جاءت دراما تتويج الملك «سنوسرت الأول» التمثيلية بعد موت والده «أمنمحات الأول»، أو «ورقة الرامسيوم» -كما يسميها العلماء- واحدة من أقدم الأعمال الدرامية في تاريخ الفن المصري القديم، حيث تمتاز بأنها من كتابة العصر المنسوبة إليه؛ أي عهد الدولة الوسطى.

وقد عثر عليها الأثري والمستكشف الإيطالي «كوبيل» بين عامي 1895- 1896، حينما كان يقوم بأعمال الحفر في منطقة الرمسيوم الواقعة في الجهة الغربية من مدينة طيبة القديمة.

وقد وجدها مع غيرها من أوراق البردي في قبر من قبور الدولة الوسطى محفوظة في صندوق، غير أنها كانت في حالة يُرثَى لها من التمزيق، ولذلك كان الأمل في الوصول إلى فهم شيء من محتوياتها ضعيفًا جدًّا.

وقد قام بتركيب أجزاء البردية المفتتة عالم الآثار  الألماني «إبشر» الذي يعد أحذق مفتن عالمي في تركيب البردي الممزق، وقد أفلح فعلًا في تركيب معظمها، ثم تناولها مواطنه «كورت هاينريش زيته» بالبحث والتحليل حتى وصل إلى حل رموزها.

وقد ذكر الجزء الثامن عشر من «موسوعة مصر القديمة»، والذي تناول الأدب المصري القديم، في الشعر وفنونه والمسرح، تحليل الأثري وعالم اللغويات الألماني للبردية.

في المشهدين الأول والثاني، يُعلن خبر وفاة الملك أمنمحات الأول. وفورًا يأمر ابنه سنوسرت الأول، الذي سيخلفه على العرش، بإحضار السفينة الملكية المعدة لرحلة الملوك إلى العالم الآخر. وفي المشاهد التالية، يتم تقديم أضحية للملك المتوفى، وهي عبارة عن ثور يُذبح ويُقطع إلى قطع ليُقدَّم كوجبة.

وتقول الموسوعة: والمعنى هنا رمزي؛ أي إن الثور هو الإله «ست» الذي قتل أخاه «أوزير»؛ ففي المشهدين الخامس والسادس يطحن الشعير ثم يقدم منه كعك للملك.

في المشهد السابع، يتم تجهيز سفينتين لأبناء الملك المتوفى. وفي المشهد الثامن، يتم استخراج شارات الملك الخاصة بالحور، أي الملك الجديد، من محرابه. ثم يُجهز موكبٌ يسير به الملك الجديد في الجبل/ الجبانة. وفي المشهد التاسع، نشاهد درس الشعير بوساطة البهائم وحمله إلى المخازن. ويعد هذا المشهد رمزيًا، حيث يشير إلى أن الحور، بدرس الشعير، يمزق أوصال عدو والده ست انتقامًا له.

وفي المشهدين العاشر والحادي عشر نجد زيادة الاهتمام بإعداد سفينة الملك وسفينتي أولاده، وذلك بوضع أشياء وأوانٍ خاصة بتطهير الملك وأولاده.

وفي المشهد الثاني عشر والخامس عشر وما بينهما صورًا تحتوي على صب الماء وتقديم رأسي حيوانين -رأس ثور ورأس إوزة- للإله المحلي، ثم يأمر بإقامة العمود المقدس بوساطة الأولاد الملكيين. 

وتشير الموسوعة إلى أن «هذا رمز إلى أن «حور» قد أمر أبنائه أن يجعلوا الإله «ست» تحت «أوزير» وعندئذ يشد العمود بحبل ويقام، ويفسر هذا بقتل «ست»، ثم يأمر «حور» أبنائه بأن يتركوه موثوقًا وأن يطرحوه أرضًا».

