صدر حديثا كتاب "الدين والمعنى" عن دار سؤال للنشر والتوزيع ببيروت، للباحث المغربي المهدي مستقيم، وهو كتاب يدور في إطار المناقشات والأطروحات التجديدية المتعلقة بالفكر الديني من زوايا الفلسفة.
يناقش الكتاب عدة قضايا متعلقة بالفلسفة الدينية، هل هي فلسفة دينية أم فلسفة الدين، وفينومينولوجيا الدين، والاعتقاد في المقدس وإضفاء المعنى على العالم الدنيوي، والاعتقاد الديني والتطلع إلى المطلق، والإيمان بوصفه توق إلى إدراك المطلق وشوق إلى ملاقاته.


يحاول المهدي مستقيم خلال كتابه التركيز على خصوصية الفكر الفلسفي المتمثلة في النقد القائم على الفحص والاستبصار والسؤال. محذرا في الوقت نفسه من خطورة التساهل والتعاطي مع المعطيات الجاهزة والعفوية التي تطرح نفسها كأنها حقائق جاهزة، موضحا أنه "لا يمكن لما هو جاهز عفوي إلا أن يقود صوب الوقوع في الخطأ".


عدة مرتكزات استند إليها الباحث المغربي في كتابه منها عدم التسليم بالمعطيات العفوية والجاهزة، مع ضرورة معرفة أهمية التفكير الفلسفي الذي يعطي للأشياء استقلاليتها ويعطي للعقل استقلاليته بعكس التفكير الديني الذي ينزع هذه الاستقلالية.  
يحاور المؤلف ظواهر جديدة، يقرأها ويقرب جوانبها، مثل أزمة الشعور بالفراغ عند شعوب هيمنت عليها أفكار غير دينية، علاقة هذا الفراغ بالبحث عن معنى الحياة والكون، استشعار البعض بضرورة الرجوع من جديد إلى دائرة الفكرة الدينية.

الكتاب في أحد معارض الكتب

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

بين العلم والدين.. تقف الفلسفة بين الاثنين

فالفلسفة تعني "حب الحكمة" ومنها تفرعت كل العلوم والفرضيات. تهتم بطرح الأسئلة واستنباط الأجوبة فتصل لمستوى العلم الراسخ أحياناً، وتتبني أحياناً أخرى أجوبة ساذجة بمقاييس عصرنا الحديث..

لا يمكن تحديد فترة لظهورها (حسب رأيي) كونها بدأت منذ بدأ الإنسان يتساءل ويتأمل ما يدور حوله.. فهي إمعان في التفكير ومحاولة للفهم اعتماداً على الملاحظة والتأمل والمنطق دون امتلاك أدوات التجربة والتأكد من الجواب..

لا يمكن اتهام الفلسفة ذاتها بشيء حسن أو سيئ كونها ليست علماً أو أيدلوجيا أو تشريعاً، بل مفهوم يعتمد على التساؤل والبحث فيما يشغل بال الإنسان..

ساهمت (في الماضي) في ارتقاء البشرية فوق الخرافات والأساطير، ولكنها لم تصل لمستوى العلم (في الحاضر) حيث التجربة وصياغة القوانين والتأكد من الفرضيات والاتفاق على النظريات..

ولهذا السبب قد تجد آراء ساذجة لفلاسفة كبار ظهرت قبل اعتماد اساليب البحث العلمي والمنهج التجريبي.. فسقراط مثلاً ادعى أن وظيفة الدماغ الأساسية هي تبريد الدم، في حين خالفه ابن سينا الذي ادعى إن الرئتين هما المسئولتان عن ذلك بدليل دخول الهواء بارداً وخروجه ساخناً (ولاحظ هنا أنهما اعتمدا على ملاحظتين معقولتين ولكن صعوبة التحقق من الفرضية أوقعتهما في الخطأ)!!

غير أن الفلسفة نجحت في المقابل في تخمين الكثير من الحقائق العلمية .. ففلاسفة الاغريق مثلا تحدثوا عن فلق الذرة، وكروية الأرض، وتطور الكائنات (وأيدهم في ذلك كثير من فلاسفة الإسلام) قبل قرون من عصرنا الحالي)..

ويمكن القول إن الإغريق هم الذين أسّسوا قواعد الفلسفة كمحاولة سليمة في التفكير.. صحيح أنهم أخطئوا في كثير من الاستنتاجات؛ ولكنهم ابتعدوا أكثر من غيرهم عن تأثير الثقافة والدين وسلطة الموروث التي لم تسلم منها معظم الثقافات الشرقية..

وكان فيثاغورس الأغريقي أول من وصف نفسه (قبل 2520 عاماً) بأنه فيلسوف وعرَّف الفلاسفة بأنهم الباحثون عن الحقيقة من خلال التأمل والتفكير السليم.. وعبر التاريخ انفصل مفهوم العلم تدريجياً عن مفهوم الفلسفة.. فالعلم يجيب على التساؤلات بطرح الفرضيات ثم التأكد منها بالتجربة والقياس والبرهان المحسوس، في حين اعتمدت الفلسفة طوال تاريخها على التفكير والتأمل والقياس المنطقي (ولكن حتى القياس المنطقي قد يخدعنا أحياناً فيخبرنا مثلاً أن الأرض مسطحة، أو أن الجسم الأثقل يسقط بسرعة أكبر.. وهي استنتاجات لا يمكن حسمها بغير البرهان والتجربة)!!

.. ولأن الفلسفة تعتمد على الحواس والمحاكاة ولا تسلم من تأثير ثقافتها المحلية تفرعت في مجالات واتجاهات عديدة بحيث ظهرت فلسفات يونانية وإسلامية وشرقية وغربية وقديمة وحديثة وإنسانية ووجودية واجتماعية.

وحتى يومنا هذا لا يمكن القول إن الفلسفة ستتوقف عن التفرع أو تصل إلى جواب نهائي لأي شيء (بعكس العلم الذي قد يثبت عند حقائق مؤكدة لا يختلف عليها أحد).. فهي محاولة بحث دائمة في كل المجالات وقابلة للتطور بحسب التطور البشري والمعرفي وظهور أدوات استقراء جديدة.

.. باختصار شديد ؛ يبقى مفهوم الفلسفة قائماً حتى تتوقف عقولنا عن التفكير، أو نعثر على جواب نهائي للمعضلات الكبرى...

مقالات مشابهة

  • جامعة القاهرة: الدكتور الخشت من أكبر مفكري عصره بإنتاج علمي غزير
  • بالصور.. وزير الثقافة محمد المهدي بنسعيد يقوم بزيارة لاغمات
  • الصمت الانتخابي.. فترة التفكير الحر للناخبين
  • الإمارات الأولى عربياً في «التفكير الإبداعي» و«المعرفة المالية»
  • المفتي: 30 يونيو انتشلت البلاد من مستقبل ضبابي وأعادت الخطاب الديني لمكانه الصحيح
  • الفقر ليس حتمية بل هو نتاج نموذج النمو والسياسات العمومية المتبعة
  • كتاب واشنطن بوست يتوقعون الفوضى في مناظرة بايدن وترامب وخسارة أحدهما مقدمًا
  • عضو اللجنة الفنية للحج ينفعل بسبب أزمة وفيات الحجاج المصريين بتأشيرات غير نظامية (فيديو)
  • الموت يفجع عائلة الشهيد المهدي بنبركة
  • بين العلم والدين.. تقف الفلسفة بين الاثنين