انتقام إسرائيلي وارتباك أمريكي.. هل يمكن تدمير حماس دون تدمير غزة؟
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
في ظل الخسائر بين المدنيين، لا تعتبر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "حربا عادلة"، ويجب تغيير هدفها المتمثل في القضاء على حركة "حماس"، مهما كانت الخسائر بين المدنيين، بحسب ديفيد هندريكسون في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft).
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى عصر أمس الإثنين 15 ألفا و899 شهيدا فلسطينيا، وأكثر من 42 ألف جريح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وقال هندريكسون، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لخص، في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، سياسة الولايات المتحدة تجاه حرب إسرائيل في غزة عبر قوله إن "إسرائيل تمتلك واحدا من أكثر الجيوش تطورا في العالم، وقادرة على تحييد تهديد حماس وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين".
هندريكسون تابع أن هذا الموقف، تدمير حماس مع مراعاة قوانين الحرب، ليس موقف الإدارة (الأمريكية) وحدها، إذ كتب جو مورت ومايكل والتزر، مؤلف كتاب "الحروب العادلة وغير العادلة" عام 1977، مقالا في هذا الشأن بمجلة "نيو ريبابليك"، يوم 18 أكتوبر الماضي.
وقال مورت ووالتزر في مقالهما إن "الحرب العادلة تتطلب هزيمة حماس. ومبدأ نظرية الحرب العادلة هو أن قواعد الحرب لا يمكن أن تجعل من المستحيل خوض حرب عادلة، بل يجب أن تكون هناك طريقة لذلك، وهي ضبط النفس خلل القتال، وتجنب القصف العشوائي، واحترام المدنيين الأعداء".
ومنذ اندلاع الحرب، قدمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أكبر دعم عسكري ودبلوماسي ممكن لتل أبيب، وتعتبر كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي حماس "جماعة إرهابية"، بينما تؤكد الحركة أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.
ويقول قادة الاحتلال إن الحرب ستستمر حتى إنهاء حكم "حماس" المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة.
اقرأ أيضاً
مصادر: واشنطن تريد نهاية "المرحلة النشطة" من العدوان الإسرائيلي على غزة في غضون شهر
انتقام إسرائيلي
و"من الواضح أن حرب إسرائيل في غزة لا علاقة لها بالحرب التي أوصى بها مورت ووالتزر؛ فإسرائيل لم تضبط نفسها خلال القتال ولم تتجنب القصف العشوائي، ولم تحترم المدنيين الأعداء"، كما أضاف هندريكسون.
وأردف: "بدلا من ذلك، فإن عملية السيوف الحديدية (تسمية الاحتلال للحرب على غزة) هي خطة حرب إسرائيلية طويلة الأمد تعتمد على الانتقام غير المتناسب".
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية بمحيط غزة، فقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأصابت 5431 وأسرت حوالي 239 بادلت العشرات منهم مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
هندريسكون قال إن "اعتزام إسرائيل القيام بذلك (الانتقام) كان واضحا منذ البداية، حيث تم إسقاط 6000 قنبلة في الأيام الستة الأولى من الحرب، لكن مورت ووالتزر لم يلاحظاها بشكل غريب عندما ظهرت مقالتهما".
وأوضح أن مورت ووالتزر شددا على "ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنهما لم يذكرا الحصار الإسرائيلي على كل ما هو ضروري للحياة، وهي سياسة متطرفة تتعارض تماما مع قوانين الحرب وفرضتها إسرائيل في اليوم الأول للحرب".
ومع اندلاع الحرب، قطع الاحتلال إمدادات الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون نسمة يعانون بالأساس من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
وفي مقابلة لاحقة أُجريت معه، في 30 أكتوبر الماضي، أقر والتزر بأنه "لا يوجد أي مبرر للحصار الذي تفرضه إسرائيل على إمدادات الكهرباء والمياه والغذاء في غزة، لكنه اعتبر أيضا أن الهدنة الإنسانية غير مبررة قبل هزيمة حماس".