أما المشهد السادس عشر يظهر فيه أبناء الملك ينزلون في سفينتيهما، ثم يتحدث «حور» عن أولاده مع «ست» الذي يمثل هنا بالسفينة قائلًا له: «احملني أنت يا من حملت والدي على ظهرك». أما المشهد السابع عشر فنشاهد فيه تقديم الخبز والجعة للإله «حور» الأعمى رب «ليتوبوليس/ أوسيم »؛ وهي البلدة التي انتقم فيها «حور» من قتلة والده ثم دفنه فيها، وبذلك أعيد له نظره.

في المشاهد من الثامن عشر إلى الحادي والعشرين، نشاهد مبارزة بين حور وست. كما نرى إحضار مرضعتين ونجارين لصنع مائدة قربان للملك. ثم يأتي الكاهن الخاص بتقديم القرابين ويحضر المائدة.

في المشهد الثاني والعشرين، نشاهد أبناء الملك يقدمون له الخمر، وهو رمز إلى تقديم عين حور إليه بعد أن اقتلعها ست الشرير. وفي المشهدين الثالث والعشرين والرابع والعشرين، يقدم للملك حلي من حجر الدم والقاشاني، وهي رمز إلى إرجاع عين حور إليه مرة أخرى.

في المشهد الخامس والعشرين، يقدم ساقي الملك له وجبة، وهو رمز للإله تحوت عندما قدم عين حور إليه بعد أن اقتلعها ست. ولذلك، يقول تحوت في هذا المنظر للإله حور: "إني أقدم لك عينك لتفرح بها".

في المشهد السادس والعشرين، يأتي كهنة خاصون يلتفون حول علمي حور. وهما العلمان اللذان يرمزان إلى سلطان الملك على الوجهين القبلي والبحري، أو غرب الدلتا وشرقيها. كما يرمزان إلى عيني حور.

في المشهد الثاني والثلاثين، نشاهد عظماء القوم الذين شاركوا في احتفال التتويج يشتركون أيضًا في تناول طعام الوليمة الملكية التي أقيمت خصيصًا لهذا الغرض.

في المشهدين الثالث والثلاثين والرابع والثلاثين، نشاهد الملك وقد ارتدى لباس الحزن على والده المتوفى. وفي هذا المشهد، يقدم نوعان خاصان من الطعام: خبز أح، وهو خبز يرمز إلى أوزير الذي قتل، وجعة سرمت، وهي جعة ترمز إلى إيزيس والدموع التي سكبتها هي وحور على أوزير المقتول. وكان هذان النوعان من الطعام يقدمان في الاحتفال بجنازة أوزير.

أما المشاهد من الخامس والثلاثين إلى الأربعين تجمع بين أدوات التحنيط للملك الراحل والملابس الحمراء للملك الذي خلفه على العرش. ثم يأتي كهنة سخنو أخ، وهم المكلفون بخدمة الملك المتوفى، ويُأمرون بحمل تمثاله على أيديهم، كما كان يُحمل جثمان المتوفى في الشعائر المأتمية.

وفي المشاهد من الحادي والأربعين إلى الرابع والأربعين يقوم الكهنة بتسليم الأشياء التي كانوا يستخدمونها في تكفين الجثة والاحتفال بفتح الفم، وبخاصة أنواع العطور والزيوت.

في المشهدين الأخيرين من الدراما، اللذان لا يظهر فيهما الملك المتوفى، يحضر إليه كل معدات التطهير، بما في ذلك النطرون، وتوضع في المحراب المقدس.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: وفی المشهد فی المشهد رمز إلى

إقرأ أيضاً:

رفعوا البصمات.. خبراء الأدلة الجنائية في مسرح العثور على جثة مدير بشركة محمول

أمر المستشار إيهاب العوضي، رئيس نيابة أول وثان الشيخ زايد، بانتداب خبراء الأدلة الجنائية لفحص مسرح العثور على جثة مدير سابق بشركة محمول شهيرة. 

 وكلفت النيابة خبراء المعمل الجنائي برفع البصمات من مسرح الحادث، وأخذ عينات من الآثار البيولوجية إذا وجدت.

وقررت النيابة إيداع "كلب لولو" ملك المتوفى بإحدى دور رعاية الحيوان لملاحظة سلوكه وبيان مدى إصابته بالسعار من عدمه بعدما التهم شفتي جثة مالكه عقب وفاته.

