جلسة نقدية تقرأ في رواية «زوابع المدرسة»
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
استمرارًا لدوره الفاعل في دعم الكاتبة العمانية أقام صالون فاطمة العليانية الأدبي مساء أمس جلسة نقدية افتراضية بعنوان «قراءة في رواية زوابع المدرسة» للكاتبة شيخة الصوافية من محافظة البريمي، شارك في الجلسة نخبة من أساتذة جامعة السلطان قابوس، وبدأت الجلسة بورقة بعنوان «الشخصية القصصية في زوابع المدرسة» قدّمها الدكتور خالد الكندي المدقق اللغوي والأدبي للعمل السردي، تطرّق من خلال مداخلته إلى دلالات الشخصية ومرجعياتها الثقافية والاجتماعية والدينية اللغوية، وتناول الرسائل التبليغية التي بثتها الكاتبة في عملها السردي ومنها اللغوية والاجتماعية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الكاتبة ليزا خضر: الكتابة عندي حالة دفق، ولم أفكر يوما بالجائزة، وكانت رغبتي بأن تُنشر الرواية
القصيدة النثرية متحررة من أغلب القيود الشعرية وفيها مساحة أكبر للإبداع
منذ صغري متهمة بمناصرة المرأة بكل قضاياها بصوت عالٍ وأرفض ما يصيبها من ضيم.. وسأبقى أعطيها جرعة القوة
لست مع مصطلح أدب أنثوي وأدب ذكوري.. وتفرغ الرجل يجعله أكثر إنتاجية من المرأة في أي مجال
الأدب صوت من يعاني وواجب الأديب توثيق ما يحصل بكل جرأة وكتابة تاريخ اللحظات التي تصرخ بصدق
ليزا خضر صوت أدبي أرتفع عالياً مع أول هور خارجي ومع أرفع الجوائز العربية "كتارا" التي دونت أسمها على قوائم الفائزين فيها هذا العام عبر الروايات غير المنشورة.
ليزا القادمة من بحور الشعر، ترفع أشرعتها، تمضي بثقة نحو شواطئ الرواية التي تريد أن تحتوي عوالمها الواسعة، فاضت قريحتها النثرية بكثير مما يعتلج في صدرها وباحت به عبر ما قدمت من دواوين.
كتبت مذ كانت صغيرة، ونمت معها حروف الإبداع، ولكنها تجاوزت الشعر فأتجهت حيث الرواية، وبعد روايتها الأولى "طفح أنثوي"، كتبت "حائط الفضيحة" لتنحاز حيث قضايا المرأة ومعاناتها في وطن عانت فيه المرأة كثيرا بسبب ويلات الحرب.
صحيفة "عُمان" حاورت الأديبة ليزا خضر عقب فوزها بجائزة "كتارا" لتتحدث عن تجربتها الأدبية..
* بداية ماذا تقولين عن فوز روايتك "حائط الفضيحة" بجائزة كتارا هذا العام، هل كنت تتوقعين ذلك وكيف تلقيت نبأ الفوز..؟
عندما يبذل الكاتب كل جهده وفنّيته وموهبته كي ينجز رواية سكب فيها جزءاً من روحه فهذا يجعله مؤمناً باستحقاقها أولاً، وعندما يكون هذا الاستحقاق مقدراً بالعلن في جائزة مثل كتارا فهي فرحة لا يمكن وصفها بأي كلام.
ولأكون صريحة فبعد صدور نتائج القائمة القصيرة للفائزين لا أعرف من أين جاءتني الثقة فجأة بأني سأفوز، لأني كما ذكرت فقد بذلت الجهد وآمنت باستحقاق الرواية. لكن لحظة تلقيت فيها إعلان الفوز لا تخلو من غصة ظلت ترافقني أكثر من أسبوع و تلك الغصة خرّبت من اكتمال فرحتي، تلقيت التهاني عن بعد ممن كانوا في حفل "كتارا" لإعلان النتائج وبدأ الكل يتساءل عن سبب غيابي عن الحضور، بعض الأصدقاء الحاضرين أرسلوا لي مقاطع فيديو للحظة ذكر اسمي كفائزة واسم سوريا مرافقاً له، عيناي امتلأتا بدموع الفرح والقهر في نفس الوقت عندما بدأت أتلقى الصور التذكارية للجميع هناك والتي كنت فيها السورية الوحيدة الفائزة، والغائبة الوحيدة عنها قسراً لعدم تمكني من السفر لاستلام جائزتي بسبب تعقيدات الحصول على إجازة خارجية من عملي. هي فرصة نجاح وتألق لا تتكرر في الحياة وأحسست أني حرمت منها وهذا آلمني جداً، ومازلت أحس الغصة في قلبي حتى الآن وأحس أن فرحتي جاءت ناقصة.
