لجريدة عمان:
2024-09-19@13:37:14 GMT

نوافذ :حياة قصيرة

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

ashuily.com

نسمع هذه العبارة كثيرًا ويكاد تتكرر في كل يوم من أيام حياتنا، لكننا لا نعي ما تعنيه هذه الكلمة من معنى عميق في جوفها، فكلما سمعنا عن فقدان شخص أو إصابته بمكروه أو تنكرت له الدنيا وأدارت له وجهها الآخر نقول إن الحياة قصيرة ولا شيء فيها يرقى أن يضيع الإنسان وقته فيها إلا ما يجلب له السعادة والهناء وراحة البال ومحبة الناس، لكن ما إن نعود إلى طبيعتنا البشرية حتى ننسى أن الحياة هي قصيرة بالفعل ونعود إلى الدائرة ذاتها في البحث عن الشقاء وصراع الآخرين والبحث عما يعكر الحياة لا ما يصفيها حتى تأتي لحظة حزن أخرى فنعود لاجترار الموال ذاته إن الحياة قصيرة.

ما دمنا موقنين أن الحياة قصيرة فكيف يمكن أن نقضي هذه الحياة في شيء مفيد لنا وللمحيطين بنا وللإنسانية -إن فكرنا في إسعادها- وكيف يمكن أن نستغل كل دقيقة وهبنا الله إياها في هذه الحياة كي نحولها إلى ساعات فرح وسعادة وبهجة بدل قضائها في الحروب والصراعات والمشاكل والبحث عما يتعب الذات ويشقيها.

قبل كل شيء أود أن أوضح أن حيواتنا كلها تتشابه وتتقاطع مع بعضنا البعض نحن البشر منذ بدء الخليقة وحتى نهاية الكون فمسارات الحياة للإنسان غالبا ما يتكرر مسلسلها مع كل البشر في كل الأزمان والأحقاب مع بعض الاختلافات البسيطة بين إنسان الغاب وإنسان الذكاء الاصطناعي، فالإنسان البدائي الأول إنسان الكهوف كانت لديه أسبابه للفرح وأيضا أسبابه للحزن والشكوى، فرغم حياة الإنسان الحجري البسيطة التي لا تتعدى الحصول على غذائه من صيد الحيوانات والضباع المحيطة به وتعمير كهفه الصغير وتوفير لقمة العيش له ولأبنائه الصغار إلا أنه كانت لديه مشاكله الصغيرة والكبيرة، وفي ظني أنه كان يردد الكلمة ذاتها أن الحياة قصيرة، ولا يجب أن يكدر الإنسان خاطره ويبحث عن مشاكل مع زوجته أو أولاده وجيرانه وقبيلته، ورغم تلك القناعة إلا أن الإنسان ساكن الكهف كان يفتعل المشكلات مع عائلته ويشن الغارات على جيرانه ويدخل في حروب مع أصحاب الكهوف الأخرى ويتعارك مع البيئة المحيطة به ويفرح ويحزن حتى تمضي به الحياة إلى سنتها ويرديه الموت قرب الكهف الذي كان يسكنه وهو لا يزال يردد إن الحياة قصيرة، والإنسان الحديث إنسان العلوم والحضارة والمستقبل وأشكال الرفاهية المتعددة والنعم الوافرة يردد أيضا الكلمة ذاتها إن الحياة قصيرة، ولا داعي لأن يكدر الإنسان ذاته أو ذوات الآخرين وأن يفتعل الحروب والمشاكل والضغائن والصغائر من الذنوب الدنيوية والكبائر من الذنوب الأخروية لكنه في نهاية يومه هو يفتعل ذات المشاكل التي كان جده إنسان الكهف يفتعلها فلديه مشاكل وخصومات مع زوجته وأولاده وعائلته وجيرانه وقبيلته والمجتمع من حوله والعالم القريب والبعيد مع إضافة أطنان من تلك المشاكل التي طورها الإنسان الحديث كي تتلاءم مع العصر الحديث الذي يعيشه.

