توماس فريدمان: أميركا بدأت إعادة تقييم علاقتها مع إسرائيل
تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) مقالا تحليليا للكاتب الصحفي توماس فريدمان تناول العلاقة المتوترة بين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية.
وسلط فريدمان الضوء على التوتر بين تل أبيب وواشنطن من خلال الإجابة عن 3 أسئلة مترابطة تلخص أسباب الأزمة وأبرز تجلياتها.
والأسئلة الثلاثة هي: لماذا تحاول الحكومة الإسرائيلية سحق المحكمة العليا في البلاد؟ لماذا قال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN) إن حكومة نتنياهو هي أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا على الإطلاق؟ ولماذا صرح السفير الأميركي في إسرائيل بأن أميركا تعمل على منع إسرائيل من "الخروج عن السكة"؟
والجواب المختصر للأسئلة الثلاثة السابقة كما يرى فريدمان هو أن إدارة بايدن ترى أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، بقيادة بنيامين نتنياهو، منخرطة في سلوك متطرف غير مسبوق -تحت عباءة إصلاح القضاء- يقوِّض المصالح والقيم المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كما يغير تصور الطرفين المشترك ذي الأهمية البالغة حول وضع الضفة الغربية الذي كان عاملا للحفاظ على بقية رمق في الآمال المتعلقة بالسلام.
لماذا يسعى نتنياهو لتحجيم دور القضاء؟
هناك مواقف كثيرة تعكس التوتر بين الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية التي يقودها متطرفون يهود، من أمثلتها رد أحد أعضاء حكومة نتنياهو على تصريح بايدن حول تطرف الحكومة الإسرائيلية المذكور آنفا، حيث قال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إن على بايدن أن يدرك أن "إسرائيل لم تعد نجمة أخرى في العَلم الأميركي".
ووفق المقال فإن الدبلوماسيين الأميركيين الذين يتعاملون مع نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول مدة في هذا المنصب، الذي يتمتع بموهبة سياسية وذكاء كبير، يشعرون بالصدمة ويصعب عليهم تصديق كونه يرضى أن يقوده أشخاص مثل بن غفير، وأن يُعرِّض علاقات إسرائيل مع أميركا والمستثمرين العالميين للخطر، كما يُعرض إسرائيل لاحتمال اندلاع حرب أهلية، فقط لكي يبقى في السلطة مع مجموعة من المتطرفين القوميين.
ويوضح فريدمان أن انهيار القيم المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بدأ عندما تحرك الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو لتغيير توازن القوى المترسخ منذ أمد طويل بين الحكومة والمحكمة العليا، التي تمثل الجهة الرقابية المستقلة الوحيدة على السلطة السياسية.
فالمستوطنون اليهود يريدون تحييد دور المحكمة العليا لكي يتمكنوا من إنشاء مستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية ومصادرة الأراضي الفلسطينية بسهولة. في حين يريد المتطرفون اليهود تحييد دور المحكمة العليا حتى لا تكون هناك جهة تجبر أبناءهم على الخدمة في الجيش الإسرائيلي وتفرض على مدارسهم تدريس اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والقيم الديمقراطية. أما نتنياهو فيسعى إلى تحييد دور القضاء لكي يتسنى له تعيين من يشاء من السياسيين في مناصب مهمة، وفق فريدمان.
وقال الكاتب إن حكومة نتنياهو بدأت هذا الأسبوع عرض مشروع قانون في الكنيست يمنع القضاء الإسرائيلي من استخدام مبدأ المعقولية الراسخ في القانون الإسرائيلي والذي يمنح المحكمة العليا الحق في مراجعة وعكس القرارات التي تُعدّ متهورة أو غير أخلاقية من قبل مجلس الوزراء ووزراء الحكومة وبعض المسؤولين المنتخبين الآخرين.
ضم الضفة وتهديد أمن الأردن
يرى فريدمان أن التصور المشترك بأن احتلال إسرائيل للضفة الغربية أمر مؤقت، وأن حل الدولتين أمر سيتحقق يوما ما، كان من أهم التصورات الإسرائيلية-الأميركية المشتركة، مما وفر على واشنطن القلق بشأن وجود أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية التي يبلغ عدد سكانها الفلسطينيين نحو 2.9 مليون نسمة. فعندما يتوصل الطرفان لاتفاق تكون بموجبه دولتان؛ سيغادر بعضهم ويبقى البعض الآخر.
ومن هذا المنطلق انحازت الولايات المتحدة دائما لإسرائيل ودافعت عنها في الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي وتصدت لقرارات وأحكام مختلفة تنطلق من كون احتلالها للضفة الغربية دائما وليس مؤقتا.
والآن يقول فريدمان إن الحكومة الإسرائيلية تبذل قصارى جهدها لتدمير هذا التصور الذي كان عاملا مكّن إسرائيل من كسب الوقت. وقد وافق نتنياهو، منذ توليه المنصب في ديسمبر/كانون الأول 2022، على أكثر من 7 آلاف وحدة سكنية جديدة، معظمها في عمق الضفة الغربية.
