جامعات الإمارات تحتفي ب «كوب 28» بتعزيز الوعي البيئي
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
إعداد: راشد النعيمي
أطلقت كثير من الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في الدولة، مبادرات لحشد جهود الشباب بما يدعم أهداف الرئاسة الإماراتية لمؤتمر «COP 28»، وتزويدهم بالوعي في القضايا البيئية المعاصرة، ومشاركة الحلول العملية لها، وتمكين الطلبة من الابتكار والتفكير النقدي وتزويدهم بمهارات تدعم التنمية المستدامة.
وتولي الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في الدولة اهتماماً كبيراً بتعزيز الوعي الطلابي بقضايا المناخ، وتحفيز أجيال المستقبل على طرح أفكارهم ومبادراتهم المبتكرة في البيئة والاستدامة، مع استضافة دولة الإمارات مؤتمر «COP 28» في «إكسبو دبي».
أعلنت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، أنها ستطلق 30 مبادرة تتعلق بالاستدامة، كالمنتدى العالمي للطيران المستدام والمؤتمر العالمي عن الانتقال في قطاع الطاقة، ومعرض لمشاريع الجامعة المعنية بالاستدامة، والمؤتمر الدولي عن الاستدامة، والمعرض النموذجي لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ.
وتخطط الجامعة أيضاً لتنظيم معرض للتغيرات المناخية، وهاكاثون لتطوير مشاريع برمجية للحدّ من هدر الطعام، ووقف استخدام الزجاجات البلاستيكية داخل الحرم الجامعي، وحملة لتوزيع نباتات للتشجيع على تبنّي ممارسات تسهم في استدامة البيئة، ومبادرة تحويل النفايات إلى ملابس، لتشمل الاستدامة كل مناحي الحياة الجامعية، سواء الأبحاث، أو الحرم الجامعي، أو الإعلام، أو الاتصالات أو الأنشطة الأكاديمية والطلابية.
منصة متكاملة
استعدت الجامعة الأمريكية في الشارقة، لمؤتمر «كوب 28» بعد ترشيحها لتكون عضواً في مجموعة عمل الجامعات في الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر، ويشارك ممثلو فريق عمل الجامعة في الجلسات التي تتناول حلول مشكلات تغير المناخ، بحضور نخبة من القادة والخبراء المرموقين في العالم لمناقشة أفضل آليات التعامل مع ظاهرة تغير المناخ.
وتستعد الجامعة للإسهام بخبراتها، كونها واحدة من أكثر الجامعات استدامةً في المنطقة، حيث صنّفت واحدة من أفضل خمس مؤسسات في العالم لمشاركتها المجتمعية في الاستدامة، وفقاً لمؤشر الحرم الجامعي المستدام لعام 2022، فضلاً عن أنها أصبحت أول جامعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحصل على تصنيف الفئة الذهبية في نظام تتبع الاستدامة والتقييم والتصنيف. كما أنها أول جامعة في دولة الإمارات، تحظر استخدام البلاستيك الأحادي الاستخدام. كما طورت في عام 2021 أول خطة عمل مناخية شاملة تهدف للحد من الانبعاثات الكربونية.
ويوفر مؤتمر «كوب 28» منصة فريدة للجامعة، لعرض إنجازاتها المستدامة وإنجازات أعضاء هيئتها التدريسية البحثية المتعلقة بالمناخ.
شبكة المناخ
واستقبلت شبكة المناخ الجامعية التي ترأسها «جامعة نيويورك أبوظبي» 13 مؤسسة إضافية من مؤسسات التعليم العالي في دولة الإمارات، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للمؤسسات المشاركة إلى 24.
وتشمل قائمة الأعضاء الجدد أكاديمية بوليتكنك أبوظبي، وجامعة أبوظبي، وجامعة عجمان، وجامعة العين، والجامعة الأمريكية في دبي، والجامعة الأمريكية في الإمارات، وجامعة دي مونتفورت دبي، وكلية الإمارات للتطوير التربوي، وجامعة هيريوت- وات دبي، وجامعة الشارقة وأكاديمية ربدان، وجامعة برمنغهام دبي، وجامعة ولونغونغ في دبي.