يبقى كيف يمكن أن نقضي هذه الحياة القصيرة فيما يبهج، ونبتعد عما يكدر، وكيف يمكن أن نحقق الفرح والسعادة ونسر الحزن والتعاسة وكيف يمكن أن نبقى متوازنين بين حزن مؤقت وسعادة شبه دائمة وهل من سبل وطرق للوصول إلى هذا الطريق؟

ما يمكنني قوله من أنه لا يوجد طريق يفضي إلى تلك النهايات السعيدة ولا وجود لوصفة سحرية يمكن أن يتجرعها المرء تصل به إلى آفاق السعادة حتى التعاليم الملتحفة بلحاف ديني وعقدي وبعض الدعوات المغلفة بغلاف علمي منهجي، وسير الصالحين السعداء لا يمكنها أن تمنح سعادة مطلقة وفرحا دائما، فالحياة مركبة بطبيعتها على المتناقضات مجتمعة بين الفرح والحزن والسعادة والشقاء والخير والشر والحرب والسلم والصفاء والغشاوة، فهذه من سنن الله تسري على كل بني البشر باختلاف أزمانهم وألوانهم وأعراقهم ولغاتهم وباختلاف كل شيء فيهم، لكنها قد تخفت في زمن وتبين في زمن آخر، لكن ما قد يحدث الفارق هنا هو الإنسان ذاته وما يحمله في داخله من وعي يمكنه أن يحدد فيه بين ما يمكن أن يمنحه سعادة وآخر يفضي به للحزن أين تكمن سعادته وأين هي منطقة شقائه، وكما قرأت مرة أن الإنسان يمكنه أن يتعلم كيف يكون سعيدا، فالسعادة كما قال الكاتب بحاجة إلى أن نتعلمها، فهي ليست هبة أو عطية من عطايا الرب تأتي منحة أو هبة بل هي عملية طويلة شاقة تتطلب الكثير من المراس والمداومة حتى يصل الإنسان إلى ما ينشده من سعادة.

قد تكون الحياة قصيرة ولكن الأهم من قصرها وطولها هو كيف نقضي أيامها في بهجة وسعادة ونبتعد عن آلامها وتعاستها وهذا ما لم يتحقق لكثير من البشر السابقين واللاحقين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

محمد عزت القاضي: بداية مبادرة رئاسية جديدة تستهدف حياة كريمة للمصريين

قال النائب محمد عزت القاضي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن إطلاق المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، والتي شهد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء إطلاقها خلال احتفالية إطلاق المبادرة في العاصمة الإدارية الجديدة، تستهدف حياة كريمة لجميع المصريين.

محافظ الإسكندرية يشهد تدشين مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى تدشين فعاليات المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان" بالشرقية

وأكد القاضي، أن هذه المبادرة الرئاسية تستهدف تحقيق خارطة الطريق الوطنية والتي من أهمها بناء الإنسان المصري، مؤكد أن هذه المبادرة الرئاسية تأتي في إطار الاهتمام بناء الإنسان المصري وفى ضوء توجيهات رئيس الجمهورية، بهدف الاستثمار في رأس المال البشرى من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية.

وأوضح النائب محمد عزت القاضى، أن المبادرة تعمل على تحسين جودة الحياة لجميع المواطنين في مختلف أنحاء الجمهورية ومن أهم مستهدفات المبادرة، وذلك من خلال تقديم الخدمات الحكومية في مجالات: التعليم، والصحة، والثقافة، والرياضة، والتوظيف، بطريقة تكاملية بين مختلف الجهات المشاركة، وهو ما يأتي اتساقاً مع ما التزمت به الحكومة في برنامج عملها للفترة 2024 – 2027 وللمرة الأولى يأتي تفعيل التكامل التام بين الجهات، من حيث نوع الخدمة وتوقيت تقديمها، ومكان تقديمها الجغرافي، وذلك بما يضمن جودة الخدمة المقدمة للمواطن، وكذا تحقيق عدالة التوزيع، مما ينعكس على مؤشرات التنمية البشرية المتعارف عليها عالميا.

مقالات مشابهة

  • النائب زكي عباس: مبادرة بداية جديدة تستهدف تحسين جودة حياة المواطن
  • خسوف القمر 2024:تأثير خسوف القمر على حياة الإنسان والعلم
  • «خارجية النواب»: «بداية» مبادرة رئاسية جديدة تستهدف حياة كريمة للمصريين
  • أحمد صبور: مبادرة "بداية" خطوة مهمة لتعزيز جودة الحياة
  • محمد عزت القاضي: بداية مبادرة رئاسية جديدة تستهدف حياة كريمة للمصريين
  • متحدث وزارة الصحة: مبادرة «بداية جديدة» تشمل كل جوانب الحياة
  • عضو بـ«الشيوخ»: «بداية جديدة» تستهدف تحسين جودة حياة المواطنين
  • وزير الصحة: نقسم حياة الإنسان إلى مراحل.. ونهتم بصحة الأم والجنين
  • عبدالغفار: نقسم حياة الإنسان إلى مراحل.. ونهتم بصحة الأم والجنين
  • أدعية الصبر: مفهومه وأهميته في حياة المسلم