كما عدلت حكومته قانونا لتمكين المستوطنين المتوحشين من العودة إلى 4 مستوطنات طردهم منها الجيش الإسرائيلي؛ منتهكة بذلك تعهدا سبق أن قطعته إسرائيل للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بعدم القيام بذلك.
ويرى الكاتب أن تقويض نتنياهو المستمر لهذا التصور المشترك بشأن الضفة الغربية وحل الدولتين، يثير الآن مشكلة حقيقية للمصالح الأميركية والإسرائيلية المشتركة الأخرى، حيث يهدد استقرار الأردن، كما يدفع الدول العربية التي وقّعت اتفاقيات مع إسرائيل في ما يعرف بـ"اتفاقيات أبراهام" للتراجع خطوة إلى الوراء.
وقال فريدمان إن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، سيزور واشنطن الأسبوع المقبل ويلتقي الرئيس الأميركي، وتلك طريقة بايدن للإشارة إلى أن مشكلته ليست مع الشعب الإسرائيلي وإنما مع حكومة نتنياهو المتطرفة.
وخلص إلى أنه لا يساوره شك في أن بايدن سيُحمِّل الرئيس الإسرائيلي رسالة مفادها أنه عندما تكبر الهوة بين مصالح وقيم حكومة أميركية وحكومة إسرائيلية، فإن إعادة تقييم العلاقة بين البلدين تصبح أمرا لا مفر منه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحکومة الإسرائیلیة الولایات المتحدة المحکمة العلیا حکومة نتنیاهو الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية: الحواجز الإسرائيلية تفرض واقعا معيشيا صعبا بالضفة الغربية
تناولت صحف ومواقع عالمية مواضيع مختلفة تتعلق بالمنطقة، من أبرزها الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية والتضييق الإسرائيلي على منظمات الإغاثة في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى تباين وجهات النظر بين إسرائيل وأميركا بشأن مستقبل سوريا، والتحركات الأوروبية مع تزايد الشكوك بشأن التزام واشنطن بالدفاع عن القارة العجوز.
واهتمت صحيفة غارديان البريطانية بوضع إسرائيل كثيرا من نقاط التفتيش والحواجز الجديدة في الضفة الغربية منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة لتضاف إلى أخرى نُصبت أيام الحرب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوفيغارو: البرتغال تعتزم استبدال إف-16 وتفكر في خيارات غير أميركيةlist 2 of 2كاتب إيطالي: إسرائيل تلعب ورقة الطائفية كما فعلت فرنسا قبل قرنend of listوحسب الصحيفة، فقد تسببت الحواجز الإسرائيلية في عزل مجتمعات بأكملها وعرقلة حركة سكان عديد من البلدات والقرى نحو الطرق الرئيسية، مما انعكس بشكل مباشر على العمل والتعليم ووصول المساعدات.
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا يبرز قلق منظمات إغاثية من اعتزام إسرائيل تطبيق قواعد جديدة في التعامل مع موظفيها الناشطين في الأراضي الفلسطينية، إذ تحضّر السلطات الإسرائيلية معايير توصف بالصارمة لمنح التأشيرات وتسجيل المنظمات الإغاثية، ومن ذلك إلزامها بتقديم أسماء وتفاصيل الاتصال وأرقام هوية الموظفين الفلسطينيين.
وعن الشأن السوري، تحدثت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن تقارير توحي بأن "الولايات المتحدة تفضل الاستقرار في سوريا وخفض التصعيد بين الأقليات فيها، بينما تطمح إسرائيل إلى سوريا ضعيفة وأكثر انقساما".
إعلانوتعلق الصحيفة بالقول إن "هذه التقارير تسلط الضوء على الفجوة المتزايدة بين التصور الإستراتيجي الإسرائيلي والسياسة الأميركية في ما يتعلق بمستقبل سوريا".
وفي موضوع آخر، كتبت صحيفة "فايننشال تايمز" أن الاتحاد الأوروبي يدرس بناء شبكة أقمار صناعية جديدة لتوفير المعلومات الاستخباراتية العسكرية مع تزايد الشكوك بشأن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن أوروبا.
ويهدف النظام الجديد -تضيف الصحيفة- إلى الاستغناء جزئيا عن القدرات الأميركية بعد أن أبرز حظر الرئيس دونالد ترامب تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا هذا الشهر اعتمادا أوروبيا كبيرا على الولايات المتحدة.
ومن جهة أخرى، كتبت صحيفة "واشنطن تايمز" أن ترامب ألغى منذ توليه منصبه عددا من الأوامر التنفيذية يفوق عدد الأوامر التي وقعها سلفه جو بايدن خلال عامه الأول في رئاسة الولايات المتحدة. وذكّرت الصحيفة بأن ترامب ألغى في اليوم الأول من حكمه 78 قرارا تنفيذيا، منها أوامر تنفيذية ومذكرات رئاسية، ضمن أكثر من 200 إجراء تنفيذي.