لجريدة عمان:
2024-09-17@03:59:09 GMT

التواصل الإعلامي بين مصر وعُمان

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

التواصل الإعلامي بين مصر وعُمان

العلاقات الإعلامية المصرية العمانية تكاد تمتد لتاريخ ظهور الإعلام الحديث وبدايات تجارب الصحافة ومما استطعنا رصده والعودة إليه ما وجدناه بمجلة «المنار» المصرية في عددها الصادر في ديسمبر 1901م، حيث نشرت مقتطفات من قصيدة الشيخ نور الدين السالمي الفقيه والعالم العماني الكبير المتضمنة خبر رحلة القنصل البريطاني في مسقط بصحبة الخبير الجيولوجي الإنجليزي الذي جاء لاستكشاف جبل الفحم في شرقية عمان وقيام القبائل بمنعه في مواجهة أوشكت أن تشتعل الحرب فيها والفحم الصخري وقتها قبل معرفة البترول يمثل أهمية كبرى في تسيير البواخر البحرية والقطارات البرية ومن أبيات تلك القصيدة:

حدث أخي عن العجب

وعن العلا وعن الحسب

طلب النصارى أرضنا

بمكيدة فيها النصب

إذ جاء قنصلهم إلى

صور ليدرك ما أحب

من شامخ الجبل الذي

بصخوره فحم رقب

رغبوا به لمصانع

من فيضها نالوا النشب

فأبت قبائل قطرنا

أن يأتين لذا الطلب

وتعاقدت في منعه

جزما وما عرفت رهب

فارتد يجري خاسئا

من دون تحقيق الأرب

وفي عدد مجلة «الهلال» القاهرية لشهر يوليو 1906 نشر الشيخ ناصر بن سليمان بن ناصر اللمكي الرستاقي أحد شخصيات عمان ورموزها آنذاك مقالة مطولة يستعرض فيها سيرة المغامر العماني حميد بن حمد بن جمعة المرجبي المشهور عند الأوروبيين بلقب «التيبوتيب» تتبعت أدوار حياته وأنشطته التجارية السياسية وحروبه العسكرية.

ومن الإعلاميين الذين زاروا عمان في عهد السلطان فيصل بن تركي البوسعيدي عام 1907م عبدالمسيح الأنطاكي صاحب مجلة «العمران» القاهرية الشهرية وقد كتب في مجلته عن زيارته وتفاصيل الحفاوة التي قوبل بها من قبل السلطان فيصل بن تركي والهدايا الثمينة التي منحها السلطان له وكان هذا ممن يجيدون النظم وقد مدح السلطان بعدة منظومات بقول في واحدة منها:

ففيصل هذا هو الأريحي

تقدم في قومه خير راعي

وهذي عمان به أصبحت

بلاد الهناء وخير البقاع

ومسقط في عهده قبلة

إليها تساق الحدى والمساعي

وفي منظومة أخرى:

مولاي من مصر أتيتك مادحا

آثارك الغرا وأنت معولي

وحين ظهرت الصحافة العمانية في زنجبار في وقت مبكر كان التعاون بينها وبين صحافة مصر قويا وأولها كانت صحيفة «النجاح» التي أصدرها الشاعر العماني الكبير الشيخ أبو مسلم ناصر بن سالم الرواحي وبها كتابات عديدة عن مصر لكتاب عمانيين وأبو مسلم محب لمصر وفي إحدى قصائده تعبير عن ذلك الحب:

يا بني الأعمام في مصر لقد

صرتموا في جبهة الدهر غرر

إن في مصر أناسا عرفت

كيف تأت الأمر أو كيف تذر

لو يكون الشعر نصرا لم أزل

أنظم الأنجم لا أرض الدرر

ونشرت مجلة «المقتطف» المصرية في عددها الصادر في ديسمبر 1917م نص رسالة محمد علي باشا صاحب مصر إلى السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي سلطان عمان ومن عبارات الرسالة الودية «إلى حضرة معدن الفخر والسيادة صاحب العز والسعادة الجهبذ الهمام المكرم الإمام سعيد ابن السيد الأفخم سلطان بن أحمد لا زال محفوظا بعناية العزيز الرحمن بعد إهداء التحيات الفاخرة الناشئة عن قواعد المحبة والوداد وبث الأشواق الوفية إلى أنوار طلعتكم البهية الباعث لترقيم هذه الرسالة الودية أولا افتقاد خاطركم الكريم ما زال محفوفا بألطاف القوي القادر وثانيا نبدي لجنابكم العزيز أنه بأثمن وقت وفد علينا كتابكم المتجلي بعقد فرائد الدر النظيم وما أبديتموه من المحبة والمصافاة قد صار معلوم لدينا وفهمنا ما شرحتموه ونؤكد لجنابكم رغبتنا في تأكيد المحبة وتوطيد الصحبة ونأمل مواصلة الرسائل والإفادة عن كل ما يحدث بطرفكم ودمتم محفوظين برعاية الله».

وواضح أن المراسلة بين السلطان سعيد بن سلطان ومحمد علي باشا كانت قبل صدور عدد مجلة «المقتطف» هذا بسنوات كثيرة ولعل إعادة نشرها كان للتذكير والتوثيق وفي عدد مجلة «الهلال» الصادر في أبريل 1921م تم نشر منظومتين للشاعر العماني سعيد بن مسلم المجيزي واحدة في توديع السلطان تيمور بن فيصل غداة سفره إلى الهند وأخرى في الترحيب به لدى عودته ومن ضمن ما قاله في التوديع:-

سيجمعنا بعد التفرق مجمع

تظل به ورق البشائر تسجع

ونحظى بمولانا المعظم قدره

أخا المجد تيمور له الفضل أجمع

ومن النظم المرحب بالعودة:

رجع المجد فطوبى لك من

تخت ملك طاب فيك المرجع

زهت الأكوان طرا فرحا

مذ رأت تيمور لاحت تسطع

دم بعز أيها السلطان

ما لاح برق في الدياجي يلمع

وقد تفردت جريدة «الشورى» المصرية بتغطية أخبار عمان ومتابعتها منذ بداية صدورها عام 1924م وحتى توقفها نهائيا عام 1931 واستمرت هذه المجلة طوال سنواتها السبع على ذلك وهي بين الفسح والمنع وكأنها تعتمد في أخبارها عن عمان وعن ساحلها على مراسل لها في مسقط وفي دبي دون ذكر اسمه ويحتمل أن يكون الشيخ سليمان الباروني وجل اهتمام الصحيفة كان عن فلسطين وما يدبر لها وثورات أهلها في تلك الفترة لذلك كان يتم إغلاقها ومنعها بين الفترة والأخرى وكان صاحبها المناضل المعروف محمد علي الطاهر الفلسطيني الأصل والمصري الإقامة وفي المجلة أخبار كثيرة عن الحراك العماني لدعم القضية الفلسطينية بالتبرعات المالية وبرقيات الاحتجاج والتأييد ومن حسن الحظ أن أعداد هذه المجلة المائة موجودة كلها الآن في مكتبة الجامعة الأردنية في عمّان بالأردن وقد جاءتها هدية من القصر الملكي الذي يبدو أن تلك الأعداد آلت إليه.

وفي عدد مجلة «الفتح» القاهرية السبعين الصادر في نوفمبر 1927 جاء نعي العلامة العماني الكبير الشيخ ماجد بن خميس العبري عن عمر يقترب من القرن وقد وصفته المجلة بأنه «شيخ مشايخ عمان علما وسنا» ومجلة «الفتح» كما هو معلوم صاحبها محب الدين الخطيب السوري الأصل الذي استقر بمصر وتوطنها حتى وفاته وفيها أصدر مجلته الشهيرة هذه وعند ذكرنا للصحف لا بد لنا من الإشارة لجريدة «الفلق» العمانية التي أصدرها نخبة من أهل عمان في زنجبار سنة 1929 وكانت متفاعلة مع القضايا العربية ويسودها الوعي القومي وكثيرا ما أوقفتها السلطات البريطانية بسبب مقالاتها المنشورة بأقلام عمانية وأقلام بعض العرب من مصر والشام والعراق والمغرب العربي وكانت هذه الصحيفة تعيد نشر مقالات كبار الكتاب العرب المنشورة في صحف مصر وكانت أطروحة صديقنا د. محسن الكندي للماجستير عن هذه الجريدة وشخصياتها ومضامين موضوعاتها وقد صدرت هذه الأطروحة فيما بعد قبل عدة سنوات في كتاب كبير عن «دار رياض الريس» البيروتية.

