كيف تؤثر عمليات الحوثيّين في البحر الأحمر على الشحن العالمي؟
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسيّة تقريرًا تحدثّت فيه عن مواصلة جماعة أنصار الله اليمنية "الحوثي" مهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر ردًا على القصف الإسرائيلي في قطاع غزة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الحوثيّين يتصرّفون لمصلحة إيران، التي تحاول بهذه الطريقة الضغط على المجتمع الدولي ووضع حدّ للحرب في فلسطين.
ماذا يجري في البحر الأحمر؟
تواصل جماعة أنصار الله مهاجمة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، في حين تنفي إسرائيل انتماء السفن التي تعرّضت للهجوم إليها. وفي الثالث من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، قال المتحدث باسم "أنصار الله" يحيى سريع إن البحريّة التابعة للجماعة هاجمت سفينتين إسرائيليتين - "يونيتي إكسبلورر" و"رقم تسعة" - في مضيق باب المندب باستخدام طائرات دون طيار وصواريخ تعبيرا عن دعمها للشعب الفلسطيني وحركة حماس. وأكّد سريع "ستواصل قواتنا البحريّة مهاجمة السفن الإسرائيلية إلى حين توقّف العدوان على قطاع غزة. وقد تعرّضت السفن للقصف بعد تجاهلها الرسائل التحذيرية".
نقلت الصحيفة عن مؤسسة "أمبري"، التي تُعنى بقضايا الأمن البحري، أن صاروخاً أصاب سفينة تجارية بريطانية ترفع علم جزر البهاما بالقرب من الساحل الغربي لليمن. وقد أعربت عن مخاوفها من تدهور الوضع في منطقة البحر الأحمر بسبب تصرّفات الحوثيين، ناصحةً جميع السفن بتوخّي الحذر والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.
تمارس إيران نفوذًا كبيرًا على أنصار الله وتقوم بنشاط بتدريب وتزويد الجماعة اليمنية بالسلاح، مما فتح المجال لاعتقاد الكثيرين أن طهران تستخدم الحوثيين في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية اليوم.
وحسب الباحث في العلاقات الدولية يوسف مرعي، فإن اليمنيّين تمكّنوا من نقل الصراع في قطاع غزة إلى المستوى الإقليمي، مشيرًا إلى الدور الخطير لإيران في تصرفات الحوثيين. وذكر مرعي أنه "كان لدى طهران خرائط الضغط الخاصة بها منذ بداية الحرب في فلسطين". وهو يعتقد أن اقتراب موسم البرد ومشاكل إمدادات الطاقة ستصبح عاملاً مهمًا للغرب للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في فلسطين.
ذكرت الصحيفة أن هذه الأحداث قد لا تؤثّر على اقتصاد إسرائيل نفسه فحسب، بل يمكن أيضًا أن تتسبب في ارتفاع أسعار السلع ومنتجات التأمين في المنطقة والعالم. حيال هذا الشأن، قال الباحث في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط وشمال أفريقيا غريغوري لوكيانوف إن تكاليف التأمين سترتفع في الخليج العربي، مما سيزيد من تكلفة النقل ويؤثر بالتالي على كل من شركات النقل وعملائها. يتعلق الأمر بقناة السويس والبحر الأحمر، كونها واحدة من أكثر الطرق كثافة لنقل البضائع.
ونبّه لوكيانوف إلى أن عدم الاستقرار سيؤدي إلى زيادة التكاليف، خاصة أن "الطرق البديلة أكثر تكلفة ما سيدفع شركات التأمين إلى رفع الأسعار". ووفقًا لموقع "غلوبس" الإسرائيلي، تسبّبت هجمات الحوثيّين في البحر الأحمر بالفعل في ارتفاع أسعار الشحن من الصين إلى إسرائيل بنسبة تتراوح بين 9 و14 بالمئة مقارنة بالأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي. ويعترف رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة "فريتوس"، يهودا ليفين، بالزيادة في أسعار الشحن للسفن المغادرة والقادمة من الصين إلى إسرائيل.
الحوثيون يستولون على غالاكسي ليدر
هام الحوثيون بالفعل السفن في البحر الأحمر. وقد أعلنت الجماعة اليمنية، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، استيلاءها على السفينة الإسرائيلية "غالاكسي ليدر" التي تبحر تحت علم جزر البهاما مع طاقمها في إشارة إلى التضامن مع حماس.
