حوار آخر مع إبليس «الأخيرة»
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
لن تدفع إسرائيل وحدها فاتورة الخسائر الاقتصادية التى تتكبدها بسبب حربها التى عاودتها على غزة مجددًا بعد هدنة هشة تمت على مضض لمدة سبعة أيام، ستدفعها عنها أمريكا والدول الأوروبية التى تساندها علنا بجانب عدة دول تساندها سرًا، يقول لى إبليس هذا، وكأنه يوقد نيران غضبى التى لم تهدأ منذ تلك الحملة الصهيونية الوحشية على المدنيين فى غزة، ويتابع وهو ينفخ نيرانه مشيرًا إلى النيران التى اشتعلت مجدداً فى أوصال غزة موجهًا سؤاله: ولكن من سيدفع فاتورة الخسائر لفلسطين؟
أتمهل فى الإجابة وخوض السجال معه، واهمس لنفسى دون أن ادعه يسترق السمع: نعم صارت الفاتورة باهظة، فاتورة المخطط الإسرائيلى التى يدفعها أهل غزة منذ يوم 8 أكتوبر الماضى وحتى الأن، مخطط استنزاف المقاومة فى غزة، وتقسيمها إلى منطِقة شمالية
تخضع للتواجد الأمنى الإسرائيلى إلى أجل غير مسمى، وجزء جنوبى يتم إعادته تحت جناح السلطة الفلسطينية، وبذلك تعيد إسرائيل تصدير الصراع حول غزة إلى داخل فلسطين بين حركة حماس وبين السلطة الفلسطينية، ولن تتوقف إسرائيل عن لى ذراع الجميع أملًا فى تنفيذ مخططها مقابل وقف نزيف الدماء.
يا إلهى، اهتف داخل نفسى، فلسطين تمر بنكبة دون تصدير أى مشاعر إحباط، وقد عادت مقدراتهم فى تهدم البنية التحتية إلى معدل الصفر من جديد داخل غزة، ولكن هل لو تنازلت حماس طوعًا عن سلطتها على غزة وأعادتها تحت لواء السلطة الفلسطينية كما كانت الحال عليه قبل عام 2007 من الممكن أن يكون هذا حل سياسى يهدم أبعاد أخرى أكثر بشاعة تسعى إليها إسرائيل؟.
ويبقى سؤال أهم، هل سيقبل الفلسطينيون بعد كل هذه الفاتورة باهظة الثمن من الأرواح والخسائر المادية، يقبلون العيش جنبًا إلى جنب بسلام فى دولتين مستقلتين لوضع حد لسيل الدم النازف منذ عام 1947، وللفرار من خيار تغول العنف والإرهاب إلى ما لانهاية؟.
وهل يمكن أن يكمن الحل فى أن تلقى حماس كل حملها بين يدى الرئيس أبومازن وتسلمه غزة وتتوافق مع السلطة الفلسطينية فى انتخابات أخرى قادمة لإعلان حكومة وفقا وطنى؟، وتحرج بهذا التصرف الحكومة اليمينية المتطرفة فى إسرائيل، وتضغط عليها دوليًا، لأن هذا هو مطلب أمريكا الذى تختلف فيه مع نتنياهو، وبالتالى يتحمل الرئيس الفلسطينى المسؤولية الوطنية والأخلاقية لوقف ما يحدث فى غزة من حرب، ومن إيقاف لمشاريع التوطين والتهجير التى تسعى إسرائيل لتنفيذها مع تفريغ شمال القطاع.
أم أن ما حدث حتى الأن فى غزة هو درة الصمود الغزاوى وأيقونة للثبات الحمساوى، وعليه سيواصل الجميع ما بدأوه لنهاية لا يعلمها إلا الله، ليصدق ما قاله الكاتب الصهيونى (آرى شبيت) فى اعتراف يحسد عليه بأن إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة لأنها تواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، فلعنة الكذب تلاحق «الإسرائيليين»، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسى وخليلى ونابلسى، أو بحجر أو سائق حافلة من يافا وحيفا وعكا.
الإسرائيليون يدركون أنه لا مستقبل لهم فى فلسطين، فهى ليست أرضًا بلا شعب كما كذبوا، يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقى البشر، فقد احتللنا أرضهم وأطلقنا على شبابهم الغانيات والمخدرات، وقلنا سينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة 87، أدخلناهم السجون، وقلنا سنربيهم وظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس.
