ما الفرق بين الهدية والرشوة؟ السر في هذا الأمر
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (سائل يقول: ورد في الشرع الشريف ما يدل على التهادي بين الناس وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل الهدية، ويصعبُ على البعض التفرقة بين الهدية وغيرها؛ كالهبة والرشوة. فنرجو منكم بيان مفهوم الهدية والفرق بينها وبين الهبة والرشوة؟
. القانون يجيب
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إن الهدايا، والصدقات، والتبرعات، وكل ما يُملَّك من غير عِوضٍ؛ هي من العطايا التي حبب فيها الشرع الشريف ودعا إلى فعلها كوجهٍ من وجوه البرِّ ومظهرٍ من مظاهر الخير؛ لِمَا فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عُرى المحبة، وسد الحاجات؛ قال تعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾ [البقرة: 177]، وقال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].
وقال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى بالآثار" (8/ 125، ط. دار الفكر): [ووجدنا كلَّ معروفٍ وإن كان يَقَعُ عليه اسمُ صدقةٍ فله اسمٌ آخرُ يخصُّه؛ كالقرْضِ، وَالْهِبَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَالْحَمَالَةِ، وَالضِّيَافَةِ، وَالْمِنْحَةِ، وسائرِ أَسماءِ وجوه البِرِّ] اهـ.
وكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يقبل الهدية ويدعو لقبولها، ويُثيب عليها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ» رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، وبوَّب عليه بقوله: (باب القليل من الهبة).
وتُعرف الهديَّة في الاصطلاح بأنها: المال الذي أُتحِفَ به وأُهْدِيَ لأحدٍ إكرامًا له.
والفرق بينها وبين الهبة: أن كلًّا منهما: تمليكٌ في الحياة بلا عوض، غير أن الهبة يلزم فيها القبول عند أكثر الفقهاء، ولا يلزم ذلك في الهدية.
قال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (17/ 397، ط. دار الغرب الإسلامي): [الفرق في المعنى بين الصدقة والهدية: أن الصدقة هي: ما يَقصِد بها المتصدِّقُ الإحسانَ إلى المتصدَّق عليه والتفضل عليه، والهدية هي: ما يَقصِدُ بها المهدي إكرامَ المُهدَى إليه وإتحافَه بالهدية لكرامته عليه ومنزلته عنده؛ إرادةَ التقرب منه، فالمتصدِّق يتفضل على المتصدَّق عليه، وليس المهدِي يتفضل على المُهدَى إليه، وإنما المُهدَى له هو المتفضِّل على المُهدِي في قبول الهدية] اهـ.
وقال العلامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (3/ 12، ط. دار المعارف): [والمراد بالهبة: ما يشمل الصدقة والهدية مِن كل ما لا يُنتظَرُ فيه مُعاوَضةٌ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "الروضة" (5/ 364، ط. المكتب الإسلامي): [التمليك المحض ثلاثة أنواع: الهبة، والهدية، وصدقة التطوع، وسبيلُ ضبطها أن نقول: التمليك لا بعوض "هبة". فإن انضم إليه حملُ الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب له؛ إعظامًا له أو إكرامًا: فهو "هدية". وإن انضم إليه كونُ التمليك للمحتاج تقربًا إلى الله تعالى وطلبًا لثواب الآخرة: فهو "صدقة". فامتياز الهدية عن الهبة: بالنقل والحمل من موضع إلى موضع.. فحصل من هذا: أن هذه الأنواع تفترق بالعموم والخصوص؛ فكلُّ هديةٍ وصدقةٍ هبةٌ، ولا تنعكس] اهـ.
وقال العلَّامة ابن الرِّفْعة الشافعي في "كفاية النبيه" (12/ 87، ط. دار الكتب العلمية): [الهبة، والهدية، وصدقة التطوع: أنواع من البر، يجمعها: تمليك العين من غير عوض، فإن تمحض فيها طلب الثواب من الله تعالى بإعطاء محتاج فهي صدقة، وإن حملت إلى مكان المهدي إليه؛ إعظامًا له وإكرامًا وتوددًا فهي هدية، وإلا فهبة] اهـ.
كما فرَّق العلماء بين الرشوة والهدية: بأن الرشوة ما أُخِذَتْ طلبًا، والهدية ما بُذِلَتْ عفوًا؛ كما قال الإمام الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص: 198، ط. دار الحديث).
وفي "الفتاوى الهندية" (3/ 330، ط. دار الفكر): [الهدية: مال يعطيه ولا يكون معه شرط، والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه؛ كذا في "خزانة المفتين"] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الشرع الهدية الرشوة
إقرأ أيضاً:
خفير كلمة السر.. كواليس سرقة فيلا بمنشأة القناطر
كشفت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة ملابسات سرقة خفير لفيلا كان يعمل بها سابقا بمنطقة منشأة القناطر عقب القاء القبض عليه.
تلقى ضباط مباحث مركز شرطة منشأة القناطر بمديرية أمن الجيزة بلاغًا من صاحب مصنع يفيد بسرقة الفيلا ملكه الكائنة بدائرة المركز، وبالانتقال والفحص وتفريغ الكاميرات تبين أن وراء ارتكاب الواقعة خفير سابق وبعد تقنين الإجراءات واستصدار أذن مسبق من النيابة العامة أمكن ضبط المتهم.
وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.