وتضم شبكة المناخ الجامعية التي أطلقت في إبريل 2023، مجموعة من الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في دولة الإمارات. ويتعاون أعضاء الشبكة معاً لتحفيز مشاركة الشباب والأوساط الأكاديمية في التحضير لمؤتمر «كوب 28»، في مجالات متعددة منها البحث والابتكار للحلول المناخية، وتسهيل إقامة الحوارات وورش العمل والفعاليات العامة وغيرها.
خريطة طريق
وأطلقت جامعة الإمارات خريطة الطريق الخاصّة بها لمؤتمر«COP28».
وأشار زكي نسيبة، إلى أن جامعة الإمارات جزء رئيسي وشريك استراتيجي مهم لتحقيق التوجهات والطموحات الاستراتيجية الوطنية ذات الصلة بالتغير المناخي مؤكداً أن خريطة طريق الجامعة ستعمل على تشجيع العمل بما يتماشى مع استراتيجية الدولة وجدول أعمال «COP28» بالتركيز على ثلاثة عناصر ذات صلة بالجامعة: البحث والابتكار، وتمكين الشباب، وتعزيز شراكاتنا المحلية والدولية، وتهدف هذا الخريطة إلى دعم الجهود الوطنية في تحقيق المبادرة الاستراتيجية في الحياد المناخي 2050.
ولفت نسيبة إلى أن الخريطة تتضمّن 35 مبادرة تحمل أهدافاً ونتائج ملموسة يمكن قياسها، وقد بدأ العمل في بعضها، وسيستمر الكثير بعد انقضاء المؤتمر مُشيراً إلى هذه الخريطة سوف تُسهم في توسيع سجلّ دولة الإمارات في البحث عن حلولٍ عملية لتغيّر المناخ، بالتركيز على الطاقة المُتجدّدة، والحدّ من النفايات وإعادة استخدام الموارد الطبيعية.
نادي الاستدامة
وأطلقت مجموعة من طلبة جامعة زايد «نادي الاستدامة»، بهدف زيادة مستوى الوعي بالقضايا المتعلقة بالاستدامة وتعزيز النهج متداخل التخصصات لمعالجة القضايا المتعلقة بتغير المناخ، والإضاءة على دور المؤسسات في هذا المجال، وتعزيز المهارات لتحقيق أهداف مبادرة الإمارات للحياد المناخي 2050.
وأطلق أعضاء النادي مبادرة «الطريق إلى مؤتمر الأطراف 28» حيث زوّدوا الطلبة بالمعرفة والمهارات اللازمة، للعمل سفراء في مؤتمر الأطراف «COP28».
وأنشأ النادي بعد اختيار عدد من طلبة الجامعة للمشاركة في نموذج محاكاة «COP 27» برعاية الأمم المتحدة في الجامعة البريطانية في القاهرة، واعترفت وزارة التغير المناخي والبيئة، بمساهمتهم في هذا الحدث، ودعت المجموعة نفسها بعد ذلك إلى قمة «COP 27» الرسمية التي انعقدت في نوفمبر العام الماضي.
وشهدت جامعة زايد إقبالاً استثنائياً في التسجيلات لبرنامج البكالوريوس في علوم الاستدامة مع استقبال الدفعة العام الدراسي 2023 - 2024. حيث شهد هذا البرنامج، الذي أطلق عام 2022، زيادة كبيرة بنسبة 140% في الطلب مع استقباله للدفعة الثانية من الطلبة الجدد.
ويجمع البرنامج بين التكنولوجيا والبيئة والأعمال والسياسات العامة، لتطوير مهارات متعددة يحتاج إليها الطلبة لمواجهة التحديات المتجددة محلياً ودولياً. ويقدم تخصصات متقدمة في المواضيع المتعلقة البيئات المستدامة، والسياسات المستدامة، وغيرها من المشروعات المستدامة. ويتسم تصميم البرنامج بالدمج بين العلوم الأكاديمية والخبرة العملية الميدانية في موضوع الدراسة.