وفي عددها المؤرخ في 10من شعبان 1351هـ - 8 من ديسمبر 1932م نشرت مجلة «الفتح» قصيدة الشاعر العماني السيد هلال بن بدر البوسعيدي في رثاء أمير الشعراء «شوقي»

يا أمير القريض هذي القوافي

أصبحت حرة بغير امتلاك

إن يوما ذهبت فيه ليوم

نحسه قد سما إلى الأفلاك

أنه من عمان يا مصر هذي

أحسن الله في الفقيد عزاك

روح «شوقي» عليك مني سلام

ومن الله رحمة تغشاك

وهكذا مضى التعاون والتبادل الصحفي الذي ربما بدأ مع مطلع القرن العشرين وتواصل حتى مرحلة الخمسينيات عندما تبنت مصر قضية عمان ودعمتها وساندتها أكبر المساندة وكان الإعلام المصري خير معبر عن هذا التأييد ممثلا في إذاعة «صوت العرب» وفي الصحف المصرية على اختلافها وفي المقدمة منها «الأهرام» وقد بدأ الكاتب الكبير الأستاذ «هيكل» سلسلة مقالاته «بصراحة» التي استمرت لما يقارب عقدين من الزمن بمقال عن عمان هو الأول في هذه السلسلة وقد نشرته «الأهرام» بتاريخ 10 أغسطس 1957م واستمر الاهتمام المصري بعمان مرحلة بعد أخرى إلى أن تغير الوضع في عمان عام 1970م وبدأ التطور في كل المجالات ومنها الإذاعة والصحافة التي ظفرت بالنصيب الأوفر من المساندة المصرية بإرسال أبرز أعلام الإذاعة والتلفزيون والصحافة لمساعدة الإعلام العماني وتبني خطواته مع بداياته الأولى في شتى مجالاته ولعل من أوائل الأساتذة المصرين الذين جاؤوا إلينا الأستاذ محمد جبريل الروائي المبدع والكاتب المتميز الذي عاش بيننا في مسقط لسنوات كثيرة كان فيها مدير تحرير جريدة «الوطن» أول جريدة عمانية صدرت في العهد الجديد وقد بذل الجهد كبيرا في تطوير الجريدة والارتقاء بها واستفاد منه وتتلمذ عليه العديد من الصحفيين العمانيين الذين مازالوا يذكرون محبته وسعيه لإرشادهم واحتضانهم وتبصيرهم بشؤون الصحافة ومساراتها ومن الأساتذة المصريين الذين سعدنا بهم وتتلمذنا عليهم في الإذاعة صبري صبيحة وصبري ياسين وأحمد الرزاز ورفاقهم وقد استفدنا عظيم الفائدة من خبراتهم وتجاربهم الواسعة وكنا حينها لا نزال صغارا بسنوات العشرين من أعمارنا وكانت لهم الأدوار البارزة في جميع أقسام الإذاعة وعندما تم افتتاح التلفزيون عام 1974م كان النجم التلفزيوني المصري أحمد سمير أول من ظهر على الشاشة مع زوجته سهير شلبي ومعهما كان مجموعة من أبناء مصر وبناتها في الإخراج والمونتاج والإعداد. ومن أهل الصحافة كان العديد من الصحفيين المبرزين منهم في جريدة الوطن الأستاذ الكاتب عبدالستار خليف والأستاذ صبري حافظ وكذلك الأستاذ محمد القصبي الأديب والكاتب الذي صار مديرا لتحرير مجلة «الأسرة» والأستاذ أحمد فواز في مجلة «النهضة» وقد حانت منيته أثناء فترة عمله بعمان ورثاه الشاعر العماني الشيخ هلال السيابي بقصيدة مؤثرة من بين أبياتها:

فواز إن تكن الحياة سطورا

فلقد قرأت من السطور النورا

خلق كزهر الروض قبله الندى

فهفا شذى ملء الأثير عطورا

ومبادئ شفافة وخلائق

محمودة كالمسك فاح عبيرا

والأستاذ أحمد سليم وقد شغل منصب مدير تحرير مجلة «العقيدة» ومن الأشقاء المصريين الإعلاميين الذين عاشوا بيننا وكان لهم إسهامهم الأستاذ عبدالعظيم مناف العروبي البارز الذي أسس بعد عودته من عمان جريدة «صوت العرب» اليومية ومجلة «الموقف العربي» الشهرية وفي جريدة «عمان» د. عبد الحميد الموافي وآخرون من زملائه ومنهم عبد الناصر سلامة. ولا يتسع المجال لذكر كل الإعلاميين الذي أتوا إلينا من مصر وأسهموا في تطوير صحافتنا وإعلامنا ولكن بقي ثمة اثنين من أعلام الإعلاميين لا نستطيع إنهاء الحديث دون المرور بهما وذكرهما والإشادة بعطائهما الواسع وقد عاشا في عمان فترة طويلة واخلصا لها وأحباها واحتضنا قضاياها واندمجا في أهلها أوثق الاندماج إنهما الأستاذ حسين عبد الغني والأستاذ عاصم رشوان. وبالجملة، فإن إسهام أشقائنا المصريين في جوانب الإعلام العماني وفروعه المختلفة واسع وكبير ويصعب الإحاطة به كله أو إحصاء أسماء جميع الأشخاص ممن لهم بصماتهم فيه ولجميعهم منا صادق الحب وكبير العرفان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصادر فی عدد مجلة وفی عدد

إقرأ أيضاً:

لماذا يبقى الدولار الأمريكي الخيار الأمثل لربطه بالريال العماني؟

تستند هيمنة الدولار الأمريكي على سلة عملات الاحتياطي لدى البنوك المركزية حتى الوقت الحالي، إلى عوامل عديدة أهمها حجم الاقتصاد الأمريكي، والتطور الكبير للأسواق المالية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكون الدولار الأمريكي هو العملة الأكثر قابلية للتحويل، وارتباط أسعار صرف عدد كبير من العملات الأخرى بالدولار الأمريكي، واستمرار النفوذ السياسي والتفوق العسكري الكبيرين للولايات المتحدة، واستمرار تسعير النفط والغاز والذهب بالدولار الأمريكي، وتوجه أغلب الدول النامية والصاعدة إلى الاقتراض الخارجي بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى أن ما يقارب 64% من حجم أدوات الدين الدولية القائمة بنهاية سبتمبر 2023 مقومة بالدولار الأمريكي.

وأشارت «ورقة سياسات الاقتصادية» الصادرة عن البنك المركزي العماني أن نظام سعر الصرف الثابت القائم على ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي هو النظام الأنسب لسلطنة عمان، وأن الجانب الأكبر من الأصول الأجنبية التي يحوزها البنك المركزي العماني ينبغي أن تظل مقومة بالدولار الأمريكي؛ لتدعيم استقرار سعر الصرف والاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد وهو ما أكدت عليه جميع التقارير والتقييمات الخاصة بسلطنة عمان الصادرة في السنوات الأخيرة من صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الائتماني الرئيسة على صحة التوجه وعلى ضرورة استمراره.

5 أسس محورية

وكشفت ورقة سياسات اقتصادية صادرة من موقع البنك المركزي العماني عن أن هذه القناعة تستند إلى 5 أسس محورية: هي هيمنـة قطـاع الهيدروكربونـات فـي الناتـج المحلـي الإجمالي والإيرادات الحكومية والاعتماد الكبير للاقتصاد العماني على صادرات النفــط والغــاز اللذين يتم تسعيرهما بالدولار الأمريكي في الأسواق العالمية، وهيمنة الدولار الأمريكي باعتبارها العملة الأكثر استخدامًا في احتياطات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية، وتسوية معاملات التجارة الدولية، والاستثمارات العابرة للحدود، وإصدار أدوات الدين الدولية، وعمليات أسواق الصرف الأجنبي، والاستقرار الكبير لسعر الصرف الثابت للريال العماني أمام الدولار الأمريكي منذ عام 1986، ما أدى إلى تدني مخاطر سعر الصرف في حدود مقبولة في أوقات الأزمات الحادة، وكفــاءة نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني أمام الدولار الأمريكي في أداء دوره كركيزة اسمية موثوقة؛ للحفاظ على استقرار الأسعار والاستقرار المالي بسلطنة عمان على مدار العقود الماضية. وتركز معظم التجارة السلعية لسلطنة عمان مع شركاء تجاريين ترتبط عملاتهم بالدولار الأمريكي أو تستخدم بنوكهم المركزية الدولار الأمريكي باعتبارها عملة ارتكاز، فعلى أقل تقدير ما يزيد عن 60% من واردات سلطنة عمان تأتي من دول ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي كعملة ربط أو عملة ارتكاز.

