أكد عدد من المثقفين والكتاب من دولة قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، في حديثهم لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، أن الوحدة التاريخية والثقافية التي تجمع شعوب المنطقة تمثل مصدر إلهام للوحدة وتوثيقا لعرى الأخوة بين الشعوب الخليجية.

واعتبروا -بمناسبة استضافة الدوحة للقمة الخليجية الـ44 اليوم الثلاثاء- أن زيادة اللحمة بين الشعوب الذين تجمعهم هوية واحدة، تتم من خلال الثقافة التي تعزز روح التفاهم والإخاء بين الجميع، خاصة في ظل الاهتمام الرسمي بالشؤون الثقافية.

حتميات التاريخ والجغرافيا

وقال الأكاديمي والروائي القطري الدكتور أحمد عبد الملك إن الثقافة بأنماطها المختلفة تشكل أساسا متينا للعلاقات بين الدول المتجاورة، وذلك لحتميات التاريخ والجغرافيا التي تجمع الدول، مشيرا إلى أن العلاقات الثقافية بين شعوب مجلس التعاون متأصلة منذ القدم، وقبل إنشاء المجلس عام 1981، وهو ما شكل وحدة ديموغرافية وثقافية بتلقائية، ومن دون قرارات رسمية.

الدكتور أحمد عبد الملك: الانتقال السهل للمواطنين شكّل أساسا لوحدة اجتماعية وثقافية (مواقع التواصل)

وأوضح أن الانتقال السهل للمواطنين بين دول المنطقة شكّل أساسا لوحدة اجتماعية واقتصادية وثقافية، لذا جاءت ملامح التراث المادي وغير المادي متقاربة جدا، كما هي اللهجات، والأذواق والفنون البصرية، والأهازيج، واتجاهات التفكير حيال القضايا المصيرية للأمة العربية.

وأشار الدكتور عبد الملك إلى اهتمام النظام الأساسي لمجلس التعاون بالشؤون التعليمية والثقافية، معربا عن أمله في أن يحظى الشأن الثقافي بدعم أكثر.

وأعرب الأكاديمي والروائي القطري عن تطلعه إلى تعزيز التجمعات الثقافية بين أدباء ومبدعي دول المجلس، بما يعكس اعتزازهم بهويتهم وانفتاحهم على حضارات الأمم والشعوب ويثري المسيرة الثقافية الحافلة لدول الخليج العربي.

التعاون الثقافي

من جهته، يرى الشاعر والناقد السعودي الدكتور عادل خميس الزهراني أن التعاون الثقافي أمر حتمي إذا ما "وضعنا في البال أبعاد الهوية المشتركة بين أبناء مجلس التعاون الخليجي، من الجغرافيا إلى اللغة والدين والثقافة والعادات والتقاليد المتشابهة وغير ذلك".

الشاعر والناقد السعودي الدكتور عادل خميس الزهراني: الحراك الثقافي بمنطقة الخليج مبهج (مواقع التواصل)

وقال الدكتور الزهراني إن دول مجلس التعاون تشترك أيضا في الرغبة الملحة في النمو والتطور وبناء مستقبل مشرق يضمن لمواطنيها تنمية مستدامة، مشيرا إلى أن الثقافة بكل صورها عامل مهم في رفع الوعي بضرورة الاتفاق والتعاون والعمل المشترك والمنظم.

ولفت إلى وعي شعوب دول الخليج العربي بما يكفي لاستقبال هذه الرؤى التي تسعى الإستراتيجيات إلى تحقيقها، منوها بأنه شاهد على الحراك الثقافي "المبهج" بين أبناء الخليج.

اللهجات والاهتمام البحثي

بدوره، قال الكاتب والإعلامي العماني محمد اليحيائي إن المشترك الثقافي والحضاري بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كبير ومتنوع، رغم وجود بعض الفوارق التي لا تكاد ترى.

وأوضح أن اللغة والأدب والأعمال الفنية ليست وحدها المشترك بين مجتمعات الخليج فهنالك اللهجات، وهي عنصر من عناصر المشترك الثقافي الذي تغفله الدراسات الاجتماعية ودراسات الإنسان، وتحمل سمات الجذور المشتركة للإنسان في هذه المنطقة، وتنقله، قبل مرحلة النفط وظهور الدولة الحديثة، بين مكان وآخر في جغرافيا واحدة.

الكاتب العماني محمد اليحيائي: من المهم التفكير في إطلاق مشاريع، مثل تأسيس رابطة خليجية للأدباء (مواقع التواصل)

ولفت إلى أن صور المشترك الثقافي تشمل الأزياء والطعام، والموروث الشفاهي (الحكايات والأهازيج الشعبية) والتي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام البحثي والتوثيقي المشترك وليس على صعيد كل دولة فقط.