كما أطلقت جامعة زايد برنامج ماجستير علوم البيئة والاستدامة، بهدف تزويد الخريجين بالمعرفة والمهارات الأساسية لمواجهة التحديات البيئية في العالم، وهو يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للدولة، وسعيها لتلبية الطلب المتزايد على تأهيل الخبراء والمهنيين والمختصين بمواجهة التحديات البيئية على المستويين المحلي والعالمي.
جامعة مستدامة
وانطلاقاً من رؤية «جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» بأهمية المشاركة الفعالة والانسجام مع المجتمع الوطني والعالمي في كل ما يهم أعضاءه وقياداته، تأتي مشاركتها في «COP28» لتعزيز تبادل الخبرات والتعاون مع الباحثين والخبراء من مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن وتحفيز الشباب وتشكيل الوعي الجمعي فيما يتعلق بأهمية الحفاظ على البيئة وتبنّي السلوكات المستدامة التي تحقق هذا الهدف.
وتهدف إلى تحفيز الشباب على تحقيق التغيير الإيجابي الفردي داخل الحرم الجامعي، بصفة خاصة، والمجتمع بصفة عامة. كما تهدف إلى توظيف الرؤى المتقدمة والمنفتحة والأفكار الخلّاقة لدى الشباب في القضايا المحورية المهمة مثل التغير المُناخي وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة والقضايا الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام، لتحقيق أقصى استفادة من طاقة الشباب في رسم مستقبل أفضل للجامعات والمجتمعات.
مؤتمر الطاقة
واستضافت جامعة «نيويورك أبوظبي» مؤتمر الطاقة الطلابي 2023، على هامش مؤتمر «COP28»، وقاد المؤتمر مجموعة من طلاب الجامعة وجمع 650 من الشباب من 120 دولة، لتعزيز جهود التعاون للوصول إلى حلول الطاقة المبتكرة.
وتعاون فريق المؤتمر مع الشركاء المحليين الرئيسيين لرفع مستوى الوعي بموضوعات الطاقة في دولة الإمارات، بما في ذلك استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 ورؤية أبوظبي الاقتصادية 2030. وعكس شعار المؤتمر رؤيته في إعادة تصور المستقبل، وتمكين العقول الشابة من تصور مسارات نحو مستقبل مستدام وعادل للطاقة.
Youth COP
وأطلقت جامعة السوربون أبوظبي في شهر مايو الماضي مبادرة «Youth COP» التي تعد دعوة إلى الطلبة وأجيال المستقبل للمشاركة في العمل المناخي العالمي، بمناسبة استضافة «COP28»
وتأتي «Youth COP» جزءاً من مبادرة «Go Green 2023» وطوّرت هذه المبادرة للسماح للطلاب من جميع أنحاء العالم للمشاركة في«COP28» بمحاكاة للمناقشات، حيث سيعدّ الطلاب وثيقة طموحة وشاملة لمعالجة الموضوعات الملحّة، وسيتعاون 25 فريقاً تضم 75 طالباً في حدث تفاوضي عن الموضوعات المتعلقة بالمناخ.كما سيطوّر الطلاب المختارون وثيقة مشتركة ستصبح «دعوة للعمل من جامعة السوربون أبوظبي إلى أجيال المستقبل» ستقدّمها في «COP28».
دور ريادي
كما أعلنت «جامعة أبوظبي»، في إطار حرصها على تعزيز معرفة الطلبة بالاستدامة إطلاقها برنامجاً معتمداً للاستدامة بعنوان «مستعدون لمؤتمر «COP28».. دور ريادي نحو مستقبل مستدام»، حيث سيكون التسجيل فيه متاحاً لطلاب المدارس الثانوية والجامعات. ويهدف إلى تعزيز معرفة الطلاب ورفدهم بالأدوات اللازمة لفهم مختلف جوانب الاستدامة وتبنيها، بما في ذلك فرص العمل المراعية للبيئة، و«كوب28»، وغيرها.
