لجريدة عمان:
2024-11-26@02:30:57 GMT

التواصل الإعلامي بين مصر وعُمان

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

التواصل الإعلامي بين مصر وعُمان

العلاقات الإعلامية المصرية العمانية تكاد تمتد لتاريخ ظهور الإعلام الحديث وبدايات تجارب الصحافة ومما استطعنا رصده والعودة إليه ما وجدناه بمجلة «المنار» المصرية في عددها الصادر في ديسمبر 1901م، حيث نشرت مقتطفات من قصيدة الشيخ نور الدين السالمي الفقيه والعالم العماني الكبير المتضمنة خبر رحلة القنصل البريطاني في مسقط بصحبة الخبير الجيولوجي الإنجليزي الذي جاء لاستكشاف جبل الفحم في شرقية عمان وقيام القبائل بمنعه في مواجهة أوشكت أن تشتعل الحرب فيها والفحم الصخري وقتها قبل معرفة البترول يمثل أهمية كبرى في تسيير البواخر البحرية والقطارات البرية ومن أبيات تلك القصيدة:

حدث أخي عن العجب

وعن العلا وعن الحسب

طلب النصارى أرضنا

بمكيدة فيها النصب

إذ جاء قنصلهم إلى

صور ليدرك ما أحب

من شامخ الجبل الذي

بصخوره فحم رقب

رغبوا به لمصانع

من فيضها نالوا النشب

فأبت قبائل قطرنا

أن يأتين لذا الطلب

وتعاقدت في منعه

جزما وما عرفت رهب

فارتد يجري خاسئا

من دون تحقيق الأرب

وفي عدد مجلة «الهلال» القاهرية لشهر يوليو 1906 نشر الشيخ ناصر بن سليمان بن ناصر اللمكي الرستاقي أحد شخصيات عمان ورموزها آنذاك مقالة مطولة يستعرض فيها سيرة المغامر العماني حميد بن حمد بن جمعة المرجبي المشهور عند الأوروبيين بلقب «التيبوتيب» تتبعت أدوار حياته وأنشطته التجارية السياسية وحروبه العسكرية.

ومن الإعلاميين الذين زاروا عمان في عهد السلطان فيصل بن تركي البوسعيدي عام 1907م عبدالمسيح الأنطاكي صاحب مجلة «العمران» القاهرية الشهرية وقد كتب في مجلته عن زيارته وتفاصيل الحفاوة التي قوبل بها من قبل السلطان فيصل بن تركي والهدايا الثمينة التي منحها السلطان له وكان هذا ممن يجيدون النظم وقد مدح السلطان بعدة منظومات بقول في واحدة منها:

ففيصل هذا هو الأريحي

تقدم في قومه خير راعي

وهذي عمان به أصبحت

بلاد الهناء وخير البقاع

ومسقط في عهده قبلة

إليها تساق الحدى والمساعي

وفي منظومة أخرى:

مولاي من مصر أتيتك مادحا

آثارك الغرا وأنت معولي

وحين ظهرت الصحافة العمانية في زنجبار في وقت مبكر كان التعاون بينها وبين صحافة مصر قويا وأولها كانت صحيفة «النجاح» التي أصدرها الشاعر العماني الكبير الشيخ أبو مسلم ناصر بن سالم الرواحي وبها كتابات عديدة عن مصر لكتاب عمانيين وأبو مسلم محب لمصر وفي إحدى قصائده تعبير عن ذلك الحب:

يا بني الأعمام في مصر لقد

صرتموا في جبهة الدهر غرر

إن في مصر أناسا عرفت

كيف تأت الأمر أو كيف تذر

لو يكون الشعر نصرا لم أزل

أنظم الأنجم لا أرض الدرر

ونشرت مجلة «المقتطف» المصرية في عددها الصادر في ديسمبر 1917م نص رسالة محمد علي باشا صاحب مصر إلى السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي سلطان عمان ومن عبارات الرسالة الودية «إلى حضرة معدن الفخر والسيادة صاحب العز والسعادة الجهبذ الهمام المكرم الإمام سعيد ابن السيد الأفخم سلطان بن أحمد لا زال محفوظا بعناية العزيز الرحمن بعد إهداء التحيات الفاخرة الناشئة عن قواعد المحبة والوداد وبث الأشواق الوفية إلى أنوار طلعتكم البهية الباعث لترقيم هذه الرسالة الودية أولا افتقاد خاطركم الكريم ما زال محفوفا بألطاف القوي القادر وثانيا نبدي لجنابكم العزيز أنه بأثمن وقت وفد علينا كتابكم المتجلي بعقد فرائد الدر النظيم وما أبديتموه من المحبة والمصافاة قد صار معلوم لدينا وفهمنا ما شرحتموه ونؤكد لجنابكم رغبتنا في تأكيد المحبة وتوطيد الصحبة ونأمل مواصلة الرسائل والإفادة عن كل ما يحدث بطرفكم ودمتم محفوظين برعاية الله».

وواضح أن المراسلة بين السلطان سعيد بن سلطان ومحمد علي باشا كانت قبل صدور عدد مجلة «المقتطف» هذا بسنوات كثيرة ولعل إعادة نشرها كان للتذكير والتوثيق وفي عدد مجلة «الهلال» الصادر في أبريل 1921م تم نشر منظومتين للشاعر العماني سعيد بن مسلم المجيزي واحدة في توديع السلطان تيمور بن فيصل غداة سفره إلى الهند وأخرى في الترحيب به لدى عودته ومن ضمن ما قاله في التوديع:-

سيجمعنا بعد التفرق مجمع

تظل به ورق البشائر تسجع

ونحظى بمولانا المعظم قدره

أخا المجد تيمور له الفضل أجمع

ومن النظم المرحب بالعودة:

رجع المجد فطوبى لك من

تخت ملك طاب فيك المرجع

زهت الأكوان طرا فرحا

مذ رأت تيمور لاحت تسطع

دم بعز أيها السلطان

ما لاح برق في الدياجي يلمع

وقد تفردت جريدة «الشورى» المصرية بتغطية أخبار عمان ومتابعتها منذ بداية صدورها عام 1924م وحتى توقفها نهائيا عام 1931 واستمرت هذه المجلة طوال سنواتها السبع على ذلك وهي بين الفسح والمنع وكأنها تعتمد في أخبارها عن عمان وعن ساحلها على مراسل لها في مسقط وفي دبي دون ذكر اسمه ويحتمل أن يكون الشيخ سليمان الباروني وجل اهتمام الصحيفة كان عن فلسطين وما يدبر لها وثورات أهلها في تلك الفترة لذلك كان يتم إغلاقها ومنعها بين الفترة والأخرى وكان صاحبها المناضل المعروف محمد علي الطاهر الفلسطيني الأصل والمصري الإقامة وفي المجلة أخبار كثيرة عن الحراك العماني لدعم القضية الفلسطينية بالتبرعات المالية وبرقيات الاحتجاج والتأييد ومن حسن الحظ أن أعداد هذه المجلة المائة موجودة كلها الآن في مكتبة الجامعة الأردنية في عمّان بالأردن وقد جاءتها هدية من القصر الملكي الذي يبدو أن تلك الأعداد آلت إليه.

وفي عدد مجلة «الفتح» القاهرية السبعين الصادر في نوفمبر 1927 جاء نعي العلامة العماني الكبير الشيخ ماجد بن خميس العبري عن عمر يقترب من القرن وقد وصفته المجلة بأنه «شيخ مشايخ عمان علما وسنا» ومجلة «الفتح» كما هو معلوم صاحبها محب الدين الخطيب السوري الأصل الذي استقر بمصر وتوطنها حتى وفاته وفيها أصدر مجلته الشهيرة هذه وعند ذكرنا للصحف لا بد لنا من الإشارة لجريدة «الفلق» العمانية التي أصدرها نخبة من أهل عمان في زنجبار سنة 1929 وكانت متفاعلة مع القضايا العربية ويسودها الوعي القومي وكثيرا ما أوقفتها السلطات البريطانية بسبب مقالاتها المنشورة بأقلام عمانية وأقلام بعض العرب من مصر والشام والعراق والمغرب العربي وكانت هذه الصحيفة تعيد نشر مقالات كبار الكتاب العرب المنشورة في صحف مصر وكانت أطروحة صديقنا د. محسن الكندي للماجستير عن هذه الجريدة وشخصياتها ومضامين موضوعاتها وقد صدرت هذه الأطروحة فيما بعد قبل عدة سنوات في كتاب كبير عن «دار رياض الريس» البيروتية.