وبيّن الكاتب العماني أن هناك مشاريع وإنجازات تقوم بها مؤسسات الثقافة في كل دولة من دول المجلس، غير أنه من المهم الآن التفكير في إطلاق مشاريع كبرى مشتركة، مثل تأسيس اتحاد أو رابطة خليجية للكتاب والأدباء، وما يشابهه للمسرحيين والموسيقيين، أو مؤسسة بحثية ممولة خليجيا تعنى بالدراسات الاجتماعية.

اهتمام بالآداب والفنون

من جهته، رأى الكاتب والروائي الكويتي سعود السنعوسي أن واقع العمل الخليجي "الفردي" يمثل حراكا فارقا على صعيد كل دولة على حدة، مشيرا إلى أن الاهتمام اللافت بالثقافة والفنون والآداب في دول الخليج العربي يؤكد دورها المهم في الحفاظ على هوية المجتمعات، والاستثمار في الثقافة للارتقاء بالإنسان.

الكاتب والروائي الكويتي سعود السنعوسي: نحن بحاجة للاهتمام بالفعاليات الثقافية المشتركة (مواقع التواصل)

وأشار إلى تفاوت الاهتمام الثقافي من دولة إلى أخرى، وأن هناك دولا تعمل بشكل أكثر من غيرها على دفع عجلة الثقافة الخليجية بشكل فعال من خلال المهرجانات الأدبية والفنية، والجوائز التشجيعية للمبدعين ومسابقات القراءة للناشئة، والكثير من الأنشطة الثقافية على مدار العام.

وقال السنعوسي "إننا بحاجة في دول الخليج إلى الاهتمام بالفعاليات الثقافية المشتركة، عوض أن تعمل كل دولة بشكل منفرد، فمثلا أن يقام مهرجان خليجي للثقافة والفنون والآداب يحل في كل سنة في دولة من دول مجلس التعاون، على غرار كأس الخليج".

واهتمت الإستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون (2020-2030) بتعزيز هويته الثقافية من خلال دعم اللغة العربية وحمايتها وتداولها بوصفها لغة للتواصل والإبداع، وتشجيع المنتج الثقافي المرتبط بالهوية الثقافية لدول المجلس، إلى جانب تعزيز البحث العلمي والتأليف لدراسة وتحليل مفهوم الهوية الثقافية وعناصرها المادية وغير المادية، وصون التراث الثقافي وتطوير البنى الفكرية، إلى جانب أهمية دور اللغة العربية الفصحى في استيعاب العصر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دول مجلس التعاون مواقع التواصل دول الخلیج کل دولة من دول إلى أن

إقرأ أيضاً:

الثقافية الخارجية: تعزيز التمثيل المصري من خلال المشاركة في البريكس

أكدت رئيس الإدارة المركزية للعلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة الدكتورة رانيا عبداللطيف، أن الوزارة تعمل على تعزيز التمثيل الثقافي المصري بالخارج، وتعزيز الدور الذي تلعبه مصر على مستوى التحالفات والتجمعات الدولية، وعلى رأسها مجموعة "البريكس"؛ للتأكيد على الريادة المصرية.


وأوضحت الدكتورة رانيا عبداللطيف- في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم /الثلاثاء/- أن مصر انضمت لمجموعة "البريكس" في عام 2024 وهو التحالف الذي يهدف إلى دعم القوى الاقتصادية لهذه الدول، مشيرة إلى أنه منذ عام 2015 بدأ ضم ملف الثقافة كمحور أساسي لدعم هذه الدول ثقافياً، وبعد انضمام مصر لهذه المجموعة، تم تشكيل لجنة وطنية تضم مختلف الجهات وتم توجيه الدعوة لوزارة الثقافة لتكون عضواً في هذه اللجنة.


وأشارت إلى أن وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو قد شارك في الاجتماع الوزاري الخاص بملف الثقافة في مجموعة "البريكس"، والذي انعقد في مدينة سان بطرسبرج الروسية في سبتمبر 2024، وصدر عن هذا الاجتماع عدد من التوصيات جارٍ العمل عليها، مؤكدة أنه عقد مؤخراً أول اجتماع تحضيري خاص بالملف الثقافي تحت رئاسة دولة البرازيل وضم ممثلين عن ملف الثقافة بالدول الأعضاء؛ لمناقشة ما نتج من توصيات خلال دورة العام الماضي، وكذلك أجندة عمل البرازيل لهذا العام في ضوء رئاستها للبريكس لعام 2025، وذلك استعدادا للاجتماع الوزاري المقرر عقده في مايو القادم في البرازيل سواء على مستوى وزراء الخارجية أو وزراء الثقافة.


