«الشارقة الخيرية» تزف 170 عريساً من المواطنين والمقيمين اليوم
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
الشارقة: «الخليج»
برعاية سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، رئيس المجلس التنفيذي، تحتفي جمعية الشارقة الخيرية، اليوم الأربعاء، بتنظيم أكبر عُرس جماعي في تاريخها، بتزويج 170 عريساً من أبناء الوطن والمقيمين على أرضه، خلال حفل العُرس الجماعي التاسع المُقرر تنظيمه في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، بحضور لفيف من رؤساء ومديري الدوائر والمؤسسات والشخصيات العامة ووسائل الإعلام، ويتزامن العُرس مع احتفالات الدولة بيومها الوطني ال52 والتي تقيمها اللجنة العليا للاحتفالات في الشارقة.
قال الشيخ صقر بن محمد القاسمي، رئيس مجلس إدارة جمعية الشارقة الخيرية: «أتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صاحب الفضل في هذا العمل الجليل الذي من خلاله تُبنى الأسر ويتحقق الاستقرار في المجتمع».
وقال إن مشروع العرس الجماعي يستهدف تحقيق استقرار المجتمع، وبناء لبنته على أسس سليمة بعيداً عن الاستدانة والقروض، حيث نرى حولنا مظاهر غلاء المهور، وارتفاع كلفة الزواج التي تشكل معضلة تسبب الكثير من الآفات الاجتماعية، منها عزوف الكثيرين من الشباب عن الزواج نظراً لعدم تمكنه من مجاراة هذه التكاليف.
وأكد أن الفضل في هذا المشروع يعود إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، فقد كان سموّه أول من دعا لإطلاق أول عرس جماعي في منطقة الشرق الأوسط سنة 1990، وكانت دعوة ملهمة ليست لسكان الشارقة، أو دولة الإمارات فحسب، بل انتشر صداها في مختلف بلدان ودول المنطقة، وصارت نهجاً في التغلب على ظاهرة غلاء المهور، ودعوة صادقة إلى التيسير في نفقات الأعراس.
وتابع أنه من منطلق دعوة صاحب السمو حاكم الشارقة، سارت جمعية الشارقة الخيرية على هذا النهج لتواكب التوجهات السامية، وتعمل على تنفيذها لتكون أحد المشاريع الرائدة ضمن مشاريع الجمعية، واستهدفت 20 شاباً من مواطني الدولة المتعففين من غير المشمولين بمساعدات صندوق الزواج، وقد لقي المشروع نجاحاً وصدى بين فئات المجتمع، وحظي بدعم من الجمهور الذين أثنوا على هذا العمل الاجتماعي بصيغة إنسانية تحمل الكثير من معاني الخير وتؤصّل لقيم حميدة.
ولفت إلى أنه مع حجم الدعم الذي حظيت به الجمعية حينها، جاء العرس الجماعي الثاني ليزف 56 شاباً من المقبلين على الزواج، مبيناً أن مشروع العُرس الجماعي مع نجاحه في توصيل رسالة ورؤية الجمعية وأهدافها، كان لابد من التوسع في حجم وعدد المستفيدين، وهو ما تحقق حيث سجل العُرس الثالث 65 مستفيداً، ما يعكس مصداقية الجمعية في برامج الدعم الإنسانية المقدمة لمستحقيها، ويجسد تأثير المشروع في بناء المجتمع، وخدمة أفراده المستحقين، حتى بلغت أعداد المستفيدين في العرس الجماعي الثامن الذي تم تنظيمه العام الماضي، ١٣٤ عريساً، ووصل في العرس التاسع، الذي يقام اليوم، إلى تزويج 170عريساً.
الصورةوأكمل، أن الجمعية تدين بالفضل لله أولاً، ومن ثم إلى الداعمين والمحسنين لمشروع العرس الجماعي الذي علا شأنه، وصار واحداً من المشاريع الرئيسية الذي يتم تضمينه ضمن مبادرات الجمعية في احتفالاتها بعيد الاتحاد الإماراتي، ولأهمية المشروع فقد نفذت المشروع في نسخته السابعة إبان جائحة كورونا من خلال توزيع مساعدات المشروع على الشباب المقبلين على الزواج، حيث اتمّوا مراسم زواجهم في ضوء الإجراءات الاحترازية التي فُرضت من قبل الجهات المختصة حينها.