وأشارت إلى أنه رغم الهيمنة الكبـرى لهيمنـة الـدولار الأمريكـي فـي النظـام الاقتصـادي العالمـي كأسـاس لربـط الريـال العماني بـه، إلا أنهـا ليسـت هـي الاعتبار الوحيـد الذي يســتند إليه هذا القرار الإستراتيجي. فحتى في حالة تراجع هذه الهيمنة وفقا لأحد أو بعض المعايير المسـتخدمة لقياسـها، فـإن اسـتمرار تسـعير النفـط والغـاز، سـواء فـي السـوق الآنية أو فـي عقـود المسـتقبليات بالدولار الأمريكي، تزامنا مـع اسـتمرار الاعتماد الكبيـر للاقتصاد العماني علـى الصـادرات النفطية، يظـل هو العنصر الحاكم. إضافة لذلـك، فــإن الأسس الثلاثة الأخرى التي تعبر عن عوامل راسخة على مدار عقود ولا يتوقع لها أن تتغيـر على الأقل في المدى المتوسـط.

نظام سعر الصرف

ولفتت ورقة سياسات اقتصادية إلى أن البنك المركزي العماني يرى أن تبني ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي كنظام سعر الصرف يظل هو الخيار الأمثل لسلطنة عمان، كما أكدت كافة التقارير الدولية في تقييمها لأداء الاقتصاد العماني في السنوات الأخيرة. حتى في ظل التطـورات الجيواقتصادية والجيوسياســية والتقنيــة الأخيرة، وهــو الأمر المتوقـع أن يسـتمر فـي المسـتقبل المنظـور.

وبنـاء علـى ذلـك، فـإن هيـكل العـملات الحالـي بمحفظـة الأصول الأجنبيـة لدى البنـك المركزي العماني والـذي يسـيطر عليـه الدولار الأمريكي مـع تمثيـل ملائم للعـملات الرئيسـة الأخرى يوفر قدرا كافيا مـن التنويـع، ويعـد مناسـبا فـي الوقـت الحالـي. كمـا أن القواعـد الحاكمـة للاستثمار بالبنـك المركزي العماني تتيح قدرا وافيا مـن المرونـة فـي هيـكل العـملات بمحفظـة الأصـول الأجنبيـة بمـا لا يتعـارض مـع متطلبات نظـام سـعر الصـرف الثابـت، وهـو مـا يمكّن البنـك المركـزي مـن التوجـه نحـو قـدر أكبـر مـن تنويـع العـملات بمحفظـة أصولـه الأجنبيـة إذا مـا اقتضـت الظـروف المتغيـرة ذلـك، مـع الحفـاظ علـى اسـتحواذ الدولار الأمريكي على الحصة الغالبة في هذه المحفظة.

وأكدت ورقة سياسات اقتصادية أنه بالرغم من التحديـات الجيوسياســية الماثلــة، وصعــود مجموعــة البريكــس وتوســعاتها الأخيــرة وتأثيراتهــا علــى الاتفاقيات التجاريـة الثنائيـة، والرغبـة فـي الانتقـال مـن القطـب الواحـد إلـى عالـم متعـدد الأقطـاب، وتزايـد التشـتت الجغرافي الاقتصادي فـإن هيمنـة الـدولار الأمريكي علـى سـلة عـملات الاحتياطي للبنـوك المركزيـة حـول العالـم، واحتفاظــه بمركــزه باعتباره العملــة الأكثر استخداما فــي النظــام المالــي العالمــي والتجــارة والاستثمار الدولييــن لعقــود طويلـة، تسـتند إلـى أسـس صلبـة لا يتوقـع أن تتغيـر بشـكل ملمـوس فـي المـدى المتوسـط.

