حقوق الإنسان.. توجهات بناءة وإنجازات هادفة
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
د. سليمان بن خليفة المعمري *
انطلاقا من التوجيه الإلهي بتكريم الإنسان ورفعة مكانته بين خلقه في قوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" (الإسراء:70)، ومن العمق التاريخي والحضاري لهذا البلد الموغل في القدم، ومن الثوابت الوطنية لسلطنة عُمان، جاء تكريم وحفظ وحماية حقوق الإنسان العماني والمقيم على هذه الأرض الطيبة ليحتل أولوية متقدمة في رؤية "عمان 2040"؛ إذ أكدت الرؤية في أحد أهداف المحور الخاص بـ"الإنسان والمجتمع" على إيجاد مجتمع أفراده يتصفون بالمسؤولية، مدركون لحقوقهم وملتزمون بواجباتهم، كما جاء في محور "دولة أجهزتها مسؤولة" ضرورة إيجاد حوكمة شاملة ورقابة فاعلة وقضاء ناجز وأداء كفء، وقد تمت ترجمة هذه المحاور والأهداف من خلال صدور المرسوم السلطاني رقم (٥٧/٢٠٢٢) الخاص بإعادة تنظيم اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، وقد تضمَّن هذا المرسوم إعادة تنظيم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لتمكينها من ممارسة واستقلالية أنشطتها؛ باعتبارها آلية وطنية تُعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان على الصعيدين المحلي والدولي، كما صدرت العديد من المراسيم القاضية بموافقة السلطنة على الانضمام للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والموافقة على انضمام السلطنة إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، وموافقة السلطنة على الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
كما يندرج في جانب تطوير وتعزيز وصون وحفظ حقوق الإنسان: صدور المرسوم السلطاني رقم (35/2022)، والخاص بتنظيم شؤون القضاء؛ وذلك لإرساء نظام قضائي مستقل ونزيه وعادل يضمن حقوق وحريات الإنسان على هذه الأرض الطيبة. ومما جاء في هذا المرسوم أن التدخل في أحكام القضاء جريمة يعاقب عليها القانون في تأكيد واضح على شفافية ونزاهة القضاء، وقد أثمرت هذه المنظومة التشريعية والقانونية الخاصة بحقوق الإنسان عن العديد من الإنجازات في هذا المجال؛ إذ قامت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بممارسة كافة الصلاحيات المنوطة بها عبر متابعة كافة القضايا المتعلقة بهذا الشأن داخل السلطنة وخارجها، كما قامت اللجنة بالتأكيد على مبادئ حقوق الإنسان المجمع عليها عالميا، والصكوك والاتفاقات الدولية، وشاركت في العديد من البرامج والمؤتمرات والفعاليات المحلية والإقليمية والدولية؛ ومن أهمها: مكافحة الاتجار بالبشر ومنع خداع العاملين، وبرامج حماية الطفل من الإساءة والإهمال، وبرامج حماية المرأة من العنف والتمييز، والمشاركة في معارض مسقط للكتاب وغيرها.
واستمرارا للإنجازات في مجال حقوق الإنسان، وتفعيلا لأدوار لجنة حقوق الإنسان، رصدت اللجنة في العام 2022م حوالي 79 بلاغا متعلقا بقضايا حقوق الإنسان؛ تمثلت في رد الجنسية والحرية الشخصية والتقاضي والسلامة الجسدية والرعاية الصحية وقضايا العمل والعمال والقضايا المتعلقة بالأطفال والرعاية الاجتماعية والأسرية، وقد تعاملت اللجنة مع هذه البلاغات ووجهت أصحابها نحو الجهات المعنية بكل منها وآلية التعامل معها، وفي هذا الجانب قدمت اللجنة العديد من الخدمات لأصحاب القضايا والبلاغات كتقديم الإرشاد والعلاج المعرفي السلوكي، والإيداع في دار الوفاق لبعض الحالات، وتقديم المساعدات القانونية عبر مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية وغيرها من الخدمات.
وتتويجًا لهذه المنجزات، وبما تحقق في مجال حقوق الإنسان تلقت السلطنة العديد من إشادات دولية -كالإشادة الدولية في قصر الأمم المتحدة، وإشادة المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة...وغيرها من الإشادات- تبقى عُمان منارة يُهتدى بها في مجال حقوق الإنسان؛ نظرا لما تحظى به من رعاية واهتمام من لدن المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه ورعاه- وليبقى الإنسان على هذه الأرض مُصانَ الجانب، موفورَ الكرامة، يحظى بالأمن والرعاية والاهتمام، وكل عام وعُمان وقائدها المفدى وشعبها الوفي في عزة ومنعة وسؤدد بمناسبة العيد الوطني الثالث والخمسين المجيد.
* إخصائي إرشاد وظيفي - المديرية العامة للموارد البشرية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. اعتصام صامت مقابل تظاهرة مضادة في دمشق
فرقت قوات الأمن السوري، الأحد، اعتصاما في دمشق ضم العشرات ودعا إليه ناشطون في المجتمع المدني تنديدا بمقتل مدنيين في غرب البلاد، بعدما خرجت تظاهرة مضادة أطلقت شعارات مناهضة للطائفة العلوية.
ودعا ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى اعتصام في ساحة المرجة وسط المدينة "حدادا على أرواح الضحايا المدنيين وشهداء عناصر الأمن"، ورفعوا لافتات تندد بالقتل وكتب على إحداها "دماء السوريين والسوريات ليست رخيصة، حاسبوا المجرمين".
وتجمع في المقابل عدد من المتظاهرين الذين هتفوا بشعارات مناوئة للطائفة العلوية، وطالبوا بـ"دولة سنية".
وتطور الأمر إلى اشتباك بين التجمعين بعد "استفزاز التظاهرة المضادة للمعتصمين الصامتين"، وفق ما أفاد أحد المنظمين لوكالة "فرانس برس"، سرعان ما فرقته قوات الأمن على وقع إطلاق الرصاص في الهواء.
وصرخ أحد المتظاهرين بوجه المعتصمين "ذبحنا 14 عاما ولم نسمع لكم صوتا ولم تقفوا لأجلنا"، فيما ردّت امرأة من المعتصمين وقالت "حسابكم ليس معنا، حسابكم مع الأسد، ونحن لا علاقة لنا بجرائمه".
وبدأ التوتر الخميس في قرية ذات غالبية علويّة في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تطوّر الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلّحين علويين النار، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأرسلت السلطات السورية تعزيزات إلى المنطقة الساحلية حيث تتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد.
واندلعت منذ ذلك الحين اشتباكات أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص بينهم أكثر من 700 من المدنيين العلويين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.