل هو نصرٌ حقيقي أم مبالغة من قبل المقاومة ومؤيديها؟
في وقت مبكر للحرب تردد في الأوساط السياسية وفي تحليلات الخبراء العسكريين معيار مهم للتمييز بين النصر والهزيمة، مفاده أن "الضعيف إذا لم يهزم فهو منتصر والقوي إن لم ينتصر فهو مهزوم"، لكن هل تكفي هذا المعيار في التفرقة بين النصر والهزيمة؟
بالطبع ليست هذه النظرية دليلا قطعيا على انتصار طرف وهزيمة الآخر، لكن تقاس فكرة النصر والهزيمة بأمور عدة، أهمها:
- مدى تحقق أهداف الحرب المعلنة من كل طرف.
- النجاح في استمرار التحالفات أو فشل استمرارها.
- النجاح في تعويض الخسائر في المستويات القيادية.
- وضوح صورة النصر عند الأتباع والمؤيدين.
- تحسن الصورة الذهنية عن أطراف المعركة في المحيطين الإقليمي والدولي.
منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وفي كل مناسبة يؤكد فريقا المعركة أهداف الحرب. المقاومة من ناحيتها أعلنت عن أهدافها في بدايات المعركة وأكدتها في وثيقة رسمية أصدرتها حماس، في 21 كانون الثاني/ يناير 2024، أوضحت روايتها عن طوفان الأقصى، مبينة الأسباب التي أدت إلى المعركة، وشددت على أنها جاءت أيضا لمواجهة ما يحاك من خطط للسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة، والتخلص من الاحتلال، واستعادة الحقوق الوطنية، وإنجاز الاستقلال والحرية كباقي شعوب العالم، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وكان تحرير الأسرى من السجون أو "عملية تبييض السجون الإسرائيلية" كما يطلق عليها قيادات المقاومة، على رأس الأهداف المعلنة.
أما إسرائيل، فأعلنت عن أهدافها من الحرب على لسان رئيس وزرائها، وتكمن في أربعة أهداف رئيسية: القضاء على حماس، وتحرير الأسرى الإسرائيليين بلا عمليات تبادل، واستعادة الردع الإسرائيلي، وعودة سكان الشمال إلى منازلهم.
وفق الأهداف المعلنة من كل طرف، فإن أهداف حركة حماس والمقاومة هي الأقرب للتحقق، إذ نجحت في ضرب العمق الإسرائيلي وإحداث اختراق كبير في مفهوم الردع، كما أفشلت الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية المعتمدة على الجدار الأمني الفاصل والمعزز تكنولوجيا، ونقلت المعركة المتكاملة (بريا وبحريا وجويا) داخل إسرائيل متجاوزة تقنيات القبة الحديدية والتواجد البشري المكثف، كما أنها حققت غنائم لم يسبق لها مثيل حيث عادت بمئات الأسرى والعتاد الحربي والتقني، بالإضافة للحصاد الأمني والاستخباري.
هذا في الجانب العسكري، أما الجوانب الأخرى فقد حققت المقاومة أهدافا اجتماعية وسياسية وإعلامية، حيث أعادت القضية الفلسطينية إلي الواجهة الدولية، وأضعفت في المقابل صورة وحضور إسرائيل في الأوساط الرسمية والشعبية، وأشعلت من جديد فكرة مقاومة إسرائيل في المحيطين الإقليمي والدولي، ما أدى لارتفاع سقف الحماية ضد انتهاكات المستوطنين على المسجد الأقصى، وإيقاف قطار التطبيع قبل محطات مهمة كاد يصل إليها في مقدمتها التطبيع مع المملكة العربية السعودية، في إطار تحالف إقليمي موسع أعلنه نتنياهو مرات عدة في خرائط البركة التي رفعها على منبر الأمم المتحدة.
أما أهداف إسرائيل، فلم تنجز منها الكثير -ولا يعبر الدمار الهائل والعدد الضخم من الشهداء والجرحى "رغم أهمية ذلك بشاعته"- إلا أنه لا يدعم أي هدف من الأهداف المعلنة، فإن إسرائيل لم تنجح في القضاء على حركة حماس، بل على العكس ظهرت حماس أكثر قوة ومنعة رغم فقدانها قادتها الرئيسيين، ولم تحرر إسرائيل الأسرى بل رضخت لشروط حماس في تحرير أسرى المقاومة الأخطر على إسرائيل من أصحاب المحكوميات الأكبر، كما أنها لم تسترد الردع التي كانت عليه قبل الطوفان. وعلى عكس هدفها المعلن لم تنجح في إعادة سكان الشمال حتى الآن، في الوقت ذاته عاد سكان الجنوب اللبناني إلى قراهم، وعاد أهل غزة من جنوبها لشمالها فور تطبيق وقف إطلاق النار ودون انتظار للإعمار.
هذه الموازنة بين المتحقق من الأهداف قد تسهم في إيضاح جانب من إجابة السؤال.
التحالفات
حافظ الفريقان على هامش كبير من تحالفاتهما، لكن المقاومة نجحت في ضم تحالفات جديدة لدائرة التفاوض أو الدعم الفني والمعنوي، فقد استجابت بعض القوى الإقليمية لنداءات المقاومة، في مقدمتها تركيا التي دخلت على خط دعم المقاومة.