قلنا نهدم بيوتهم نحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون المستحيل، صواريخ يضربوننا بها رغم الحصار والدمار، أخذنا نخطط لهم بالجدار العازل، والأسلاك الشائكة، وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق فى 7 أكتوبر، حتى أثخنوا فينا قتلًا، أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد الدول الأوروبية غزة المخطط الإسرائيلي فلسطين الرئيس الفلسطيني السلطة الفلسطینیة فى غزة
إقرأ أيضاً:
تربطه علاقة جيدة مع إسرائيل .. من هو حسن الشيخ أول نائب للرئيس في فلسطين؟ وماذا قالت حماس؟
بعد إعلانه نائباً للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس السبت، أصبح حسين الشيخ أول فلسطيني من الداخل يحوز أرفع منصب في السلطة الفلسطينية.
وجاء اختيار حسين الشيخ لمنصب نائب الرئيس، وهو منصب مستحدث، بتفويض من أهم المؤسسات الحاكمة: حركة فتح والمنظمة، بعدما فوّضت "مركزية فتح" الرئيس باختيار نائبه قبل جلسة "مركزي المنظمة" الذي استحدث بدوره المنصب، الذي اختير الشيخ له بموافقة تنفيذية المنظمة، ما يجعله مرشحاً قوياً للحركة في أي انتخابات رئاسية محتملة مقبلة، أو رئيساً بحكم الأمر الواقع، في حال عدم القدرة على إقامة الانتخابات لأي سبب بعد وفاة عباس أو عدم قدرته على الحكم.
بدوها اعتبرت حركة حماس تعيين الشيخ نائباً لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يمثل استمراراً لنهج التفرد بالقرار السياسي وتهميش القوى الوطنية، وتجاهلاً متعمداً لأولويات شعبنا الفلسطيني الذي يواجه عدواناً وإبادة متواصلة.
من هو حسين الشيخ؟
ولد حسين شحادة محمد الشيخ في مدينة رام الله في 14 ديسمبر (كانون الأول) عام 1960، لأسرة فلسطينية لاجئة تعود أصولها إلى قرية دير طريف المهجرة من قضاء الرملة. انتمى الشيخ إلى حركة "فتح"، في عمر مبكر، واعتقلته إسرائيل بسبب انتمائه ونشاطه في الحركة عام 1978، وقضى في السجون 11 عاماً، ثم خرج عام 1989 مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
خلال الانتفاضة، أصبح نشطاً فيها وحاز على عضوية القيادة الوطنية الموحدة والقيادة العليا لحركة "فتح"، ومع دخول السلطة الفلسطينية، التحق بقوات الأمن وكان عقيداً في جهاز الأمن الوقائي.
أما في الانتفاضة الثانية عام 2000، فدخل في صراع مع بعض قيادات حركة فتح المتنفذين، وإلى حد ما في صراع لاحق مع الحركة، لكنه ظلّ أحد قادتها.
في عام 2007، تسلم رئاسة الهيئة العامة للشؤون المدنية برتبة وزير ورئيس لجنة التنسيق المدنية العليا (CAC)، التي تعدّ صلة الوصل الرسمية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
تعلم الشيخ في سجنه اللغة العبرية وأتقنها كتابة وقراءة ومحادثة، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها العام السادس، الذي انعقد في مدينة بيت لحم عام 2009، وانتخب مرة ثانية عام 2016، وما زال.
في عام 2017، أصبح أحد أعضاء وفد المصالحة الفلسطينية التابع لحركة فتح، إذ اختارته مركزيتها عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن الحركة في 7 فبراير (شباط) عام 2022 في الدورة الحادية والثلاثين للمجلس المركزي، بدلاً عن صائب عريقات الذي توفي قبلها بنحو عامين بسبب "كوفيد -19".
ثم اختير أميناً لسرّ اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئيساً لدائرة شؤون المفاوضات، في خطوة قرّبته من موقعه الحالي.
أصبح الشيخ في العامين الماضيين أقرب شخص لعباس، وقاد كثيراً من الحوارات مع الإسرائيليين والأميركيين والعرب في جميع القضايا المصيرية المتعلقة بالسلطة الفلسطينية.
وفي فبراير الماضي، غادر موقعه كرئيس للهيئة العامة للشؤون المدنية، واحتفظ بباقي المناصب، بما فيها موقعه رئيساً لنادي شباب البيرة في رام الله.
وقبل أسبوع واحد فقط، عيّنه "أبو مازن" رئيساً للجنة السفارات الفلسطينية.
يتميز الشيخ بنظرة الخارج وإسرائيل له كشخص براغماتي يمكن التواصل والتوصل معه إلى اتفاقيات، ويقول الإعلام الإسرائيلي إنه يتمتع بعلاقات وثيقة مع نظرائه الإسرائيليين.
ويتبنى الشيخ نهج عباس القائم على التوصل إلى اتفاق سلام مع الإسرائيليين عبر الحوار، واستخدام الدبلوماسية والمقاومة الشعبية، ويقرّ بحاجة السلطة إلى الإصلاحات والتغيير، لكنه يعدّها إنجازاً وطنياً لا يجب التفريط فيه.