برلمانيون يطالبون بالترخيص ببيع الخمور للمغاربة المسلمين والقضية تثير جدلا مجتمعيا
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
طالما تساءلت كغيري من المغاربة الذين تتاح لهم أحيانا فرصة تتبع بعض الجلسات العمومية للأسئلة الشفوية بمجلسي البرلمان عبر التلفزيون أو أشغال اللجان على الصحف الورقية والإلكترونية، حول ما إذا كان دور البرلماني ينحصر وفق ما ينص عليه الفصل 70 من الدستور، في تشريع القوانين ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، وأن عليه إعطاء القدوة من حيث التحلي بقيم النزاهة والاستقامة واحترام الغير مهما اختلف معهم في الرأي، والترافع عن أهم القضايا التي تهم البلاد والعباد، أم في تحويل فضاء البرلمان إلى مسرح لإنتاج المهازل والانخراط في الصراعات السياسوية، وغيرها من العبث السياسي في طرح مواضيع بعيدة عن هموم وانشغالات المواطنات والمواطنين.
وإذا كان المواطنون قد اكتشفوا ولو بشكل متأخر زيف ادعاءات حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله ابن كيران، الذي اتخذ رفقة باقي قيادييه من الدين وازدواجية الخطاب مطية لبلوغ مربع السلطة وقيادة الحكومة لولايتين متتاليتين، دون أن يكون قادرا على الوفاء بوعوده في تحسين ظروف عيش المواطنين والحد من معدلات الفقر والبطالة والفوارق الاجتماعية والمجالية ومحاربة مختلف أشكال الفساد، مما جعلهم يعاقبونه في الاستحقاقات الانتخابية التي جرت يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021، حيث تقهقر الحزب من الرتبة الأولى ب"125" مقعدا بمجلس النواب إلى الرتبة الثامنة ب"13" مقعدا فقط. ولم يعطوا كبير اهتمام لتصريحات أحد أعضائه في مجلس المستشارين، عند استنكاره لاستمرار بيع الخمور للمسلمين.
فإنهم فوجئوا بما تضمنته بعض قصاصات الأخبار من كون وزير السياحة الأسبق والمستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي حاليا لحسن حداد، طالب الحكومة بمراجعة قانون بيع الخمور أثناء المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2024 في اجتماع لجنة التخطيط والمالية المنعقد يوم الخميس 23 نونبر 2023 بمجلس المستشارين، وخاصة عند إثارة موضوع الضريبة الداخلية على استهلاك الخمور والمواد الكحولية، حيث أشار إلى أن منع بيع المشروبات الكحولية للمغاربة المسلمين أو منحها لهم بالمجان، يعود إلى البند 28 من الظهير الصادر عام 1967، داعيا إلى فتح نقاش صريح حول تجريم القانون الجنائي لاستهلاك الخمور والعمل على تقنينه، مبررا طلبه بكون غالبية مستهلكي الخمور هم مغاربة، وأنه يجب القطع مع "النفاق الاجتماعي".
إذ أن المستشار حداد الذي صرح في أحد البرامج الإذاعية بأن استفادة ابن كيران من معاش استثنائي بقيمة 70 ألف درهم أمر مستحق لما يملكه من أسرار الدولة، دعا في تعارض مع توجهات حزب الاستقلال المحافظة، أمام وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، بشكل استفزازي إلى الكف عما أسماه "نفاقا اجتماعيا" والعمل على توزيع عادل لبيع الخمور، وذلك عبر الترخيص ببيعها بالتساوي في جميع مدن المغرب وتشجيع الإنتاج المحلي، ملمحا إلى حرمان بعض المدن منذ الثمانينات، مثل مدينة أبي الجعد مسقط رأسه المحاطة بالزوايا والأضرحة، ومطالبا برفع "الفيتو" عنها، مبررا ذلك بأن ترويجه كان يذر أرباحا مهمة على خزينة الدولة، بدل ان يدعو إلى التوزيع العادل للثروة، وربط القرى النائية بالماء الصالح للشرب وغيره من الحاجيات الضرورية، حتى تستفيد عديد المناطق المنسية على قدم المساواة من ثمار التنمية.
وأضاف المستشار الاستقلالي لحسن حداد بأن الزيادة في الضريبة على الخمور من شأنها الإسهام في ازدهار ظاهرتي التهريب والصناعة التقليدية، مؤكدا على أن الاستهلاك السنوي بلغ 100 مليون لتر بالنسبة للجعة "البيرة" وزهاء 14 مليون قنينة خمر، منبها إلى أن تضريب هذه المنتوجات سيؤدي لا محالة بالمستهلك البسيط إلى منتوجات أخرى غير صحية، كما هو الحال بالنسبة لما تعرفه عدة أحياء شعبية وأرياف من تفشي ظاهرة صناعة وترويج "الماحيا"، وكذلك إلى تشجيع القطاع غير المهيكل.
