لهذه الأهداف زار الملك محمد السادس الإمارات العربية المتحدة (تحليل)
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
قام الملك محمد السادس، بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أكثر من عام على تقلد الشيخ محمد بِن زايِد آل نَهْيَان، رئاسة الدولة. كان ضروريا بحسب مراقبين، أن تتم هذه الزيارة لتوطيد علاقات هي ممتدة تاريخيا تعود لسنة 1972 على عهدي الراحلين الحسن الثاني والشيخ زايد، كان ساعتها المغرب من أوائل الدول التي دعَمت قيام اتحاد دولة الإمارات، ومنذ ذلك الحين تشهد العلاقات تطورا متصاعدا في جميع المجالات.
وقع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات واالعاهل المغربي “إعلاناً نحو شراكة مبتكرة وراسخة” بهدف تطوير مختلف مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والانتقال بها إلى آفاق نوعية أرحب تلبي تطلعات البلدين وشعبيهما إلى التنمية والنماء، وذلك في إطار زيارة دولة يقوم بها ملك المغرب إلى الإمارات. كما تبادل الجانبان ـ خلال مراسم جرت في قصر الوطن في أبوظبي عدداً من مذكرات التفاهم.
تحديد دلالات ورهانات هذه الزيارة الملكية للإمارات، يأتي في ثلاثة سياقات أساسية وفقا لرأي محمد شقير، المحلل السياسي، أولها وهو أن هذه الزيارة تأتي كأول زيارة يستقبل فيها العاهل المغربي من طرف سمو الشيخ محمد آل ثاني كرئيس للاتحاد الإماراتي مما سيضفي على الزيارة بعدا قويا في توطيد العلاقات الشخصية والثنائية بين حكام وشعوب البلدين، والسياق الثاني يأتي في إطار احتدام حرب غزة بين الجيش الإسرائيلي وقوات حماس، مما ستكون بلاشك محور المحادثات بين العاهلين لتقريب الرؤى فيما يتعلق بهذه الأزمة، خاصة وأن البلدين يعتبران من الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة العربية وكذا من الدول العربية المطبعة مع إسرائيل، والتي لها علاقات خاصة مع السلطة الفلسطينية، والسياق الثالث حسب شقير اقتصادي يرتبط بتنظيم المغرب لكأس العالم في سنة2030 مع ما يتطلب ذلك من مشاريع استثمارية ستحرص الإمارات بلاشك على المساهمة فيها، بالإضافة إلى مشاريع تنموية خاصة ميناء الداخلة الذي يعتبر من بين اهتمامات الاستراتيجية الاستثمارية الإماراتية في المساهمة في انجاز الموانىء في مختلف دول العالم. علما بأن الاستثمارات الإماراتية تعتبر أول الاستثمارات الأجنبية بالمغرب.
ادريس القصوري، أستاذ التعليم العالي، قال إن العلاقات الإمارتية المغربية، هي علاقات متينة وتاريخية، لأن المغرب كان له دور أساسي في مرحلة تأسيس دولة الإمارات، علاوة على أن هذه الأخيرة باتت دولة قوية على المستوى الدبلوماسي والسياسة الخارجية، وفاعلة أيضا على المستوى الاقتصادي عالميا، فيما يتعلق بتصديرها للنفط، كما هي فاعلة في الخليج العربي، والشرق الأوسط وإفريقيا، والمنطقة المغاربية، واستطاعت أن تخرج من دولة صغيرة إلى دولة الأدوار الكبرى، وهي تشاطر المغرب في مواقفه على مستوى دول التعاون الخليجي، في إطار استمرار العلاقات الأخوية والتاريخية معه.
اليوم باتت الإمارات وفقا للقصوري، تشتغل بأفق استراتيجي طويل المدى، وتستشرف آفاق أفول ما بعد النفط، لأنه لن يظل هو المورد الوحيد، وستصاب بصدمات أزمة قوية ربما لن تخرج منها، وهي الآن تنوع من استثماراتها خارجيا، لأن السوق الداخلي على مستوى الخليج ضعيف جدا، وكل دولة منه مكتفية بذاتها، ودول النفط تنوع من مواردها واستثماراتها، فهي راهنت في فترة معينة على الاستثمارات في الدول الأوربية، إلا أن هذه الأخيرة باتت تعيش أزمات كبيرة ولم تعد ضامنة للاستقرار ولا للاستثمارات فيها، واستثمارات دول الخليج، ستذهب أدراج الرياح بفعل الأزمات التي يعيشها الاتحاد الأوربي والكثير من الدول الغربية، كما أنها لن تعتمد على علاقات دول أمريكا وأمريكا اللاتينية نظرا باختلاف المرجعيات، كما أن التطرف بات يغزو التدبير السياسي، في هذه الدول، وبالتالي لم بعد هناك من منطق واضح سواء ليبرالي أو اشتراكي، وتبعا لذلك نجد أن دول الخليج تنوع من مواردها الاقتصادية عبر شراكات وتحالفات جديدة، لتحديد تموقعها الجديد في مستقبل العالم ما بعد النفظ، ما سيبقى لها هو دول مثل المغرب في إطار تعزيز علاقاتها مع الدول العربية المغاربية في إطار انفتاح شامل نحو إفريقيا.