* كون الرواية غير منشورة ولم يتسن لنا الاطلاع على فحواها، ماذا كتبت في "حائط الفضيحة" ما لذي أردت قوله، وعن ماذا تتحدث..؟
أنا فتاة نشأت مشاكسة في أفكارها على الدوام، كنت ألاحظ أني مختلفة دون أن أعرف أين الخطأ في اختلافي عن الآخرين، لكني بعد أن نضجت أدركت أني واقفة تماماً على الخيط الرفيع بين الواقع والخيال، وبين المنطق وظلم اللامنطق، وتحديداً في قضية المرأة، وقادتني جرأتي إلى تعلم الرفض، رفض الظلم بحقي كامرأة، رفض اللامنطق في الحياة، وبما أني صديقة القلم المخلصة استخدمته لأكتب رفضي ومنطقي ورؤيتي، وأخذت على عاتقي أن أتبنى كل قضايا المرأة، ومنذ أول كلمة كتبتها سواء في القصة أو الرواية أو قصيدة النثر فإن المرأة حاضرة بقوة فيها.
"لور" هو اسم بطلة كل الروايات التي أكتبها، ولور تمثل كل النساء، وفي كل رواية لي فإن للور مشكلة مختلفة أفردها وأعريها وأشير إلى عواقب الخطأ في معالجتها أو الحكم عليها، لور في "حائط الفضيحة" لديها مشكلة لها خصوصيتها في كل المجتمعات وهي مشكلة العاقر الداخلية والخارجية، والرواية تدل إلى مواطن الخطأ سواء في التعامل معها في مجتمعنا بالتحديد أو قراءة شخصية العاقر بشكلٍ مشوّه من قبلها أولاً ومن قبل المجتمع حولها ثانياً، والذي يودي حتماً إلى كارثة إنسانية. الرواية تتحدث أيضاً في محاورها المتداخلة عن بعض مشاهد زحف الحرب إلينا، والتغيرات التي تطرأ في هكذا ظرف، وعن الحب ومفهومه المتغير حسب الحالة أو الذهنية المضطربة أو السائدة عموماً.
* لماذا شاركت بفئة الروايات غير المنشورة تحديداً، هل كان محض صدفة، أم لأنك لم تستطيعي نشر الرواية بسبب كلف النشر ومتاعبه مع دور النشر..؟
بصراحة كانت غايتي الأولى هي نشر الرواية بسبب كلف النشر كونها بقيت لسنوات طي الأدراج بالإضافة إلى رغبتي الشديدة بأن تُقرَأ لثقتي بجدارتها، والحمد لله وفقت بالمشاركة، ولم أعيش دوامة النشر، و"ضربت عصفورين بحجر".
* يقول الروائي واسيني الأعرج في حواري معه منذ فترة، "أن هناك من يتسلل إلى الرواية وهناك شعراء يتجهون للرواية قادمين من الشعر طمعا بالجوائز" ماذا تردين على هذه المقولة..؟
لا أعتقد أن تعبير تسلل إلى الرواية هو تعبير منصف، كما لا أعتقد أن الرغبة في الجائزة يعد طمعاً، بل هو طموحٌ مشروع لأي كاتب يستحق، لكن بالنسبة لي شخصياً فإن الكتابة عندي هي حالة دفق، وعندما أدخل حالة مناسبة للشعر أكتبه أو مناسبة للرواية أكتبها، ولم أفكر في أي مرة بجائزة، وأعتقد أن هذا الأمر فاتني لأنه ليس عيباً إذا ما كنت جديرة بالتقدير من خلال جائزة تقدرني ككاتبة.
* قدمت من بحور الشعر وأنجزت فيه عدة دواوين وأبحرت في الرواية، ما لذي دفعك لهذه المغامرة الروائية، وما لذي عجزت في التعبير عنه بالشعر كي تجسدينه في الرواية..؟
التراث الشعري من قصائد عمودية وكلاسيكية وبحور الشعر هي كالمنجم بالنسبة لكل كاتب لا بد وأن ينهل من جمالها وعبقريتها الأدبية، لكني رغم ذلك ولاعتقادي بأنه آن لنا أن نتحرر من دكتاتورية القصيدة العمودية ونُدخِلَ نغماتٍ وإيقاعات جديدةً للشعر كأننا ندخل روحاً وأنفاساً خلقناها له. فأنا ألتزم في الشعر بكتابة القصيدة النثرية المتحررة من أغلب القيود الشعرية وفيها مساحة أكبر للإبداع، وعندما أجد أني بحاجة إلى مساحة حرية أكبر أكتب الرواية التي ترافقت كتابتها لدي مع القصة والنثر وقصائد النثر.
