الساوية "الاراضي الفلسطينية" "أ ف ب": لم يعد موسى، ابن الثماني سنوات الفلسطيني، يلعب بالكلل، بل بات منذ شهر يقضي وقته في لعبة جديدة. يقول "أتظاهر بأن أبي لم يمت"، فيناديه ويتخيّل ماذا يمكن أن يفعل خلال النهار ويأمل أن يطلّ عليه فجأة.

قتل والده بلال صالح في 28 أكتوبر وهو في الأربعين برصاصة في صدره فيما كان يقطف الزيتون في حقله.

وهو من بين أكثر من 250 فلسطينيا قتلوا بأيدي جنود ومستوطنين في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في الضفة الغربية في السابع من أكتوبر إثر شن الحركة هجوما غير مسبوق على الدولة العبرية، وفق حصيلة للحكومة الفلسطينية.

تقول أرملته إخلاص متكلمة بعناء "كان رجلا بسيطا، متمسّكاً بأرضه"، عارضة على هاتفها صورا لزوجها في الحقل، أو يتلو آيات من القرآن مع موسى أو في حفل زفاف مبتسما وسط أطفالهما الثلاثة الآخرين.

تعرض الصور بتأثر شديد بدون أن تتمكن هي نفسها من النظر إليها، تاركة الكلام لأطفالها المحيطين بها.

تبقى مشاهد الهجوم في ذلك اليوم ماثلة في أذهان سكان الساوية الـ3500، وقد صورها بعضهم.

"بصق عليّ"

يظهر في الفيديو أربعة رجال ينهرون عائلة صالح فيما تقطف الزيتون، بعضهم يضع قلنسوات وأحدهم يحمل بندقية آلية، فيهرب الأقرباء الذين كانوا يشاركون في القطاف.

فجأة تدوي طلقة نارية فيهرع الجميع صوب بلال الذي عاد لاسترجاع هاتفه الجوال، فيجدونه ممددا وصدره مضرج بالدماء.

تروي العائلة أنها نقلته إلى مستشفى سلفيت على مسافة عشرة كيلومترات، حيث أعلن الأطباء وفاته. وبعد ذلك، رأت على شبكات التواصل الاجتماعي أنه تم الإفراج عن مطلق النار بعد بضع ساعات على توقيفه.

وامتنعت الشرطة وجهاز "كوغات" المسؤول عن تنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية، عن التعليق على المسألة ردا على عدة طلبت بهذا الصدد.

وبعد أيام، تم استدعاء إخلاص إلى مركز الشرطة في مستوطنة أرئيل المجاورة البالغ عدد سكانها أكثر من 20 ألف نسمة.

تقول "فيما كان حارس يتثبت من أوراق هويتي، عبر مستوطن في سيارة وعندما رآني محجّبة فتح نافذته ليبصق عليّ".

وتتابع "بعد هذا، لا أرى أي عدل يمكن أن نحصل عليه"، ولو أن منظمات إسرائيلية لحقوق الإنسان أقنعتها بتقديم شكوى.

ومن أصل ألف قضية رفعت إلى القضاء حول أعمال عنف ارتكبها مستوطنون وراجعتها منظمة "ييش دين" غير الحكومية الإسرائيلية بين 2005 و2021، أُغلقت 92% منها بدون اتخاذ أي تدابير.

الوضع "أسوأ"

يعيش أكثر من نصف مليون إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية بنظر الأمم المتحدة، وسط حوالى ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة.

يقول حازم صالح شقيق إخلاص "يزداد الوضع خطورة منذ عشر سنوات، يهاجموننا، يأخذون أراضيها، يبنون المستوطنات" مضيفا "يمكنهم أن يفعلوا ما يشاؤون".

لكن منذ السابع من أكتوبر بات الوضع "أسوأ" على حدّ قوله.

في ذلك اليوم قتل 1200 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول من هجوم حماس غير المسبوق.