وأوصت ورقة سياسات اقتصادية أنها لا تتوقع في الوقت الحالــي أو فــي الأجل المتوســط حــدوث تغييــرات جوهريــة فــي تكويــن عملات الاحتياطي لــدى البنــوك المركزيــة أو تراجـع ملمـوس فـي هيمنة الدولار في الاقتصاد العالمي وهو الرأي الذي اتفقت عليه أغلب الدراسات والتحليلات الصادرة حديثا التي تناولت الموضوع على الأقل حتى عام 2040.

اسـتدامة الاستقرار النقـدي والمالـي

كما رأت ورقة سياسات اقتصادية أنه فــي ظــل الهيــكل الحالــي للاقتصاد العماني واعتمــاده الكبيــر علــى صــادرات النفــط والغــاز(اللذيـن يتـم تسـعيرهما بالـدولار الأمريكي فـي الأسواق العالمية) في الوقـت الراهـن، والمتوقـع أن يسـتمر فـي المـدى المتوسـط، يؤكـد البنـك المركـزي العمانـي أن سـلطنة عمان مسـتمرة فـي المسـتقبل المنظـور فـي تبنـي نظـام سـعر الصـرف الثابـت مـن خلال ربـط الريـال العماني بالـدولار الأمريكي. وطالمـا ظـل الريـال العمانـي مرتبطـا بالـدولار الأمريكي، يتطلـب الحفـاظ علـى نجـاح هـذا الربـط والثقـة الدوليـة فيـه واسـتدامة الاستقرار النقـدي والمالـي أن يظــل الجانــب الأكبــر مــن محفظــة الأصــول الأجنبيــة لــدى البنــك المركــزي العماني مقوما بالــدولار الأمريكــي، مع قدر كاف لتنويـع العـملات تحكمـه اعتبـارات إدارة المخاطـر وتعظيـم العوائـد علـى الاستثمارات في هذه المحفظة.

وخلصت ورقة سياسات اقتصادية إلى أن البنـك المركـزي العمانـي مسـتمر فـي المراقبـة بشـكل حصيـف، وبمنهـج اسـتباقي للغيـوم التــي تلــوح فــي الأفــق وســط أجــواء كثيفــة مــن عــدم اليقيــن تكتنــف الاتجاهات العامــة الاقتصاديــة والماليــة حــول العالـم، إلـى جانـب التطـورات الجغرافية السياسـية والتقنيـة. فهنـاك مجـال واسـع لحـدوث مزيـد مـن التحولات في المسـتقبل لا تـزال إرهاصاتهـا فـي طـور التكون، ومـن ثـم فـإن البنـك المركـزي حريـص علـى أن يكـون دائما مسـتعدًا لاتخاذ مـا يلـزم مـن إجـراءات وسياسـات احترازيـة للوقايـة مـن التبعـات الناجمـة عـن ديناميـات الجغرافيـا السياسـية والاقتصادية العالمية.

مقالات مشابهة

  • صدور عدد جديد من مجلة العين الساهرة وملحق الشرطي الصغير
  • "منتدى الأعمال العماني الصيني" يستعرض الفرص الاستثمارية وتعزيز التعاون المشترك
  • “المقاولون العرب” في المركز الـ91 ضمن أكبر شركات العالم
  • عدد جديد من مجلة العين الساهرة
  • كيف انتهى الحكم العماني في شرق أفريقيا؟ كتاب يجيب (1من2)
  • كيف انتهى الحكم العماني في شرق إفريقيا؟ كتاب يجيب (1 من2)
  • ”العريس العماني والفتاة اليمنية: ستار الزواج يخفي شبكة لبيع النساء!”
  • مجلة القافلة تحتفي بحضور الإبل الثقافي في حمى نجران
  • الشاعر العماني " زاهر الغافري " يرقد في أحد مستشفيات مالمو السويدية
  • لماذا يبقى الدولار الأمريكي الخيار الأمثل لربطه بالريال العماني؟