وأجرت النيابة معاينة تصويرية لمسرح العثور على جثة مدير شركة محمول شهيرة داخل فيلته بالمدينة، بعدما وُجدت آثار عقر وتشوهات في وجهه.

وأسفرت المعاينة عن العثور على جثة رجل في أوائل الخمسينات من عمره بكامل ملابسه، ولا توجد إصابات ظاهرية بجسده سوى آثار عقر بالشفتين ناتجة من حيوان.

كما كشفت المعاينة عن سلامة جميع منافذ الفيلا من أبواب ونوافذ وعدم فقدان أية أموال أو متعلقات خاصة بالمتوفى، ما ينفي وجود شبهة جنائية حول الوفاة أو تعرض الفيلا للاقتحام من لصوص.

كما فجرت المعاينة مفاجأة، حيث تم العثور على مواد مخدرة في الفيلا وبجوار الجثة، وتوافق ذلك مع ما توصلت إليه التحريات بأن المتوفى مدمن، وعثر بالفيلا على الكلب الذي عقر الجثة.

وأشارت التحقيقات إلى أن المتوفى كان يقتني “كلب لولو”، ورجحت التحقيقات أن الكلب قام بعقره عقب وفاته بدليل عدم وجود دماء في آثار العقر بشفتيه، ما يؤكد أن العضة حدثت بعد الوفاة وتجلط الدماء لتوقف الدورة الدموية في جسد المتوفى.

وكشفت التحقيقات أن الجثة لمدير سابق بشركة محمول شهيرة وأنه مدمن على تعاطي المواد المخدرة ويعاني من حالة اكتئاب.

وأضافت التحقيقات أنه يقيم بمفرده داخل فيلا ويتردد عليه خادمات يوميا للتنظيف، وفور دخول خادمتين للفيلا فوجئتا به مسجى على الارض داخل غرفة نومه ومصابا بجرح في الشفتين، فقامتا بإبلاغ النجدة.

وطلبت النيابة تحريات المباحث الجنائية بالجيزة؛ لكشف الملابسات الكاملة حول الواقعة وبيان وجود شبهة جنائية من عدمه.

وشكّلت مباحث الجيزة فريق بحث لجمع التحريات والمعلومات، وتفريغ كاميرات المراقبة للوقوف على تفاصيل الحادث. 

وكشفت التحريات الأولية أن الكلب الخاص بالمتوفى انقض عليه والتهم شفتيه.

كانت مديرية أمن الجيزة تلقت بلاغًا يفيد بالعثور على جثة شخص داخل مسكنه بمدينة الشيخ زايد.

وانتقلت قوة أمنية إلى مكان البلاغ، حيث عُثر على الجثة داخل الفيلا. وتمت مناظرة الجثة ومعاينة موقع الحادث، قبل نقلها إلى ثلاجة المستشفى العام، إلى جانب الاستماع لأقوال عدد من أفراد أسرته.

مقالات مشابهة

  • قرار عاجل من النيابة بشأن جثة مدير سابق بشركة محمول بالشيخ زايد
  • «الإمارات للدراجات» يعتلي منصة التتويج في إيطاليا وكرواتيا
  • الميثاق التأسيسي نيروبي يضع الفأس علي اصل شجرة السودان القديم والساس المتين لمشروع السودان الجديد ؟!
  • رفعوا البصمات.. خبراء الأدلة الجنائية في مسرح العثور على جثة مدير بشركة محمول
  • حسن الخاتمة.. وفاة موظف أثناء صلاة التراويح داخل مسجد بالقليوبية
  • مقترح برلماني| زيادة تدريجية للإيجار القديم على 3 سنوات مع إلغاء التوريث
  • حالات رفع عداد الكهرباء القديم واستبداله بـ مسبق الدفع
  • صلاح: هدفي الأكبر هو التتويج بالدوري الإنجليزي هذا الموسم
  • مبادرة ظفار للحد من الإسراف في العزاء.. نحو بساطة تعكس روح التعزية
  • زوجي مات مقهورا.. بدرية طلبة تنهار من البكاء.. ما السبب؟