ashuily.com
نسمع هذه العبارة كثيرًا ويكاد تتكرر في كل يوم من أيام حياتنا، لكننا لا نعي ما تعنيه هذه الكلمة من معنى عميق في جوفها، فكلما سمعنا عن فقدان شخص أو إصابته بمكروه أو تنكرت له الدنيا وأدارت له وجهها الآخر نقول إن الحياة قصيرة ولا شيء فيها يرقى أن يضيع الإنسان وقته فيها إلا ما يجلب له السعادة والهناء وراحة البال ومحبة الناس، لكن ما إن نعود إلى طبيعتنا البشرية حتى ننسى أن الحياة هي قصيرة بالفعل ونعود إلى الدائرة ذاتها في البحث عن الشقاء وصراع الآخرين والبحث عما يعكر الحياة لا ما يصفيها حتى تأتي لحظة حزن أخرى فنعود لاجترار الموال ذاته إن الحياة قصيرة.
ما دمنا موقنين أن الحياة قصيرة فكيف يمكن أن نقضي هذه الحياة في شيء مفيد لنا وللمحيطين بنا وللإنسانية -إن فكرنا في إسعادها- وكيف يمكن أن نستغل كل دقيقة وهبنا الله إياها في هذه الحياة كي نحولها إلى ساعات فرح وسعادة وبهجة بدل قضائها في الحروب والصراعات والمشاكل والبحث عما يتعب الذات ويشقيها.
قبل كل شيء أود أن أوضح أن حيواتنا كلها تتشابه وتتقاطع مع بعضنا البعض نحن البشر منذ بدء الخليقة وحتى نهاية الكون فمسارات الحياة للإنسان غالبا ما يتكرر مسلسلها مع كل البشر في كل الأزمان والأحقاب مع بعض الاختلافات البسيطة بين إنسان الغاب وإنسان الذكاء الاصطناعي، فالإنسان البدائي الأول إنسان الكهوف كانت لديه أسبابه للفرح وأيضا أسبابه للحزن والشكوى، فرغم حياة الإنسان الحجري البسيطة التي لا تتعدى الحصول على غذائه من صيد الحيوانات والضباع المحيطة به وتعمير كهفه الصغير وتوفير لقمة العيش له ولأبنائه الصغار إلا أنه كانت لديه مشاكله الصغيرة والكبيرة، وفي ظني أنه كان يردد الكلمة ذاتها أن الحياة قصيرة، ولا يجب أن يكدر الإنسان خاطره ويبحث عن مشاكل مع زوجته أو أولاده وجيرانه وقبيلته، ورغم تلك القناعة إلا أن الإنسان ساكن الكهف كان يفتعل المشكلات مع عائلته ويشن الغارات على جيرانه ويدخل في حروب مع أصحاب الكهوف الأخرى ويتعارك مع البيئة المحيطة به ويفرح ويحزن حتى تمضي به الحياة إلى سنتها ويرديه الموت قرب الكهف الذي كان يسكنه وهو لا يزال يردد إن الحياة قصيرة، والإنسان الحديث إنسان العلوم والحضارة والمستقبل وأشكال الرفاهية المتعددة والنعم الوافرة يردد أيضا الكلمة ذاتها إن الحياة قصيرة، ولا داعي لأن يكدر الإنسان ذاته أو ذوات الآخرين وأن يفتعل الحروب والمشاكل والضغائن والصغائر من الذنوب الدنيوية والكبائر من الذنوب الأخروية لكنه في نهاية يومه هو يفتعل ذات المشاكل التي كان جده إنسان الكهف يفتعلها فلديه مشاكل وخصومات مع زوجته وأولاده وعائلته وجيرانه وقبيلته والمجتمع من حوله والعالم القريب والبعيد مع إضافة أطنان من تلك المشاكل التي طورها الإنسان الحديث كي تتلاءم مع العصر الحديث الذي يعيشه.