وقال: «نواصل رسالتنا، ونستعد للاحتفال مع أبنائنا العرسان بزواجهم ضمن العُرس التاسع للجمعية داخل الدولة، مبيناً أن هذا العرس هو الأكبر في تاريخ الجمعية، حيث يضم 170 شاباً من المواطنين والمقيمين المقبلين على الزواج، وهذا العدد لم يسبق تحقيقه في جميع الأعراس السابقة».
وأضاف: «كانت تطلعاتنا في بادئ الأمر استهداف 150 مستفيداً، لكن مع زيادة أعداد الطلبات وجهنا إلى زيادة أعداد المستفيدين لتصل إلى 170 عريساً، وبهذه المناسبة نقدم لهم التهاني والتبريكات بهذا الزواج الميمون الذي من خلاله تتحقق أمنياتهم ويتحقق الاستقرار والراحة والأمن، والعفة، وتربية أجيالٍ على الخير والصلاح، ونؤكد في ذات الوقت نفسه على استمرارية وديمومة المشروع، عاماً بعد عام.
وأشار الشيخ صقر بن محمد القاسمي، إلى أن الجمعية استطاعت تنفيذ رؤيتها التوسعية في حجم ومدى المشروع ليتخطى حدود الوطن، ويصل صدى نفعه ليشمل أولئك الشباب المحتاجين في عدد من البلدان، الشقيقة والصديقة، وكان نتاج هذا المشروع المبارك بناء مئات الأسر من خلال تزويج نحو 1400 شاب وفتاة، بواقع 672 شاباً من مواطني الإمارات، وبعض المقيمين، إلى جانب 722 آخرين ضمن الأعراس التي تم تنفيذها خارج الدولة، وتصل إلى 24 عرساً في البوسنة وبنغلاديش والسنغال والسودان وجيبوتي والكونغو ومصر وتنزانيا ومملكة البحرين الشقيقة، بالتنسيق والتعاون مع وزارة الخارجية وسفارات الدولة، وممثليها في تلك البلدان، ومكاتب الجمعية الإقليمية في آسيا وإفريقيا، حيث ساهمت هذه الأعراس في احتواء هؤلاء الشباب الذين عجزوا عن توفير نفقات وتكاليف الأعراس وكادوا ينخرطون في طوابير العازفين عن الزواج.
ولفت إلى الأثر الكبير لهذا المشروع الجليل في ظل توجه الجمعية للمشاريع التي تلمس الاحتياجات المباشرة للمحتاجين، وتدعم مبدأ اعتمادهم على أنفسهم، ولا شك في أن مساعدات الزواج من خلال الأعراس الجماعية هي في حقيقتها وجوهرها واحدة من أكثر صور تمكين الإنسان من الاعتماد على نفسه، إذ إن الزواج في الحقيقة يُعد أعظم أركان التّمدّن الإنساني، وهو السبيل الوحيد لضمان دوام الإنسانية، وهو النظام الوحيد القادر على بقاء البشرية وتحقيق تنميتها، كما أنه أعظم وسيلة لحماية المجتمعات، وبث الطمأنينة النفسية، والاستقرار الأسري.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات ولي عهد الشارقة خيرية الشارقة الشارقة الخیریة بن محمد القاسمی العرس الجماعی حاکم الشارقة من خلال
إقرأ أيضاً:
ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟
د. يوسف الشامسي **
لربما يُوحي طرح السؤال بهذه الصيغة أني بصدد تقييم مُفصَّل للموضوع بناءً على تصوُّر معياري حول الصحافة ودورها، وبالتالي يمكن تحديد المفقود بالتعرّض للموجود؛ لكن الاستماع لأصوات الصحفيين والمختصّين بالشأن الإعلامي اليوم قد يجعلني أعيد التساؤل السالف ذكره بتساؤل لا يخلو من مفارقة ساخرة بلسان ذوي الشأن أنفسهم: ما الذي لم تعُد تفتقده صحافتنا اليوم؟!
