هآرتس: سيناريو الرعب في جنوب غزة هو الاكتظاظ
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
نصحت كاتبة إسرائيلية يسارية أولئك الذين يريدون أن يستمر الهجوم البري على قطاع غزة إلى أن تنهار حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن يكونوا على دراية بالتأثيرات المترتبة على ذلك -بما فيها السياسية- عندما تضع الحرب أوزارها، ويتم التحقق من البيانات النهائية وتوضع على مكتب كل وزير خارجية ووسائل الإعلام في كل أرجاء العالم.
وحذرت أميرة هاس في مقال بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الفلسطينيين الذين يفضلون البقاء في منازلهم في شمال غزة، رغم أوامر الجيش الإسرائيلي لهم بإخلائها، من أنهم يغامرون بالتعرض للموت جراء الهجمات الصاروخية، أو في تبادل لإطلاق النار، أو تحت أنقاض المباني.
وقالت إذا كان من الصواب -حسب منطق الجيش- القيام بذلك في جنوب لبنان، "فمن الصواب أيضا فعل الشيء نفسه في غزة".
مقارنة بين غزة ولبنانوتعقد الكاتبة الإسرائيلية اليسارية مقارنة بين قطاع غزة ولبنان من حيث المساحة والكثافة السكانية. وتقول في هذا الصدد، إن مساحة القطاع الساحلي الفلسطيني تبلغ 365 كيلومترا مربعا مقارنة بلبنان التي تبلغ مساحتها 10230 كيلومترا مربعا، في حين تتجاوز الكثافة السكانية في غزة 6100 شخص لكل كيلومتر مربع (وفقا لمكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني)، في حين تبلغ في لبنان 547، طبقا للبنك الدولي.
لذلك، لا يمكن للمرء التأكد على الوجه الصحيح من حجم التداعيات الصحية والإنسانية المترتبة على تكدس أكثر من مليوني شخص في أقل من نصف مساحة القطاع مع استمرار القتال في مناطق قريبة منهم، بما في ذلك سقوط قنابل من الجو.
ازدياد التهجير
وللمفارقة، برغم ما ورد أعلاه، أشارت الكاتبة في مستهل مقالها إلى أن استطلاعات للرأي أجراها معهد سياسة الشعب اليهودي وبرنامج "واجه الصحافة" الإسرائيلي، أظهر أن ما بين 25% إلى 44% من الإسرائيليين يؤيدون إعادة بناء مستوطنات يهودية في قطاع غزة، الذي يُتوقع أن يشهد مزيدا من عمليات تهجير الفلسطينيين منه.
وأشار مقال هآرتس إلى أن السلطات الإسرائيلية أمرت عددا كبيرا من السكان والنازحين في القرى الواقعة شرق خان يونس وفي بعض أحياء المدينة، بالتوجه جنوبا.
وفي كل يوم تصدر أوامر بإخلاء مزيد من الأحياء، أو "تقنع" التفجيرات والقصف أولئك الذين بقوا، بالمغادرة، ولكن إلى أين سيذهبون؟ تتساءل الكاتبة دون أن تقدم أي إجابة صريحة، لكنها نوّهت إلى المشقة التي سيتعرض لها النازحون الفلسطينيون مع انكماش المساحة بفعل إجبار الجيش الإسرائيلي لهم بمغادرة مناطق سكناهم.
18 ألفا في كيلومتر مربعوتوحي أوامر الإخلاء من مدينة خان يونس في جنوب القطاع، والغزو البري المتوقع لهذه المنطقة -إلى جانب القصف الجوي والبحري والبري- إلى نيته في تكديس حوالي مليوني شخص في مساحة 110 كيلومترات مربعة، بواقع 18.181 شخصا في كل كيلومتر مربع.
ولأن المصائب كثيرا لا تأتي فرادى، فإن هاس تحذر من مغبة حدوث وفيات بين أهالي غزة، ليس بسبب الهجمات الإسرائيلية وحدها، بل نتيجة للأمراض والأوبئة الناجمة عن الاكتظاظ ونقص المياه والرعاية الطبية، خاصة خلال برد الشتاء والأمطار. وتضيف الكاتبة أن اعتماد الغزيين المطلق على المساعدات الإنسانية يعد أحد أسباب انتشار الاكتئاب والإرهاق في القطاع.
أحاديث عن الهجرةوزعمت أن أحاديث الناس في غزة عن الهجرة في تزايد، وهناك شائعات عن رشى لدخول مصر، دون أن تخوض في تفاصيل.