الإمكانات العسكرية للحوثيين
تمتلك جماعة "أنصار الله" عددا كبيرا من الأسلحة ذات المنشأ السوفيتي والروسي والصيني والإيراني، بما في ذلك الطائرات العسكرية والصواريخ الباليستية متوسطة وقصيرة المدى وصواريخ كروز. كما يحتفظ الحوثيون بـ 14 مقاتلة تكتيكية من طراز "ميكويان ميغ 29" باعتها روسيا للحكومة اليمنية في أوائل العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين. إلى جانب المقاتلات، نقلت روسيا 60 صاروخًا مضادًا للسفن يُطلق جوًا من طراز "كيه إتش 31"، والمصممة لتدمير أهداف محميّة بأنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.
ذكرت الصحيفة أن طهران لم تكشف عن عدد الأسلحة المنقولة إلى حلفائها وأنواعها، بينما أظهر الحوثيون في العديد من المناسبات أسلحة صاروخية جديدة إيرانية الصنع في المسيرات ومعارض المعدات العسكرية، بما في ذلك صاروخ "خليج فارس" شبه الباليستي القادر على ضرب أهداف سطحية كبيرة برأسه الحربي الذي يزن 650 كيلوغرام على مسافة 300 كيلومتر. ويستطيع صاروخ "غدير" المضاد للسفن ضرب أهداف سطحيّة على مسافة 250 كيلومترا.
يمتلك الحوثيّون طائرات هجوميّة دون طيار من طراز صماد 1 وصماد 2 وصماد 3، القادرة على التحليق لمسافة تتراوح بين 500 و1.5 ألف كيلومتر، وتحمل رأسًا حربيًا قويًا وتستهدف أهدافًا ثابتة وهو ما أظهره الهجوم على مصفاة النفط في منطقة الشيبة السعودية.
وأوردت الصحيفة أن القوات البرية للحوثيين عبارة عن وحدات غير نظامية مسلحة بعدد كبير من الصواريخ المضادة للطائرات والمضادة للدبابات. وتضم صفوف الحوثيين عددًا كبيرًا من المدرّبين من حزب الله والحرس الثوري الإيراني ويتراوح العدد الإجمالي وفقًا لمصادر مختلفة بين 30 و60 ألف شخص. كما تمتلك الوحدات مدفعيات ودبابات ومركبات قتالية مدرعة. ويتفق معظم الخبراء على القدرات القتالية العالية لأنصار الله وكذلك البنتاغون، خاصة بعد إرساله الأسبوع الماضي مجموعة حاملة طائرات هجومية إلى المنطقة بقيادة حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية يو إس دوايت دي أيزنهاور.
قبالة سواحل اليمن، تتولى مدمرة الصواريخ الموجهة الأمريكية من طراز "یو إس إس کارني" مهام أمن الشحن. وقد ذكرت القيادة الأمريكية في اليوم السابق أن المدمّرة صدّت أربع هجمات صاروخية على سفن مدنيّة من سواحل اليمن في يوم واحد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة اليمنية الحوثي إيران إيران اليمن البحر الاحمر الحوثي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البحر الأحمر أنصار الله من طراز
إقرأ أيضاً:
مركز أوروبي يعلق على تجنب السفن الحربية الألمانية البحر الأحمر.. هل تنجرف القوة البحرية الغربية؟ (ترجمة خاصة)
قال مركز تحليل السياسات الأوروبية "CEPA" إن قرار السفن الحربية الألمانية تجنب البحر الأحمر، خوفا من هجمات الحوثيين في اليمن أثار غضبًا فوريًا في المجتمع البحري الدولي، كما وصف ذلك بالأمر "المخزي".
وأضاف المركز في تقرير له ترجم أبرز مضمونه إلى اللغة العربية "الموقع بوست" إن القرار الذي اتخذته السفن الحربية الألمانية بتجنب البحر الأحمر حتى لا تقع في مرمى المتمردين الحوثيين يشكل علامة على التراجع المثير للقلق للقوة البحرية الغربية.
وتابع إن "التهديد من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية (الحوثيون) في الممر المائي الحيوي، واستجابة الحكومة الألمانية، قد أثار أسئلة مهمة حول مستقبل الحرب البحرية".
ونهاية أكتوبر الماضي وجهت وزارة الدفاع الألمانية، سفنها الحربية بالعودة عن طريق الرجاء الصالح بدلا عن البحر الأحمر، خوفا من هجوم محتمل قد تتعرض له تلك السفن من قبل الحوثيين.
وبحسب التقرير فإنه في مايو/أيار، أرسلت البحرية الألمانية فرقاطتها F125 بادن فورتمبورغ، وسفينة التزويد فرانكفورت أم ماين، في مهمة حول العالم، والتي شملت الإبحار عبر مضيق تايوان المتنازع عليه.