أزعمُ أنَّ النقاش في هذا السياق لا يستدعي بحثًا وتحليلا معمقًا؛ بل مجرد الاستماع لذوي الاختصاص من جهة ووجود إرادة حقيقية من قبل الجهات المسؤولة من الجهة الأخرى كفيل بإعادة إنعاش هذا القطاع ليتبوأ دوره المؤمل في العلاقة بين المجتمع والسياسة، وسأكتفي باختزال الإجابة في مفقودَيْن اثنيْن جديرَيْنِ بدفع صحافتنا المحلية لمسارها المنشود، وأجزم أن أغلب المهتمين بهذا الحقل يجمعون على هذين المطلبين: مزيدًا من الحماية القانونية والتمكين، ومزيدًا من الدعم المادي والتحفيز.
تُعد الصحافة أداة حيوية لتعزيز الحوكمة، والتماسك الاجتماعي، والمشاركة العامة، وتمكين الفئات الأقل حظًا في المجتمع، ولئن كانت مهمة الصحافة وجوهرها "نقل الحقيقة"، فإن ذلك لن يتأتى إلّا عبر بوابة الحرية، في مناخٍ ضامن لأمن الصحفي وأحقيّته في الوصول للمعلومة الصحيحة والتحقق منها، لذلك وقبل كل شيء، صحافتنا بحاجة إلى قوانين تدعم الشفافية والتمكين لاستقصاء المعلومات ومراقبة الجهات المُرتبطة بمصالح المواطنين. وغياب قانون حق الحصول على المعلومات هو حكم على الصحافة بالبقاء تحت وصاية الجهات الرسمية وغير الرسمية لتزويدها بالمعلومة، وبالتالي تضعف جودة التغطية الإعلامية وتغيب التنافسية بين المؤسسات الصحفية، ناهيك عن المخاطر القانونية التي قد تورِّط الصحفي جراء نشره معلومة ما دون إذن من الجهات الرسمية نتيجة لغياب قانون ينظّم له ذلك الحق. ورغم إقرار قانون الإعلام الصادر قبل أشهر- والذي ما يزال يثير تساؤلات المختصين- بهذا الحق في مادته الثالثة، إلّا أنه يظل قاصرًا عن منح الصلاحيات الكاملة للصحفي لينطلق بحرية في ميدانه. ولعلَّه من الجدير أن أشير هنا لجهود مجلس الشورى وطرحه لمقترح مشروع قانون حق الحصول على المعلومات قبل قرابة عقد من الزمن؛ ولكن لا أدري إذا ما سقط المقترح خلال دورته التشريعية آنذاك، أو أنه ما يزال يراوح مكانه في أروقة المجلس.
ولسنا بحاجة للوقوف كثيرًا حول أهمية هذا القانون؛ إذ يكفي أنه يعمل بمبدأ تعزيز الثقة وحُسن الظن في القائم على الرسالة الإعلامية، عكس تلك القوانين التي تحدّه بالعقوبات وتُكرِّس مبدأ سوء الظن في الصحفي، فيقبع يستظهر النصوص القانونية خوفًا من الوقوع في شيء من المحظورات، ويتجنب- من ثمّ- تغطية القضايا التي قد تشغل الرأي العام هروبًا من كل ما قد يأتيه بتبعات ومساءلة.