والأدهى من ذلك هو أنه ليس وحده المستشار البرلماني حداد من يطالب بالترخيص ببيع الخمور للمغاربة، بل سانده في ذلك مستشار برلماني آخر، وهو المدعو محمد بنفقيه عن مجموعة العدالة الاجتماعية، الذي انقلب على حزبه السابق "العدالة والتنمية"، حيث دعا إلى عدم إثقال كاهل البسطاء بالزيادات في الخمور ولا بإخضاع بيعها لأي ترخيص، مادمنا نعيش في دولة ليبرالية وحداثية، وأنه من حق أي كان يريد احتساء الخمر أن يفعل بدون قيود، مشيرا إلى أن الكثير من المتابعين أمام المحاكم اليوم، هم ممن تتصيدهم الشرطة قرب محلات بيع الخمور...
صحيح أن البرلماني بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين ليس له أي دور مباشر في التنمية المحلية ولا يملك أي صلاحية في تدبير الشأن المحلي، على اعتبار أن الأمر موكول للمجالس المحلية التي لها كامل السلطة في تدبير الشأن المحلي، لكن هذا لا يمنع من أن يساهم في التنمية المحلية من خلال توجيه أسئلة حول واقع الاختلالات التي تعرفها بعض القطاعات على المستوى المحلي، ومن ضمنها حالة المؤسسات التعليمية والمستشفيات من حيث ضعف التجهيزات المادية وقلة الموارد البشرية، أو على مستوى النقل وتدهور البنية التحتية وما إلى ذلك من الأولويات ذات الطابع المحلي المستعجل، قبل الخوض في مواضيع أخرى من قبيل الترخيص ببيع الخمور وعدم تضريبها، حفاظا على جيب المستهلك البسيط، وعدم الدفع به إلى استهلاك مسكرات أخرى لما لها من عواقب وخيمة على صحته.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: بیع الخمور
إقرأ أيضاً:
الإصلاح والنهضة: الإيجار القديم يمثل ثروة عقارية كبيرة وتعديل القانون يحتاج حوار مجتمعيا
قالهشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، بأن قانون الإيجار القديم يمثل ملفًا متشابكًا بين الشق الاقتصادي المتمثل في ثروة عقارية كبيرة وغير مستغلة من جهة، بالإضافة إلى الشق الذي تسبب في حالة من عدم التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
وأضاف عبد العزيز في بيان صحفي له أن الواقع الاقتصادي الحالي، بما يشهده من تغيرات مستمرة مثل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية، يفرض ضرورة ملحة لإعادة النظر في هذا القانون بما يحقق العدالة بين الطرفين، مؤكدًا على أن التعامل مع هذه الأزمة يتطلب خطة شاملة تتسم بالمرحلية والعدالة، مشدداً على أهمية البدء بحصر جميع العقارات الخاضعة للقانون القديم وتصنيفها إلى عقارات مغلقة وأخرى مأهولة.
وأوضح هشام أن العقارات المغلقة يمكن تعديل قيمتها الإيجارية فوراً دون الإضرار بأي طرف، بينما تحتاج العقارات المأهولة إلى فترة انتقالية مدروسة لا تقل عن خمس سنوات، يتم خلالها تعديل الإيجارات تدريجياً، بما يمنح المستأجرين الوقت الكافي لتوفيق أوضاعهم مع التغيرات الجديدة.
وأشار رئيس حزب الإصلاح والنهضة إلى أن وضع قيم إيجارية عادلة للعقارات يتطلب مراعاة موقع العقار وظروفه السوقية، إلى جانب الأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية للمستأجرين، لا سيما الفئات غير القادرة. وشدد على أهمية وضع آليات تقنين واضحة ومحددة، بحيث تكون أي زيادات منظمة ومراقبة تجنباً لأي تأثيرات اجتماعية أو اقتصادية سلبية قد تزيد من تعقيد المشكلة بدلاً من حلها.
ودعا إلى ضرورة إشراك جميع الأطراف المعنية في حوار شامل لضمان الوصول إلى صيغة توافقية لتعديل القانون، مؤكداً أن تحديث قانون الإيجار القديم ينبغي أن يكون جزءاً من خطة متكاملة لإصلاح التشريعات العقارية بما يساهم في تحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، ويعزز أيضاً مناخ الاستثمار في قطاع العقارات في مصر.