ضاقت واستحكمت حلقاتها ولكنها لم تشهد أي انفراجة، هل كذب الشاعر؟ أم أن الواقع الأسطوري الذي نعيشه في حرب غزة أكبر من الخيال، القنبلة الغبية - هذا اسمها فعلًا وليس انفعالًا من الكاتب- تلك القنبلة التي تهوى من أعلى بدون تمييز فتقتل الحياة على الأرض تماما، لم نعد في حاجة لضرب المثل بالقنبلة الذرية باعتبارها أعلى مراحل الفتك في الحروب.
ما نشاهده في غزة وعلى الهواء مباشرة تجاوز أهوال النووي، ما نشاهده هو الجحيم بعينه ولا يضارعه من هول سوى أهوال يوم القيامة، موت الضمير العالمي يسمح بأكثر من ذلك، يسمح أن ينسى الطفل لعبته ويحدق في السماء وبخبرته يعرف أين كانت اتجاهات الصواريخ وأين سوف تسقط، موت الضمير العالمي يسمح للنائم في بيته أن لا يغلق بابه تحسبا للهرب فور طرقعة السقف فوق رأسه وتحسبا أيضا لانفجار مجاور له وحاجة الضحايا هناك لمن يرفع الركام عنهم، لذلك ينام الفلسطيني حذرا يغمض عين ويفتح الثانية على اتساعها، بينما صوان أذنه يعمل طوال الوقت مثل رادار يلتقط به الإشارات القادمة من بعيد.
ضاقت واستحكمت حلقاتها ولكنها لم تفرج بعد، البيانات المتضامنة مع الضحايا لا تصلح بديلا عن الشاش والقطن الطبي، البيانات المتضامنة لا تضمد جرحا ولا تصلح سدادة لفوهة بندقية آلية في يد إسرائيلي.
لا تفاؤل مع هدنة يعقبها حرب ولا رجاء في حرب مفتوحة ضبابية الأهداف، إن لم يكن هناك حل من خارج الصندوق سوف تنتهي غزة وتنتهي القضية الفلسطينية، إن لم يكن هناك حل مبدع يعيد الحقوق لأصحابها ويفرض حل الدولتين فرضا سوف تتضرر دول الجوار الفلسطيني وفي مقدمتهم مصر والأردن ولبنان، من يمسك بهذا الحل هو القابض على الجمر في فلسطين، صمود الشعب ركيزة أساسية وتحرك الساسة ضرورة، أوراق الضغط العربية لم تنزل على الطاولة بعد، لا أقول حربا عربية إسرائيلية ولكنني أشير إلى عض الأصابع من سوف يصرخ أولا.
حرب وحدة الساحات التي قالت عنها حماس في بداية الأزمة لم تكن أبدا مخرجا من هذه الدوامة، اليمن البعيد والحوثي لا يحقق تضامنا مع القضية وليس مفتاحا من مفاتيح الحل، بل لا أبالغ إذا قلت أن دخول اليمن على الخط سوف يزيد الأمر تعقيدا، وذلك لأن اللعب في منطقة باب المندب بالبحر الأحمر هو لعب في عداد عمر الحوثي، اللعب عند باب المندب ليس نزهة يعود منها اللاعب منتشيا، بل مصيبة وأول ضحاياها العرب وليست إسرائيل.
التضامن مع الشعب الفلسطيني لا يجب أن يكون مثل تضامن الدبة التي أحبت صاحبها وبينما هو نائم حامت ذبابة على وجهه وعالجتها الدبة بحجر غشيم قتل الذبابة وقتل صاحبها.
حرب وحدة الساحات من ناحية حزب الله يحتاج إلى حسابات أكثر من دقيقة، لتبقى حرب الفلسطيني داخل غزة هي الحاسمة، أيام صعبة لم نشهد مثيلا لها في أي من الحروب السابقة، وحتى هذه اللحظة مازال العقل العربي عاجزًا عن الإبداع في المواجهة، يأتي ذلك على عكس المتاح لدينا من توفر خبراء فنون إدارة الأزمات والعقول السياسية رفيعة المستوى التي تعمل منفردة دون تنسيق، لذلك أخشى أن تكون كلمة السر في الهزيمة هي غياب الإرادة عن الإنتصار.
خالد حريب: كاتب صحفى
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حرب هدنة إسرائيل الشعب الفلسطيني الحوثي العرب
إقرأ أيضاً:
بلينكن يدعو إلى بذل الجهود لإتمام اتفاق هدنة في غزة
غزة (الاتحاد)
أخبار ذات صلة الإمارات تطلق برنامجاً إغاثياً عاجلاً لدعم الفئات الهشة في غزة تحذيرات من مخاطر موجات الصقيع على النازحين في غزةدعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، إلى بذل جهود لوقف إطلاق النار في غزة في مرحلة متأخرة قبل مغادرة الرئيس جو بايدن منصبه.
جاء ذلك بعد أن قال مسؤول في حركة «حماس»، إن الحركة وافقت على قائمة تضم 34 رهينة إسرائيلية كأول مجموعة سيتم إطلاق سراحها بموجب هدنة.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي بكوريا الجنوبية، عندما سئل عما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قريباً: «نرغب بشدة في اجتياز خط النهاية في غضون الأسبوعين المقبلين، وهو الوقت المتبقي لدينا».
وقال مسؤول في «حماس»، إن الحركة وافقت على قائمة قدمتها إسرائيل تضم 34 رهينة يمكن إطلاق سراحهم في المرحلة الأولية من الهدنة.
وتضمنت القائمة التي قدمها المسؤول جنديات ومدنيين مسنين وإناثاً وقصراً.
وقال مكتب نتنياهو إن القائمة سلمتها إسرائيل للوسطاء القطريين منذ يوليو، ولم تتلق إسرائيل حتى الآن أي تأكيد أو تعليق من «حماس» بشأن ما إذا كان الرهائن المدرجون على القائمة على قيد الحياة.
وفي السياق، توجّه وفد رسمي فلسطيني، أمس، إلى القاهرة لبحث ملف إدارة قطاع غزة مع عدد من المسؤولين المصريين.
وقال مصدر مسؤول، إن الوفد سيبحث ملف لجنة إدارة قطاع غزة والملفات ذات الصلة، مشيراً إلى أن تعليمات رئيس السلطة الفلسطينية للوفد تقتضي بقبول فكرة لجنة الإسناد المجتمعي لقطاع غزة المقترحة من جانب مصر.
وتابع: «لكنه (الرئيس عباس) طلب إدخال بعض التعديلات على المقترح، بحيث تكون اللجنة جزءاً لا يتجزأ من الحكومة الفلسطينية، تعمل بموجب قوانينها وأنظمتها الإدارية والمالية».