اليوم.. ثلاثة أرباع دول العالم تبنَّت قانون الحصول على المعلومات، 50% من هذه الدول أقرّت القانون فقط خلال العشر سنوات الماضية، لذلك لا ينبغي أن نتأخر كثيرًا عن الركب، خصوصًا وأن مثل هذه القوانين ذات تأثير مباشر على الأداء في مختلف المؤشرات الدولية. فليس بغريب أن نجد أغلب دول المنطقة العربية اليوم- وللأسف- مُصنَّفة في مراتب مُتدنية في مؤشرات حرية التعبير والصحافة العالمية، كتقرير "مراسلون بلا حدود"، و"بيت الحرية"، وغيرها. هنالك بالطبع من يُشكِّك في نزاهة هذه المؤشرات ويعيب مثل هذه التقارير الدولية بحُجة أنها ذات نزعة غربية تُحابي دول "المركز" في تقييمها وتُهمِّش "الهامش"، وهذا جزئيًا لا يُمكن إنكاره؛ كما لا يصحّ قبوله بالمُطلق؛ فبعض المؤسسات إذا ما تقدمت في أحد المؤشرات الدولية أذاعت بذلك في كل محفل، وإن تراجعت في التصنيفات انتقدتْ التقارير ورمتها بالتحيز وما شاءت من التّهم!
وللإنصاف، علينا أن نتساءل: هل صحافتنا اليوم أفضل حالًا مما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة عقود؟ هل فعلًا نستحق ترتيبًا أفضل؟ وهل توجد مؤشرات وطنية أو إقليمية لنعتمدها فيما يخص حرية الصحافة في بلداننا؟ هل تقدّمنا فيها؟ وهل يعتدّ بها لدى المكتب الوطني للتنافسية؟ هذه التساؤلات ضرورية قبل انتقاد التقارير "الغربية" خاصة بعدما أضحت هذه المؤشرات الدولية شريطًا متريًا بخارطة مستقبل عمان لقياس مدى تقدمنا في مستهدفات رؤية "عُمان 2040".
وتفتقد المؤسسات الصحفية اليوم للدعم المادي، وهذا ما ليس يخفى على المهتمين، فضلًا عن العاملين بهذا القطاع، فأغلب المؤسسات الصحفية قائمة على الدعم الحكومي والإعلانات، واليوم وفق تعبير رئيس جمعية الصحفيين العُمانية، فإن أغلب الصحف الخاصة "تحتضر"، وبالتالي سيفقد المجال العام منابر ضرورية وُضِعَت لتُسهم في تحريك المناخ الثقافي والسياسي وذلك بخلق تعدُّدية في الآراء عند معالجة قضايا الشأن العام.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنَّ الكثير من العاملين في هذا القطاع يشكون ضعف المُحفِّزات المادية للبقاء فيه، ناهيك عن غياب النظرة التكاملية بين المُخرجات وسوق العمل. وعلى المعنيين بسياسات هذا القطاع دراسة هذه القضية بشفافية والتساؤل: ما تأثير غياب الدعم المادي المُستدام على جودة المحتوى الصحفي واستقلاليته؟ وإلى أي مدى يعكس سوق العمل احتياجاته الفعلية في عدد الخريجين الجدد من كليات الإعلام والصحافة بالسلطنة؟ وما السياسات التي يُمكن أن تُعتمد للحد من الفجوة بين المخرجات الإعلامية وسوق العمل؟ أيضًا كيف يمكن مُعالجة الفجوة بين الجنسين في فرص العمل داخل المؤسسات الصحفية؟ وأخيرًا هل هناك تجارب ناجحة في دول أخرى يمكن الاستفادة منها لدعم المؤسسات الصحفية الخاصة؟
هذه التحديات لربما باتت مصيرية وستتطلب إصلاحات جذرية إن تأخرنا في مُعالجتها؛ فبدون بيئة قانونية داعمة، وتمكين اقتصادي يحفظ للمؤسسات الصحفية استقلالها واستدامتها، سيظل هذا القطاع يُعاني من التراجع والقيود.
إنَّ تعزيز حرية الوصول إلى المعلومات، وزيادة التحفيز والدعم للمؤسسات الصحفية الخاصة، أصبحا من الضرورات لضمان دور الصحافة في تحقيق أهداف التنمية وتعزيز الحوكمة. فهل سنشهد تحركًا جادًا لإعادة إنعاش هذا القطاع وتمكينه، أم ستظل هذه المطالب مجرد أصوات في مهب الريح؟
** أكاديمي بقسم الاتصال الجماهيري- جامعة التقنية والعلوم التطبيقية في نزوى