وقالت إن الاجتماع التحضيري ناقش أربعة محاور رئيسية؛ أولها دور الثقافة في دعم الاقتصاد الإبداعي وآليات التحول الرقمي في خدمة هذا الشأن وتشجيع إنشاء منصة للصناعة الإبداعية والاعتراف بدور الثقافة في دفع عملية التنمية فيما بعد 2030، مشيرة إلى أنه تم استعراض خطط وزارة الثقافة لوضع آلية للتحول الرقمي وتطوير منظومة التشغيل الإلكتروني للمحتوى الثقافي، مؤكدة أن هذا الملف سيكون على رأس أولويات أجندة عمل البرازيل لهذا العام.


وأوضحت الدكتورة رانيا عبداللطيف، أن المحور الثاني وهو المناخ يمثل أهمية كبرى، حيث أطلقت مصر مبادرة الاقتصاد الثقافي الأخضر خلال استضافتها لقمة المناخ (COP27) في مدينة شرم الشيخ في عام 2022، وذلك لتكثيف الجهود من أجل التوعية بمخاطر التغيرات المناخية على التراث الثقافي للدول الأعضاء.


وتابعت: أن وزارة الثقافة وضعت خطة لمناقشة أضرار التغيرات المناخية على التراث الثقافي، من خلال مختلف ندواتها وورش العمل وكذلك أنشطة التوعية التي تقدم للأطفال فأصبح هذا الملف عنوانا رئيسيا في جميع أنشطة وزارة الثقافة.


واستعرضت المحور الثالث والذي يتمثل في استعادة الممتلكات الثقافية للدول الأعضاء وهو ملف شائك، حيث يلقى الضوء على الممتلكات الثقافية التي تم نهبها والاستيلاء عليها أثناء فترات النزاع بين الدول أو الحروب، مشيرة إلى أن مصر منضمة للعديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة باسترداد الممتلكات الثقافية المنهوبة.


كما أكدت أن دور مصر لم يقتصر فقط على جهود استرداد ممتلكاتها الثقافية بالخارج؛ ولكنها تعمل على مساعدة مختلف الدول الأعضاء في استرداد ممتلكاتها أيضاً، فهو يعد حقا للأجيال القادمة، منوهة بأن مصر بذلت جهوداً كبيرة وحثيثة في هذا الملف، حيث قامت باسترداد العديد من المخطوطات منذ عام 2018، مما يؤكد أن حماية الممتلكات لا تقتصر فقط على الآثار ولكنها أيضاً تخص اللوحات الإبداعية والمخطوطات والوثائق التي تمثل تاريخ الدول.


وأضافت أن الاجتماع ألقى الضوء أيضاً على المحور الرابع وهو أجندة ما بعد 2030 للتنمية المستدامة، مشيرة إلى المبادرة التي أطلقتها روسيا لتحالف الفنون الشعبية من أجل الحفاظ على التراث وكذلك الاهتمام بصناعة السينما، مستعرضة في هذا الإطار حرص وزارة الثقافة على إطلاق مبادرة بالتعاون مع أكاديمية الفنون لإطلاقها في مختلف المدارس في الدول الأعضاء بالبريكس.


وأشارت رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية إلى أن روسيا تعمل الآن بالتعاون مع دار الأوبرا المصرية وبالتنسيق مع فرقة رضا للفنون الشعبية التي تعد أقدم وأعرق فرقه تقدم الفنون الشعبية المصرية لتقديم عدد من العروض الفنية في شهر يونيو المقبل.

مقالات مشابهة

  • الثقافية الخارجية: تعزيز التمثيل المصري من خلال المشاركة في البريكس
  • اتحاد اليد يختار 12 لاعباً للمشاركة في «الألعاب الخليجية»
  • الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: العيد يوم للتسامُح وتعزيز أواصر الأخوة والمودة
  • «المنجرد» بطلا للمسابقة الثقافية بنادي جعلان
  • (أكل تورك و أدِّي زولك)
  • حمدان بن محمد يهنئ قيادة وشعب الإمارات بمناسبة عيد الفطر
  • عمر بن زايد يهنئ رئيس الدولة ونائبيه والحكام بعيد الفطر المبارك
  • برلماني: لقاء الرئيس السيسي ورئيس سيراليون يعزز التعاون الأفريقي ويؤكد احترام سيادة الدول
  • الدكتورة رانيا عبد اللطيف: مصر تركز على دعم آليات الاقتصاد الثقافي
  • أول دولة في العالم تعلن موعد عيد الفطر المبارك