وفي مجال التقاضي اكتسبت المقاومة دعما كبيرا من قوى إقليمية كبيرة اصطفت بجانب الحق الفلسطيني تمثلت في الدعوي التي أقامتها جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية وانضمت لها كثير من الدول، وترتب عليها قيام المدعي العام للجنائية الدولية بطلب القبض على نتنياهو ووزير دفاعه السابق، وهي نجاحات كبيرة في طريق تحالفات أضيفت للقضية الفلسطينية، عقب ضعف الحلف الإيراني، وتراجع فكرة وحدة الساحات بعد الاتفاق الذي وقعه حزب الله بلبنان.
ودخلت على الخط قوى وحركات مسلحة نجحت في إسناد المقاومة وإحداث تحولات نوعية كبيرة في مساحة الصراع العربي الإسرائيلي، قادها الحوثيون في اليمن وبعض القوي المقاومة الأخرى في لبنان والعراق، هذا بالإضافة للعمق الشعبي الذي تشكل كتحالف غير منظم مع المطالب العليا للشعب الفلسطيني ودعمه بالمال، والاحتجاج الواسع، وحملات المقاطعة الممتدة.
في المقابل، انحسرت تحالفات إسرائيل وخسرت قطاعا رسميا أوروبيا، واختلاف بين أطراف السياسية الأمريكية على طبيعة الحلف واستمراره، كما خسرت سياسيا في أوساط رسمية إقليمية كبيرة في آسيا وأفريقيا.
قيادات جديدة
خسرت حركات المقاومة خسارات متتابعة وكبيرة في أوساط قياداتها العليا في المستويين السياسي والعسكري، شملت رئيس وأغلب أعضاء المكتب السياسي، كما شملت جل قيادة الأركان العسكرية، وفي مقدمتهم قيادات تاريخية كبيرة أمثال إسماعيل هنية وصالح العاروري ويحيي السنوار، وأخيرا أعلنت استشهاد قائد أركان جيشها محمد الضيف، لكنها رغم ذلك أدارت المعركة باحترافية واقتدار ومنحني متصاعد، ولم يشعر أقرب حلفائها فضلا عن أعدائها بالنقص أو الاهتزاز بل أعلنت خلال المعارك عن تجديد في مستوياتها القيادية.
في المقابل، عانت إسرائيل في تثبيت بيئتها القيادية السياسية والعسكرية، في ظل اهتزاز الحلف الحاكم على وقع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي اعتبره بعض شركاء الحكم وفي مقدمتهم بن غفير وسموتريتش بمثابة هزيمة مدوية، وبدأ كثير من القادة العسكريين في تجرع كؤوس الهزيمة والإعلان عن تصدعات في المؤسسة العسكرية.
صورة النصر واليوم التالي للحرب
الحالة النفسية والمعنوية التي يفرضها أطراف المعركة أقوى أثرا من الانتصارات العسكرية، فصورة النصر تتحقق بما حازه كل فريق من إنجاز وبما فرضه على الفريق الآخر من أهداف.
معركة التحرر التي تقودها المقاومة الفلسطينية ممتدة ولم تكن بدايتها في طوفان الأقصى، كما أنها لم تكن بأي حال نهايتها، فالمعركة مستمرة ما استمر الاحتلال والطغيان والظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، لكنها بأي حال قد غيرت معادلة الصراع
فطوال المعركة كان حديث نتنياهو لا يتوقف عن اليوم التالي للحرب، وعن غزة بلا حماس، لكن العالم كله قد شاهد حماس المهيمنة على القطاع المتحكمة في كل تحركاته، وكانت مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين بمثابة كرنفال لإعلان الانتصار يحمل رسائل في اتجاهات عديدة، كما أن زيارة وفد حماس برئاسة خليل الحية وخالد مشعل إلى القاهرة في ظل حفاوة رسمية غابت طوال المعركة دليل على اكتمال صورة النصر، والتي عبرت عنها تصريحات خليل الحية في خطاب النصر الذي ألقاه في آخر شهر كانون الثاني/ يناير المنصرم والذي قال فيه: "إن الشعب الفلسطيني ومقاومته حققا أهدافهما في معركة طوفان الأقصى"، مؤكدا أن الاحتلال الإسرائيلي فقد هيبته وأن هزيمته باتت ممكنة، وهذا يمهد الطريق لتحرير فلسطين بالكامل".
أخيرا، فإن معركة التحرر التي تقودها المقاومة الفلسطينية ممتدة ولم تكن بدايتها في طوفان الأقصى، كما أنها لم تكن بأي حال نهايتها، فالمعركة مستمرة ما استمر الاحتلال والطغيان والظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، لكنها بأي حال قد غيرت معادلة الصراع، فالقضية الفلسطينية بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ليست كما قبله.
ولا شك أن التضحيات والدماء التي قدمها الشعب الفلسطيني ستكون رافعة النصر ومدد الاستمرار، والذي لا شك فيه أن صاحب الحق "الضعيف" الذي يسعى للقوة ينالها، والقوي المغتصب الذي يستمر في الطغيان يزول وينهزم. طوفان الأقصى خطوة كبيرة على طريق انتصار القضية الفلسطينية، وبذات القدر هي خطوة كبيرة على طريق زوال الاحتلال الإسرائيلي.