صحيفة الاتحاد:
2025-01-24@14:37:17 GMT

الذكاء الاصطناعي يعيد رسم معالم الاستدامة

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

يوسف العربي (دبي)

أخبار ذات صلة رئيس الدولة: ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة طحنون بن زايد: تحقيق الاستدامة ركيزة أساسية في مسيرة التنمية مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

تسهم تكنولوجيات الاستدامة في تقليل الانبعاثات الكربونية من خلال خفض التكاليف وتقليص استهلاك الطاقة، حسب خبراء ومسؤولين متخصصين.


وتبرز تقنيات إنتاج الطاقة النظيفة والتقاط وتخزين الكربون، واستخدام وسائل جديدة للتسخين والتبريد، وإعادة التدوير ورفع الكفاءة الإنتاجية والهيدروجين، ضمن أكثر التقنيات ذات العلاقة بالاستدامة.
وفي سياق متصل، يتم توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وزيادة العمر الافتراضي للمعدات من خلال مزايا الصيانة التنبئية. ويتم توظيف تحليلات الذكاء الاصطناعي ودمج بيانات استخدام الكهرباء وتحديد العمليات المؤثرة على الطاقة وتحسين جدولتها لتقليل ذروة الاستهلاك، كما يمكن لتحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي تحسين الاستهلاك عبر سلسلة التوريد بأكملها.
وأكدوا أن الإمارات شهدت، بفضل المبادرات الحكومية، انتشاراً واسعاً لتبني التكنولوجيات الصديقة للبيئة في العديد من القطاعات التي يأتي في مقدمتها الصناعة والنقل والتعليم والغذاء، بعد أن لمس رواد هذه القطاعات الوفورات والفوائد التي يمكن تحقيقها من خلال تبني الممارسات البيئية الصحيحة والتي تصل إلى 30%.

تقنيات متنوعة 
وقال عبدالله سامي الشامسي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنمية الصناعية في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، لـ«الاتحاد»: إن الوزارة رسمت خريطة طريق للوصول إلى الحياد المناخي بحلول العام 2050، حيث تم تقييم أكثر من 50 نوعاً من التقنيات التي يمكنها تقليل الانبعاثات الكربونية في القطاع الصناعي.
وأشار إلى أنه بدراسة هذه التقنيات وتأثيراتها في هذا المجال تم اختيار 8 تقنيات تعد الأكثر جدوى وتأثيراً فيما يخص تقليل الانبعاثات، مثل الطاقة النظيفة والتقاط وتخزين الكربون واستخدام وسائل جديدة للتسخين وإعادة التدوير ورفع الكفاءة والهيدروجين.
وأوضح أنه تم تحديد مجموعة من الممكنات لتحفيز الشركات على تبني هذه التقنيات مثل تسعير الكربون، وتوفير البنية التحتية لالتقاط الكربون وتخزينه، مع توفير سياسات تحد من تصدير مخلفات الصناعة مثل خردة الحديد، لتشجيع عمليات إعادة التدوير.

انبعاثات صفرية 
وقالت ميثاء شعيب، نائب رئيس الاتصال المؤسسي في مجموعة «دوكاب»: لطالما تبوأت دولة الإمارات طليعة جهود الاستدامة حول العالم، حيث أطلقت سلسلة من المشاريع والمبادرات لتحقيق الأهداف البيئية الطموحة وأهداف التنمية المستدامة. 
وأضافت: شكلت مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي 2050 خطوة مهمة في هذه الرحلة، حيث تشكل هذه المبادرة حملة وطنية لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، مما يجعل الإمارات أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتخذ هذه المبادرة. 
وأكدت أن التكنولوجيا مساهم رئيس في جهود الاستدامة، حيث يعد مصنع دوكاب الذكي «Blade» من بين أهم مشاريع التكنولوجية للشركة، والذي يعتمد على تقنيات الصناعية الرابعة «حيث يدمج المشروع بين مزايا الاتصال الرقمي والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وتحليلات البيانات الضخمة وإدارة سلسلة التوريد الذكية في عملياتنا التشغيلية».
وتابعت: من المتوقع أن يحقق المشروع نتائج رائعة، مع زيادة الكفاءة الإجمالية للمعدات (OEE) بنسبة 20% وتقليل إجمالي وقت تعطل الماكينة بنسبة 30% في غضون عام، وهي خطوات بالغة الأهمية لتحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بالمجموعة. 
وقالت: تتبنى مجموعة «دوكاب» نهج استدامة شاملاً يغطي مختلف جوانب عملياتها التشغيلية، حيث يتجلى تركيز الشركة على الاستدامة بوضوح من خلال عملياتها التصنيعية، كما تلعب منتجات دوكاب نفسها دوراً حاسماً في جهود الاستدامة التي تبذلها، إذ يفوق العمر التشغيلي المتوقع للكابلات ذات الجهد المتوسط التي تنتجها دوكاب 25 عاماً، فيما تتم أيضاً إعادة تدوير منتجات النفايات مثل البولي كلوريد الفينيل النظيف (purged PVC) والدخان منخفض البخار (Low Smoke Fume) باستخدام تقنية التحبيب. 