وردت إسرائيل بحملة قصف مدمر على قطاع غزة وعمليات برية واسعة النطاق منذ 27 أكتوبر، ما أدى إلى سقوط 15899 قتيلا، 70 في المئة منهم نساء وأطفال ومراهقون،

بحسب حكومة حماس.

ومع اندلاع الحرب، سهّلت إسرائيل شروط منح تراخيص بحمل السلاح ووعدت الشرطة ووزارة الداخلية بتوزيع أسلحة نارية على مدنيين في ما لا يقل عن ألف بلدة بينها مستوطنات.

"ما هذا العالم؟"

ومجموعة سكان الساوية على تطبيق واتساب مليئة بشهادات تعكس الخوف والعنف في الضفة الغربية وسواها.

تبدي منى صالح (56 عاما) والدة إخلاص قلقها على أحفادها، وخصوصا موسى وشقيقته التوأم ميساء لصغر سنهما، متسائلة "كيف يمكن قتل رجل في ثوان امام أطفاله؟ ما هذا العالم؟".

وأطلق مستوطنون النار السبت على فلسطيني في الـ38 في بلدة قراوة بني حسن، وفق ما أوردت وكالة وفا الفلسطينية.

تقول زوجته إن عشرات الأشخاص من عناصر منظمات غير حكومية ومهاجرين فلسطينيين وصحافيين طلبوا منها أن تروي علنا قصة زوجها.

يقول شقيقها حازم "نحن لا ندعو إلى العنف أو الثأر، بل إلى السلام والرحمة تيمّنا بالنبي"، مؤكدا "لا ننتظر شيئا" من القضاء الإسرائيلي.

ويضيف "كل ما يمكننا أن نفعله" من أجل بلال "هو أن نروي قصته، حتى لو أن ذلك يؤلمنا".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

تقرير: تحذيرات من أزمة قضائية خطيرة في الولايات المتحدة

بعد شهرين فقط من توليه منصبه، يتحدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته بقوة القيود القضائية المفروضة على سلطته، الأمر الذي يعرضه لمخاطر المواجهة والأزمة الدستورية، حيث تسعى السلطة التنفيذية إلى جعل أوامر المحكمة اختيارية، وفقاً لما يذكره مقال أندرو أودونوهوي في مجلة "فورين بوليسي".

ووفق الكاتب، تحدّت السلطة التنفيذية الأمريكية هذا الشهر أمر قاضٍ فيدرالي بوقف ترحيل المهاجرين إلى السلفادور مؤقتاً، حيث دعا الرئيس إلى عزل القاضي الذي أصدر الأمر، إلى جانب قضاة آخرين؛ في واحدة من 139 قضية قانونية رُفعت ضد إدارة ترامب حتى يوم الأربعاء.

وبحسب الكاتب، فرغم أن هجمات إدارة ترامب على القضاء لم يسبق لها مثيل في الولايات المتحدة، إلا أنها تتبع نمطاً واضحاً ومقلقاً.


تقويض القيود القضائية

ووفق المقال، منذ نهاية الحرب الباردة، سعى القادة المنتخبون إلى تقويض القيود القضائية المفروضة على السلطة التنفيذية.


وبحسب الكاتب، هناك 3 عوامل تُفسر لماذا تُواجه المحاكم حول العالم انتقادات لاذعة وهي:


·        ضعف المؤسسة السياسية.


·        تقوية السلطة القضائية.


·        التغير الجذري في كيفية حدوث التراجع الديمقراطي.


يقول التقرير إن النظر عن كثب في كيفية عمل هذه الاتجاهات في الولايات المتحدة يُلقي الضوء على سبب سرعة وشدة هجوم ترامب على المحاكم بطريقة غير معتادة.


ويرى الكاتب أن وسائل الدعم التي تحمي الأجهزة القضائية من الهجوم، غائبة بشكل مثير للقلق في الولايات المتحدة اليوم.