يقول المركز الأوروبي"كان ذلك بيانًا حازمًا من الحكومة في برلين حول أهمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ وحرية عبور المياه الدولية. لكن البحرية الألمانية أعقبت ذلك بالإعلان عن أن كلتا السفينتين ستتحولان حول رأس الرجاء الصالح في طريقهما إلى الوطن، لتجنب تهديد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر".
وطبقا للتقرير فقد أثار القرار الألماني غضبًا فوريًا في المجتمع البحري الدولي. ووصف جيمس روجرز، مدير الأبحاث في مجلس الجيواستراتيجية، الوضع بأنه "مخز"، في حين وصفه الأميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية جيمس ستافريديس بأنه "سخيف بكل بساطة".
وفي منشور على موقع (إكس)، دعا ستافريديس إلى "تحالف عالمي لتدمير قدرة الحوثيين على إغلاق الشحن. الآن".
ويرى مركز تحليل السياسات الأوروبية "CEPA" أن الهجمات التي شنها الحوثيون هي المرة الأولى منذ عقود التي تتعرض فيها معظم القوات البحرية الأوروبية للقتال الحقيقي، وعلى نحو لم يكن الكثيرون ليتصوروا أنه ممكن حتى قبل بضع سنوات. وهي أيضًا المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الصواريخ الباليستية المضادة للسفن - وهي جهة غير حكومية تستخدمها ضد أهداف غير عسكرية.
وأكد أن الرد، في شكل عملية حارس الرخاء التي تقودها الولايات المتحدة (التي أطلقت في ديسمبر/كانون الأول 2023) وعملية أسبيدس التي يقودها الاتحاد الأوروبي (التي أطلقت في فبراير/شباط 2024)، يبدو متناسبا عندما يكون الهدف هو تجنب تصعيد التوترات في منطقة مشتعلة بالفعل بسبب الصراع في غزة وهجمات إيران على إسرائيل.
وقال "لكن عند المقارنة بالعمليات السابقة، مثل عملية عاصفة الصحراء في عام 1991، والتي تمكنت فيها البحرية الأميركية من تحقيق سيطرة بحرية ساحقة حول الخليج الفارسي وخليج عدن بعد غزو العراق للكويت، فإن أزمة البحر الأحمر توضح تدهوراً ملحوظاً للقوة البحرية الغربية".
يضيف "بعد أكثر من ثلاثة عقود من نهاية الحرب الباردة، يبدو أن التزام الدول المتحالفة بالحفاظ على الاستقرار من خلال القوة البحرية القوية والسيطرة البحرية قد اختفى جزئياً. لقد أدت الآثار السلبية لانخفاض الاستثمار، والعقلية التي تركز على الأرض، إلى تآكل القوة البحرية الغربية، كما يتضح من كارثة الرصيف العائم للبحرية الأميركية في غزة".
وأردف مركز تحليل السياسات الأوروبية أن العدو في البحر الأحمر لا يملك قوات مسلحة تقليدية، ناهيك عن شيء يشبه البحرية، ومع ذلك فإن التهديد الذي تشكله هجمات مثل تلك التي يشنها الحوثيون هائل".
وأفاد بأن التجارة البحرية والبنية الأساسية الحيوية للكابلات وخطوط الأنابيب تحت البحر تشكل الركائز الاقتصادية المركزية لمجتمع معولم للغاية، وتوفر القوات البحرية أفضل حماية.
كما أبرز أليسيو باتالانو، أستاذ التاريخ العسكري في كينجز كوليدج لندن، "في قرن بحري متنازع عليه، يجب أن نبدأ في التفكير في القوات البحرية باعتبارها سياسة التأمين النهائي للأمن الوطني".
يؤكد التقرير أن القوات البحرية تتطلب استثمارات مستدامة لبناء وصيانة قدراتها، وهي الاستثمارات التي يجب أن تكون مستنيرة باستراتيجية بحرية متماسكة تؤكد على أهمية البحر للازدهار الاقتصادي.
وقال "لا شك أن القوة البحرية عادت كمحرك للأمن الدولي، في حين أنها نوع مختلف من القوة البحرية، حيث ستحدد أهمية السواحل والمرونة ضد مجموعة من التهديدات التقليدية وغير التقليدية نجاح القوات البحرية، إلا أنها لا تزال قوة بحرية. ولم تتغير السبل والوسائل لبناء هذه القوة والحفاظ عليها".