اطلاع شامل 
من جانبه، قال سيرجيو ماكوتا، النائب الأول للرئيس لدى شركة «إس إيه بي» في منطقة جنوب الشرق الأوسط وأفريقيا: إن التكنولوجيا المتطورة تتيح اطلاعاً شاملاً على كامل أجزاء سلسلة التوريد والعمليات والقوى العاملة بهدف إدارة الأثر الاجتماعي والبيئي على نحو أفضل ولذلك، فإن التكنولوجيا والرقمنة الشاملة تؤديان دوراً رئيسياً في تحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بنا.
وقال، إن لدى «إس إيه بي» اعتقاداً راسخاً بأنه من أجل تحقيق أقصى فائدة ممكنة من الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المتطورة الناشئة، يجب على الشركات الانتقال أولاً إلى السحابة ولذلك، خصصت الشركة عدداً من الحلول حتى تتمكن من تسريع انتقال الشركات من مختلف الأحجام أو القطاعات أو الدول، أو مستويات الجاهزية إلى السحابة بأمان.
وأضاف: يتمتع الذكاء الاصطناعي في حال نشره بطريقة موثوقة ومسؤولة، بالقدرة على إعادة رسم معالم الاستدامة وغيرها من المجالات، بدءاً من الخدمات اللوجستية، مروراً بالموارد البشرية، وصولاً إلى خدمة العملاء. وعبر دمج الذكاء الاصطناعي في كامل محفظة «إس إيه بي»، فإنها ستسهم في زيادة كفاءة الإجراءات الأكثر حساسية وكامل جوانب سلسلة القيمة، واتخاذ قرارات استدامة سديدة وتحسين استهلاك الطاقة وتقليل النفايات الناتجة.

النقل الذكي 
وقال المهندس خالد العطار، رئيس مؤسسة «قدها»: يمكن لأنظمة إدارة الطاقة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحسين استخدام الطاقة في الصناعات، مما يؤدي بدوره إلى تقليل انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 20%، كما أن تنفيذ حلول النقل الذكي والذاتي واستخدام أنظمة التحكم المروري المُحسنة بوساطة الذكاء الاصطناعي لديه الإمكانية لتقليل الانبعاثات بشكل كبير. 
وأضاف أن للقدرات التنبؤية للذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تسهيل الصيانة الوقائية والتي تقلل بدورها من الطاقة المهدورة، ومن الضروري الإشارة إلى أن التوجه نحو اعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حاسماً في تحقيق أهداف دولة الإمارات للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050.
وأكد أن الدولة أظهرت نهجاً استباقياً في تعزيز تنفيذ التطورات التكنولوجية وحلول الذكاء الاصطناعي للحد من الانبعاثات، ويتجلى ذلك في الخطة الوطنية للتغير المناخي، التي حددت أهدافاً ووضعت خططاً بنّاءة لاستخدام أحدث التقنيات للحد من الانبعاثات.

العمل عن بُعد
وقال كمال الرقاد، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي،«ريموت باس»:«يتماشى العمل عن بعد مع ممارسات الاستدامة من خلال تقليل انبعاثات الكربون، والحفاظ على الموارد، وتعزيز التقنيات الصديقة للبيئة، وتقديم خيارات تنقل مستدامة للموظفين. 
ويمثل العمل عن بعد طريقة عمل أكثر مسؤولية واستدامة وإنتاجية من الناحية البيئية، حيث أفاد 50% من المتقدمين للوظائف في الإمارات بعدم حدوث أي تغيير في إنتاجيتهم أثناء العمل عن بعد، بينما يعتقد أكثر من 44% من المشاركين في دبي أن إنتاجيتهم زادت.
وأفاد استطلاع أجرته شركة Owl Labs في عام 2020 أن الموظفين عن بُعد كانوا يوفرون 40 دقيقة يومياً في المتوسط أثناء التنقل، وهو ما يترجم إلى انخفاض في انبعاثات الكربون ويدعم ذلك بحث أجرته وكالة الطاقة الدولية (IEA)، والذي وجد أن العمل عن بُعد يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناتجة عن استهلاك الوقود وحده بمقدار 24 مليون طن كل سنة.
ويقلل العمل عن بُعد من استخدام الطاقة في المكاتب، والذي يمثل 18% من إجمالي استهلاك الطاقة في عام 2021، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

تحليل البيانات 
قال كارل كراوثر، نائب الرئيس، منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «ألتيريكس»: إنه مع تزايد الطلب على مزيد من الشفافية البيئية والاجتماعية والحوكمة والامتثال التنظيمي، فإن التحدي الذي ستواجهه المؤسسات يتمحور في تخطّي الممارسات التقليدية لتوفير الطاقة مثل إطفاء الأنوار وإعطاء الأولوية للتقنيات المستندة إلى البيانات لتحديد وتوقع تحسين الطاقة، وإدارة الشبكات الذكية، والنقل الفعال، وتبسيط سلاسل التوريد من أجل تحديد وتصحيح الممارسات التي من شأنها إهدار الطاقة.
وأضاف، أنه على سبيل المثال: في المباني والمصانع، يمكن للتحليلات والذكاء الاصطناعي دمج بيانات استخدام الكهرباء وتحديد العمليات المؤثرة على الطاقة وتحسين جدولتها لتقليل ذروة الاستهلاك، كما يمكن لتحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي تحسين الاستهلاك عبر سلسلة التوريد بأكملها.
ونوه بأن اعتماد هذه التكنولوجيا وتسخيرها يسهم على توفير إدارة أكثر كفاءة للمخزون، وإمكانية تتبعه بشكل أفضل، وتقليل هدر الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتسريع الإنتاجية، وبالتالي توفير رؤى تعتمد على البيانات في الوقت الفعلي واتخاذها لمواجهة تحديات الطاقة والانبعاثات الحالية والمستقبلية.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: كوب 28 الإمارات الذكاء الاصطناعي الاستدامة والذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی تقلیل الانبعاثات انبعاثات الکربون سلسلة التورید العمل عن ب من خلال

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي في المسرح

لستُ من القلقين حول توظيف الذكاء الاصطناعي فـي المسرح على المستويات جميعها، لكن قلقي ينبع ككثيرين (المؤلف والمخرج والسينوغراف) من الاعتماد الكامل فـي توجيه الذكاء الاصطناعي للقيام بمهمات عديدة كزرع نواة الحكاية وتأليفها وتسليمها إلى المخرج الذي بدوره سوف يعدلها وحصر عدد ممثليها، فعلى سبيل الشاهد عوضَ أن تكون المسرحية متضمنة عددا من الممثلين أو الجوقة بتعبير الكلاسيكيين، يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح اختزالها فـي مونودراما أو ديودراما. ولا يقف الأمر بالاستفادة من قدرة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته عند هذا الأمر، بل يُمكنه التمدد إلى مستويات متعددة كاختيار نوع الإضاءة والأزياء والموسيقى المناسبة والقاعة المثالية الصالحة لتقديم العرض وكذلك قدرته على انتخاب الجمهور الملائم، من الأعمار والشرائح .

أعود إلى سؤال قديم سألته نفسي بعد قراءاتي لقصة حُلم الحكيم الصيني (جوانج زو)، وكان السؤال: هل يُمكن تحقيق حلم جوانج زو فوق خشبة المسرح على وجه الحقيقة، لا وجه المجاز؟ أمّا الحلم فتروى قصته كما يلي: «رأيتُ أنا جوانج زو مرّةً فـي منامي أنّني فراشةٌ تُرفرفُ بجناحيها فـي هذا المكان وذاك، أنا فراشةٌ حقا من الوجوه جميعها، ولمْ أَكنْ أُدركُ شيئا أكثرَ منْ تتبعي لخيالاتي التي تُشعرني بأنّني فراشة، أمّا ذاتي الإنسانيّة، فلم أكنْ أُدركها البتّة، ثُمَّ استيقظتُ على حينِ غفلة وها أنا ذا مُنطرحٌ على الأرض رجلا كما كنت، ولستُ أعرفُ الآن هل كنتُ فـي ذلكَ الوقتِ رجلاً يحلمُ بأنّه فراشة، أو أنّني الآن فراشةٌ تحلمُ بأنّها رجل».

لم أخفِ دهشتي أو متعتي بحلم جوانج زو. منطلقات الحلم ليس صراعا بين الأنا والذات فحسب، أو بين الحقيقي وغير الواقعي، أو المحسوس واللامحسوس، بل أعدّه درسا تأسيسيا فـي تربية الخيال الإبداعي وتنمية مستوياته، ومحفزا للابتكار وآلية أوليّة لتشريح التفكير الناقد.

منذ اختراع الأساطير، والإنسان يسعى باحثًا عن تفسير الماورائيات والموجودات من حوله. كانت الأفكار الغريبة وتشظياتها تحفر فـي داخله، فلا يستكين، ولا يهدأ. فلماذا وصل بنا الخوف أن نرى ما نتخيله مجسدا فوق الخشبة؟ هل سببه الخوف لمجرد الخوف؛ لأن الإنسان عدو ما يَجهل؟ فـي سياق الابتكار والإبداع والطموح بالذهاب مع الخيال إلى عوالم غير مُدركة ولا ملموسة، لم يكن مثلا صانعا أول طائرة حقيقية (الأخوان رايت - 1903م) إلا تراكما لحق بأفكار مَن سبقهم من محاولات فـي الطيران بدأها (عباس بن فرناس 810 - 887م) الذي حاول «الطيران عن طريق القفز من مكان مرتفع عن طريق أجنحة من الحرير وريش الطيور».

هذه المحاولات وغيرها الكثير كانت دافعا لتطوير البحث فـي مجالات العلوم التي من بينها علم الحاسوب، حتى جاء اكتشاف الذكاء الصناعي Artificial Intelligence- AI الهادف «إلى إنشاء أنظمة وبرامج قادرة على محاكاة القدرات العقلية البشرية، مثل التفكير والتعلّم واتخاذ القرارات وحل المشكلات. يعتمد الذكاء الاصطناعي على خوارزميات وتقنيات تمكّن الآلات من أداء مهام تتطلّب ذكاء بشريا».

الناظر إلى الذكاء الاصطناعي المُنطلق من فعل المُحاكاة Mimesis يعيدنا إلى المعلم الأول أرسطو. فالمحاكاة نقلا عن (معجم المصطلحات المسرحية - للدكتور أحمد بلخيري - ص396) هي «تقليد أو عرض شيء. وفـي الأصل تعتبر المحاكاة تقليدا لشخص بوسائل فـيزيقية أو لغوية؛ هذا الشخص يمكن أن يكون شيئا أو فكرة، كما يمكن أن يكون بطلا أو إلها. وفـي شعرية أرسطو يتحدد الإنتاج الفني انطلاقا من كونه تقليدا للفعل».

ليس من شك فـي أن موضوعة المحاكاة هي منطلق جميع الفنون والأفكار والإبداع، وأن السعي البشري بالتقدم العلمي إنما يهدف إلى السيطرة على الوجود والتمركز فـي العالم والتحكم فـي المسار البشري والهيمنة عليه بتعطيل أجزاء من قدراته الحيوية، فالعقل البشري الجامح الذي لا يعترف بوجود إله يُنظم الكون، لا تُهمه الأخلاق ولا القوانين ولا الأعراف التي وضعها الإنسان لتنظيم العلاقات بين الناس على امتداد الحضارات المنتجة.

أعود من جديد إلى أرسطو، ولكن هذه المرة فـي فلسفته التي نظر من خلالها إلى الوجود، الفلسفة التي شكلّت أساسا لنظرية الدراما فنيا لا تاريخيا. فـي كتابها (المسرح بين الفكر والفن) تناقش الأكاديمية الراحلة الدكتورة نهاد صليحة بتوسع المسرح بين النظرية الدرامية والنظرة الفلسفـية متتبعة فـي أحد فصوله أسباب هيمنة النظرية الدرامية الأرسطية على المسرح الغربي حتى القرن العشرين، متمثل ذلك كما تقول فـي وجود «تشابه الأيديولوجيا التي بطنت النظرية الأرسطية للدراما مع جوهر الأيديولوجيات التي تلتها»، فنظرية أرسطو بحسب قولها لم «تكن فلسفته مجرد بحث موضوعي غير مغرض فـي الحقيقة والوجود، بل كانت طرحا على مستوى الوعي أو اللاوعي- لتصور نظري، أو رؤية للعالم تتضمن تأصيل نظام سياسي - اجتماعي - أخلاقي معين». إن نظرة أرسطو إلى الوجود بجعل العالم يتحرك نحو غاية مسبقة محسوبة لا دخل فـيها للإنسان تجعل من وجود تشابه بين نظريته عملا أو فكرا يستعاد بفعل الذكاء الاصطناعي. صحيح أن هذا الأخير ينطلق من وفرة المعلومات والخوارزميات لدى الإنسان ومحاولة محاكاتها وابتكار لحظات جديدة أو قدرات خارقة، فـي حين أن نظرية المحاكاة تتمظهر أو تتمركز فـي القدرة على إنتاج وتقليد الفعل البشري.

إن المنطلق الأخلاقي وعلاقته بالذكاء الاصطناعي كسؤال مرحلي هو أحد منطلقات الملتقى الفكري المصاحب للدورة الخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي التي أقيمت فـي مسرح العرفان بالعاصمة مسقط للفترة من 10-15 يناير 2024م. حمل الملتقى على مدى يومين العنوان التالي: (المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع)، وبين عناوين الأوراق النقدية التي قدمها الباحثون: «المساحة الرمادية بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي: تجربة مسرحية كونتراست»، للدكتور أسامة لاذقاني، وورقة بعنوان «حول التصميم»، للدكتور محمد مبارك تسولي، وورقة «الإضاءة المسرحية البديلة: استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي فـي التصميم الإبداعي»، للدكتور عماد الخفاجي، وورقة «قناع الفـيروفـيوس... برامج وسائطية فـي الدراما: قناع فـيروفـيوس لدمج حركة الممثل والتكنولوجيا والإنترنت»، للدكتور أيمن الشريف، وورقة «الذكاء الاصطناعي وتوليد النص المسرحي» للأستاذ عبداللطيف فردوس، وورقة «الصوت... المؤثرات الخاصة: الصوت المحيطي والهولوجرافـي والمؤثرات البصرية التفاعلية بين الآلة والممثل»، للأستاذين وسام قطاونة وحسن حينا، وورقة «التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي.. البديل الغامض»، للدكتور خليفة الهاجري، وورقة «التصميم والابتكار - الإبداع» للباحث Shen Qian، وورقة «تصميم إضاءة نحو المستقبل» للباحث Guo Jin Xin، فإن العناوين تضعنا أمام تحديات عدة أهمها: محاولة الذكاء الاصطناعي محاكاة (العقل) البشري لا (الفعل) فـي ظل الخوارزميات التي تعمل بآلية معقدة تستطيع أن تفـيد الإنسان فـي مناحي الحياة العلمية والطبية والفنية، وأنها تقدر أن توجهه التوجيه الذي يراه الذكاء الاصطناعي بأنه «الأمثل»، فـي المقابل قصور الذكاء الاصطناعي عن معرفة المشاعر والأحاسيس من جهة، والحاجة إلى ضوابط أخلاقية صارمة تحفظ للإنسان خصوصيته من جهة مقابلة، هي مسائل فـي غاية الصعوبة. فهل هناك حدود للذكاء الاصطناعي لا يستطيع تجاوزها؟ إن الصانع بتعبير الفلاسفة للذكاء الاصطناعي هو الإنسان، وكما قدم الدكتور يوسف عيدابي فـي افتتاحية الملتقى الفكري بالقول: «المسرح والتقانة صنوان، تأتي التكنولوجيا بجديدها الذي يذهب بعد حين إلى قديم، ويأتي جديد آخر. ولكن ما يثير هو أن الذكاء الاصطناعي يصادم فـي (الخَلق)، هو يكتب ويُخرج ويُمثل وينتج ويفعل بنا ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسيّر، هو لا يؤمن إلا بقدرته وأقداره... هو الهو! - ولكنه من خلق الإنسان الفاني - مع هذا الذكاء يتراجع المؤدي/ الإنسان إلى المرتبة الثانية - الآلة تكون لها الأولوية، وهذا إشكال وجوهره فـي هذا الجدل الذي لن ينتهي.

مقالات مشابهة

  • وفقًا لتقرير جديد صدر في دافوس: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أسواق العمل العالمية
  • تدشين توربينات الرياح في سماء الخليج العربي لتحقيق الاستدامة البيئية
  • أول علاج للسرطان وأمراض القلب مطور من قبل الذكاء الاصطناعي
  • “أدنوك” تخفض كثافة الانبعاثات في حقل شاه النفطي باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • عبر الذكاء الاصطناعي.. "أدنوك" تخفض الانبعاثات في حقل شاه النفطي
  • أدنوك تخفض كثافة الانبعاثات في حقل شاه النفطي باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • سلسلة Galaxy S25.. الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف تجربة الهواتف الذكية
  • «ترامب» يعيد الصين وروسيا إلى دائرة الاستهداف ويجذب استثمارات بـ«الذكاء الاصطناعي»
  • ما هو دور الذكاء الاصطناعي في التحول المناخي وعلاقته فى دفع النمو
  • الذكاء الاصطناعي في المسرح