ويشير في مقاله إلى أن الدافع الأول لهجمات السلطة التنفيذية على القضاء هو الضعف العالمي للمؤسسة السياسية، وهي النخب داخل الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة ووسائل الإعلام وقطاع الأعمال، "التي تستطيع كبح جماح أي مستبد طموح".


فبينما اعتمد السياسيون في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي على الأحزاب السياسية والمؤسسات الإعلامية والجهات المانحة للوصول إلى جماهير واسعة، يستطيع القادة المنتخبون اليوم بناء قاعدة جماهيرية واسعة باستخدام التقنيات الرقمية، متجاوزين بذلك "حراس الديمقراطية".



The U.S. Judicial Crisis Is Uniquely Dangerous -- @AOD_PhD @ForeignPolicy https://t.co/jc4T25V40m

— Jon Taylor (@ProfJonTaylor) March 26, 2025
"حراس الديمقراطية"


ثانياً، يرى الكاتب أنه مع ازدياد قوة القادة المنتخبين، ازدادت قوة السلطة القضائية.


فقبل الحرب العالمية الثانية، لم يُخوّل سوى عدد قليل من الدساتير القضاة بإلغاء القوانين التي اعتبروها غير دستورية. ولكن بحلول عام 2011، منحت أكثر من 80% من الدساتير المحاكم سلطة المراجعة الدستورية، غالباً لأن واضعيها سعوا إلى حماية مصالحهم السياسية من الحكومات المستقبلية، بحسب الكاتب.


وقد أصبحت المحاكم العليا حول العالم مسؤولةً عن الفصل في قضايا ذات أهمية سياسية بالغة، بدءاً من حقوق الإنجاب وصولاً إلى حظر الأحزاب السياسية.


ولأن المحاكم تتمتع الآن بسلطة ومسؤولية أكبر في حماية الديمقراطية، فإن القادة السياسيين لديهم دوافع أقوى لمحاولة السيطرة عليها.


واليوم، من المرجح أن يواجه المسؤولون المنتخبون الساعون إلى تركيز السلطة سلطةً قضائيةً مُخوّلةً للدفاع عن الدستور.


أخيراً، طرأ تغيير جذري على كيفية انهيار الديمقراطيات.




فخلال الحرب الباردة، شكلت الانقلابات العسكرية ما يقرب من نصف حالات انهيار الديمقراطية؛ ونادراً ما تكون المحاكم وسيطاً للسلطة خلال الانقلاب. إلا أن التراجع الديمقراطي الحديث غالباً ما يحدث تدريجياً عبر الوسائل القانونية، بحسب التقرير.


فمنذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكما يشير عالم السياسة ميلان سفوليك، حدثت أربعة من كل خمسة انهيارات ديمقراطية من خلال استيلاء السلطة التنفيذية على السلطة، وهو ما "يؤدي عادةً إلى تقويض الديمقراطية تدريجياً".


وفي هذه السياقات، تُعدّ المحاكم جهات فاعلة رئيسية يمكنها تقييد أو تمكين المناورات القانونية التي تُفكك الديمقراطية.

وتفسر هذه العوامل سبب العدوانية غير المعتادة للهجوم على القضاء الأمريكي، وفق الكاتب.


ففي الولايات المتحدة، ضعفت المؤسسة السياسية بشكل خطير وتم تمكين القضاء بشكل واضح.


فخلال فترة ولايته الأولى، اعتمد ترامب على شخصيات مثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ آنذاك ميتش ماكونيل، الذي كان لديه مصلحة في حماية المحاكم من الترهيب.

We are facing "the worst crisis for the rule of law in my lifetime, paired with a muted response from US society," says @digiphile. "The flood of actions is designed to overwhelm...the authoritarian playbook is being deployed against Americans at scale."https://t.co/cMtZaWVBH7

— Greg Sargent (@GregTSargent) January 26, 2025
هجوم شرس


لكن اليوم، يقوم حلفاء ترامب الرئيسيون، مثل المستشارين إيلون ماسك وستيفن ميلر، بتضخيم دعوات الرئيس لعزل القضاة والالتفاف على القرارات القضائية.