غير أنها نقلت عن مهندس عاش وعمل في القطاع قبل حوالي 20 عاما (لم تذكر اسمه)، توقعه بأن الاكتظاظ الذي لا يطاق وسط الهجمات والقتال سيجبر سكان غزة اليائسين على اختراق السياج الحدودي مع مصر.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
موسم حصاد الزيتون جنوب لبنان تحت أزيز الطائرات الإسرائيلية
يصمد بعض مزارعي الزيتون في أراضيهم جنوبي لبنان رغم أزيز الطائرات والخطر المحدق بهم في حين منعت المعارك والقصف الكثير من السكان من العودة إلى قرى أخرى في الجنوب تعرّضت لدمار كبير، فالكثير من البلدات هجرها أهلها ولم يعد لأراضيها من يحصدها.
ويقدّر البنك الدولي دمار نسبة 12% من مزارع الزيتون في المناطق المعرضة للقصف في جنوب البلاد وشرقه. لذلك، توقع البنك في تقرير نشر الخميس الماضي، أن "يؤدي تعطيل حصاد الزيتون بسبب القصف والنزوح إلى خسائر تبلغ 58 مليون دولار".
خوف من الحربفي الكفير، تتوزّع أشجار الزيتون في كل مكان حتى الأفق حيث يظهر جبل الشيخ الذي لم يغطّ الثلج قممه بعد، وقرب كلّ حقل، سيارة أو سيارتان تؤشر بوجود عمّال أو أصحاب أرض يعملون على قطف الزيتون في هذا الموسم.
في نهاية يوم العمل الذي غالبا ما يتخلله خرق الطائرات الحربية الاسرائيلية لجدار الصوت، يرفع العمّال أكياس الزيتون على ظهورهم، ويحمّلونها على شاحنات استعدادا لنقلها من أجل تخزينها أو عصرها وتحويلها إلى زيت.
وبينما يحصد كُثُر محاصيلهم بأيديهم، يخاف آخرون أن يأتوا إلى القرية، مما أثّر بشكل غير مباشر على عمل سليم كساب (50 عاما)، صاحب معصرة زيتون تقليدية في الكفير.
ويقول الرجل وهو يقف داخل المعصرة التي ورثها عن والده إن "العديد من الناس لم يأتوا بأنفسهم لحصد الزيتون" هذا العام "بل أحضروا عمالا ليقطفوا عنهم" من خارج القرية، "هؤلاء يعصرون الزيتون خارج القرية أيضا"، وفق كساب، مما أثّر سلبًا على عمله.
ويضيف كساب الذي جاء إلى القرية وحيدا هذا الموسم من دون زوجته وأولاده خشية من مخاطر القصف "هناك خوف من الحرب طبعا، ليس لدى الجميع الجرأة للقدوم إلى هنا".
داخل البناء الحجري القديم في أحد الشوارع الضيقة في القرية، يدأب العمّال على نقل الزيتون من آلة إلى أخرى لهرسه وعصره وتحويله إلى زيت.
يأتي صاحب محصول مع مطرات زرقاء كبيرة لجمع الزيت والاطمئنان على سير العمل.
وقبل الحرب، كان كساب يُصلح آلات العصر في منطقة النبطية أو صيدا في جنوب لبنان، لكن الوصول إلى تلك المناطق بات مستحيلا حاليا بسبب القصف، وينبغي البحث عن حلول في مناطق أخرى.
لذلك، يضيف كساب "يحتاج إصلاح أي عطل 3 إلى 4 أيام بدل يوم واحد".
حرق ونزوحفي جنوب لبنان وشرقه، تسببت الحرب بـ"حرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية" أو "بالتخلي عنها"، إلى جانب "فقدان المحاصيل بسبب نزوح المزارعين من الجنوب" نتيجة القصف الاسرائيلي، وفق تقرير البنك الدولي.
وتسبّبت الحرب في لبنان بنزوح نحو 900 ألف شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة.
وبشكل عام، وخلال التصعيد المستمر منذ أكثر من عام، بلغت قيمة "الأضرار التي لحقت بقطاع الزراعة حتى تاريخ 27 سبتمبر/أيلول 2024 حوالي 124 مليون دولار"، بحسب البنك الدولي.
لكن في الكفير تشكّل حقول الزيتون مصدر رزق لغالبية سكانها الذين يصفونها بالأشجار "المباركة".