الصين من "كوب 28": التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
تشو شيوان
مع انطلاقة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28"، في دبي بالإمارات، توجَّهت أنظار العالم نحو تصريحات المسؤولين من مختلف الدول حول تعهدات بلادهم للحد من آثار التغير المناخي وتسريع وتيرة العمل للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فماذا عن الصين؟ وما هي خطط الصين للتحول للاقتصاد الأخضر؟ وكيف كان تواجد الصين في "كوب 28"؟.
قبل أن نستعرض جهود الصين ومشاركتها الفعالة في "كوب 28"، يجب على الجميع أن يدرك هذه المعلومة المهمة، أن الصين قد ووضعت أهدافاً طموحة لتحقيق ذروتها لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق حياد الكربون قبل عام 2060، وقد تمَّ الإعلان عن الخطة في سبتمبر من العام 2020 في المناقشة العامة للدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذه الخطة تُعتبر واحدة من بين أهم خطط تسريع عمليات حماية البيئة عالمياً، وإذا ذهبت في تفاصيلها ستجد ملايين المشاريع والعمليات على أرض الواقع لتحقيق هذا الهدف الكبير.
وخلال كلمة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني دينغ شيويه شيانغ، أمام القمة العالمية للعمل المناخي في دبي، يوم الجمعة الماضي، قال إنَّ الصين باعتبارها دولة نامية كبيرة ومسؤولة، مستعدة للعمل مع كافة الأطراف لبناء عالم نظيف وجميل، موضحاً أن الصين أوفت دائما بوعدها وقدمت مساهمات مهمة في حوكمة المناخ العالمي، وأنَّ الصين عززت بشكل فعال التعاون الدولي في التنمية الخضراء وثورة الطاقة وتغير المناخ، ودعمت الدول النامية في تعزيز قدراتها على التعامل مع تغير المناخ.
ومنذ اتفاق باريس للمناخ، شرعت الصين في رحلة طموحة نحو التعاون العالمي لمعاجلة تغير المناخ؛ حيث عملت على تسريع تنميتها الصناعية الخضراء. وفي العقد الماضي، انخفض استخدام الطاقة لكل وحدة من إجمالي القيمة المضافة للشركات الصناعية بأكثر من 36%، وأنشأت الصين 3616 مصنعاً أخضر و267 مجمعاً صناعياً أخضر و403 مؤسسات لإدارة سلسلة التوريد الخضراء على مستوى البلاد، وقد عملت الصين على تسريع وتيرة التحول الأخضر في مجال النقل؛ حيث بلغ إجمالي عدد مركبات الطاقة الجديدة للبلاد 16.2 مليون بحلول نهاية يونيو الماضي، وفي النصف الأول للعام الجاري تم تسجيل 3.128 مليون سيارة طاقة جديدة، بزيادة سنوية قدرها 41.6%، مُسجِّلة أعلى مستوى تاريخي.
لقد أصبح المفهوم الأخضر متجذراً بعمق ويتبناه على نطاق واسع من قبل المواطنين الصينيين؛ حيث يمارس المزيد من الناس أسلوب حياة صديقة للبيئة الطبيعية، من التحكم في استهلاك الطاقة إلى تقليل استخدام المنتجات التي تُستخدم لمرة واحدة واستخدام خدمات النقل العام.
أيضاً الصين تساعد بشكل فعال الدول النامية على التحول الأخضر وتبني المنشآت الصديقة للبيئة في كل مكان في العالم، وخلال كلمته أمام قمة "قادة مجموعة الـ77 والصين"، والمنعقدة على هامش "كوب 28"، أعرب دينغ شيويه شيانغ نائب رئيس مجلس الدولة الصيني عن استعداد الصين للعمل بشكل وثيق مع الدول النامية الأخرى لبناء مستقبل أخضر ومنخفض الكربون، مضيفاً أنه بينما تفي الصين بالتزاماتها الدولية، بذلت جهودا لمساعدة الدول النامية الأخرى في التعامل مع تغير المناخ، وطرح دينغ مقترحا من ثلاث نقاط: أولا: ممارسة التعددية، والالتزام بالأهداف والمبادئ المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس، وتعزيز التضامن والتعاون، وتحقيق المنفعة المتبادلة ونتائج الفوز المشترك. ثانياً: تسريع التحول الأخضر، وزيادة نسبة الطاقة المتجددة بشكل نشط، وتعزيز الاستخدام النظيف ومنخفض الكربون والفعال للطاقة التقليدية، وتسريع تشكيل أساليب إنتاج الخضراء ومنخفضة الكربون وأنماط الحياة.
والنقطة الثالثة: تعزيز تنفيذ الإجراءات والوفاء الكامل بالالتزامات القائمة. وعلى وجه الخصوص، ينبغي للبلدان المتقدمة أن تزيد بشكل فعال من دعمها المالي والتكنولوجي ودعم بناء قدرات الدول النامية لترجمة الرؤية إلى واقع.