وأوضح الباحث السياسي، في حديثه لـ”اليوم 24″، أن الأفق الآن بات مرسوما بالنسبة للإمارات ودول الخليج للتوجه نحو المغرب، بحكم أنه بات بلدا مستقرا وآمنا وهو بوابة الاستثمارات الغربية التي تتنافس عليه، وأصبح كذلك، بوابة نحو إفريقيا، وهو جالب للاستثمارات على مختلف الأصعدة وفي مجالات متعددة فلاحية وصناعية وخدماتية والطاقة، لما له من شفافية ومساطر مفتوحة على المستوى الاقتصادي، وهذا أمر محفز بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، لتعزيز علاقتها مع المملكة، لأن استثماراتها الحالية آمنة به، على العكس من رهانها على الظفر باستثمارات آمنة بأوربا أو أمريكا وأمريكا اللاتينية، وحتى رهانها على روسيا بات رهانا غير ذي جدوى، لأن هذه الأخيرة عندها ما يكفي من المصادر الطاقية، فهي لا يمكن أن تكون مجالا للاستثمار الخليجي.
كما أن المغرب بحاجة إلى جلب استثمارات جديدة، لأن حاجاته تزيد سنة بعد سنة، فيما يتعلق بالنفط، وهناك حاجة متبادلة بين المغرب والإمارات..
وفق منظور المحلل السياسي إدريس القصوري، فهناك تموقعات الجديدة باتت تنسج خيوطها في ظل الصراعات الحالية، وبالتالي أصبح البلدان يلعبان أدوارا سياسية جديدة، في إفريقيا وشمالها، وحتى في الدول الغربية، ومن ثم لا بد من تنسيق الأدوار بين البلدين، في إطار الوثوقية والاستمرار وبالتالي المغرب يوطد من علاقاته مع الدول التي تدعمه في قضاياه.
لكن التحول بالنسبة للمحلل القصوري، هو أن الدول التي كانت المعبر والمدخل الأساسي لبواخر النفط الخليجي لم تعد مناطقها آمنة، كما يقع في ممر قناة السويس بفعل ما يحدث فيه بسبب أحداث غزة، أو ما يقع في ممر هرمز نتيحة مخاطر نشوب حرب مع إيران بالمنطقة، بالإضافة إلى ما يقع في اليمن وهجوم الحوثيين على السفن الإسرائيلية بعد طوفان الأقصى، ومن ثم فإن دول الخليج تريد البحث عن ممرات آمنة، وهي باتت مطالبة بالبحث عن مسارات جديدة لترويج نفطها، حيث أصبح ممر المغرب نحو إفريقيا عبر جبل طارق الممر الآمن والبديل، كما يمكن أن يكون المغرب يؤكد القصوري، محطة للنفط الخليجي، وإعادة توزيعه تجاه أوربا والغرب، وهنا يمكن أن يلعب المغرب دور الوسيط، ويمكن أن يستثمر موقعه عبر جبل طارق، لأنه يتوفر على علاقات جيدة مع بريطانيا، وإسبانيا، ومن الراجح أن تعود علاقته جيدة مع فرنسا، ومن ثم سيكون المغرب أحسن وسيط ومستفيد في هذه العملية، خصوصا بعد توقف أنبوب الغاز الجزائري، وبالتالي فهو مطالب أيضا بالبحث عن بدائل جديدة في ميدان النفط، سواء على مستوى الاستغلال الذاتي، أو تيسير وصوله عبر ممرات آمنة، لأن المغرب بتجهيزاته موانئه وبنيته التحتية، لن تجد الإمارات وفقا لكل هذه المعطيات ممرات آمنة مثل ما هو موجود به.
بالإضافة إلى رغبة المغرب في الرفع من مستوى علاقاته التجارية مع الإمارات، رغم حجم استثماراتها، الأولى عربيا، لكنها تبقى في حاجة إلى تطوير ورفع من قيمتها، وبالتالي المغرب يطمح إلى تقوية هذا النوع من العلاقات الاقتصادية أيضاً، لتنويع شركائه، وهذه ميزة القرارات السياسية المغربية يشدد القصوري.