أما داخل البيت الأبيض، فيواجه الرئيس قيوداً قليلة على هذا السلوك.


ومن الأسباب الأخرى التي تجعل هجوم إدارة ترامب على القضاء شرساً للغاية، هو النفوذ الاستثنائي للمحاكم الأمريكية.


فقد ركّز ترامب وكبار المسؤولين على حقيقة أن قاضياً فيدرالياً واحداً يمكنه إصدار "أمر قضائي على مستوى البلاد" لمنع أمر تنفيذي، الأمر الذي مكّن القضاء من وقف ما لا يقل عن اثنتي عشرة سياسة من سياسات ترامب حتى الآن.


علاوة على ذلك، وكما يرى عالم السياسة أريند ليبهارت، فإن الولايات المتحدة واحدة من الديمقراطيات القليلة التي تمارس فيها المحكمة العليا صلاحيات واسعة النطاق في المراجعة القضائية.


وهذا النفوذ غير الاعتيادي يجعل القضاء الأمريكي هدفاً رئيسياً، وفق ما جاء في المقال.


أدى ضعف المؤسسة الأمريكية وقوة القضاء الأمريكي إلى تحدٍّ قوي للمحاكم. تُنبئ هذه المتغيرات بهجومٍ من السلطة التنفيذية على المحاكم، لكنها لا تُحدد أيّ فرعٍ سينتصر.


ويتساءل الكاتب: عندما تُواجه السلطة القضائية تحدياً، فمن يحميها، وكيف؟




ويجب عن ذلك بأن هناك ثلاث مسارات رئيسية تُمكّن القضاء من مواجهة تحدي السلطة التنفيذية، كل منها مدعوم من مصدر خارجي. وما يُقلق القضاء الأمريكي هو غياب أيٍّ من هذه المصادر الداعمة حالياً.


وبحسب ما جاء في المقال، فللحفاظ على القيود القانونية المفروضة على السلطة التنفيذية، فإن السبيل الأكثر فعالية هو أن يدعم المسؤولون المنتخبون الآخرون بمن فيهم المشرعون والمحافظون ورؤساء البلديات المحاكم.


ويختتم الكاتب مقاله بالقول إنه من المثير للقلق أنه في الولايات المتحدة، لم يتجسد بعد دعم حاسم للقضاء من أيٍّ من هذه المصادر. وقد أكد بعض المشرعين الجمهوريين، مثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون والسيناتور ليزا موركوفسكي، على ضرورة امتثال البيت الأبيض لأحكام المحكمة، إلا أن معظم الجمهوريين غير مستعدين لرفض خطاب الرئيس.


وهكذا، يواجه القضاة في الولايات المتحدة وضعاً بالغ الخطورة: إذ لا يزال حماة الدستور الأمريكي يفتقرون إلى من يحميهم بوضوح، وفق ما ذكره الكاتب.

مقالات مشابهة

  • مستوطنون يقتحمون قصرة قرب نابلس والاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وجنين
  • عائلة معتصم تعيش طقوس رمضان في الضفة الغربية وسط الدمار
  • تقرير: تحذيرات من أزمة قضائية خطيرة في الولايات المتحدة
  • تقرير أممي: يجب وقف الاستيلاء على الأراضي في الضفة والقدس
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على الجهة الغربية من كوبري المنشية بالخرطوم
  • شهيد وإصابات في عدوانين للاحتلال شمال الضفة وشرق القدس
  • كان : إسرائيل تنتظر ردا رسميا من حماس على مقترح الأسرى
  • الصحة الفلسطينية: اسـ ـتشـ ـهاد أكثر من 15 ألف طفل منذ أحداث 7 أكتوبر
  • تقرير رسمي: إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023
  • وسط مخاوف الفلسطينيين من الضم.. ازدياد المواقع الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر