رسالة إلى "كوب 28"
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
مؤيد الزعبي
الذكاء الاصطناعي سبيلنا لحماية كوكبنا.. فلنغتنم الفرصة
هل سيُساعدنا الذكاء الاصطناعي في حماية كوكبنا من أخطار تغير المناخ؟ وفي ظل تخوف البعض من الذكاء الاصطناعي، كيف سيحمي أرواحنا في هذا الجانب؟ كثيراً ما نسأل أنفسنا هذا السؤال، والذي إجابته قد تُمثل شكل حياتنا وشكل كوكبنا في المستقبل؟ وفي هذا الطرح، سوف أستعرض معك عزيزي القارئ ما هي تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستساعدنا على حماية كوكبنا، وسوف أحاول أن أجيب عن سؤال مهم: هل الذكاء الاصطناعي سيحمينا أم سيهددنا في قادم السنوات؟
في البداية علينا أن نعترف جميعاً أننا أمام مشكلة حقيقية تتمثل بالتغير المناخي، وربما تكون هذه المشكلة ليست مشكلة جديدة على كوكبنا، لكن مع تطور قدراتنا كبشرية على الملاحظة والاستنتاج والقياسـ بات الأمر جديداً بالنسبة لنا، فارتفاع درجات الحرارة وما نشهده من تغييرات مناخية كثيرة ربما حدث فعلاً قبل آلاف السنين، ولكن لم ندون سابقاً درجات حرارة الأرض فلم نعرف بهذه التغييرات، وما هو مشاع أن مساحات كثيرة كانت خضراء تحولت لصحاري، يُمثل واحدًا من أكبر الأدلة على صحة هذه النظرية، ولكن مع كل هذا أجد أن الذكاء الاصطناعي سبيل جيد لنفهم ما مرت به الأرض منذ آلاف السنين، وهذا سيعطينا معلومات يمكننا الاستناد إليها في بناء مستقبلنا القادم.
هل فكرت يوماً أن ما نجهله عن الكواكب الأخرى وما حل بها طيلة هذه السنوات سيكون مفيداً لحماية كوكبنا؛ فالكثير من العلماء يعتقدون أن ما حل بكوكب المريخ هو نفسه ما سيحل بكوكب الأرض، ولكن السؤال الأهم: كيف نعرف ما حل بكوكب المريخ؟ وكيف نكتشفه قبل أن تحل الكارثة بكوكب الأرض؟ الإجابة المُثلى بالنسبة لي هي الذكاء الاصطناعي والروبوتات؛ فمع إرسال المزيد من الروبوتات لكوكب المريخ لدراسته وإرسال تقارير ومعلومات حوله سيكون مفيداً لبناء تصوراتنا المستقبلية، ومع وجود معلومات كثيرة ومعقدة لن يكون أمامنا سوى الذكاء الاصطناعي لتحليلها ومقارنتها واستنتاج ما نريده وما نحتاجه.
ومن بين أهم التطبيقات التي يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها حماية كوكبنا: مسألة تحسين تطبيقات الطاقة المتجددة؛ فالاستخدام الأمثل للطاقة سيقلل من فرص التلوث وسيعزز البيئة على كوكبنا، وأيضاً مسألة إدارة النفايات وإعادة التدوير، وقد لاحظنا تطوراً كبيراً في هذا الجانب خلال السنوات القليلة الماضية، وباتت إعادة التدوير أداة فعالة اقتصاديًّا وبيئيًّا، وأعتقد أن إعادة التدوير يجب أن تدخل كل بيت وليس فقط كل مؤسسة أو مصنع، والذكاء الاصطناعي والأدوات الروبوتية المتطورة ستكون حلاً لنا في هذا الجانب. وأيضاً حلول النقل المستدامة؛ فما نشهده من تطور في آليات النقل الأخضر سيعزز من كفاءة البيئة من حولنا، والذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في هذا الجانب، وأيضاً في قادم الأيام سنعتبر السيارات ذاتية القيادة روبوتات متحركة ستعمل على تقليل الحوادث وستعمل على تطبيق الاستخدام الأمثل للطاقة، وهذه التطبيقات كلها ستكون مفيدة لنا جميعاً في قادم السنوات.
أيضاً من بين التطبيقات التي أجدها مهمة: المدن الذكية وإنترنت الأشياء؛ فعندما تتصل المدن بالإنترنت سيكون بمقدورنا إنجاز الكثير من الأعمال ونحن جالسون في أماكننا، وهذا وحده سيقلل الكثير من الانبعاثات الكربونية، وأيضاً هذه التقنيات ستوفر لنا معلومات وبيانات كثيرة ستكون كنزاً لنا لمعالجة الآثار المناخية.
لقد أطلقت جامعة مُحمَّد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI) وشركة وهو نتاج تعاون (Core42)، النموذج اللغوي (Jais Climate) أول نموذج ثنائي اللغة كبير الحجم (LLM) في العالم مُخصص للبيئة والاستدامة وجميع الأمور المتعلقة بالمناخ؛ حيث سيوفر "جيس" خدماتها لصناع القرار الحكوميين وقادة الأعمال والطلاب والعائلات؛ مما يجعل البيانات المناخية في متناول أكثر من 274 متحدثًا باللغة العربية و1.4 مليون ناطق باللغة الإنجليزية في جميع أنحاء العالم، ويتمتع النموذج بقدرات تنبؤية متقدمة، يمكن أن تفيد في فهم الجزيئات الصغيرة الحجم، التي تؤثر في الارتفاع المتسارع لحرارة كوكب الأرض. ولأن الذكاء الاصطناعي يتميز بقدرته على معالجة وتحليل البيانات بسرعة كبيرة وبدقة، فيُمكن لعلماء الجيولوجيا إيجاد الروابط بين كميات هائلة من البيانات، وهذا النموذج أجد أنَّه بذرة لنماذج متخصصة في مجال المناخ ستكون خلاصنا في قادم الأيام.
وحتى أجيب عن تساؤلاتنا التي طرحتها في بداية المقال، فإنَّ الذكاء الاصطناعي هو السبيل الوحيد لنجاتنا من تأثيرات تغير المناخ، ولكن كل هذا مرهون بقدرتنا أولاً على توظيفه لحماية كوكبنا، وثانياً بقدرتنا على دعم تطبيقاته لتصل لمرحلة يمكن الاعتماد عليها، وثالثاً بقدرتنا على تبني حلوله وتطبيقها على أرض الواقع. وهذه الإجابة توضح لنا أن الذكاء الاصطناعي كأداة ستحمينا فقط إن وجَّهناها لحمايتنا بدلاً من توجيهها لتهددنا، ولهذا رسالتي إلى "كوب 28": "الذكاء الاصطناعي سبيلنا لحماية كوكبنا، فلنغتنم الفرصة".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إصدار دليل ممارسات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية
أصدرت وزارة التربية والتعليم دليل ممارسات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، الذي يمثل وثيقة أساسية تهدف إلى توجيه المعلمين والمشرفين وإدارات المدارس في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية لتعزيز جودة التعليم وتحقيق أهداف "رؤية عمان 2040"؛
يهدف الدليل إلى توفير الأسس اللازمة لتمكين الهيئة التعليمية من الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في المدارس، سواء في الجوانب التعليمية أو الإدارية. ويتضمن توجيهًا شاملًا لبناء الخطط، تشكيل الفرق، وتحديد الاحتياجات التي تضمن دمج هذه التقنية الحديثة في كافة العمليات التعليمية.
كما يسعى الدليل إلى تعزيز الوعي لدى المعلمين بآليات الذكاء الاصطناعي وتقديم التدريب المناسب لهم لاستخدام هذه الأدوات بشكل أخلاقي وفعال، بما يسهم في تطوير بيئة تعليمية مبتكرة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة. من خلال ذلك، يهدف الدليل إلى تحسين تجربة التعلم وتعزيز أداء الطلبة باستخدام الأدوات والأساليب المتطورة، بالإضافة إلى دعم ممارسات إيجابية وفعالة في توظيف هذه التقنية.
يؤكد الدليل على ضرورة تنظيم الجهود وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي داخل البيئة التعليمية، من خلال تشكيل فرق متخصصة، أبرزها الفريق المركزي المعني بإعداد وتنفيذ البرنامج الوطني لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم المدرسي. هذه الفرق ستكون مسؤولة عن تنسيق الجهود بين الجهات المختلفة لضمان تنفيذ الخطط التعليمية بشكل فعال، بالإضافة إلى متابعة تطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
كما يركز الدليل على أهمية التعاون بين المؤسسات التعليمية المختلفة لتبادل المعرفة والتجارب، وتقديم التقارير الخاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى لجنة التحول الرقمي في الوزارة لضمان مواكبة التطورات العالمية وتحقيق أهداف استخدام هذه التقنيات بشكل مستدام.
يكشف الدليل آلية تمكين الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، مع التركيز على الصفوف الدراسية لتحسين جودة التعليم والتعلم. ويتطلب هذا تشكيل فرق عمل متخصصة من الهيئة التعليمية والمعنيين لتحديد الاحتياجات والمتطلبات الخاصة بالذكاء الاصطناعي في المدارس، والإشراف على تطبيقها بما يتوافق مع المبادئ الأخلاقية والتشريعات المعتمدة من قبل الوزارة.
الضوابط الأمنية
يتناول الدليل أيضًا الضوابط الأمنية اللازمة لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم المدرسي. في إطار هذا، يشدد على أهمية الالتزام بالقوانين واللوائح الخاصة بحماية البيانات الشخصية، وكذلك الامتناع عن مشاركة أي معلومات حساسة أو سرية خارج نطاق الوزارة. يُطلب أيضًا أن يتم استخدام التطبيقات الموثقة والمصرح بها فقط من قبل الوزارة، مع ضمان حماية البيانات الشخصية والموافقة المسبقة للأفراد عند استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تشمل تصميم شخصيات حقيقية.
المخاطر المحتملة
كما يعرض الدليل أبرز المخاطر المحتملة المرتبطة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم، بما في ذلك المخاطر الصحية مثل الإجهاد الجسدي الناتج عن الاستخدام المفرط للأجهزة، بالإضافة إلى المشكلات النفسية والاجتماعية مثل التوتر والاكتئاب، والمخاطر المعرفية، حيث قد يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تقليص التفكير النقدي وضعف المهارات العقلية بسبب الاعتماد على معلومات غير دقيقة.
فضلاً عن المخاطر الاجتماعية، والتي تشمل التفاوت في الوصول إلى التكنولوجيا وتغيرات اجتماعية قد تحدث نتيجة لتحيزات خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والمخاطر الأمنية، بما يتعلق بانتهاك الخصوصية والتعرض للاختراقات الإلكترونية التي قد تؤدي إلى تدمير الأنظمة أو تسريب البيانات الحساسة.
ويعد دليل ممارسات الذكاء الاصطناعي في التعليم خطوة مهمة نحو دمج التكنولوجيا المتطورة في العملية التعليمية العمانية، ويعكس التزام الوزارة بتطوير بيئة تعليمية مستدامة تعتمد على الابتكار. ويهدف هذا الدليل إلى ضمان أن يكون استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم أمرًا متكاملًا وآمنًا، بما يعزز من قدرات المعلمين والطلبة على السواء في مواجهة التحديات المستقبلية.