وفي عددها المؤرخ في 10من شعبان 1351هـ - 8 من ديسمبر 1932م نشرت مجلة «الفتح» قصيدة الشاعر العماني السيد هلال بن بدر البوسعيدي في رثاء أمير الشعراء «شوقي»

يا أمير القريض هذي القوافي

أصبحت حرة بغير امتلاك

إن يوما ذهبت فيه ليوم

نحسه قد سما إلى الأفلاك

أنه من عمان يا مصر هذي

أحسن الله في الفقيد عزاك

روح «شوقي» عليك مني سلام

ومن الله رحمة تغشاك

وهكذا مضى التعاون والتبادل الصحفي الذي ربما بدأ مع مطلع القرن العشرين وتواصل حتى مرحلة الخمسينيات عندما تبنت مصر قضية عمان ودعمتها وساندتها أكبر المساندة وكان الإعلام المصري خير معبر عن هذا التأييد ممثلا في إذاعة «صوت العرب» وفي الصحف المصرية على اختلافها وفي المقدمة منها «الأهرام» وقد بدأ الكاتب الكبير الأستاذ «هيكل» سلسلة مقالاته «بصراحة» التي استمرت لما يقارب عقدين من الزمن بمقال عن عمان هو الأول في هذه السلسلة وقد نشرته «الأهرام» بتاريخ 10 أغسطس 1957م واستمر الاهتمام المصري بعمان مرحلة بعد أخرى إلى أن تغير الوضع في عمان عام 1970م وبدأ التطور في كل المجالات ومنها الإذاعة والصحافة التي ظفرت بالنصيب الأوفر من المساندة المصرية بإرسال أبرز أعلام الإذاعة والتلفزيون والصحافة لمساعدة الإعلام العماني وتبني خطواته مع بداياته الأولى في شتى مجالاته ولعل من أوائل الأساتذة المصرين الذين جاؤوا إلينا الأستاذ محمد جبريل الروائي المبدع والكاتب المتميز الذي عاش بيننا في مسقط لسنوات كثيرة كان فيها مدير تحرير جريدة «الوطن» أول جريدة عمانية صدرت في العهد الجديد وقد بذل الجهد كبيرا في تطوير الجريدة والارتقاء بها واستفاد منه وتتلمذ عليه العديد من الصحفيين العمانيين الذين مازالوا يذكرون محبته وسعيه لإرشادهم واحتضانهم وتبصيرهم بشؤون الصحافة ومساراتها ومن الأساتذة المصريين الذين سعدنا بهم وتتلمذنا عليهم في الإذاعة صبري صبيحة وصبري ياسين وأحمد الرزاز ورفاقهم وقد استفدنا عظيم الفائدة من خبراتهم وتجاربهم الواسعة وكنا حينها لا نزال صغارا بسنوات العشرين من أعمارنا وكانت لهم الأدوار البارزة في جميع أقسام الإذاعة وعندما تم افتتاح التلفزيون عام 1974م كان النجم التلفزيوني المصري أحمد سمير أول من ظهر على الشاشة مع زوجته سهير شلبي ومعهما كان مجموعة من أبناء مصر وبناتها في الإخراج والمونتاج والإعداد. ومن أهل الصحافة كان العديد من الصحفيين المبرزين منهم في جريدة الوطن الأستاذ الكاتب عبدالستار خليف والأستاذ صبري حافظ وكذلك الأستاذ محمد القصبي الأديب والكاتب الذي صار مديرا لتحرير مجلة «الأسرة» والأستاذ أحمد فواز في مجلة «النهضة» وقد حانت منيته أثناء فترة عمله بعمان ورثاه الشاعر العماني الشيخ هلال السيابي بقصيدة مؤثرة من بين أبياتها:

فواز إن تكن الحياة سطورا

فلقد قرأت من السطور النورا

خلق كزهر الروض قبله الندى

فهفا شذى ملء الأثير عطورا

ومبادئ شفافة وخلائق

محمودة كالمسك فاح عبيرا

والأستاذ أحمد سليم وقد شغل منصب مدير تحرير مجلة «العقيدة» ومن الأشقاء المصريين الإعلاميين الذين عاشوا بيننا وكان لهم إسهامهم الأستاذ عبدالعظيم مناف العروبي البارز الذي أسس بعد عودته من عمان جريدة «صوت العرب» اليومية ومجلة «الموقف العربي» الشهرية وفي جريدة «عمان» د. عبد الحميد الموافي وآخرون من زملائه ومنهم عبد الناصر سلامة. ولا يتسع المجال لذكر كل الإعلاميين الذي أتوا إلينا من مصر وأسهموا في تطوير صحافتنا وإعلامنا ولكن بقي ثمة اثنين من أعلام الإعلاميين لا نستطيع إنهاء الحديث دون المرور بهما وذكرهما والإشادة بعطائهما الواسع وقد عاشا في عمان فترة طويلة واخلصا لها وأحباها واحتضنا قضاياها واندمجا في أهلها أوثق الاندماج إنهما الأستاذ حسين عبد الغني والأستاذ عاصم رشوان. وبالجملة، فإن إسهام أشقائنا المصريين في جوانب الإعلام العماني وفروعه المختلفة واسع وكبير ويصعب الإحاطة به كله أو إحصاء أسماء جميع الأشخاص ممن لهم بصماتهم فيه ولجميعهم منا صادق الحب وكبير العرفان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصادر فی عدد مجلة وفی عدد

إقرأ أيضاً:

الفجر تُهنيء الإعلامي أحمد المسلماني لتعيينه رئيسًا لـ "الوطنية للإعلام"

تُهنئ أسرة تحرير الفجر، والكاتب الصحفي محمد مسعود رئيس تحرير العدد الورقي، والدكتور مصطفى ثابت رئيس تحرير البوابة الإلكترونية، الإعلامي أحمد المسلماني، بمناسبة صدور القرار الجمهوري من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لتعيينه عضوًا في الهيئة الوطنية للإعلام.

وتُعرب أسرة تحرير الفجر، عن تمنياتها له بالتوفيق والسداد في المهام التي سُندت إليه من إعلاء الرسالة الإعلامية، وترسيخ الثوابت الراسخة في وجدان المجتمع، مع الاستمرار في تطوير الأداء الإعلامي ليتماشى مع تطلعات الجمهورية الجديدة، بما يحقق جودة وفاعلية تعكس آمال الشعب وتدعم مسيرة التنمية الشاملة.

مقالات مشابهة

  • الفجر تُهنيء الإعلامي أحمد المسلماني لتعيينه رئيسًا لـ "الوطنية للإعلام"
  • “مجلة رسالة المسجد” تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل التأثير “أرسيف”
  • الفجر تُهنيء الإعلامي حمدي رزق لتعيينه عضوًا بـ "الأعلى للإعلام"
  • "أدراك للتطوير العقاري" تطلق مشروع "يناير" احتفاءً بالتراث العماني والحياة الفاخرة
  • شرطة الموضة تهاجم نجوى كرم لتشبها بـ مايا دياب (تفاصيل وصور)
  • المخمل يعكس رشاقة نجوى كرم (صور)
  • تدشين أول مجلة لنشر الأبحاث الطلابية بالجامعات المصرية
  • المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات يطور قدرات فرق الاتصال
  • غسيل الاخبار والتضليل الإعلامي
  • الإعلامي الحكومي في غزة: ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 189 خلال الإبادة