اقرأ أيضاً
نددوا بهجمات إسرائيل على غزة.. مظاهرات بواشنطن ونيويورك تطالب بايدن بوقف الحرب
ارتباك أمريكي
كانت عبارة "الأفعال التي تهز الضمير الأخلاقي للبشرية" واحدة من أكثر عبارات والتزر صدى في كتابه "الحروب العادلة وغير العادلة"، كما تابع هدريكسون.
وأوضح أنه "لم يكن يقصد بهذه "العبارة القديمة" المراوغات الأنانية للقادة السياسيين، بل "القناعات الأخلاقية للرجال والنساء العاديين، التي يكتسبونها في سياق أنشطتهم اليومية".
ومضى قائلا إنه "من الواضح أن حرب إسرائيل في غزة أحدثت صدمة عميقة لهذه الحساسيات. إن هذا الاشمئزاز (من قتل المدنيين والدمار الهائل)، وليس التعاطف مع حماس، هو الذي يفسر المعارضة الشعبية العالمية لما تفعله إسرائيل".
و"في مواجهة حصيلة القتلى المتصاعدة، يشعر صناع السياسة في الولايات المتحدة بالذهول والارتباك، فما زالوا يتحركون تلقائيا لدعم هدف الحرب الإسرائيلي، في حين يصرخون بشكل غير فعال في حالة رعب من التكلفة التي يتكبدها المدنيون في غزة"، بحسب هندريكسون.
وزاد بأنه "أنه لا سبيل لتدمير حماس دون تدمير غزة. وخلافا لكلمات بلينكن (ونصيحة والتزر)، فإن إسرائيل لا تعرف كيف تدمر حماس مع تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين".
و"الضرر الجسيم الذي يلحق بالمدنيين يأتي من هدف الحرب الإسرائيلي المتمثل في تدمير حماس، وهو ما تواصل إدارة بايدن ووالتزر تأييده. لكن هذا الهدف يحتاج إلى إعادة نظر عاجلة"، كما ختم هندريكسون.
اقرأ أيضاً
إبادة جماعية ونزوح نحو مصر.. تنديد أممي باستئناف حرب غزة
المصدر | ديفيد هندريكسون/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حرب إسرائیل إسرائیل فی تدمیر حماس على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الإسرائيلي: ملتزمون بأهداف الحرب ونسعى لنزع سلاح غزة بالكامل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم الخميس، أننا ملتزمون بتحقيق كل أهداف الحرب ونريد إخلاء غزة بشكل كامل من السلاح، وفقا لما نقلته قناة "القاهرة الإخبارية".
وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي أن إسرائيل لم تتمكن من تفكيك القدرات العسكرية والإدارية لحركة حماس خلال الحرب في غزة، لكنها لا تزال مصممة على تحقيق هذا الهدف. وجاءت تصريحاته عقب دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال ساعر خلال مؤتمر صحفي في القدس: "للأسف، لم نحقق بعد هدف تفكيك قدرات حماس العسكرية والإدارية"، مشيرًا إلى أن إسرائيل نجحت في تحويل حماس "من جيش إرهابي إلى مجموعة حرب عصابات"، لكنها لم تحقق أهدافها بالكامل حتى الآن.
وقد تأخر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار واستعادة الرهائن، الذي كان مقررًا الساعة 8:30 صباحًا بتوقيت غزة (9:30 بتوقيت مكة)، إلى الساعة 11:15 بالتوقيت المحلي، بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الاتفاق لن يبدأ قبل تسليم حماس قائمة بأسماء الرهائن الإسرائيليين الثلاثة المقرر الإفراج عنهم يوم الأحد.
يُذكر أنه في 7 أكتوبر 2023، اختطف مسلحون بقيادة حماس 251 شخصًا من إسرائيل، ولا يزال 94 منهم قيد الاحتجاز. وتشير التقديرات إلى وفاة 34 منهم على الأقل، مع احتمال أن يكون العدد الفعلي أعلى، فيما تشمل قائمة المحتجزين 81 رجلًا و13 امرأة، بالإضافة إلى طفلين تحت سن الخامسة.