أدرك العاملون في مجال التسويق، قبل أن يظهر علماء متخصصون بفنونه، أن نجاحهم ليس بيد جهة إنما بيد أفراد. بدأ العمل بهذه الأفكار في ستينيات القرن الماضي، بعد الكساد الكبير، حين أصبح هناك منتجات بلا مشترين يمكن الاعتماد عليهم في تصريفها. لم يكن يملك الناس مالًا كثيرًا، وبالتالي أصبح عليهم أن يختاروا أشياء قليلة مهمة لهم لشترونها بما يتناسب المال القليل.
ظهر هنا ما أطلق عليه أسطورة التسويق فيليب كوتلر بعد ذلك بفترة "المستهلك الرشيد". هذا المستهلك يملك قدرة لا يمكن الاستهانة بها في تحليل السوق وحركته، تمامًا كما يملك القدرة على التعرف على احتياجاته بشكل عاقل. بل إن هذا المستهلك يستطيع أن يرسم خططًا مستقبلية قصيرة المدى للسوق تعطيع مع الوقت ثقة كبيرة بنفسه. ربما ترون ذلك في خطاب الإعلانات التجارية الموجه للمستهلك.
كانت الإعلانات التجارية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي في حالة رواج شديد، وحالة عرض لمبالغات كبيرة. عليك فقط أن تخبر المستهلك أن هذا المنتج سيحول حياته إلى جنة وسيجعله الأجمل والأكثر صحة. أشياء تشبه الحلم. مع الوقت بدأت الإعلانات تقل كمًا وتتغير كيفًا. إذ أصبح عليك أن تستخدم شخصيات تشبه المستهلكين وليست شخصيات فوق المستوى العادى للمستهلكين المستهدفين. إننا نستخدم مصطلح "هدف" في التسويق للإشارة للمستهلك المستهدف بالتسويق. وكأننا سنطلق أسهمنا ورصاصاتنا لنصيب الهدف بأكبر دقة ممكنة. وهنا يتغير الأمر كثيرًا.
مع الوقت يتحول الهدف إلى هدف رشيد، يعلم أكثر مما يجعل إقناعه سهلًا. يناقش كثيرًا، يقارن بينك وبين غيرك بسهولة وربما في ذات اللحظة وفي أماكن مختلفة من العالم. مستهلك يصل به الحال أحيانًا لاستهدافك إذا كان يملك البضاعة التي تشبه بضاعتك. فهو الآن يملك معلومات يمكنه أن يحولها إلى قواعد بيانات تحتاجها أنت، فكيف تتعامل مع هذا المستهلك الخارق للعادة؟. كيف تطلق عليه الرصاص؟
شاهدنا خلال الأحداث الأخيرة في العالم الانتشار الكبير للمعلومات من أفراد عاديين بشكل يوازي انتشارها من جهات إعلامية مهنية. يختلف الأمر كثيرًا عن انتشار المعلومات من باباريتزي التسعينيات. كانوا مجموعة من المصورين يسعون لالتقاط صورة مميرزة أو مثيرة للجدل ويبيعونها لجهة نشر التي تدفع أكثر. لكننا اليوم نتحدث عن أشخاص ينتجون ويبيعون، بل وحتى يستهدفون أهدافهم الخاصة دون غيرها. أصبح هناك مجموعات أتاحتها مواقع التواصل الاجتماعي بل وحتى قوائم البريد الإلكتروني الجاهزة وفق الاهتمامات المحتلفة. كل هذا يتيح للمستهلك الرشيد أن يستهدفك حتى تتعامل معه وفق شروطه. فهو لا يهدف لأن يحل محلك، بل إنه يهدف حتى دون دراية وقصد منه إلى تحريكك كما يريد. بدليل أن كثير منهم يختفي فجأة عن المشهد بعد أن يصيب هدفه الشخصي، وهو أمر ليس بالجيد في بعض الأحوال، إذ أن سقوط جزء كامل من مشهد ما فجأة يجعل العودة للتوازن أمرًا ليس باليسير أحيانًا. حقًا أصبحنا بحاجة للمزيد في التفكير في "على من نطلق الرصاص؟" ورحم الله المخرج الكبير كمال الشيخ.
د. نهله الحوراني: أستاذة الإعلام - كلية الآداب جامعة المنصورة
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مجال التسويق الإعلانات التجارية التسويق کثیر ا
إقرأ أيضاً:
حماية المستهلك: شكاوى من رفع التعرفة الشهرية على الخطوط الخلوية
#سواليف
تلقت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك شكاوى من المواطنيين تتعلق بقيام احدى شركات الاتصالات الخلوية برفع الاشتراكات الشهرية على مشتركيها بدون وجه حق أو بدون مبررات لهذا الرفع حيث اثبحت سياسة الرفع من قبل هذه الشركات امرا مكررا.
وقال الدكتور محمد عبيدات رئيس الجمعية في بيان صحفي اليوم أن شركات الاتصالات اعتادت أن تقوم برفع الاشتراكات على المواطنين دون حسب او رقيب نتيجة لخلل واضح في الشتريعات والقوانين التي سمحت لهذه الشركات أن تفرض شروطها على المشتركين من خلال عقود الاذعان على يتم التوقيع عليها من قبل المواطنين.
واضاف الدكتور عبيدات ان الاتصالات الخلوية والانترنت لم تعد من السلع أو من الخدمات الكمالية التي يمكن الاستغناء عنها بل اصبحت الان من ضروريات الحياه، فالانترنت في الوقت الحالي بات عصب وشريان التواصل ما بين افراد وشرائح المجتمع فالانترنت اصبح جزءا اساسيا من عملية التعليم فالجامعات والمدارس تقوم باعطاء بعض الحصص والمحاضرات عن طريق (on line ) وبالتالي لا بد ان يتوفر الانتر نت في كل بيت وايضا الشركات والمؤسسات وغيرها اصبح الاتصالات وبرامج والتطبيقات وسيلة تواصل فيما بينها من اجل اختصار الوقت والجهد.
مقالات ذات صلة الاحتلال يرتكب 3 مجازر وحصيلة الشهداء ترتفع الى 45059 شهيدا 2024/12/17وابدى الدكتور محمد عبيدات تخوفه من قيام الشركات الاخرى بزيادة الاشتراكات على المواطنين اسوة بهذه الشركة على مراحل زمنية مختلفة حتى لا يتم تصنيفها باحتكار القلة.
وطالب الدكتور محمد عبيدات الجهات الرسمية وقف تغول هذه الشركات على المواطنين وذلك من خلال مراجعة التشريعات والقوانين التي تسمح لهذه الشركات بان تمارس تغولها بفرض عقود الاذعان على مشتركيها وبالتالي تغيير التعرفة الشهرية على المواطنين دون وجه حق متى شاءت.
كما طالب الدكتور عبيدات الجهات الرسمية ذات العلاقة عدم السماح لهذه الشركات بفرض مدة زمنية طويلة (سنتين) عن توقيع العقود خاصة وان بعض الخدمات المكتوبة في العقود لا يتم تطبيقها على ارض الواقع.
ودعا الدكتور عبيدات المواطنين الى التريث وعدم التسرع قبل توقيع العقود مع هذه الشركات وقراءة الشروط بشكل جيد والاستفسار عن اية شروط غير واضحة بالرغم من ان هذه العقود هي في الغالب عقود اذعان ولكن يمكن للمواطنين الانتباه والابلاغ عن هذه الشروط للجهات الرسمية ذات العلاقة حتى يتم النظر فيها والغاءها من العقود.