... إنَّ الصين مؤمنة بشكل كبير بأن التنمية والتحول الأخضر يجب أن يتوافقا ويسيرا بنفس الطريق، فلا يوجد ما يعارض ذلك أبداً، في حين أن الكثير من الدول تجد أن التحول الأخضر يعيق مساعي التنمية، وقد خرجت الكثير من دول العالم عن وعودها المناخية بحجة التنمية والتنمية الاقتصادية والصناعية تحديداً، ولكن الصين تجد أن التنمية يجب أن تكون مستدامة، وعلى العالم أن يوافق ويوائم بين التنمية والاستدامة وأن يجعل المستقبل ينمو بشكل مستدام.
ومن المصانع إلى الأرياف، ومن الإنتاج الصناعي إلى الحياة اليومية، تعمل الصين على تحويل المجتمع بفكر تنموي منخفض الكربون يتبناه الناس، وأصبح سمة مميزة لمسار البلاد نحو التحديث، فمثلاً في قرية هونغفان بوسط الصين، قام القرويون بتغطية أسطح منازلهم بألواح شمسية، وبناء محطة شحن لمركبات الطاقة الجديدة، وتركيب مصابيح شوارع تعمل بالطاقة الشمسية على طول الطرق الريفية، وتعمل الكهرباء الخضراء على تحويل هذا المجتمع الريفي إلى قرية خالية من الكربون، ومثل هذه النماذج لن تجدها إلا في الصين بهذه الكفاءة والانتشار.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزيرة التنمية المحلية تطلق أطلس المدن المصرية لمواجهة تغير المناخ
أطلقت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، اليوم، بمشاركة الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، المرحلة الأولى من مبادرة «المدن المستدامة - أطلس المدن المصرية»، ضمن فعاليات اليوم الرابع للمنتدى الحضري العالمي في نسخته الثانية عشر «WUF12» المقام في القاهرة خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر الجاري.
أطلس المدن المستدامةوقدمت وزيرة التنمية المحلية، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على رعاية مبادرة «أطلس المدن المستدامة»، لافتة إلى أن هذا يعكس الالتزام المشترك بأن دفع استدامة المدن والمجتمعات يبدأ محليا، مؤكدة أن مبادرة المدن المصرية المستدامة تعود إلى قمة المناخ COP27 التي استضافتها مصر في شرم الشيخ عام 2022، إذ أثبتت مصر التزامها بمواجهة التحديات المناخية عبر مبادرات داعمة للعمل المناخي وتحسين جودة حياة المواطنين؛ بما يتماشى مع الهدف الأممي الحادي عشر للتنمية المستدامة ما يعكس التزامها برؤية مصر 2030 واستراتيجية المناخ الوطنية 2050.
مواجهة تحديات التغير المناخيوأوضحت وزيرة التنمية المحلية، أن أطلس المدن المصرية يهدف إلى تقديم صورة شاملة عن الاستدامة في القطاعات الأساسية للمدن المصرية، التي تشمل البيئة العمرانية، وجودة الحياة، والإنتاجية، والتنافسية، والاستدامة البيئية والمالية، مشيرة إلى أن التقرير يرصد مختلف أبعاد الاستدامة على مستوى المحافظات والمدن، سواء القائمة أو الجديدة، ما يجعله أداة مهمة لصناع القرار والمعنيين بقضايا التنمية المستدامة.
وأشارت «عوض» إلى أن أطلس المدن المصرية أداة أساسية لتوجيه الجهود لمواجهة التغير المناخي وتعزيز مرونة المدن المصرية للتكيف مع المخاطر البيئية، فضلاً عن دعم التخطيط الحضري الواعي بالاستدامة لمستقبل أفضل، مضيفة أن كل شيء يبدأ محليا، ومصر تتبنى تخطيطًا حضريًا يراعي مبادئ الاستدامة والمرونة والتشاركية.
وأكدت وزيرة التنمية المحلية، أن تحقيق التحول الحضري المستدام يتطلب تعاونًا عميقًا مع شركاء التنمية الدوليين، مثنيا على دور البنك الدولي والوكالات الأممية، التي قدمت دعمها في سد فجوات التمويل، ما يضمن فعالية وعدالة العمل المحلي المستدام.
وشددت على أن الاستدامة الحضرية ممكنة بتمكين المحليات ووجود حوكمة قوية وتضامن دولي؛ ليكون هذا الإطلاق تذكيرًا بأن مسار التنمية المستدامة ليس سعيًا منفردًا، بل رحلة مشتركة تتطلب تعاونًا وثقة وإرادة للاستثمار في مستقبل أخضر وآمن.
ودعت وزيرة التنمية المحلية جميع الأطراف من صناع السياسات والخبراء التنمويين والشركاء الدوليين إلى النظر للأطلس كمصدر إلهام، متابعة: نتطلع إلى تعاوننا سويا لاستكمال مسار التنمية المشترك للوصول إلى مدن مستدامة ومرنة وشاملة للجميع.
جاء ذلك بحضور ستيفان جامبير ممثل البنك الدولي لدى الدولة المصرية والمدير الإقليمي للبنك في مصر واليمن وجيبوتي وممثل الأمم المتحدة، وتأتي المبادرة في إطار جهود وزارة التنمية المحلية لدفع استدامة المدن والمجتمعات المحلية بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 واستراتيجية المناخ الوطنية 2050.