جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-25@12:57:38 GMT

أمة سلاحها الموت

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

أمة سلاحها الموت

 

 

سليمان المجيني

tafaseel@gmail.com

 

ماذا تنتظر؟

سَبَحْنا كثيرا في هذه الحياة، سبحنا لدرجة أن قوانا أصبحت منهكة وعقولنا تزمها المحن وتتربص بها العقبات؛ فهي لا تجد معينا ولا صاحبا ولا رفيقا، كل أولئك أصبحوا تحت التراب، تخنقني العبرات، تأخذني بعيدا نحو الأفق الذي بات غامضا، ومسجًى كرفاقي بين جفنات القبور أعاني القهر والضيم.

ورغم أنْ لا سبيل للتهاون والارتخاء، إلا أنَّ غُصَّة تنهش ما تبقى من إحساسٍ وضمير نحو أمةٍ سلاحها الموت، لكن ما يجري يتواطأُ مع مجريات الأمور، الأمور العادية التي نعيشها يوما إثر يوم؛ فلا دعوة للجهاد ولا حناجر تقتفي أثره، لا نستطيع سوى ابتلاع ريقنا في كل جانحة وجائحة هي تشغلنا لفترة من الزمن ثم نرى أنفسنا محاطين بالخوف، محاصرين بكل أنواع الذل، ونحاول طمس معالمنا بالسير تحت جدران الظل.

 

طلب الحياة

أمة الموت تطلب الحياة وتقامر في زحزحة مآسيها عل موت الفلسطينيين، هل تستطيع المقاومة قلب الطاولة؟ وهل ينقلب ميزان القوى نحونا؟ لا، أقصد نحو المقاومة لأننا -بكل بساطة- لم نقاوم سوى أحزاننا، في حين هم قاوموا شيئا برجماتيًّا موجودا يحاربهم في كل التفاتة عين، وفي كل دموع أطفال غزة، وفي كل صرخة أم، ومناجاة شيخ كبير، شيء يهدد حياتهم ويشدهم للموت.

هل نستطيع الحياة بعد موتهم؟ هل نحن أحياء فعلا؟ سؤالان في غاية الغموض لا يمكن الإجابة عنهما إلا بتبلد الشعور، وتجاهل العاطفة، ووهن الإدراك، يبدو أن الإحساس تجمد عند مشاهدة الموت وقسوته، وتناسى القلب حدته وشدة وقعه على النفس؛ فخارت القوى وضعفت الأجسام حيث لا تكاد تحمل نفسها إلى صلاة راتبة ودعاء يتيم.

أشعر أنَّ السكوت جبن والاستكانة قهر، وما وراء ذلك قمعٌ وكبت، ولكن ماذا يجب أن نفعل؟ هل الموت يستحق ما تستحقه الحياة؟ وهل الموت حياة في الأساس، أم هو نوم أبدي؟ وهل سندركه قبل التنكيل بنا وخوار القوى في أماكننا، هل سنلحق به في فلسطين؟ والسؤال الأكثر إلحاحا: هل نستطيع أخذ المبادرة؟

نحن يا أصدقاء نطلب الحياة، ونحاول أن نتنمَّق في ألبستنا من الثوب الطويل إلى الأحذية وغطاء الرأس ثم الملابس الداخلية التي يجب أن تكون من النوع الفلاني حتى لا تتأثر أجسادنا؛ فلا يخدشنا ناموس الليل ولا تؤذينا ذبابة النهار، ونحرص على شراء أفضل أنواع أغطية الفراش لنغطي بها أنفسنا في الصيف الحارق تحت برودة مكيفات الهواء، والشتاء البارد تحت دفء صوفها.

 

ماذا عنكم؟

ماذا عنكم؟ لا تقولوا شيئا، لدينا كل الإحصائيات وما زلنا ننتظر الكثير حتى نشحذ هممنا؛ فهي بحاجة إلى البارود حتى تستفيق، والبارود هو رائحة الأموات، نريد هذه الرائحة أن تصل إلينا، في وقوفنا أمام المرآة نصلح بها هيئاتنا عند ذهابنا لأعمالنا، وفي كل مشوار نذهب به في سياراتنا الفارهة، وفي كل تبضُّع نشتري مواد تجميل وتنظيف لبيوتنا حتى تبرق، نحتاج أن نرى الأشلاء وهي تسد طريقنا، نحتاج أن تضيق بها حياتنا حتى نستشعر محنتكم بشكل أكثر قبولا، وفي أقوى صيغة وأعظم استساغة.

نحتاج أن تقنعونا أكثر بمأساتنا، أن تخرجوا بسالتنا التي نُكِئت، وقوتنا التي كُمدت؛ فأعداد موتاكم ما زال صغيراً، ألا تعرفون التاريخ؟ لقد قدمت الجزائر ملايين الشهداء من أجل الحرية، ولم يحرك أحدنا شنبه، ثم أصبحت "فرنسا" القاتلة ملتقى المحبين ووجهة الحالمين منا، بل هي صديقة يحاصرها الغرور وتلفّها النظرة المتعالية.

ننتظر أفولا أكبر، رائحةً للموت تعبر إلى آفاقنا للتحرك قليلا، نريد أن تكسروا كبرياءنا، تحطموا قيودنا، نريد أن نشعر أن الموت كشرب الماء، وقضم التفاح، وأن تكبحوا جماحنا، وأن تردوا عنا سيرنا خلف جدران الظل.

 

لم يبقَ سوى الموت

مضى الكثير وما بقي أجدر بالإشارة، كيف نستطيع اللحاق بالفلسطيني؟ وكيف نكفر عن يأسِنا بخلاصهم؟ نحو حريتهم المكبوتة بين جدران السجون وفوهات المدافع، كيف نموت وفي يدنا غصن زيتون لم يزرع بعد؟ إنها معادلة صعبة، ومطلب قل أن نناله نحن، إنه من حقكم أنتم فقط، كما الموت الشريف.

بَقِي أن نخجل من ذواتنا، نحن المسلمون نحب الحياة، تأكد هذا الأمر عندي؛ فبدل أن نبحث عن طرق الشهادة بحثنا بكل قوانا وثقافاتنا عن كيف نستطيع مقاطعة الماركات التي نعتقد أنها يهودية المنبت؟ حتى أثناء انتشار الموت هناك نبحث نحن عن عيشنا وحياتنا (هو غيض من فيض)، وأنا أؤمن بشيء لا يتناغم مع كثيرين، فاليهود جاءوا معنا للعيش بأمان وسلام كما يتحدث علماؤهم ومؤرخوهم، المشكلة هي أمريكا وليست هذه الدولة الصغيرة النابتة في أراضينا، أمريكا والصهاينة في إسرائيل والمعسكر الغربي هم أسباب قوتها وجبروتها، في حين لو عاشت بإمكانياتها لسوف تكون هناك نظرة أخرى.

مَضَى الكثير، ولم يبقَ سوى الموت يحرك أذنابنا كلما أوينا إلى الفراش نتذكر فلسطين، نريد أن نبادر لكنْ ثمة شيء يقمعنا، وكلما نهضنا من نومنا تذكرنا فلسطين، نبحث في هواتفنا عن خبر مفرح يدخل السرور في قلوبنا ويلطمنا بمخدر يبقى معنا طوال اليوم حتى نسمع خبرا آخر على غير ما نهوى ونريد، هكذا نعيش بهذا الهامش من الأمل نبتغي حلا لقضايانا بمزاجات لا بحلول على الأرض، ثم بدعاء لا تؤازره قوة، نفقأ عينا وندمي أذنا ونحن في بيوتنا، ونصفق لكم كثيرا، ونتوشح شالكم، نظن أن بهذا سنكون معكم، كل شيء يشدنا إلى القاع أيها الأحباء، وبقينا نمشي فوق جدار الظل.

طُعنت العروبة بخاصرتها منذ أن أرغمنا الاستعمار على اتفاقيات صاغرة مذلة نعتقد أنها انتصار لقوتنا ومطالب بعضنا، أعطي كل واحد أرضا ليحكمها حسب ما يرونه لا كما نراه، وهي لطمة أخرى مع تلك الاتفاقيات، ألا يعلمون حكمائنا أن التفرقة ضعف وأن القوة والهيبة في الاجتماع، في التآلف والتحالف؟

ولكن لا ينفعنا اللطم اليوم، علينا استنفار سلاحنا والتدرب على مجابهة مصيرنا ومواجهة هوان الأمة وخنوعها، مواجهته بكل صرامة وجِدّة في سبيل إرجاع ما تم كسره، ومراجعة التاريخ جيدا لنأخذ منه العبر، ماذا ننتظر؟ علينا أن نمضي سويا نحو جدار الشروق، جدار الشمس، نبتغي يوما عمليا ناهضا واضح المعالم، أما إذا تلقفنا ما نريد، وأمعنّا فيه جيدا فسنعترض كل معيق ونخترق المدى ونبحث عن حلم كل فلسطيني ثم كل عربي، وليحدث من ورائنا ما يحدث.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«نريد مستقبل مشرق».. مصطفى فتحي يتحدث عن مواجهة بيراميدز وأورلاندو بدوري أبطال إفريقيا

تحدث الدولي المصري مصطفى فتحي لاعب الفريق الأول لكرة القدم بنادي بيراميدز، عن المواجهة المرتقبة أمام أورلاندو بايرتس الجنوب أفريقي، في دوري أبطال أفريقيا.

ويستعد الفريق السماوي، لخوض مواجهة صعبة أمام أورلاندو بايرتس، في المباراة التي ستقام على ستاد «الدفاع الجوي»، وذلك ضمن منافسات إياب نصف نهائي المسابقة الإفريقية

وأكّد مصطفى فتحي، أن جميع لاعبي الفريق في حالة تركيز شديد قبل المواجهة المرتقبة أمام أورلاندو بيراتس الجنوب إفريقي، مشيرًا إلى أن هدف الفريق هو الفوز والتأهل إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا لأول مرة في تاريخه.

وقال مصطفى فتحي في تصريحات نشرها الحساب الرسمي للنادي عبر «فيسبوك»:«نتيجة التعادل السلبي في الذهاب سلاح ذو حدين، لكنها لا تمثل ضغطًا علينا، بل نراها إيجابية لأننا بحاجة إلى هدف واحد فقط للتأهل.. .كل اللاعبين في أتم التركيز والجاهزية لتحقيق الفوز في مباراة الغد».

وأضاف نجم بيراميدز:«الفريق يضم لاعبين أصحاب خبرات كبيرة، سبق لهم اللعب في أندية جماهيرية، ويمتلكون من النضج الفني والذهني ما يكفي للتعامل مع مثل هذه المباريات الحاسمة دون توتر».

واختتم تصريحاته مؤكدًا:«نسعى للتتويج بلقب قاري كبير، ليكون بمثابة نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقًا للنادي، ونتمنى أن نسعد الجماهير ونسجل إنجازًا تاريخيًا لبيراميدز».

موعد مباراة بيراميدز وأورلاندو بيراتس في نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا

ويقدم موقع «الأسبوع» في السطور التالية موعد مباراة بيراميدز وأورلاندو بيراتس في دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة

وتنطلق مباراة بيراميدز وأورلاندو، مساء غدًا الجمعة، في تمام الساعة التاسعة بتوقيت القاهرة، الساعة العاشرة بتوقيت مكة المكرمة، الساعة الحادية عشر بتوقيت أبو ظبي.

القنوات الناقلة لمباراة بيراميدز وأورلاندو بيراتس في نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا

وتذاع مباراة بيراميدز وأورلاندو بيراتس عبر شبكة قنوات «بي إن سبورتس» القطرية، باعتبارها الناقل الأول لمنافسات دوري أبطال إفريقيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

مقالات مشابهة

  • «نريد مستقبل مشرق».. مصطفى فتحي يتحدث عن مواجهة بيراميدز وأورلاندو بدوري أبطال إفريقيا
  • نيجيرفان بارزاني: نريد تعزيز علاقات الشراكة والتعاون بين أربيل وروما
  • سلامة استقبل نظيره العراقي: نريد من الاخوة العرب مساعدتنا
  • المصارف الإسلامية التي أعادت الاعتبار للمال.. ماذا حدث لها؟
  • الرئيس الفلسطيني: على حماس أن تتحول لحزب سياسي وتسلم سلاحها للسلطة
  • الرئيس الفلسطيني يطالب حماس بتسليم سلاحها إلى السلطة الوطنية
  • محمود عباس يطالب حماس بتسليم سلاحها إلى السلطة الوطنية الفلسطينية
  • ميلاني جورجياد ديامس مغنية فرنسية أسلمت وآثرت الحياة على الموت
  • ماذا تعرف عن عصابة تران دي أراغوا التي يهاجمها ترامب بشراسة؟
  • نائب وفدي: نريد شركات قطاع أعمال تقود قاطرة الاقتصاد الوطني لا الشركات الخاسرة