* هناك من يقول أن تجربتك الروائية لازالت في بداياتها وتحتاج أكثر لتختمر وتنضج، هل الفوز بالجائزة هو الرد، أم أن لك ردا آخر..؟هل تعني أن عدد الروايات المنشورة هو ما يقيس التجربة الروائية للكاتب؟ أم هو عمر هذه التجربة؟
عن تجربتي الشخصية في الرواية فعمرها يتجاوز 35 سنة، أي أني كتبت الرواية بعمر صغير، قرأت الأدب العالمي وقلّدته، وجربت كتابة روايات السيرة التي عشقتها، ولدي الكثير من مشاريع الروايات التي أنضجتني دون أن أنشرها، لكني وبعد أن أخذت هوايتي على محمل الجد اجتهدت كي أدخل عالم الرواية عن دراية فنية ومنهجية وقررت أن أتجه للنشر، لذا فللكل أن يحكم الآن على استحقاقي أخيراً بعد جهدٍ بذلته وكتابات كثيرة لم تنشر.
سأذكر للقراء حادثة مرت معي ولتكن رداً مني ببساطة: شاركت مرة بإحدى اللقاءات الأدبية وقرأت قصيدة نثرية لي، وبعد ختام اللقاء تقدم مني أحد الأدباء المعروفين وهو روائي وشاعر له اسمه وقال لي: أين السرد فيما كتبتِ؟ سألته: ولمَ أحتاج السرد؟ رد: السرد في روايتك مفقود. ابتسمت وقلت له: أتعتبر ما قرأتُه للتو من جنس الرواية؟ ولم أكمل: هذه قصيدة نثر مكتملة وليست رواية.
وللأسف هذا نموذج عمن يحكم عندنا على تجارب الآخرين.
* روايتك الأولى "طفح أنثوي" تتحدث عن المرأة في سياقاتها السردية، كما روايتك الفائزة، هل يمكن أن نصنف أعمالك تحت بند الرواية الأنثوية، حيث تكتبها امرأة وتتحدثين فيها عن عوالم المرأة مثلا..؟
يمكن أن أصف معظم كتاباتي ومن ضمنها الرواية بأنها تهتم بقضايا المرأة بجوهرها الأساسي وذلك من وجهة نظر مجتمع بأكمله. المرأة في كل المجتمعات وخصوصاً في الشرق تعاني من مشاكل خفية لا يملك الكل الجرأة على تناولها أو الإشارة إليها، وأنا متهمة منذ صغري بمناصرة جنسي بصوت عالٍ ولهذا سأبقى أكتب وأكتب، وسأبقى أرفض علناً في كل رواياتي اللامنطق المتحكم بحياة المرأة في بلادنا، والضعف المتوغل في نفوس معظم النساء الخانعات عسى أعطيهن جرعة تقول: انهضن من قلب كل مشكلة فأنتن قويات.
* روايتك "طفح أنثوي"، هل هو طفح ليزا الساردة، أم هو طفح كل أنثى..؟
رواية "طفح أنثوي" كانت إعادة صياغة لإحدى محاولاتي كتابة فن السيرة الذاتية الذي أحبه، وتحولت مع الوقت إلى رواية بسبب متعة التخيل التي رافقتني أثناء كتابتها. وبالتأكيد فهي تتناول طفح امرأة تعاني من مشكلة تتكرر في هذا الشرق المتخلف، وهي مشكلة المطلقة وحكم الحياة عليها وما تعانيه من تخبط بين حقها في حياة سوية وبين ضغط الأحكام المسبقة عليها، هو صراع بين أن تخنع خنوعاً كاملاً وبين أن تستمر بالنضال، وفي النهاية لا بد أن تنتصر إرادتها إن هي آمنت بما يكفي.
* هل أنت مع التقسيمات الروائية أدب ذكوري وأدب أنثوي، وهل هناك سيطرة ذكورية على الأدب..؟
أنا لست مع مصطلح أدب أنثوي وأدب ذكوري، الكاتب عموماً يكتب ما يشبهه أو بالأحرى يكتب ما تقوله دواخله أو ما تقوله أفكاره، ولا يمكننا أن نؤنث الأفكار أو نذكَر الدواخل، هي المشاعر وخلاصتها التي تشبه صاحبها إن كان أنثى أو كان رجلاً، فالأدب يكون أدباً وذا هدفٍ بغض النظر عن جنس كاتبه لذا ليس علينا أن ننظر إلى من كَتَب وإنما إلى ماذا كُتِب دون أن نقول كتبته أنثى أو كتبه ذكر. الجوهر هو ما يهم ولا داعي لنضيع في التسميات والتقسيمات.
لكن باعتقادي الشخصي فإن قدرة الرجل على التفرغ أكثر من المرأة فإن إنتاجه في أي مجال يكون أكثر، فطبيعة المرأة الحياتية ومهماتها كأم وزوجة وعاملة وهو جمع بين عدة مهمات بنفس الوقت يشتت تركيزها ويلهيها، لكن الرجل بطبيعته يركّز ويتفرغ لما بين يديه أكثر سواء أدب أو مهنة أو مهمة.
وهذا ما يجعل الرجال متفوقين أحياناً وإنتاجهم أغزر من النساء سواء كأدباء أو مهندسين أو أطباء أو أصحاب مهنة وذلك لأن تركيزهم وتفرغهم أكثر.
* عانت المرأة السورية خلال الفجيعة السورية كثيرا ودفعت ثمنا باهظا، وربما هي أكثر المتضررين، هل لامستِ هذه المعاناة في أعمالك الأدبية، وهل كان الأدب قريباً مما جرى لها ودوّن معاناتها بكل جرأة وصدق..؟
الأدب هو دائماً صوت من يعاني، بغض النظر إن كان امرأة أو رجل أو مجتمع بأكمله، كما أن الفجيعة السورية طالت الكل وصبغت التجربة الأدبية للجميع حتى آخر حرف. ودائماً على الأديب واجب توثيق ما يحصل بجرأة وكتابة تاريخ اللحظات التي تصرخ بصدق لينقذ التاريخ فيما بعد من الكذب.
طوال عمري اعتبرت نجاح أي امرأة أقابلها هو نجاحٌ يخصني، كما أي ظلمٍ يطالها فهو ظلمٌ واقعٌ عليّ، وللأسف هناك ألمٌ يطال المرأة السورية في كل ثانية كأم، كأختٍ، وكزوجة، والألم أحسّه كل ثانية أيضاً ويعنيني، وبوصفي امرأة كاتبة فكل هذا واجبٌ عليّ إخبار الدنيا عنه كما هو واجبٌ على كل الأدباء لإيصاله حتى السماء الثامنة، وبمنتهى الصدق كي تسمعه كل الآذان في كل مكان وترى كم إن الحرب قاسية.
* تكتبين الشعر المنثور، وأصدرتِ عدة دواوين فيها، وقلت أنك تريدين تطوير قصيدة النثر، ماذا أضفت لها..ولماذا النثر تحديداً ملعبك تنثرين فيه قصائدك..؟
قصيدة النثر بالنسبة لي حالة شعرية ممتعة جديدة تمتلك مقدرة على الإدهاش وإمتاع الفكر والروح، ولا تقل بجماليتها عن أي جنسٍ أدبي، بشرط أن تتخلص من الشوائب الدخيلة عليها ومن استسهال كتابتها، لكننا في الشرق كعادتنا نرفض كل جديد، وما زالت قصيدة النثر لم تحظ بالاعتراف الكامل الذي تستحقه لذا هي بالنسبة لي قضية مهمة أسعى دوماً لإظهار جمالها الكامن وفنونها الخفية وجدارتها في المحافل الأدبية. دائماً أقول هناك موسيقى داخلية لها فنون تستطيع قصيدة النثر إظهارها ببراعة كاتبها، وتحدثتُ كثيراً عن تقنية الإلقاء التي تظهر تلك الموسيقى وتحديداً في الوقفات الدلالية والتدرج الموسيقي للصوت والمترافق مع المعنى، كما وقفل القصيدة لتكون حلقة دائرية بللورية الأرضية تعكس المعاني كأنها بروق تدخل قلب المتلقي وتحدث فيه الدهشة.
*كيف للشعر أن يكون بمواجهة الألم والقهر وصراعات العالم التي لا تنتهي، ماذا بوسع الشعر أن يفعل، وكشاعرة ماذا بوسعك أن تكتبي في هذه المواجهة الصعبة..؟
بحكم عملي أقابل مختلف صنوف الناس وبكثرة، وفي فترة الحرب كنت قريبة جداً من حكاياهم وآلامهم وشكواهم، وبوصفي كاتبة فكنت أوثق كل ما أسمعه في ذخيرتي وأكتب عنهم في كل مكان لأني أحس أنه من واجبي أن أوصل آلامهم وآمالهم بكلماتي ليكون لما أكتبه جدوى في هكذا وقتٍ عصيب.
كما علينا كأدباء أن نكون جريئين في طرحنا لأي مشكلة، فالكلمة كحد السيف يمكنها أن تهدمَ أوطاناً كما يمكنها أن تقطع لسان الظلم عن البشرية. وهذا ما يجعل مسؤوليتنا أعمق في رسم المشهد الحياتي بجرأة وصدق وشفافية لنشر الوعي الذي تقدر عليه الكلمة بشكل كبير، كما ولنجعل الحياة تتنفس بين كل هذا الموت، نحن نكتب إذاً نحن صُنّاعُ حياة.
* ضمن ما يواجه الكاتب من أزمات ومنها مشكلة الطباعة والتوزيع والتكاليف ومعضلات دور النشر، كيف تعاملت معها، وما هو الحل برأيك لتجاوز هذه المشاكل..؟
هذه المشكلة بالتحديد نحتاج وقتاً طويلاً لنتجاوزها في ظل الحرب السوداء، وليس علينا حالياً إلا أن نستمر في الكتابة وفي المحاولة وفي الثقة بأن غداً أجمل.
هناك من يقول إن النشر الإلكتروني يعوض قليلاً لكني لا أؤمن بأنه يعوض فعلاً فالعلاقة بين القارئ ورائحة الورق علاقة أزلية ووثيقة، وملمس الكتاب له خصوصية، لكن ربما اضطرنا الأمر لافتقاد الأمر لفترة كي لا نغيب عن الكتاب والنشر طويلاً.
* بعد الفوز بالجائزة ليس كما قبلها، وستكون المسؤولية أكبر، والمطلوب أجود، ماذا أنت فاعلة..؟قبل الجائزة كنت أكتب وأعمل وأجتهد، وبعد الجائزة أنا أكتب وأعمل وأجتهد، لكن مع فارق مهم أني الآن أكثر ثقة بنفسي وبأن الجدارة لمن يستحق وهذا ما يجعلني أكثر أمانة على رسالة الأدب التي أعتنقها وأحرص على تحمل مسؤولية الحفاظ على المكان الذي أوصلني إليه إعلان جدارتي بجائزة.
* لاحظنا خلال السنوات الفائتة "المحنة السورية" خروج أصوات أدبية كان لها دور في المشهد الثقافي سواء داخل الوطن أو خارجه، هل كان للمعاناة السورية دور في ذلك، وكانت سببا لكي ينهل منها الأدباء قصصا تروى، أم أن الأمر مختلف، وهناك أسباب أخرى..؟حكايات الحرب كثيرة ولا شكّ أنها جعلت معظم الأفواه المغلقة تصرخ بشكلٍ أو بآخر، فمنهم من يرسم ومنهم من يداوي ومنهم من يبني ومنهم أيضاً من يكتب، نعم ما أكثر حكايات الحرب وما أكثر الأقلام التي ترويها. لكن من جانب آخر ولنكون صادقين فهناك كثير من العوامل جعلت الساحة مكتظة بالأصوات الأدبية إلى جانب الوضع الحالي للحرب داخل الوطن وخارجه ومنها سهولة الوصول من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، ومنها المجاملات غير المسؤولة من بعض المحافل والجهات والأدباء لمن هو غير جدير، ومنها الكبت الذي أتيحت له فرصة ليتنفس على العلن. الساحة الأدبية ازدحمت بسبب كل ما ذكرت وطرأت مهمة جديدة للقائمين على المشهد الأدبي وهي غربلة الصوت الأدبي الحقيقي عما سواه. وهذا أسلم لنزاهة القصة التي تروى عن الحرب أو عن غيرها في هذا الوقت الحساس.
* الشعر يحتاج للمنابر كي يصدح ويعلو صوته، والرجال كما هو متوارث هم أصحاب المنابر، كيف للمرأة أن تصدح عاليا بالشعر..؟
نعم نحن في مجتمع ذكوري منذ الأزل، الرجال فيه هم أصحاب القرار والكلمة الأخيرة شئنا أم أبينا، قاومنا أم خنعنا للأمر، لكن باعتقادي فإن مقولة أن الرجال هم أصحاب المنابر ما عادت تصلح حالياً، فقد صار للمرأة حضورها الشعري على المنابر وبشكل واضح وجميل، ومنطقية الأمور أن تأخذ المرأة دورها كمبدعة في عصر الانفتاح المجتمعي الذي وصلنا إليه والذي زاد من جرأة الجميع بمن فيهم المرأة.