سيتيح البرنامج الفرصة للطلاب لخوض تجربة تعليمية تفاعلية وغنية، يكتسبون عبرها رؤية شاملة لأفضل الممارسات المستدامة في مختلف المجالات، حيث سيركز البرنامج على أهمية المحافظة على البيئة والمسؤولية تجاهها وتقدير التنوع في المجتمع وتأكيد دوره الأساسي في تقدم البشرية وسيضيء البرنامج على 8 مواضيع رئيسية، سيتناولها أعضاء هيئة التدريس المتخصصون في الجامعة، إلى جانب مجموعة من الخبراء في هذه المجالات.
تشمل مواضيع البرنامج «التعلم المعزز بالذكاء الاصطناعي من أجل مستقبل مستدام» و«أهداف التنمية المستدامة» و«مؤتمر«COP28»، و«الاستدامة الاجتماعية: الوعي الاجتماعي والترابط الإنساني».
بيئة داعمة
أعلنت «أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، بالتعاون مع «مبادلة» و«أدنوك»، إطلاق مركز الدبلوماسية المناخية، بهدف إرساء بيئة داعمة للأبحاث المناخية، وتأكيد أهمية الجهود البحثية في تعزيز السياسة الخارجية للدولة بشأن تغير المناخ، ودفع عجلة العمل المناخي.
وتشمل الأهداف الرئيسية للمركز: تعزيز التعاون والتنسيق مع المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، ضمن إطار خطة بحثية مشتركة، لتأسيس مركز إقليمي للأبحاث المناخية.
إطار رسمي
أطلقت «كليات التقنية العليا» الإطار الرسمي للاستدامة، تحت عنوان «الطريق إلى كوب28 وما بعده» الذي استعرض ركائز الاستدامة في الكليات.
وأكد الدكتور فيصل العيان، مدير مجمع كليات التقنية العليا، أن «الاستدامة» ليست بالمفهوم أو الممارسات الجديدة على مجتمع الإمارات، فهي جزء من نهج الإمارات منذ التأسيس والقائم على توفير بيئة وحياة أفضل لشعبها وللأجيال القادمة، وأن استضافة الإمارات «COP28» ما هي إلّا تأكيد مكانة الدولة وجهةً مثاليةً لاستضافة مثل هذا الحدث العالمي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 الإمارات الاستدامة البيئة التعلیم العالی فی فی دولة الإمارات الحرم الجامعی مجموعة من
إقرأ أيضاً:
محمد المر: الصحف الإماراتية لعبت دوراً محورياً في تشكيل الوعي الوطني
فاطمة عطفة
«فكرة معرض الصحافة العربية انطلقت من مسؤوليتنا الإنسانية وإيماننا الراسخ ورسالتنا في مكتبة محمد بن راشد، التي نهدف من خلالها للحفاظ على الأدب والإرث والذاكرة الثقافية العربية، ونقلها جيلاً بعد جيل، خاصة أن الصحافة شكلت ولا تزال تشكل على مر العقود أداة محورية في نقل المعرفة، وتوثيق التحولات الاجتماعية، وصياغة الرأي العام». بهذه الكلمات يضيء معالي محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، على المعرض الذي لاقى إقبالاً وإعجاباً كبيرين حيث يحتضن أكثر من 500 دورية ومطبوعة بعضها يعود إلى القرن التاسع عشر، موزعة على 7 أقسام رئيسة: قسم المرأة، وقسم الطفل، وقسم الأدب، وقسم الفن، وقسم الصحافة الإماراتية، وقسم الصحافة المتخصصة، وقسم الصحف. مبيناً في حديثه لـ(الاتحاد) أن الرسالة التي يجسدها المعرض «تنسجم بشكل واضح مع رؤية قيادتنا الرشيدة في ترسيخ مكانة دولة الإمارات كمركز إشعاع ثقافي ومعرفي على مستوى العالم العربي، حيث يبرز المعرض الدور الرائد للدولة في دعم الإعلام المسؤول وتعزيز الحوار الفكري البناء».
ويضيف معالي محمد المر: «حين نعود إلى بدايات الصحافة العربية فإن البوصلة يجب أن تتجه إلى مصر، الدولة التي انطلقت منها الشرارة الأولى للصحافة العربية، وكانت صحفها منابر للفكر والتنوير، ومصانع لتشكيل الوعي العربي في مفترق تاريخي بالغ الأهمية». وأكد معاليه أن الصحافة المصرية جسدت، منذ القرن التاسع عشر، روح التجديد والإصلاح، وأسهمت في إرساء قواعد التعبير الحر، وكانت ملاذاً للمفكرين، ومسرحاً للجدل الثقافي والسياسي، ومحركاً للحركات الاجتماعية. وفي هذا المعرض، حين نطالع بأعيننا أعداداً نادرة من الوقائع المصرية، وروز اليوسف، وصباح الخير، وآخر ساعة، فإننا نقرأ فصولاً حية من سيرة العقل العربي، ومن إرث لا يزال يلهمنا حتى اليوم. ويكفي القول: إن بعض هذه الصحف لا يزال يصدر إلى الآن رغم مرور مئة عام على انطلاقتها».
وعن بداية الصحافة في الإمارات، قال معاليه: « لقد ارتبطت نشأة الصحافة في دولة الإمارات ارتباطاً وثيقاً بحركة التنوير الثقافي والفكري التي رافقت بدايات التأسيس، حيث لعبت دوراً جوهرياً في نقل المعرفة وترسيخ الهوية الوطنية، وأسهمت في نشر الثقافة الإماراتية والعربية محلياً وعالمياً، كما شكلت الصحافة منبراً لتوثيق التحولات الكبرى التي شهدها المجتمع».
وأضاف أن نشأة الصحف في دولة الإمارات كانت في ستينيات القرن الماضي، وكانت تطبع في مطابع متواضعة لكنها حملت التنوير والتثقيف للقارئ، وقد أسهمت هذه الصحف المبكرة في خلق مساحة للتعبير في زمنٍ كانت في وسائل الاتصال محدودة، وكانت الكلمة المطبوعة هي الوسيط لتداول الأخبار والأفكار. ومع إعلان قيام دولة الاتحاد في العام 1971، شهدت الصحافة الإماراتية نهضة نوعية، حيث صدرت صحف كبرى مثل «الاتحاد» و«الخليج» و«البيان»، ثم لاحقاً «الإمارات اليوم»، حيث لعبت هذه الصحف دوراً محورياً في تشكيل الوعي الوطني، وتعزيز الانتماء للدولة الحديثة، لم تكن تلك الصحف مجرد ناقل للأخبار، بل كانت منابر لبناء اللغة المشتركة والهوية الثقافية، وقدمت على صفحاتها أقلاماً محلية وعربية، طرحت قضايا الفكر والتنمية والحداثة، وكانت المجلات الأسبوعية ترافق الصحف، مما ساعد على ازدهار الصحافة المحلية واتساع رقعة تأثيرها.
صياغة الواقع
ولفت معالي محمد المر إلى أن الصحافة في الإمارات كانت شاهداً وفاعلاً، لا تكتفي برصد الواقع، بل تُسهم في صياغته، وقد تحولت خلال العقود الأخيرة إلى قوة ناعمة تعكس صورة الدولة إقليمياً وعالمياً، من خلال المهنية العالية، والانفتاح الثقافي، والدور الحضاري في تعزيز قيَم التسامح والتواصل بين الشعوب.
وحول أهمية المعارض الأرشيفية، قال معاليه: «يمثل الأرشيف ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الإنسانية، وهو أداة مهمة لفهم تحولات المجتمعات وتوثيق إنجازاتها. وعلى الصعيدين المحلي والعالمي، تبرز أهمية الأرشيف في حفظ الوثائق التاريخية والفكرية والثقافية، بما يتيح للأجيال الجديدة الاطلاع على المسارات التي صنعت حاضرها وأسست لمستقبلها. ومن هنا فإن المعارض الأرشيفية المتخصصة، كمعرض الصحافة العربية في مكتبة محمد بن راشد وغيرها، تؤدي دوراً محورياً في إبراز هذا البعد الحضاري».