كلمات دلالية الامارات العربية المتحدة الملك محمد السادس زيارة
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الامارات العربية المتحدة الملك محمد السادس زيارة الملک محمد السادس العربیة المتحدة دول الخلیج فی إطار أن هذه
إقرأ أيضاً:
الإمارات والولايات المتحدة تواصلان ترسيخ التعاون في التكنولوجيا والابتكار
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، استكشاف سبل ترسيخ تعاونهما الإستراتيجي في مجالي التكنولوجيا المتقدمة والابتكار.
وبحث معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، مع عدد من كبار المسؤولين وقادة الأعمال سبل الارتقاء بالشراكة طويلة الأمد في المجال التكنولوجي بين الدولتين الصديقتين، بما يرسخ مكانة الإمارات منصةً عالمية للابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وذلك خلال مشاركته على رأس وفد إماراتي في معرض CES 2025، الحدث السنوي الأكبر عالمياً في صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية الذي تحتضنه مدينة لاس فيغاس الأمريكية.
وضم الوفد الإماراتي مجموعة من كبار المسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال وممثلي الشركات.
والتقى معالي الزيودي خلال زيارته، كبار المسؤولين الحكوميين الأمريكيين، بمن فيهم ستافروس أنتوني حاكم ولاية نيفادا وممثلون عن مكتب حاكم ولاية نيفادا للتنمية الاقتصادية، وغرفة التجارة الأمريكية، وغرفة لاس فيغاس.
وركزت النقاشات على سبل تعزيز الشراكات التكنولوجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، واستكشاف فرص التعاون.
كما تناولت اللقاءات أبرز المميزات التي تتمتع بها الدولة على صعيد بنيتها التحتية المتطورة ومواهبها ومنظومتها المواتية للأعمال، بصفتها بوابة للأسواق سريعة النمو في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
وأكد معالي ثاني الزيودي أن الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة تخطت 35 مليار دولار، مما يجسّد قوة العلاقات الاستثمارية بين الجانبين.
وقال إنه بالتوازي مع توسيع شراكاتنا في مجال التكنولوجيا المتقدمة، نهدف إلى دعم الابتكار وتوفير المزيد من فرص العمل وتسريع تبني الجيل التالي من التكنولوجيا، حيث تتيح منظومة التكنولوجيا في دولة الإمارات، المدعومة بمبادرات منها الجيل التالي من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فرصاً لا تضاهى للشركات الأمريكية التي تتطلع إلى الارتقاء بعملياتها والوصول إلى الأسواق عالية النمو، ويمكن للطرفين معاً تحقيق الازدهار المشترك وبناء مستقبل زاخر بالابتكار والتعاون.
كما شارك معالي الزيودي في جلسة نقاش بحثت الاتجاهات والتحديات الجيوسياسية الراهنة، وركز خلال كلمته على قوة التجارة العالمية، مؤكدا دور دولة الإمارات في مد الجسور بين الأسواق وتمكين التدفقات التجارية السلسة بما يحقق مصالح الجميع.
وألقى معاليه الضوء على أبرز مستجدات برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تواصل دولة الإمارات تنفيذه منذ نهاية عام 2021 بهدف توسيع نطاق العلاقات التجارية مع الأسواق الإستراتيجية حول العالم.
وخلال زيارته التي استمرت ثلاثة أيام، عقد معالي الزيودي لقاءات مع كبار المديرين التنفيذيين لعدد من الشركات الرائدة المتخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الصحية، وتكنولوجيا السيارات، واللاعبين الرئيسيين في الصناعة منها أكسنتشر وكوالكوم وجمعية تكنولوجيا المستهلك وسكايلو ، وإم جي إم العالمية للمنتجعات.
يشار إلى أن الولايات المتحدة تعدّ رابع أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات على الصعيد العالمي، بحصة تبلغ 4.8% من إجمالي التجارة غير النفطية للدولة.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، بلغ حجم التجارة البينية غير النفطية 28.3 مليار دولار، بنمو نسبته 46.2% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
وتعدّ دولة الإمارات أهم شريك تجاري للولايات المتحدة في العالم العربي، إذ تشكل التجارة الثنائية 27% من التجارة غير النفطية للولايات المتحدة مع المنطقة.
وعلى صعيد الاستثمارات، بلغت قيمة أصول دولة الإمارات في الولايات المتحدة 35 مليار دولار، أي ما يتجاوز 50% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة من الدول العربية في أمريكا حتى نهاية عام 2023، بينما تخطت قيمة الاستثمارات الأمريكية في دولة الإمارات 5 مليارات دولار مع نهاية عام 2022.وام