رأي الوطن : رباط قادر على إفشال المخططات الصهيونية
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
أضحى من الواضح والجليِّ أنَّ الرهان على منظومة دوليَّة أو أُمميَّة قويَّة قادرة على وقف العدوان الصهيونيِّ باتَ محلَّ شكٍّ كبير. ومع هذا الوضع باتَ عجْزُ الأُمم المُتَّحدة والمنظَّمات الدوليَّة عن إيجاد حلٍّ حقيقي يوقف هذا العدوان الهمجيَّ الإرهابيَّ الَّذي يتواصل دُونَ هوادة على أبناء فلسطين العُزَّل، ويستهدف المَدنيِّين خصوصًا الأطفال والنِّساء، باتَ أمرًا مخزيًا، فالاكتفاء ببيانات الإدانة والاستنكار والمطالَبة بوقف هذا العدوان دُونَ فرض حقيقيٍّ يُجبر كيان الاحتلال الصهيوني على وقف جرائمه النَّكراء، الَّتي وصلتْ حدًّا غير مسبوق من البشاعة يعكس مدى الخلل والشلل الذي أصاب المنظمة الدوليَّة أمام الاستهداف الممنهج للمنازل والمنشآت والمَدنيِّين العُزَّل بمَنْ فيهم الأطفال والنِّساء لتدمير قِطاع غزَّة وتصفية الوجود الفلسطيني وتهجير الفلسطينيِّين وحرمانهم من أبسط احتياجاتهم، لدرجة أصبح هذا الوضع يُمثِّل وصمة عار على جبين الإنسانيَّة.
ومنذ استئناف كيان الاحتلال الصهيوني لإرهابه بعد الهدنة المؤقتة، دارت آلة القتل الصهيونيَّة بكُلِّ قوَّتها، لا سِيَّما بعد تذخيرها من قِبل الولايات المُتَّحدة بشحنة جديدة من القنابل تزن الواحدة مِنْها (2000) ألفَيْ رطلٍ، لإبادة النَّاس مع عائلاتهم، في منازلهم أثناء حصولهم على مأوى، أو نومهم، أو تناولهم الطعام. وبحسب وصف متحدِّث الأُمم المُتَّحدة ستيفان دوجاريك: نرى قِطاعا عريضًا من سكَّان غزَّة، مَدنيِّين، علماء موقَّرين، صحفيِّين، وموظَّفي الأُمم المُتَّحدة، جميعهم يقتلون في غزَّة. ورغم صعوبة كلماته، إلَّا أنَّه اختتمها بالمطالَبة بوقف العدوان، لِيؤكِّدَ عجز المنظومة الأُمميَّة أمام دَولة الاحتلال الصهيونيِّ وحلفائها، الَّذين يقدِّمون كافَّة أوْجُه الحماية والمساعدة، وأهمُّها منع إصدار قرار ملزِم يوقف هذا العدوان الإرهابيَّ الَّذي يسعى إلى تصفية القضيَّة الفلسطينيَّة، وسرقة ما تبقَّى من الحقوق الفلسطينيَّة، والعمل على تغيير شكل المعادلة في الشَّرق الأوسط.
إنَّ العدوان الإرهابيَّ الَّذي تَدُور رحاه في قِطاع غزَّة يتزامن ذلك مع حرب مفتوحة تشنُّها قوَّات الاحتلال والمستعمرين على الشَّعب الفلسطينيِّ في الضفَّة الغربيَّة المحتلَّة بما فيها القدس الشرقيَّة عَبْرَ سلسلة إجراءات مِثل الاقتحامات الَّتي تخلِّف المزيد من الشهداء والجرحى كما حصل في قلقيليَّة ومُخيَّم قلنديا وكفر عقب شمال القدس المحتلَّة، وترهيب الفلسطينيِّين في منازلهم بمَنْ فيهم الأطفال والنِّساء، والاعتقالات، والاستيلاء على أراضٍ جديدة لصالح توسيع الاستعمار؛ لتعزيز التوسُّع الاستيطانيِّ بالاستيلاء على المزيد من الأراضي، وتسليح المستوطنين لتسهيلِ المزيد من القتل، كُلُّ ذلك يؤكِّد النيَّات الصهيونيَّة السَّاعية إلى التدمير الممنهج ومنع إمكان تجسيد إقامة الدَّولة الفلسطينيَّة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، إضافةً لدفع غزَّة إلى خارج المشهد الوطنيِّ والجغرافيِّ.
ويظلُّ الرهان الحقيقيُّ لوقف تلك الأهداف الصهيونيَّة واقعًا على عاتق الشَّعب الفلسطينيِّ المتسلِّح بالصمود والإصرار والعزم، والرافض في التفريط في أيِّ مساحة ولو كانت صغيرة من أرضه المحتلَّة رغم العدوان الإرهابيِّ، والثابت على مبادئه وحقوقه المشروعة، والمتمسِّك بالثوابت والحقوق الوطنيَّة المتمثلة بحقِّ عودة اللاجئين وتقرير المصير، وإقامة الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة كاملة السِّيادة وعاصمتها القدس، وذلك على الرغم من قلَّة الإمكانات والتخاذل الدوليِّ. فالمرابطون الفلسطينيون، والمقاومة الباسلة هم الأمل الحقيقيُّ لوقف هذا العدوان الإرهابيِّ، ورباطهم قادر على إحباط المُخطَّط الصهيونيِّ، فمهما فعل كيان الاحتلال الصهيونيِّ من جرائم ومجازر فسيفشل، والشَّعب الفلسطينيُّ ومقاومته لَنْ يتركوه ينجح في مخطَّطاته وينتصر.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاحتلال الصهیونی العدوان الإرهابی هذا العدوان
إقرأ أيضاً:
واشنطن تغذّي آلة الحرب الصهيونية لقتل الفلسطينيين
محمد عبدالمؤمن الشامي
في خطوة جديدة تؤكّـد دعم الولايات المتحدة المُستمرّ للعدوان الصهيوني، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن صفقة أسلحة ضخمة لاحتلال “إسرائيل” بقيمة 3 مليارات دولار، تشمل قنابل خارقة للتحصينات، معدات هدم، وجرافات عسكرية. هذه الصفقة تأتي في وقت تشهد فيه غزة والمناطق الفلسطينية الأُخرى أفظع أنواع العدوان من قبل كيان الاحتلال، والذي أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 160 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال. ومع ذلك، في الوقت الذي تسارع فيه واشنطن لتسليح الاحتلال، يبقى الموقف العربي مُجَـرّد بيانات شجب، دون أي تحَرّك ملموس لوقف هذه المجازر.
الصفقة التي أقرها البنتاغون على “أَسَاس طارئ” تعكس النية الأمريكية في تعزيز قدرات الاحتلال على تدمير غزة والبنية التحتية الفلسطينية بشكل أكبر. تشمل هذه الصفقة 35،529 قنبلة زنة 1000 كغ، وهي قنابل مدمّـرة قادرة على محو أحياء سكنية بالكامل. كما تتضمن 4000 قنبلة خارقة للتحصينات مخصصة لضرب الأنفاق والملاجئ، ما يعني استهداف المدنيين في أي مكان يحاولون اللجوء إليه، إضافة إلى ذلك، تشمل الصفقة 5000 قنبلة زنة 500 كغ، مزودة بأنظمة توجيه لتوجيه القنابل التقليدية بدقة، وجرافات عسكرية بقيمة 295 مليون دولار التي كانت تستخدم في هدم المنازل وتدمير الأراضي الزراعية الفلسطينية.
الصفقة تعكس سياسة أمريكية ثابتة تدعم الاحتلال بشكل غير محدود، مما يضمن له التفوق العسكري المطلق في المنطقة. الهدف الأمريكي واضح: استمرار دعم الاحتلال بلا قيود، حتى لو كان ذلك يعني قتل المزيد من الفلسطينيين. ومع ذلك، يبقى الموقف العربي بعيدًا عن التصعيد الحقيقي ضد هذه السياسة. فحتى الدول التي سبق لها أن انتقدت الاحتلال، بقيت في دائرة المواقف السلبية، منها بيانات الشجب التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
في ظل هذه الأحداث، يظل الفلسطينيون يدفعون الثمن غاليًا. العدوان الصهيوني، الذي بدأ في 7 أُكتوبر 2023 وما يزال مُستمرّا، أسفر عن مئات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين، وأدى إلى دمار هائل في غزة. ومع كُـلّ يوم يمر، تتعمق الأزمة الإنسانية، حَيثُ يعاني السكان من الحصار المُستمرّ والقصف المكثّـف.
في هذا السياق، إذَا لم تتحَرّك الدول العربية الآن على مستوى المقاطعة السياسية والاقتصادية لواشنطن، وَإذَا استمر الصمت أمام هذه المجازر، فسيظل الاحتلال ماضٍ في عدوانه، ولن تكون فلسطين وحدها التي تدفع الثمن. الدور قادم على الجميع، وحينها لن يجد العرب من يدافع عنهم، كما تركوا الفلسطينيين وحدهم في مواجهة آلة الحرب الصهيونية المدعومة أمريكيًّا. يجب أن يكون هناك تحَرّك جاد الآن، قبل أن تجد الدول العربية نفسها في قلب العاصفة، وقد فقدت القدرة على الرد.