يبقى كيف يمكن أن نقضي هذه الحياة القصيرة فيما يبهج، ونبتعد عما يكدر، وكيف يمكن أن نحقق الفرح والسعادة ونسر الحزن والتعاسة وكيف يمكن أن نبقى متوازنين بين حزن مؤقت وسعادة شبه دائمة وهل من سبل وطرق للوصول إلى هذا الطريق؟
ما يمكنني قوله من أنه لا يوجد طريق يفضي إلى تلك النهايات السعيدة ولا وجود لوصفة سحرية يمكن أن يتجرعها المرء تصل به إلى آفاق السعادة حتى التعاليم الملتحفة بلحاف ديني وعقدي وبعض الدعوات المغلفة بغلاف علمي منهجي، وسير الصالحين السعداء لا يمكنها أن تمنح سعادة مطلقة وفرحا دائما، فالحياة مركبة بطبيعتها على المتناقضات مجتمعة بين الفرح والحزن والسعادة والشقاء والخير والشر والحرب والسلم والصفاء والغشاوة، فهذه من سنن الله تسري على كل بني البشر باختلاف أزمانهم وألوانهم وأعراقهم ولغاتهم وباختلاف كل شيء فيهم، لكنها قد تخفت في زمن وتبين في زمن آخر، لكن ما قد يحدث الفارق هنا هو الإنسان ذاته وما يحمله في داخله من وعي يمكنه أن يحدد فيه بين ما يمكن أن يمنحه سعادة وآخر يفضي به للحزن أين تكمن سعادته وأين هي منطقة شقائه، وكما قرأت مرة أن الإنسان يمكنه أن يتعلم كيف يكون سعيدا، فالسعادة كما قال الكاتب بحاجة إلى أن نتعلمها، فهي ليست هبة أو عطية من عطايا الرب تأتي منحة أو هبة بل هي عملية طويلة شاقة تتطلب الكثير من المراس والمداومة حتى يصل الإنسان إلى ما ينشده من سعادة.
قد تكون الحياة قصيرة ولكن الأهم من قصرها وطولها هو كيف نقضي أيامها في بهجة وسعادة ونبتعد عن آلامها وتعاستها وهذا ما لم يتحقق لكثير من البشر السابقين واللاحقين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
حسني بي: الدينار الليبي لا يمكن أن يكون أقل من 5.5 للدولار
حسني بي: سعر السوق هو السعر الحقيقي للدينار الليبي رؤية حول سعر الدينارقال رجل الأعمال الليبي حسني بي، إن السعر الحقيقي للدينار الليبي هو سعر السوق، مؤكداً أن جميع الأسعار الأخرى تمثل مؤشرات أو معطيات يرتكز عليها السوق. وصرّح خلال مداخلة عبر برنامج “حوارية الليلة” الذي يذاع على قناة “ليبيا الأحرار“، أن الميزانية العامة للدولة تُمول بنسبة 93% من الدولارات، مما يجعل السعر السوقي هو المحدد الأساسي لقيمة الدينار.
تحليل اقتصادي شاملوأوضح حسني بي أن الدينار الليبي، وفقاً للسعر الحالي في السوق، لا يمكن أن يكون أقل من 5.5 دينار للدولار، مضيفاً أن العملة سواء بالدينار أو الدولار هي سلعة يحكمها توازن العرض والطلب. وتطرق إلى وجود طلب كبير على الدولار خلال الشهر الأخير، مشيراً إلى أن المركزي الليبي كلما فرض قيوداً على السوق، زادت فرص المضاربة، مما يؤدي إلى ارتفاع الفارق بين السعر الرسمي والموازي.
دور المصرف المركزيوانتقد حسني بي سياسات مصرف ليبيا المركزي، قائلاً إنه يجب أن يكون قريباً من سعر السوق لتجنب المضاربة. كما أكد أن المصرف يجب أن يركز على دوره كمصرف وليس كوزارة خزانة، داعياً إلى تقليل القيود المالية لتحقيق استقرار نقدي مستدام.
نظرة على الاقتصاد الكليورأى أن الاقتصاد الليبي يشمل جميع القطاعات، بما في ذلك القطاع الأجنبي، متسائلاً عن دور العمالة الأجنبية التي تنتج داخل ليبيا. وأشار إلى أن الفارق بين السعر الرسمي والسوق الموازي يؤدي إلى تحميل الشعب الليبي الأعباء، سواء من خلال الضرائب المباشرة أو غير المباشرة.