وحول أهمية إقامة معرض للصحافة العربية في توعية الأجيال الجديدة بتاريخ الإعلام وهويته الثقافية، يقول معالي محمد المر: «تكمن أهمية هذا المعرض في كونه جسراً يربط الأجيال الجديدة بجذور الصحافة العربية ومسيرتها الطويلة، بما تحمله من أحداث، تحولات، وأصواتٍ شكّلت جزءاً كبيراً من الوعي الجمعي في المنطقة. فالمعرض لا يقتصر على عرض صفحات من صحف ودوريات قديمة، بل يمثل أرشيفاً حيّاً لأصوات الناس، نبض المجتمعات، وتحولات الفكر العربي عبر عقود، كما أن المعرض يتيح فرصة فريدة للجيل الرقمي الحالي لفهم كيف كانت الكلمة المطبوعة ذات تأثير نافذ، وكيف كان للصحافة دور رئيس في إشعال النقاشات الفكرية، وتأريخ الوقائع ونقلها بصورتها الأصلية، كما يساعد على توضيح السياقات التي ولدت فيها تلك الأحداث، والتي تحمل تيارات فكرية مختلفة، عبر المقالات الافتتاحية، الكاريكاتيرات والرسومات المعبرة، والتحقيقات التي كانت تتصدر الصفحات الأولى، إضافة إلى أن المعرض يمنح فرصة للزوار للتعرف على تاريخ الإعلام المكتوب، بوصفه أداة البناء للهويات الثقافية والاجتماعية، ويبرز مدارس فكرية واتجاهات تحريرية مختلفة من الصحافة القومية، إلى المستقلة، وصولاً إلى الصحافة المتخصصة الموجهة لكل شرائح المجتمع، وهو ما يعزز لدى الجيل الجديد فهماً عميقاً لكيفية تشكل السرديات الإعلامية، من خلال عرض مجموعات مميزة من صحف ومجلات، والتعرف إلى الأسماء اللامعة في عالم الصحافة العربية من كتَّاب ومفكرين».
أبرز المقتنيات
وعن أبرز المقتنيات المعروضة في أقسام معرض الصحافة العربية، يقول معالي محمد المر: «يضم المعرض مجموعة نادرة واستثنائية من المقتنيات الصحفية والمجلات المتخصصة والعامة، موزعة على عدة أقسام تعكس تنوع المحتوى وتطوره الزمني والثقافي. من بين أبرز المعروضات في قسم الصحافة الإماراتية نذكر: «أخبار دبي» (1969)، و«درع الوطن» (1971)، و«جريدة الاتحاد» (1969)، التي تمثل بدايات الإعلام الوطني. أما قسم الأطفال فيحتوي على مجلات أيقونية مثل «السندباد» (1952) و«ميكي» (1962) و«مانجا العربية» (2021)، ما يُظهر تطور صحافة الطفل عبر الأجيال. وفي قسم الفنون نجد إصدارات مثل «العفريت» (1924) و«الحياة السينمائية» (1978)، بينما يوثق قسم المرأة حضوراً مبكراً ومؤثراً من خلال مجلات مثل «أنيس الجليس» (1899) و«سيدتي» (2016). ورأى معاليه أن الصحف التاريخية تحضر بقوة في قسم الصحف مثل «الوقائع المصرية» (1893)، إلى جانب مجلات أدبية مؤثرة مثل «المقتبس» و«عالم الفكر» في قسم الأدب. كما يتضمن المعرض مجلات متخصصة مبكرة كـ«الفلاحة المصرية» (1898) و«روز اليوسف» (1925). ويبرز من بين الأندر: «صباح الخير» (1962)، و«أبو نظارة» بخط اليد (1895)، و«جريدة الخلافة» (1881). كما يعرض المعرض أحدث الإصدارات مثل «المقطع» (2023)، ليجمع بذلك بين التراث والحداثة، ويوفر توثيقًا حياً لمسيرة الصحافة العربية في مختلف مجالاتها وحقبها.